رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

موجة حـــارة!



موجة حارة أجبرته على التزام بيته بعد أن نصحه الأطباء بعدم التعرض للشمس مباشرة. خاصة وقد ازداد الجرح تورماً فى قدمه، ابتسم وهو يخبر أخته أنه أصلح نظارته السوداء خصيصاً انتظاراً لموجات الحر المتتالية هذا الصيف، شاركته شقيقته ابتسامته بضحكة علا صوتها ليأتى الأب متسائلاً كعادة المصريين «خيراللهم اجعله خير؟»..

مافيش يا بابا.. أنا زعلان علشان مش هاقدر استعمل النضارة لأنى أصلاً مش هانزل.
كلها أيام والجو يتحسن وتنزل وتلبس نضارتك.. قالها الأب وقد بدا عليه حزن شديد فابنه «حسن» الذى أكمل هذا العام ثمانية عشر عاماً.. ما زال يستمر من كونه «كفيفاً»، وهو فى الحقيقة أكثر حزناً عن ذى قبل فكلما مرت السنوات ازداد يأساً.. يأبى أن يتعود على واقعه الجديد.. وكيف يقبله.. والمجتمع كله لم يقبله بعد؟!
«حسن» فقد بصره بعد إصابته بمرض نادر فى العين بدأ يلتهم نور عينيه تدريجياً بشكل لم يلفت نظر أبيه، واعتبره مجرد إرهاق أو ضعف نظر من المذاكرة بصراحة إهمال وأنا مسئول عنه وأعترف بذلك، لكن ماذا أفعل وقد تركتهم أمهم فجأة.. ماتت وتركت حسن وثلاث بنات فى رقبتى وأنا موظف بسيط.. اضطررت لأن أعمل «سائق» بعد مواعيد العمل لأنفق على أولادى، خاصة بعدما قررت عدم الزواج بعد أمهم.
لكن مشكلة حسن أنه تعرض لنوبات اكتئاب بعد تأخره فى الدراسة والذى أجبره سريعاً على ترك المدرسة.. وكان علينا إلحاقه بإحدي مدارس المكفوفين.. لكنه رفض رفضاً باتاً.. وانقلب عشقه للتعليم إلى كراهية شديدة.
لمحت دموع الأب المسكين تتسرب.. كان المشهد قاسياً على نفسى.. فما أصعب أن ترى دموع

الرجال.. قال بصوت متقطع: حاولت أن أعرضه على بعض الأطباء النفسانيين لتأهيله على تقبل إعاقته رفض وقال أنا مش مجنون يا بابا أنا أعمى لو تعرف دكتور يرجعلى نظرى.. أنا موافق!
> عندما استمعت لحسن شعرت بمرارة شديدة تخنق كلماته.. لكنه حاول أن يبدو متفائلاً وهو يقول انت عارفة يا أستاذة أنا مش زعلان على نظرى اللى راح ومستقبلى اللى اتلخبط ودنيتى اللى مش عارف هعمل فيها إيه.. أنا بس ماكنتش عامل حسابى على كدة، وواضح إن كل الناس مش عاملة حسابها.. حاولت كثيراً أن أتخطى ما حدث لى.. لكن زى ما أنت شايفة كلى جروح.. وشروخ وكسور كل ما أمشى أقع حتى فى بيتنا.
المشكلة الأكبر.. إن كل الناس بتفتكرنى بشوف ومش باين علىّ.. علشان كدة لبست نضارة سوداء واشترى لى والدى عصا زى قلتها.
أنا لست يائساً.. لكن محبطاً.. وحشني شكل الناس والشوارع والبيوت واللعب مع أصحابى فى الشارع.. لم يكن يحلو لنا لعب الكرة إلا فى عز الضهر.. حتى لو احترقنا بنيران موجة حارة!!