عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قراءة في دعوة أحمد عز‮!‬

فعلا هو رجل شجاع وجرئ جدا بدرجة مدهشة‮.. ‬من كان يتصور أن يخرج أحمد عز إلي الرأي العام علي صفحات جريدة الأهرام‮ »‬مقالان‮« ‬واليوم السابع‮ ( ‬مقال واحد كبير‮)‬،‮ ‬تحت عنوان‮ »‬انتخابات مجلس الشعب‮.. ‬دعوة لقراءة التفاصيل‮« ‬يفسر فيها أسباب فوز الحزب الوطني بكل مقاعد مجلس الشعب إلا قليلاً‮ ‬وعوامل هزيمة المعارضة الحزبية وغير الحزبية،‮ ‬فالاتهامات تحيط بعملية التصويت وتتكاثر علي مواقع الإنترنت‮ "‬فيديوهات مصورة ومشاهد علي الموبايلات عن عمليات تزوير وتسويد بطاقات،‮ ‬ناهيك عن حملة انتقادات في الداخل والخارج لم تترك واردة أو شاردة في الانتخابات دون أن تهيل عليها التراب أو تقول فيها ما قال مالك في الخمر،‮ ‬دون أن يورد تقريرًا واحدًا‮ »‬يوحد ربنا‮« ‬ويخزي عين الشيطان بكلمة ولو علي استحياء،‮ ‬كما لو أن الدنيا شافت الانتخابات بطريقة،‮ ‬والحزب الوطني والحكومة والمؤيدون لهما شافوها بطريقة أخري‮! ‬

هذا موقف لا يحسد عليه قطعا‮..‬

وقد تكون هذه هي أول مواجهة لأحمد عز مع الرأي العام مباشرة،‮ ‬مواجهة حرة،‮ ‬لا مريدين ولا كتبة مؤيدين ولا طامعين وطامحين ولا هتيفة ولا حراسة خاصة ولا أعضاء في الحزب،‮ ‬وإنما مع مصريين عاديين،‮ ‬هؤلاء البسطاء الذين يسعون إلي الستر والطمأنينة والعيش بكرامة،

والمدهش أن المهندس أحمد عز‮ ‬ورفاقه لا يكفون كلاما عن هؤلاء الناس،‮ ‬وكيف يتعبون أشد التعب من أجلهم،‮ ‬ويكاد أغلبهم يسقط من فرط الإجهاد كي يضع البرامح والخطط ويجد سبلاً‮ ‬للتمويل،‮ ‬حتي يجد هؤلاء الناس رغيف الخبز المدعوم وقرص الدواء الرخيص ومقعدا في مدرسة ومكتبا في ديوان أو مطرحا في مصنع أو معمل أو حظيرة دواجن أو علي ناصية شارع بعربة توزيع سلع،‮ ‬وشقة في مدينة جديدة أو‮ "‬مساحة‮" ‬في مدفن‮!‬

‮ ‬مواجهة تقدم لها عز باختياره شاهرًا سيفه دفاعًا عن انتخابات منحت حزبه ما يقرب من‮ ‬90٪‮ ‬من مقاعد مجلس الشعب،‮ ‬فصارت الحكومة والحزب والبرلمان كما لو أنه‮ »‬كيان واحد‮« ‬أو متحد‮!‬

ولا يعرف المرء علي وجه الدقة ماهي المشاعر والأفكار التي دارت في‮ ‬

ذهن أحمد عز وهو في طريقه إلي التعرف علي الناس عن قرب،‮ ‬وكيف سيرونه‮..‬وكيف سيستقبلون أرقامه وإحصائياته وتفسيراته لما جري في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؟‮!‬

أتصور أنه لم يحسب رد فعل الناس‮..‬وإلا فكر مرتين أو مائة مرة قبل أن يندفع إلي المواجهة الحرة‮.‬

إذا جاء رد الناس فوريا واكتست كل تعليقاتهم إلا نادرًا بسلبية مفرطة تصل إلي حد عدم التصديق لما يقول،‮ ‬لكن الأكثر دهشة أنها سارت في عكس النتائج التي يفسرها عز،‮ ‬وإذا حسبنا الردود المناهضة إلي مجمل الردود سنجد أن نسبتها تتجاوز نسبة الأصوات التي حصل عليها الحزب في صناديق الانتخابات‮..‬

باختصار‮.. ‬نحن أمام معضلة‮..‬

حزب نجح في الانتخابات‮.. ‬وأمين تنظيمه فشل في اقناع الناس بتفسيراته للنجاح،‮ ‬وترفع صعوبة المعضلة حين يكون أمين التنظيم هو‮ "‬مهندس العملية‮" ‬التي يدافع عنها ولا يقبلها الناخبون‮!‬

إذن نحن أمام احتمالين‮: ‬إما ان عموم الناس مصابون بانفصام في الشخصية،‮ ‬تقف وراء الحزب في التصويت السري،‮ ‬وتلعب ضده في التصويت العلني‮..‬

والثاني‮: ‬أن نتيجة التصويت لا تعبر عن‮ »‬الناس‮« ‬مطلقا‮..‬

واسمحوا لي أن أرفض الاحتمال الثاني وأقبل الاحتمال الأول بكل رضا،‮ ‬وفعلا نحن المصريين نعاني من

مرض‮ »‬القيم‮« ‬المزدوجة،‮ ‬ويكاد أغلبنا يقول في السر‮ ‬أو يعمل‮ ‬في الخفاء ما لا يقوله أو لا يستطيع أن يعلنه‮..‬وقد تكون هذه حالة وباء أكثر انتشارا من وباء الانفلونزا الموسمية‮!‬

لكن علي الأقل عرف المهندس أحمد عز ورفاقه في الحزب‮ "‬مشاعر وآراء‮" ‬الناس المدفونة في صدورهم‮!‬

فماذا هم فاعلون ؟‮!‬

قد يتصور المهندس أحمد عز،‮ ‬أن النتيجة التي وصلنا إليها هي من قبيل التسرع،‮ ‬والتغافل عن حقائق في الواقع المصري،‮ ‬وهي أن أكثر من‮ ‬40٪‮ ‬من المصريين لا يجيدون القراءة والكتابة،‮ ‬فما بالك بكتابة تعليقات علي شبكة الإنترنت؟‮!‬

وأن‮ ‬72٪‮ ‬من دوائر التصويت في الأرياف وليس الحضر كما قال في تفسيره‮..‬

وهذا يعني أن الذين كتبوا التعليقات المضادة هم من المدن الكبري والحضر،‮ ‬وربما من القاهرة تحديدا أو من المهاجرين إلي الخارج

وهذا كلام صحيح للوهلة الأولي‮..‬وسوف نؤمن عليه‮..‬

لكنه يشير إلي أمر في‮ ‬غاية الخطورة،‮ ‬وهي حالة انقسام وجداني وثقافي رهيبة بين أهل مصر،‮ ‬حالة تهدد سلامة بنيان المجتمع بتشققات يصعب ترميمها‮ ‬أو التخلص منها‮..‬

وهذه مشكلة أكثر خطورة ألف مرة من نتائج انتخابات برلمانية في دولة مثل مصر‮..‬

وأيضا هذا الانقسام يبين أن الأقل تعليمًا وثقافة والأكثر طاعة هم الذين يحددون‮ »‬حياة مصر السياسية‮«‬،‮ ‬فهؤلاء لا يناقشون برامج ولا سياسات وإنما ينتخبون حسب الأوامر والتوجيهات‮..‬فأي مستقبل لمصر نريد؟‮!‬

هذا من ناحية الشكل والإجراءات وحسابات الناس‮..‬

فماذا عن المضمون والتفاصيل؟‮!‬

في السياسية‮.. ‬التفاصيل هي باب الشيطان‮..‬هي السبب في خراب مالطة وسفسطة الرومان حتي احترقت روما دون أن يسرعوا إلي إخماد النيران‮..‬الصورة العامة هي التي ترسم ملامح الدولة والمجتمع وحال الأفراد،‮ ‬وليس عدد السيارات وعدد المدارس وعدد الكافيهات وعدد المقاهي وعدد الشقق الجديدة وعدد سكان المقابر وعدد التليفونات المحمولة وعدد أطفال الشوارع‮..‬الخ‮!‬

صحيح أنها مؤشرات أو أدوات أو بيانات مبدئية لا قيمة لها إذا لم تتحول إلي معرفة،‮ ‬أي صورة كلية‮..‬

والصورة الكلية هنا هي جودة الحياة علي أرض مصر‮: ‬تعليما وصحة وإسكانا ومرورا وانتقالا وتوظيفا وترفيها وثقافة ورياضة ومرحا وسعادة‮.‬

ولا أتصور أن إجابات الناس خرجت من هنا علي عكس ما فسر المهندس أحمد عز‮.‬

‭ ‬[email protected]