رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مهلبية وديمقراطية‮!‬

دخل صديقي المقرب من السلطة والحزب قائلا‮: ‬زيطة وزمبليطة واتهامات بالتزوير وتريقة علي نتائج الانتخابات‮..‬كل هذا لماذا؟‮!‬

قلت بهدوء الرجل المؤمن المستسلم لقضاء الله وقدره‮: ‬ربما هو حسد‮..‬ربما هي‮ ‬غيره‮..‬فالعوالم الحديثة والقديمة والفضائية لم تعرف مثل هذه النتائج في أي انتخابات برلمانية حرة في بلاد تركب النمل أو تعيش علي صيد البراغيث‮!‬

فقاطعني متباهيا‮: ‬قد يكون حسدا وخمسة وخميسة في عيون من شاف النتيحة ولم يصل علي النبي،‮ ‬وقد يكون نكرانا للجميل‮..‬ونكران الجميل سوء أخلاق‮!‬

سألته مندهشا‮: ‬حسد ونكران للجميل‮..‬كيف؟‮!‬

فسألني بدوره‮: ‬هل فيكم من يعرف ناخبين يتقاتلون بالشوم والسنج والأسلحة البيضاء والرشاشات الآلية من أجل‮ "‬خدمة الشعب‮" ‬في البرلمان؟‮!‬

أجبته بطريقة عبد الوهاب في فيلم رصاصة في القلب‮: ‬بالطبع لا‮!‬

ثم زدت عليه‮: ‬ولا الاستعانة بالبلطجية والخارجين علي القانون‮.‬

رد‮ ‬غاضبا‮: ‬أنتم لا ترحمون ولا تريدون رحمة ربنا تنزل،‮ ‬كل مرشح يعمل المستحيل ويصرف دم قلبه ليصل إلي كرسي البرلمان،‮ ‬ولا يعجبكم‮..‬الهدف النبيل يبرر الوسيلة علي رأي عمنا الكبير‮ "‬ميكيافيللي‮"! ‬قاطعته‮: ‬يا رجل حرام عليكم ما فعلتم في الانتخابات‮..‬تسويد البطاقات بالبلطجية‮..‬نيابة عن الناس‮!‬

رد بجدية وصرامة‮: ‬أنتم لا تفهمون‮..‬هذا عمل قومي جليل‮..‬

أولا‮: ‬يتيح فرص عمل لعشرات الآلاف من العاطلين كان من المستحيل أن توفرها الحكومة أو الحزب‮.‬

ثانيا‮: ‬يرفع يومية العاطل عشرة أو عشرين ضعف ما كان يتقاضاه لو عمل عملا شريفا،‮ ‬فاليوم الواحد بحوالي‮ ‬500‮ ‬جنيه علي الأقل،‮ ‬وأعرف من كسب فوق المائة الف جنيه في فترة الانتخابات‮..‬ولو اي واحد منهم قعد يشتغل في الفاعل ليلا ونهارا،‮ ‬ما حصل علي واحد في المائة من المبلغ‮ ‬ده‮..‬

سألته‮: ‬هل تقصد أن‮ "‬التجاوزات والمخالفات‮" ‬هي‮ ‬وسيلة اقتصادية تنقل‮ ‬الثروة من‮ "‬القادرين‮" ‬إلي البلطجية وحريفة الانتخابات‮.. ‬هل أعتبر كلامك اعترافا شبه رسمي بأن نظام توزيع الثروة في مصر جائر وغير عادل،‮ ‬وبالتالي صارت الانتخابات وسيلة مؤقتة لإعادة توزيع بعض الثروة بشكل أو بآخر؟‮!‬

لم يرد كأنه لم يسمع سؤالي واستمر في كلامه‮: ‬ثالثا‮.. ‬هذه الفلوس لها ميزة أساسية،‮ ‬أنها تنزل إلي السوق مباشرة،‮ ‬أو علي الأقل70٪‭ ‬منها،‮ ‬في مطاعم ومحلات ومقاهٍ‮ ‬وأدوات كتابة وأقمشة وسيارات‮..‬أي تصنع انتعاشا يفك الركود الماسك في رقبة السوق منذ فترة،‮ ‬وفي أي انتعاش تدور الفلوس ويصل جزء منها إلي ناس ليس لها‮ ‬لا في التور ولا في الطحين،‮ ‬فيتحسن دخلها وحالها،‮ ‬هناك مرشحون بدأوا الانفاق مبكرا جدا،‮ ‬وصرفوا ما بين ثلاثة ملايين جنيه إلي عشرين مليون جنيه‮!‬

علقت قائلا‮: ‬أعرف مرشحا باع ما وراه وما كان قدامه للصرف علي الدعاية وشراء الأصوات ومات بالسكتة القلبية لما سقط‮!‬

وأيضا تجاهل ما قلت واستطرد‮: ‬باختصار يا أهل بلدي‮..‬الانتخابات مثل الموالد الشعبية‮..‬انفاق وزيطة‮..‬والموالد كانت دائما في تاريخ مصر المحروسة من مصادر‮ "‬الثروة‮" ‬لأهلها‮..‬فلماذا لا نعتبر الانتخابات‮ "‬مولد‮" ‬وعدي؟‮!‬

صرخت في وجهه‮: ‬أين الديمقراطية والشفافية والنزاهة وإرادة الشعب والناخبون؟‮!‬

نظر إلي شزرا كأنني معتوه‮..‬وقال‮: ‬أي ديمقراطية يا حبيبي‮..‬المهلبية أحسن من الديمقراطية‮..‬هم أجدادنا أخذوا‮ "‬إيه‮" ‬من الديمقراطية‮ ‬غير

وجع الدماغ‮ ‬وقلة القيمة‮..‬يعني الديمقراطية هي‮ "‬اللي‮" ‬عملت ثورة‮ ‬1919‮ ‬الديمقراطية اختراع استعماري‮ ‬غربي،‮ ‬يصدروه لنا من باب صناعة الفتن،‮ ‬وقد تكون والله أعلم بدعة من بدع الشيطان،‮ ‬اللهم احفظنا وقنا عذابها وخبثها‮!‬

لم احتمل وصرخت فيه‮: ‬هل تقصد نحن متربيون علي‮ "‬حكم الفرد‮"‬،‮ ‬والحزب الواحد وشلة الأنس صاحبة المصالح في الوطن؟‮!‬

رد بهدوء شديد‮: ‬لا أعرف‮..‬لكن من خرج من قديمه ينفلت عياره وتنهدم داره‮..‬

سألته‮: ‬طيب‮..‬والشفافية؟‮!‬

أجاب بنفس الهدوء‮: ‬الشفافية موجودة ومنتشرة ولا ينكرها إلا جاحد أو أعمي،‮ ‬فكل شيء جري علي المكشوف وعلي عينك يا تاجر،‮ ‬لا شيء في السر أو الخفاء‮..‬هل حدث شيء في الانتخابات‮ ‬غامضا وغير معروف؟‮!‬

أجبته ضاحكا‮: ‬بالطبع لا‮.. ‬حتي إن مرشحين في الحزب الحاكم قالوا صراحة في دوائر كثيرة إن تسويد البطاقات كان عيني عينك لمصلحة منافسيهم من الحزب‮!‬

وسألته‮: ‬والنزاهة؟‮!‬

سكت ولم يرد كأنه يفكر في شيء بعيد‮..‬فقلت‮: ‬طبعا النزاهة في رأيك مسألة مريبة للغاية،‮ ‬فهي لا تري ولا تسمع ولا تحس،‮ ‬وهي تشبه المستحيلات الثلاثة‮: ‬العنقاء والغول والخل الوفي،‮ ‬وربما تكون كائنا فضائيا لم يستوطن بلادنا بعد‮!‬

قال معترضا‮: ‬من فضلك‮..‬لا تقل شيئا علي لساني ولا تجيب بالنيابة عني‮!‬

قلت‮: ‬اعتبرني اتكلم مع نفسي،‮ ‬لأن بعضا من أهل مصر لا يكفون عن ترديد الاسم إلي درجة أن ابن بلد سألني ذات مرة‮: ‬هل النزاهة شيء يزرع يمكن أن ينمو في أرضنا؟‮!..‬فأجبته‮: ‬لا أعرف‮ ‬

زاد امتعاض صديقي‮ "‬الوطني‮": ‬أنت تسخر الآن وتخلط الهزل بالجد‮..‬وهذا عيب خطير لا بد أن تتخلص منه فوراً‮.‬

قلت كلام جد فعلا‮..‬وقد قرأت في بعض المراجع السياسية الأجنبية أن النزاهة‮ "‬شرط‮" ‬من شروط الحياة العامة لمن يسعي إلي الدخول إليها‮....‬فلماذا لم اعثر عليها في أي انتخابات جرت أو صفقات تمت‮..‬ربما لأنها لا تنبت إلا في البلاد المطيرة لا الصحراوية؟‮!‬

رد ممتعضا‮: ‬هذا سؤال آخر هزلي لا يستحق الرد عليه‮!‬

فقلت له‮: ‬لا تغضب مني وهيا بنا نعزي في جامع عمر مكرم بالقرب من البرلمان‮!‬

‮ ‬‭ ‬[email protected]