رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

علاء عبد الفتاح!!

لم ألتق به.. لكني عرفته من خلال كتاباته..كلماته تنطق  بالصدق والقوة وتعكس  شخصية صاحبها الذي يبدو  دائما ثائرا..متحمسا جريئا  متمردا.. رافضا  لأنصاف  الحلول  وأنصاف الثورات وأنصاف الحقائق.. يكشف  عن الزيف.. ويكره المناورة.. ويفضل دائما أن يسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية.

كلماته دوما صريحة بعيدةعن التزييف والتزيين  بدبلوماسية يمكن أن تجرح صدقها.. وبعيدة أيضا عن حرص  يدفع صاحبها إلي القبض  علي العصا من منتصفها.
كلمات تليق بثائر حق.. مهموم حتي النخاع بقضايا وطنه.. مضحيا حتي بأحلامه الخاصة مؤجلا لها حتي يكتمل حلم الوطن.. يدرك جيدا أن هناك ثمنا للثورة لابد أن يدفع .. وكأنه ينتظر  يوما يأتي يقدم فيه الثمن عن طيب خاطر.. حلم  بالشهادة  ولام نفسه بشدة علي أنه لم ينلها يري  أنه خذل  الشهادة بينما  إستحقها صديقه »مينادانيال« لم يكتف بروحه التي حملها علي كفه طوال الثمانية  عشر يوما.. ولا بأيام  الاعتقال  التي قدمها من عمره قبل الثورة ولم يبخل  بأيام أخري يقدمها عن طيب خاطر دفاعا عن مبدأ.. وتأكيدا بالفعل  لا بالقول  أن نبض الثورة مازال مستمرا.. قويا كان وسيظل.. لا تضعفه السجون.. ولا يرهبه السجان.. ولا تخيفه اتهامات توالت  كالقذائف  المرعبة التحريض.. والتظاهر  والتجمهر وتكدير الأمن والسلم العام.. والاشتراك في التعدي علي القوات  المسلحة وإئتلاف معداتها.
أكاد ألمح إبتسامة علي وجهه بينما يواجه سيل  الاتهامات ربما جاهد كثيرا ليخفيها قبل أن يتخذ قراره الحاسم  برفض الإجابة  علي أسئلة النيابة  العسكرية.. ليأتي في النهاية  موقفه  متسقا مع المبدأ الذي  طالما آمن به ونادي به وثار من أجله »لا للمحاكمات العسكرية«.
هي إذن ليست محاولة لإدعاء البطولة أو تسجيل  مواقف إنما  مثال رائع علي الثبات والصدق مع النفس وعدم الإزدواجية  عزت  كلها في مرحلة  أصبح فيها  القابض علي كلمته ومواقفه  ومبادئه كالقابض علي الجمر.
لكن علاء لايقبض جمرا.. لا أظن أن شعورا بالألم  أو الندم  أو المرارة يمكن أن تعرف  طريقها إلي عقله أو حتي قلبه ومشاعره.. تماما مثل  والده الناشط  الحقوقي أحمد  سيف الإسلام الذي لم تزده محنة إعتقال  إبنه إلا ثباتا ورسوخا ويقينا.. صحيح  أن مشاعر متضاربة  تجتاحه.. مزيج من  الشعور بالفخر والقوة تختلط بالدهشة  والتعجب معا.. فخرا بإبن  أحسن تربيته..  لقنه صغيرا معني الحرية  والكرامة وعشق  الوطن.. فشب  صلبا قادرا علي موا جهة الظلم واتخاذ  القرار وتحمل نتيجة خياراته مهما  كانت ثقيلة مرهقة.
رغم ذلك  لا يمنع إعتقال  علاء من تدفق  مشاعر الأب الفياضة  ليداهمه التساؤل  هل ورث علاء زنزانة الاعتقال عن أبيه«!
تساؤل  يحمل قدرا من لوم  الذات ليس  لشخصه فقط وإنما لجيل  كامل ينتمي  إليه الأب وكان حلمه أن يسلم  بلاده لإبنه وجيله لوما لا يستحقه الناشط الحقوقي.. ويكفيه فخرا أنه زرع عشق الوطن والحرية  والكرامة في ضمير  إبنه الذي وعي دروس  والده  جيدا كما إستوعب تعليمات أمه الدكتورة ليلي سويف أستاذة الرياضيات بكلية العلوم التي تؤمن  بحكم طبيعتها ودراستها أن  طريق الثورة المستقيم  هو أقرب الطرق لتحقيق أهدافها وإنجاحها.. وأن الوقوف في وجه الفساد  وإعلان لا قوية في وجه المفسدين هي الوسيلة الوحيدة  لإثبات الحق وصنع مستقبل  أفضل لمصر.
هي أعلنتها لا قوية  في وجه فساد  الجامعة  فكانت

واحدة من أبرز  جماعة 9 مارس.. هي أيضا  كانت تدرك أن ثمنا لابد  أن يدفع.. أيقنت ذلك بحكم التجربة والخبرة.. فكان قدرها  أن تدفع الثمن مرتين مرة زوجة وأخري أما لأسرة يبدو  جليا أنها وهبت نفسها من أجل مصر. بقلب أم وبعقل أستاذة رياضيات راحت تدافع عن إبنها.. تضع مقدمات الانحراف  عن مسار الثورة نصب عينها وتحدد المطلوب  ثوريا لتعديل المسار.. ثم تعلن خلاصة ماتوصلت إليه.. الإضراب عن الطعام للإفراج عن علاء وأمثاله ممن يقدمون للمحاكمات العسكرية.
بمنطق أستاذة الرياضيات تري  أن ماحدث  مع علاء بعيد يصعب علي العقل  قبوله ترجمت ذلك في رسالتها  الواضحة المقتضبة لرئيس القضاء العسكري والتي كشفت فيها عن التناقض  بين خطورة الاتهامات الموجهة لابنها في  وقت لايتم فيه الاسراع بالقبض عليه وإنما تركه لمدة أسبوعين كاملين!! بل  وحتي  لم يكلف  فيه المسئولون أنفسهم في تفتيش منزله بحثا عن السلاح المزعوم!!
تحليل بديهي لكنه لا يدفع  سوي لإثارة  التساؤلات أكثر مما يشفي  ظمأنا من تقديم تفسير  للأسباب  الحقيقية التي أدت  لاعتقال  علاء.
يظل الغموض  هو سيد الموقف.. ليس فقط بمنطق أستاذة الرياضيات وإنما أيضا بمنطق وتفنيد  القانون هذا  المنطق الذي دفع الأب الحقوقي أحمد سيف الاسلام لرفض  محاكمة ابنه أمام القضاء العسكري لأنه يمثل خصما وحكما في نفس الوقت.. فإذا  كانت أصابع  الاتهام تشير إلي  المتظاهرين في أحداث ماسبيرو فإنها أيضا  تشير بنفس الاتهام للذين دهسوا بمدرعاتهم الشهداء.
لكن يبدو أن  لامنطق الرياضيات ولا منطق القانون يجدي مع أولئك المصرين  علي إعادة  عقارب الزمن للوراء.. لهؤلاء منطق  آخر في التعامل مع الثورة والثوار.. وعلي علاء وأمثاله  أن يدفعوا ثمن رفض هذا المنطق .. علي الأصوات الثائرة أن تصمت.. والقلوب الجريئة أن ترتعش وتعرف معني الخوف.. فالشجاعة  في نظر هؤلاء تحريض.. والصدق تطاول.. هم لايجيدون تسمية الأشياء بمسمياتها كما يفعل  علاء وغيره من الثوار لكن لديهم القدرة  علي إلباس  الحق ثوب الباطل.
علاء رفض  نظام مبارك وإعلام مبارك وآمن فقط  بروح الميدان.. رآه »اسطورة تتحول إلي  حلم«.. لكن يبدو أن هناك من أراد  أن يغتال الحلم.