أليس منا رجل رشيد!
مازال المشهد السياسي، مرتبكا رغم رحيل مرسي وحكم الإخوان، ومن قبلهما المجلس العسكري، وحاليا المرحلة الانتقالية الثانية، عامان ونصف علي ثورة 25 يناير، والمليونيات لم تتوقف، والحوارات الوطنية مستمرة، والدماء مازالت تسيل في ربوع المحروسة
. والحياة العامة شبه متوقفة، قطار الاقتصاد لم يبرح محطته التي توقف عندها، بل يخطو خطوة للأمام ويتراجع عشر خطوات، والموقف الأمني مازال مهزوزا ومترنحا، والاستقطاب علي أشده، لا أحد يقتنع بالآخر، ولا أحد يريد أن يكون مستمعا، الكل صار مفتيا للثورة، أو للدين وهما براء من ذلك، الكل يسارع باتهام الكل هذا إخواني، وهذا إنقاذي، وهذا جبهاوي وهذا متشدد، وهذا مسيحي، وهذا ملتح، وهذا.. وهذا... إلخ. أين العقلاء، أين الراشدون، أين الحكماء، ماذا ننتظر بعد اليوم، لا أنكر أن بعض الناس بدأت تلعن الثورة، التي أجاعتهم، وزادت أوجاعهم، وآلامهم، وسفكت دماءهم وشردتهم، الثورة التي فجرت الفتن، وفرقت المصريين شيعا وأحزابا، لا أحب ان يقرأ كلامي علي أنني ضد الثورة وتوابعها، لا وألف لا، ولن يمنعنا تأييدنا للثورة، أن أقول قولا واحدا، يسألنا ربنا عليه، كلنا مسئولون عما يجري حاليا، لم أجد الحكمة في فم الكبار أو الصفوة أو النخبة، ولم أجد سوي أفواه تسكب النار علي الزيت، لم أر إلا عناصر تريد حرق الوطن، ولا أقصد فئة دون أخري ولكن كل يسعي إلي مبتغاه من الكلام، والكل طامع وطامح في السلطة، وهذا شيء مباح ولكن ليس بحرق الوطن كي أصل إلي السلطة، وليس بزرع الفتنة كي أصل الي السلطة، أرى أن نجاح الحوار الوطني صار قضية حياة أو موت وصار مرهونا بحضور كل الأطراف، وأن الحوار الوطني الحق، هو الاستيعاب وعدم الإقصاء، السماع لوجهة النظر الأخري دون ترهيب، أو تأثير، أن يخفض المتحاورون جناحهم لبعض، ألا يحتكر أحد الرأي، وأن تكون مؤسسة الرئاسة راعية للجميع، دون تدخل لأحد، علي حساب الآخر، لا يفيد الحوار ولو استمر أمدا طويلا في التوصل إلي توافق، طالما لم يحضره كل الأطياف
[email protected]