رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الطريق الوحيد لانتصار ثورة 25 يناير

تدور المناقشات والمجادلات في صفحات الصحف وعلي شاشات التليفزيون حول سؤال مثير.. يعتبره البعض.. سؤال الساعة الذي سيقرر مصير ومستقبل مصر، وهو: »من هو الرئيس القادم«؟ والصيغة التي يتم بها طرح السؤال توحي بمعني واحد، هو: إننا نتشوق لتسمية ديكتاتور جديد يملك الأرض ومن عليها، ويكون صاحب القرار الأوحد والسلطات المطلقة ولا يخضع للمساءلة والمحاسبة ويكون محور الحياة والوجود في مصر!!

ويبدو أن البعض اعتاد علي أنظمة الحكم السلطوية.. وعلي حكم الفرد المطلق إلي الحد الذي لا يتصورون فيه حياة سياسية أو نظام حكم بدون حاكم متسلط يخضع كل شيء لإرادته.

والعدد الأكبر من هؤلاء الذين يطرحون هذا السؤال.. من ذوي النوايا الطيبة الذين يحاولون استكشاف المستقبل وممارسة هواية التكهن بما تخبئه لنا الأيام.

غير أن شيوع هذا المنهج في التفكير قد يؤدي إلي عواقب وخيمة ومدمرة.. أقلها.. تصفية الثورة الشعبية والعودة ـ أو الارتداد ـ إلي المربع الأول.. وإذا بنا قد وضعنا في قمة السلطة ديكتاتوراً ليحل محل الديكتاتور الذي سبقه والذي سبق من سبقه.

وكان الأجدر بهؤلاء الذين يشغلون أنفسهم بشخص الرئيس القادم.. أن يركزوا علي القضية الأكثر أهمية.

ما موقع الرئيس القادم في الدستور؟ ما هي مواصفاته وسلطاته؟ هل ستكون لدينا جمهورية رئاسية أم جمهورية برلمانية؟ وما هو الشكل الأفضل والنظام الأمثل بالنسبة لمصر؟ فرد، مهما كانت عبقريته وتفرده ونبوغه، يمسك بيده مستقبل ومصير أكثر من ثمانين مليون مصري.

أم برلماني منتخب من الشعب في انتخابات حرة ونزيهة؟

وهذه القضية الأكثر أهمية لابد أن نطرح المطلب العاجل والضروري، وهو: وضع دستور ديمقراطي جديد، قبل إجراء أي انتخابات رئاسية أو برلمانية.

وبكل صراحة أقول إن نجاح الثورة الشعبية أو فشلها يتوقف علي البدء فوراً بوضع هذا الدستور حتي لا تجري انتخابات الرئاسة القادمة ويفوز مرشح ما بموقع الرئيس ويجد أمامه دستوراً يمنحه سلطات مطلقة تجعله صاحب القرار الوحيد في كل شأن يتعلق بهذا البلد، ويتعرض لإغراء يدفعه إلي مقاومة تجريده من هذه السلطات أو بعضها علي الأقل، وقد يسعي إلي إحباط نتائج عمل.. حتي الجمعية التأسيسية المنتخبة، التي تضع الدستور الديمقراطي، بفضل ما يملكه من سلطات لا حدود لها.

> > >

وليس صحيحاً أن وضع دستور جديد يستغرق وقتاً طويلاً.. فهناك مشروعات جاهزة لدساتير ديمقراطية لدي فقهاء القانون الدستوري، وهم في مصر علي أعلي درجة من الكفاءة، ويستطيعون إنجاز هذه المهمة في سرعة قياسية، بما لا يعطل انتخاب الرئيس ومجلسي البرلمان.

والتعديلات التي أجرتها اللجنة المشكلة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة لعدد من مواد الدستور »تعديل 10 مواد« تجاهلت السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية، كما أنها تجاهلت تخلي رئيس الجمهورية عن عضوية أي حزب سياسي، إذا كان ينتمي لحزب معين بعد توليه السلطة.

> > >

هل يمكن تصور إجراء انتخابات رئاسية عقب ثورة 25 يناير في ظل دستور ينص علي أن يتولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية ويضع، بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة ويشرفان علي تنفيذها، وينص علي أنه يعين هذا الرئيس نائباً له (وهو ما أقرته لجنة التعديلات الدستورية متجاهلة المطالبة بأن يكون نائب الرئيس منتخباً علي نفس بطاقة الرئيس الانتخابية)؟

هل يمكن تصور إجراء انتخابات رئاسية عقب ثورة 25 يناير في ظل دستور ينص علي حق رئيس الجمهورية في حل مجلسي الشعب والشوري وتعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، ويعفيهم من مناصبهم، كما ينص

علي حق رئيس الجمهورية في إصدار القوانين أو الاعتراض عليها.. ورئاسة الجيش والشرطة والقضاء و....؟

وهل يمكن تصور إجراء انتخابات رئاسية عقب ثورة 25 يناير في ظل دستور أصبح وثيقة مهلهلة بعد التعديلات التي أدخلت عليه في أعوام 1980 و2005 و2007 ورغم أن هذا الدستور نفسه هو أحد الأسباب الرئيسية لانفجار الثورة الشعبية؟

وهل يمكن تصور أن يولد من رحم هذه الثورة برلمان بلا سلطات حقيقية ويعاني من قيود في ممارسة دوره في الرقابة والتشريع؟

الثورة الشعبية تنتظر أن يكون البرلمان.. برلماناً حقيقياً يملك سلطة المساءلة والمحاسبة وسحب الثقة من الحكومة وإسقاطها وإسقاط أي وزير فيها، بحيث لا تكون هناك سلطة فوق سلطة البرلمان.

والثورة الشعبية تنتظر أن تكون الحكومة مسئولة أمام البرلمان وليس أمام رئيس الجمهورية.

ولم تشتعل الثورة لكي يبقي جهاز أمن الدولة لكي يتدخل في كل مناحي الحياة ويفرض المأجورين والمرتزقة والجواسيس.. وكتبة التقارير في كل مكان، وتكون مهمته الأولي والأخيرة هي حماية الحكام الذين اغتصبوا السلطة وفرضوا أساليب القمع والقهر علي أبناء الشعب ونهبوا ثروات البلاد.

> > >

من هنا يتضح أن المناقشات والمجادلات في الصحف ووسائل الإعلام المرئية ابتعدت عن القضية الرئيسية، وهي: كيف تتحول مصر إلي مجتمع ديمقراطي حقيقي.

وركز البعض كل جهودهم علي تغيير هذا الوزير أو ذاك، أو علي الإطاحة بحكومة أحمد شفيق، رغم أن الجميع يعلمون أن الحكومة ليست سوي أداة تنفيذية وأنها تتشكل من مجموعة من الموظفين، وأنها ليست صانعة قرار وأنها ـ في النهاية ـ حكومة تصريف أعمال، ولن يجد المواطنون فرقاً بين حكومة أحمد شفيق والحكومة الجديدة برئاسة عصام شرف.

تماماً كما ركز البعض كل جهودهم حول: من نختار لرئاسة الجمهورية: هل هو عمرو موسي أو محمد البرادعي أم أحمد زويل أم....؟

أصبحت القضية هي الأسماء وتم إغفال جوهر الأشياء: آليات الانتقال إلي الديمقراطية.

والنضج السياسي لثورة 25 يناير كان يقتضي أن يكون محور الاهتمام لدي المعلقين والمحللين هو: ما السبيل لكي يكون البرلمان القادم ممثلاً حقيقياً لفئات الشعب المصري، ولكي تكون الأمة مصدر السلطات.. حقاً وفعلاً، وكيف نحول دون أن يصبح الرئيس القادم.. طاغية يضع نفسه فوق كل السلطات.. ويهدر كرامة الأمة ويعمل علي تقزيمها ويفتح الباب أمام الفاسدين لكي يسرقوا عرق كادحيها.