رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نارهم .. ولا خلو دارهم

قطع صراخها سكون الحي الهادئ فجأة تفتح الشرفات ويطل السكان في خوف وفزع. ماذا يحدث؟ من يصرخ ولماذا؟ الشارع الهادئ تحول فجأة الي ما يشبه خلية النحل. الكبار والصغار يهرولون خلف تلك المرأة التي راحت تجري في ذهول تقطع الشارع وتجري علي الأرصفة

ثم تقفز من محل لآخر تنادي بصوت «مبحوح» يتقطع من شدة الصراخ يا مصطفي .انت فين يا مصطفي رد علي امك يا مصطفي والصبية في صرخات غير منتظمة يرددون وراءها مصطفي ..ااااا. الأم لا ترد علي أحد شباب المنطقة يحاولون الاستفسار عن بعض التفاصيل تساعدهم في البحث عن الابن المفقود «كان لابس إيه؟ امتي اختفي؟ كيف غاب عن عينك ؟ الكل يسال والام منفصلة تماما، فقط تبكي وتصرخ ربما لا تسمع في هذه اللحظة إلا صدي صوته ولا تري إلا طيفا من صورته تمنت الموت قبل أن تغفل عنه تمنت لو تحرم من كل النعم ويعود مصطفي الذي يظن البعض أن مثله غير مرغوب في وجوده من شدة ما يسببه من عناء مصطفي الذي يراه الجيران محمولا أغلب الوقت بين ذراعي أمه ذللك الطفل الذي هرب أبوه من مسئولية تربيته بعد أن علم من الأطباء معاناته من مرض بالمخ يجعل عمره العقلي متأخرا عن عمره الفعلي بأكثر من 6 سنوات. مازالت أم مصطفي تجري وهي شبه فاقدة لوعيها لكنها تصر علي الجري وتمر من حيث مرت وتسال من سبق وسألته مرات ومرات فيما يشبه نوبات جنون لحظات عناء تضاءل في ظلها عناء سنين اضطرت فيها أن تعمل في أكثر من مكان يمكن فيه اصطحاب الابن الظل لا يمكن أن تفارقه ولا تملك

ما يمكنها من إلحاقه بمركز لتأهيل من هم في مثل حالته عجزت عن إلحاقه بأي مدرسة كان قلبها يتمزق لو لمحت نظرة «استغراب» موجهة لابنها كانت همسات الأمهات لأطفالهن تذبحها حين تجذب إحداهن طفلها وتقول له «ما تخافش ده طيب وغلبان» مصطفي ليس نقطة ضعف أمه علي كل ما سببه لها من عذاب دون قصد لكنه دائما كان مركز قوة اكتشفت من خلاله أنها قادرة علي صنع ما يراه البعض معجزات هو كل مالها واغلي ما تملك كلمة «ماما» التي ينطقها بطريقته الخاصة هي الهواء الذي تتنفسه والدم الذي يجري في عروقها لذا ليس بمستغرب أن تراها تفقد عقلها وقد غاب عن ناظريها تكاد نبضات قلبها تودعها مع مرور الوقت الا ان الاصوات المتعالية جاءت من بعيد مهللة» لاقيناه .. لاقينا مصطفي قذفوه في أحضانها كصدمات أنفاس مفاجئة ترد لها روحها وكانت قد أوشكت علي فراق جسدها الذي احتواه بقوة سقطت به علي الأرض وهي تزغرد وتزغرد وقتها فقط عرفت معني الجملة التي طالما كانت ترددها أمي رحمها الله «نارهم.. ولا خلو دارهم».