رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسلحة البيانات!

 

المجلسان، »العسكري«، و»الوزراء«، يتسابقان في إصدار البيانات تلو الأخري، الفرق بينهما كبير، بيانات »العسكري« واضحة، ودقيقة، وصارمة، ومنضبطة. وبيانات »الوزراء« أحياناً تتضمن معلومة، وغالباً إنشائية، وبصرف النظر عن الكم والكيف في السباق علي البيانات، المهم أن جهات أخري في المجتمع المدني دخلت السباق، وبدت المسألة كأنها حرب بيانات، وظهر لعدد من الجهات المفعول السحري للبيانات، وزاد الإقبال عليها، لدرجة أن البعض وصفها بأسلحة البيانات، وأقصد هنا دخول حلبة إصدار البيانات جماعة »الإخوان المسلمون« وائتلاف شباب الثورة، والهيئات المدنية والأحزاب والوزارات والجهات المستقلة.

تبين للجميع أن مفعول البيانات أكبر من الظهور الإعلامي لأي شخص، أو الاتصال بالمحمول أو إرسال رسالة »sms«، أو عقد ندوة، أو مؤتمر وتحولت البيانات إلي وسيلة غير مباشرة للحوار بين طرفين »السلطة.. والشعب« ولعل أشهر بيان هز أركان مصر كان البيان العسكري في العاشر من فبراير الماضي حين أكد اللواء إسماعيل عتمان عضو المجلس العسكري في النصف الأخير من البيانات »أن المجلس في حالة انعقاد دائم، أري أن هذه العبارة أهم كلمات سمعتها منذ اندلاع الثورة، وكانت تأكيداً لعبارة سابقة صدرت عن القوات المسلحة »حين قالت بعد أحداث 28 يناير أنها تتفهم مطالب الشعب، وأنها مطالب مشروعة.

وتتوالي البيانات الصادرة علي صفحة الفيس بوك والتي استغلها الجيش بذكاء شديد فلم يعد يحتاج إلي بيان مقروء علي الهواء.. بل يصدر ما يريد عند الحاجة، وتصل الرسالة فوراً إلي الجميع، الإعلام والمواطنين وكل العالم.

وعلي شاكلة ذلك بدأ مجلس الوزراء في إصدار بيانات مكتوبة، واختفي علي أثرها المستشار الإعلامي د. أحمد السمان ولم يعد يلتقي بالإعلاميين خوفاً من زلة لسان أو فهم غير مقصود لما يقوله، واكتشف أن سلاح البيانات له قوة السحر في توصيل ما يريده بسهولة وأمان.

ولجأ مؤخراً إلي هذا السلاح جماعة »الإخوان المسلمون« التي اكتشفت هي الأخري هذا السلاح المبهر واختفي قادة الإخوان وتحصنوا بمبادئهم ورؤيتهم للأحداث المتلاحقة بإصدار بيانات شبه يومية تنقل رسالتهم إلي الدنيا كلها.

ولجأت جهات عديدة أخري إلي سباق البيانات، وفوجئنا ببيانات كاذبة، منسوبة لجهات رسمية تهدف للوقيعة بين أفراد الشعب والجيش، وبعضها منسوب إلي ائتلاف الثورة، وتشهد الساحة حالياً حرب بيانات، ومن يقرأ وسائل الإعلام يجد أن معظم المعلومات المنشورة منسوبة إلي بيانات صادرة من هنا وهناك. اختفي تقريباً نظام المواجهة الشخصية أو الهاتفية لتوصيل الرسالة، وهذه الظاهرة هي

إحدي نتائج الثورة والتي من بينها إجادة استخدام تكنولوجيا الاتصالات.

إلي جانب ذلك نجد، أن الردود والاقتراحات والشكاوي تصدر عن طريق البيانات، لدرجة أن مصر تدار حالياً بالبيانات، وإذا كانت المواجهة الشخصية قد تؤخر وتؤجل توصيل المعلومة، فإن البيان كما يقولون »يجيب من الآخر« وأري أن ما يحدث من معركة بيانات يعد مؤشراً جيداً، وبداية لحوار وطني عبر البيانات؟ وإذا كانت قاعات »الحوار الوطني« و»الوفاق القومي« و»ائتلاف الثورة« فشلت في التوصل إلي »تواصل« فإن البيانات قد نجحت إلي حد كبير في تسيير أمور البلاد والتواصل العملي، واتخاذ القرارات اللازمة، أما الخلافات والمشاكل التي ظهرت في تلك الحوارات علي اختلاف مسمياتها وكثرة عددها فأري أنها بلا نتيجة، لأن ليس لها هدف محدد، وليس لها دراسة جدوي لضمان فاعليتها، ولم أجد أجندة عمل واحدة معدة سلفاً لأي طرف من أطراف الحوار.

إذن نحن أمام أمرين الأول »بيانات« والثاني »حوارات« من يفوز في النهاية؟ ومن يسرع في تحقيق أهداف الثورة العظيمة؟ البيانات بوضعها الحالي ما هي سوي لغة حوار مجتمعي لأن لها رد فعل شعبي، وبالتالي أقترح أن تتضمن البيانات الصادرة عن أكبر جهتين وهما المجلس العسكري، ومجلس الوزراء، ملخصات بمشروعات بقوانين، لكي يقول الناس رأيهم في اليوم التالي عبر وسائل الإعلام وعبر شبكة الإنترنت لم يتمكن من هذا أو ذاك فعليه الذهاب إلي ميدان التحرير أو مقر مجلس الوزراء، وسوف يجد من يستمع إليه، وبالتالي يصل رد المواطن خلال 24 ساعة بسهولة ويسر، وبأقل تكلفة، بدون قاعات، ومصروفات وخناقات، وأزمات لن ينتج عنها شيء.

[email protected]