رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

دعوة للاستفتاء على «سالم»

رغم أنها لم تأت بجديد إلا أنها جعلتني أعيد التفكير كثيراً في كيفية التعامل مع أمثاله، هكذا كان حال الغالبية العظمي ممن شاهدوا حوار الإعلامي وائل الإبراشي مع رجل الأعمال الهارب حسين سالم.

فالرجل كهل مريض، إلا أنه يملك من الخبرة والدهاء، ما جعله يتحاور ويرد عن جميع الأسئلة التي وجهت له بحرص شديد ودهاء أشد، لدرجة أنني كدت أقتنع أنه «رأفت الهجان» الثاني، وأنه قضي عمره في خدمة مصر والمخابرات المصرية.
ولولا أنني من العارفين بمدي جبروت هذا الرجل، وسطوته التي كانت أيام حكم مبارك، التي جعلت منه أقوي رجل في مصر، بل الوطن العربي، وأيضاً علمي بسبب وكيفية تكوينه لثروته الطائلة، لكنت ممن صدقوه وأقتنعوا بقومية مواقفه.
لكن هناك جانب آخر جعلني أعيد التفكير في كلامه وعرضه، فهو هارب منذ أربع سنوات، وحصل علي البراءة في قضيتين من القضايا المنظورة ضده، وبحكم جنسيته الإسبانية يمتلك حصانة عدم ملاحقته ومثوله أمام القضاء المصري حتي الآن، وحسب كلام محاميه المخضرم - محمود كبيش - وبحسب رأي الكثيرين من القانونيين فاحتمالات حصوله علي براءات في القضايا الأخري وارد.
وهنا كان السؤال ماذا لو أن هذا الرجل مات في إسبانيا؟.. هل ستستفيد مصر من ثروته الطائلة المجمدة؟.. أم أنها ستذهب لإسبانيا؟.. إجابة هذا السؤال أخذتنا لتساؤل آخر: هل عرضه برد نصف ثروته بما يوازي  4.7 مليار دولار (40 مليار جنيه مصري) هل يساوي التغاضي عن أفعاله وجرائمه التي ارتكبها في حق هذا الشعب علي مدار سنوات طويلة، وكانت سبباً في تكوينه هذه الثروة الطائلة؟
هل يمكن التصالح مع هذا الرجل والسماح له بالعودة إلي مصر وقضاء باقي أيام عمره وسط المصريين، يحيا في أمان ويدفن في ترابها؟
الخبراء والقانونيون والاقتصاديون يرون أن التصالح فيه مصلحة كبيرة لمصر وشعبها واقتصادها، خاصة أن الرجل لم توجه له أي تهمة ترتبط بإهدار دم أبناء مصر، أو حتي مجرد المشاركة في ذلك كغيره من الساسة في العهد السابق، بمعني أن يديه نظيفة من دماء المصريين، وبالتالي فخزانة الدولة أولي بأمواله، ولن ينتقص أي شيء من كرامة الدولة ولا حقوق الشعب حال الموافقة علي عرضه بالتبرع بنصف ثروته للمصريين.. لكن هناك شروط يمكن أن تضعها مصر أمام هذا التصالح أهمها: عدم عودته لممارسة الحياة السياسية نهائياً بأي شكل، وأيضاً يمكن التفاوض علي المبلغ المقدم بحيث تترك له ثلث ثروته بدلاً عن نصفها، خاصة أنه يحيا الآن - بعد تجميد أمواله - علي المعونات والمساعدات المقدمة من أصدقائه في الخليج والغرب، بل أنهم راحوا لما هو

أبعد من أن هذا التصالح سيفتح الباب لقضايا مماثلة سيكون نتيجتها دخول مليارات الدولارات لخزينة الدولة، بدلاً عن ضياعها في خزائن دول أخري، وهي أموال المصريين وحقهم، وأيضاً سيكون بمثابة رسالة طمأنة لكثير من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في مصر لكنهم مازالوا يتخوفون من الأوضاع الأمنية والسياسية سواء داخل مصر أو ما يحدث حولها في المنطقة العربية.
هذا هو منطق الاقتصاديين وبعض القانونيين وأيضاً بعض أصحاب الرأي والنخبة، لكن يبقي رأي ومنطق آخر لابد من وضعهم في الاعتبار، وعمل الحساب الأكبر لهما - وهو ما تحرص عليه الدولة حالياً برفضها التصالح حتي الآن رغم عرضه منذ فترة - وهو منطق حق هذا الشعب الذي عاش سنوات طويلة في قهر وفقر وجهل، تحت رحمة نظام فاسد أوجد أمثال هذا الرجل وسمح له بامتصاص دم الناس وحرمان الملايين من حصولهم علي حقوقهم، وعيشهم بكرامة وعزة إذا لم يكن هناك ظلم وقهر وفساد ورشاوي ومحسوبية، ونظام خفافيش يحيا علي دماء الناس، ويستحل أموالهم ويحرمهم من أبسط حقوقهم.. هذا المنطق قائم علي عقيدة أخذ الحق مهما كانت الخسارة، وأنه أبداً لن توازي خسارتنا ما خسرناه سابقاً من كرامة وآدمية مما دفعنا ثمن الحصول عليها غالياً جداً جداً من حياة شهداء هذا الوطن، ومازلنا ندفعه حتي الآن.
والآن أعتقد أن ترجيح كفة إحدي هاتين النظريتين - مع كامل احترامنا لكليهما - مرهون باستفتاء عام للشعب المصري كله بجميع طوائفه دون إقصاء، فهو صاحب الكلمة الفصل في هذه القضية، وستكون نتيجة هذا الاستفتاء هي المسار الذي سيتحدد عليه مصير باقي القضايا، بل مصير المواطنين والوطن.
لذا أدعو بوجود استفتاء شعبي حر نزيه لحسم القضية، ستحسم مصير شعب!


[email protected]