رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

«فهلوة» المصريين !

لا أجد سببا واحدا يمنع المصريين من الإنتاج، والتفوق، والابتكار، والتميز بين دول العالم، كل الظروف لا تمنع معظم المصريين أن يجدوا لهم مكانا في عالم الصناعة والإنتاج، وأزعم أن «بلادة» المسئولين تجاه المخترعين والمبدعين، ربما تعرقل، ولكنها لا تمنع الإبداع. الشعب في دول عديدة ربما أسوأ حالا من مصر،

فاق شعبها وتغلب علي نفسه وحكوماته، وبدأ رحلة الانتاج والمنافسة محليا وخارجيا، أقول هذا، وأنا في حالة من الضيق بعد رؤية منتجات دول عديدة ربما لا تملك ما يملكه المصريون، رأيت مثلا أعواد الثقاب «الكبريت» وبعض الاقلام من انتاج باكستان، ورأيت منتجات سهلة التصنيع وقطع غيار من انتاج اندونيسيا ، ورأيت الكترونيات متقدمة وقطع غيار كمبيوتر وتليفونات رائعة من الهند وماليزيا ، ورأيت منتجات أخري مميزة من بعض دول الخليج، رأيت منتجات أخري عديدة مستوردة من دول لا يسمع عنها أحد، وليس لديها تاريخ وحضارة مثل المصريين، كل ما سبق شيء، ومنتجات الصين شىء آخر لدرجة أن كل ماتقع عيناك عليه تقريبا منتج في الصين، حتي تقليد القطع الأمريكية الأثرية لحضارتنا الفرعونية جاءتنا من الصين بأسعار رمزية.
واخيبتاه علي المصريين، ما هذا الذي يحدث، العالم كله يصنع ويبتكر إلا المصريين، هم يخترعون ويبتكرون طرقا جديدة في الفهلوة والنصب والكسل، يعشقون العمل الميري، ويجيدون إنفاق أموالهم علي الطعام والشراب.  في حين أن أبواب الرزق تناديهم للعمل الحر في عالم الانتاج والصناعة، لا أدري ما حدث للمصريين، بالفعل تغير مفهوم العالم عن العامل المصري بأنه لا يعمل سوي 27 دقيقة يوميا «علي الأكثر» وفقا لتقارير رسمية، وفي المقابل يطالب ويحتشد ويتظاهر لتحسين دخله، «علي إيه»! لا أدري، ساءت سمعة المصري في أسواق العمل الخارجي خصوصا في دول الخليج، وتراجع الاقبال علي استيراد العمالة المصرية ويتم استبدالها بعمالة من دول أخري، واأسفاه علي المصريين، من يقرأ تقارير مركز معلومات مجلس الوزراء، يتكشف التراجع الحاد في الطلب علي العمالة  المصرية، ويكتشف مدي شغف المصريين بالكسل، ولا أريد أن يفهمني أحد خطأ، لأن الواضح أن هناك تغيراً كبيراً حدث في سلوك

معظم المصريين، يجب دراسته بكل عناية، ومعرفة السبب، وإعلانه علي الناس، أكيد هناك أسباب عديدة ربما من بينها، الانفتاح الاستهلاكي الذي وقع في سبعينيات القرن الماضي ونشأ عنه ظهور ما يسمي بالحيتان، الذين ضربوا الصناعة المحلية، وفتحوا أبواب الاستيراد علي مصراعيه دون أدني حماية للمنتج المحلي، حدث هذا في ظل غياب الرقابة وضعف سلطة الدولة، وانتشار الفساد في ربوعها.
سألت علي المنتجات المصرية، في عدد من دول العالم التي زرتها من قبل، فلم أجد سوي البرتقال المصري في السعودية وايطاليا، والبرتقال ليس صناعة ولكنه منتج رباني من الله، ألم نسأل أنفسنا لماذا اكتسحت العمالة السودانية واللبنانية والسورية والباكستانية وغيرهم مكان العمالة المصرية في الخارج، ولماذا تراجعنا في الداخل عن مجرد صناعات عفي عليها الزمن، كنا ننتجها قبل عشرات السنين، وصلنا في الستينيات إلي تصنيع الطائرات والصواريخ، والآن لا نستطع إنتاج استيكة قلم رصاص، تخيلوا نحن الآن نعيش علي منتجات غيرنا، نستورد ما نأكله ونشربه، ونستورد علاجنا وملابسنا ومستلزمات حياتنا، العالم ينتج من حولنا، ونحن نأكل ما ينتجه الآخرون، كنا متفائلون عندما كنا نتحدث عن الاكتفاء الذاتي، والآن اكتشفنا أننا نتقدم إلي الخلف، مشغولون في الاحتجاجات والمظاهرات، نعيش حالة نادرة من الإضراب الصامت عن العمل والإنتاج، صارت القدوة أمامنا من المفسدين والمرتشين، اختفت القدوة الحسنة، وتاهت القيم والاخلاق، وسط زحام من المصالح والمنافع الخاصة والمحسوبيات .

[email protected]