رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مين فينا «الأعمي»؟

فقدت بصرها منذ عامين فقط.. قررت أن تضع علي وجهها نظارة نظر اشترتها من بائع الرصيف الذي يعرض بضاعته أمام نقابة المحامين البائع يعرف الأستاذة منذ سنوات ليست بقليلة لكنه لم يلحظ أى تغيير طرأ علي ملامحها الجادة الوقورة قالت لي: ليس كل كفيف يعاني من مشكلة تشوه العينين، لذا فإن كثيرين من فاقدي البصر لا يبدو عليهم كذلك وأنا يعجبني أحياناً أن أبدوا لبعض الناس مبصرة.

اعتقدت أنك تجاوزتي محنتك وتكيفتي مع واقعك الجديد.
نعم لكن المجتمع لم يتجاوزها. قالتها وسألتني ما رأيك في المدرس الذي تحرش بتلميذاته في إحدي مدارس المكفوفين بالمنصورة؟ قلت: «ودى محتاجة رأي للأسف التحرش أصبح سكيناً مغروزاً في قلب مجتمعنا وللأسف أيضا لا يرحم صغيراً أو كبيراً ولداً أو بنتاً ولكنه في المدارس شىء مقزز وكارثة.
نظرت إلي في اندهاش غاضبة «ألم يلفت نظرك أن الضحية كفيفة؟ إن المصيبة هنا ذات بعد أكثر بشاعة. هو يستعميها يا أستاذة هو يستغل إعاقتها، الناس تستعمي الكفيف حتي ولو كانت تلميذة في مدرسة تترجي نوعاً آخر من النور تبحث عنه في كتب بحروف بارزة، كل الدراسات والواقع الذي نعيشه يؤكد أن ذوي الاحتياجات الخاصة من أكثر فئات المجتمع تعرضاً للتحرش وخاصة ذوي الاحتياجات العقلية وترتفع هذه النسبة في الصغار، أما فيما يخص كارثة كالتي وقعت في مدرسة المكفوفين في المنصورة فتؤكد أن معظم هذه الاعتداءات تحدث من أفراد منوط بهم حماية المعاق أو ممن نستأمنهم عليه والضحايا في أغلب الأحوال لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إما خوفاً أو عن عدم إدراك في حالة الإعاقة الذهنية.
سكتت للحظات ثم قالت أتعلمين. كثيراً ما ألوم نفسي

علي أنني تركت مهنة المحاماة بمجرد أن فقدت بصري عشت سنوات بضعف شديد فى نظري وكنت أمارس عملي دون مشاكل لكن عندما حدث ما حدث تملكني رعب من كل ما حولي ومن حولي ورغم أنني والحمد لله شخصيتي قوية وأستطيع رد أي محاولة حتي لجرحي بالكلام، إلا أن الموقف أحيانا يكون أقوي، لذا لا أحب أن يعلم أحد أنني لا أري خاصة في وجود بشر اعتبرهم يعانون من «عمي القلب» كسائق التاكسي الذي ركبت معه منذ يومين بمفردي لظروف عائلية وكنت جالسة في المقعد بجواره وشعرت بنواياه الخبيثة وأنه شخص غير محترم ولا يراعي «أكل عيشه» فطلبت منه ايقاف السيارة لأني نسيت شيئاً بصراحة تملكني خوف لم أحسه من قبل غير أنني لففت ورقة بعشرة جنيهات جديدة جعلت لها طرف حاد أشبه بطرف سكين فتحت الباب وقبل أن أترك السيارة مددت يدي بما صنعت من سلاح وغرسته قريباً جداً من عينه فصرخ وأنا أدفع باب السيارة بعنف وقال في غيظ وألم إيه ده؟ أنت عميا؟ فرددت عليه وأنا أبكي «مين فينا الأعمي»؟!