رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كيف يكون الرد علي المؤامرات ضد الشعب؟

مؤامرتان ضد الشعب تعاقبتا علي المشهد السياسي المصري.

المؤامرتان من تدبير عناصر  وأجهزة أمنية وعناصر من الحزب الحاكم وبعض من يطلقون علي أنفسهم صفة رجال أعمال.

هؤلاء الذين استفادوا من النظام السياسي القائم يخشون خشية الموت أي تغيير في الأوضاع السياسية يمكن أن يؤدي الي تهديد امتيازاتهم وثرواتهم.

كانت المؤامرة الأولي في عصر يوم الجمعة 26 يناير، بصدور قرار »بالانسحاب التام لقوات الشرطة والأمن المركزي وأفراد تنظيم المرور والحراسات وجميع فئات  الضباط والأفراد المخصصين لحماية المواقع الحكومية والشركات والمؤسسات..«

وهذا القرار بالانسحاب هو ما جاء بالحرف الواحد في  تقرير »سري ومهم للغاية« منسوب لمكتب وزير الداخلية السابق.

وقبل أن يبادر أي مسئول في الداخلية بالطعن في صحة هذه الوثيقة ـ التقرير السري والمهم للغاية ـ فإن واجب الدولة ـ أو ما تبقي منها ـ هو التحقيق في صحة ما ورد بها. وهذا التحقيق ضروري، وخاصة أن ما جاء فيها هو ما حدث بالفعل في أرض الواقع، مثل: »سيتم قطع وسائل الاتصالات »موبايل ـ انترنت« اعتبارا من الساعة السادسة صباح يوم الجمعة الموافق 28 يناير..  وكذلك »التأكد من تسليح أفراد العناصر الأمنية بالزي المدني بعصي خشبية وهراوات..لاستخدامها في القبض علي العناصر الرئيسية المتواجدة في المظاهرة..« و..»إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع..«

وكل تلك التعليمات هي التي تم تنفيذها بالفعل. وتنص الوثيقة علي »إظهار عجز جزئي اعتبارا من الساعة الرابعة عصر يوم الجمعة المذكور لقوات الشرطة.. لإظهار تفوق المظاهرات والسماح بتغلغل عناصر البند رقم »٢« ـ أي توظيف عدد من البلطجية والدفع لهم بمبالغ مجزية والاجتماع بهم في.... وفي مواقع التجمعات وعلي انفراد  من قبل العناصر المصرح لها بذلك  دون وجود صفة رسمية بذلك..  وإبلاغهم بوقت التحرك وخطة إشاعة الفوضي التدريجية« ويضيف التقرير السري: »بث رسائل مباشرة عبر افراد أو رسائل غير مباشرة بتوزيع منشورات لوسائل الاعلام الخارجية.. بوجود أعمال نهب وسلب وتكسير لبنوك ومحال تجارية ومراكز شرطة تزامنا مع خطة انتشار البلطجية.. لبث حالة من الهلع والرعب..«

هذا هو ما نطالب بالتحقيق  الفوري بشأنه مع وزير الداخلية السابق لأنه يصل الي حد الخيانة العظمي.

***

ولا حاجة إلي عبقرية في الاستنتاج والتحليل لمعرفة أن  الخطة كانت  مفضوحة، وهي تهديد أمن المواطنين ـ سلامتهم وممتلكاتهم ـ اذا لم تتوقف الانتفاضة الشعبية، وانتقل أصحاب هذه الخطة ـ بعد ذلك ـ الي تهديد المواطنين بالمجاعة إذا استمرت الحركة الاحتجاجية.

وجاءت في أحد منشورات عملاء الأمن  العبارة التالية: »طول مافي مظاهرات.. في مجاعات«!

أما المؤامرة الثانية.. فكان موعدها يوم الأربعاء الماضي.

.. ذلك انه بعد أن فشلت محاولات الابتزاز باستخدام أساليب ترويع المواطنين لتخويفهم حتي يتم التسليم بالأمر الواقع وإجهاض حلم التغيير.. لم تجد أجهزة الحزب الحاكم الأمنية والادارية وسيلة سوي استخدام  العنف ضد التظاهر والاعتصام السلميين.

وهكذا انقضت جحافل وأذناب ومنتفعو الحزب الحاكم وفلول  العناصر الأمنية ـ بتمويل مباشر من عناصر من »رجال الأعمال« ـ علي المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير.

فهناك من أرادوا ـ ومازالوا يريدون ـ تطويع السيناريو الرئاسي ـ الذي أعلنه حسني مبارك في خطابه ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء ـ بحيث يكفل حماية ثرواتهم وفسادهم واستمرارهم في مواقعهم.

وشهد ميدان التحرير والمنطقة المحيطة به  جرائم همجية ووحشية ارتكبها هؤلاء الأتباع واستخدموا فيها كل الأسلحة.

ولا خلاف علي حق مؤيدي الرئيس مبارك في التظاهر السلمي، ولكن ما حدث غير ذلك تماماً.

وحتي الآن لم تتخذ إجراءات للقبض علي مدبري ومنفذي هذه الجرائم وتقديمهم للمحاكمة.

***

ويضاعف من خطورة وبشاعة تلك الجرائم أنها جاءت في وقت بدأ فيه حوار صحي ومثمر بين المواطنين حول:

* هل يمكن اعتبار خطاب

مبارك بداية السير في طريق إصلاح  سياسي ولكنه يحتاج الي استكمال وإضافات حتي يكون إصلاحا حقيقياً؟

* هل أصبح النظام الحاكم القائم عقبة رئيسية في طريق الإصلاح؟

* هل تكون الخطوة الأكثر جدوي والأكثر تأثيرا هي أن يتولي نائب الرئيس ـ عمر سليمان ـ صلاحيات رئيس الجمهورية.

* هل من الأفضل إعادة تشكيل الحكومة لكي تستبعد  أنصار وأعضاء الحزب الحاكم لتحل محلها حكومة وفاق وطني أو حكومة ائتلافية؟

وجاء الهجوم الهمجي علي متظاهري ميدان التحرير لكي يدعم موقف الرافضين لأي حوار مع ممثلي النظام القائم.. بل ليـؤكد للكثيرين أن الوعود باجراء اصلاحات جزئية ومحدودة لم تكن سوي خدعة أو وسيلة للالتفاف علي  مطالب الجماهير.. ومحاولة لكسب الوقت.

الشهداء والجرحي في ميدان التحرير علي أيدي جموع البلطجية ـ بالمشاركة مع أفراد من الأمن ـ أصبحوا حائلاً دون إيجاد مخرج سياسي، فقد ثبت أن القائمين علي بقايا السلطة لم يزالوا يتشبثون بأسلوبهم القائم علي استخدام العنف والمراوغة.

أي حوار في ظل هذه المجزرة الوحشية؟

***

الخاسر الوحيد في هذه المذبحة هو النظام.

غير أن صمود شباب ميدان التحرير وانتصارهم علي المهاجمين وإصرار الجماهير علي عدم التراجع أمام القوة الغاشمة.. أحبط المؤامرة الأولي والثانية.

مرة أخري يتأكد أن هؤلاء الذين يعتمد عليهم النظام الحاكم في مساندته وبقائه ليسوا سوي مرتزقة وطامعين وانتهازيين وحمقي، ولا علاقة لهم.. حتي بأبجديات العمل السياسي.

وبعد افتضاح المؤامرات ضد شباب مصر يصبح من المحتم تصعيد المطالب الشعبية لضمان التحرير من نظام الحكم الفردي:

* الفصل بين منصب رئيس الجمهورية ورئاسة الحزب الحاكم.

* إلغاء حالة الطوارئ.

* دستور جديد ديمقراطي لا يقتصر علي إلغاء السلطات المطلقة لرئيس الجمهورية، وانما يضع أسس جمهورية برلمانية تنهي نظام الحكم المطلق وأساليب الحكم الديكتاتوري السلطوي المتسلط.

* الإفراج الفوري عن المعتقلين الذين قبض عليهم في انتفاضة 25 يناير ومحاكمة المسئولين عن قتل المتظاهرين.

* قانون انتخابات جديد علي أساس القائمة النسبية.

* تشكيل لجنة عليا من القضاة لفتح كل ملفات الفساد.

* إطلاق حرية التظاهر السلمي وحق عقد الاجتماعات والمؤتمرات.

وليكن معلوماً أن التغيير المنشود لا يعني مجرد تغيير الوجوه أو استبدال أسماء بأسماء، وإنما يعني التخلي  الكامل عن مجمل السياسات الاقتصادية والاجتماعية  التي قادت البلاد الي حالة من التردي وإلي سلسلة من الكوارث. والرد الحقيقي علي كل المؤامرات ضد الشعب هو الإصرار علي تغيير جذري في أساليب وأنظمة الحكم وفي نوعية حياة المواطنين المصريين.