عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بنت مين؟




كانت المرة الأولى التى يحمر فيها وجهها غضباً وليس خجلاً.

تجاوزت حدود اللياقة المعهودة فى أخلاقها، وعلا صوتها حتى بات كالصراخ.. انهمرت سيول الدمع من عينيها لتخنق الكلمات فى حلقها، فيما كانت أمها تحتضنها وتحاول احتواء ثورتها.
كانت الأم تعلم أن شيئاً قاسياً فى انتظارها عندما تخبرها الحقيقة التى أخفتها عنها منذ أن نما وعيها وباتت حبيسة سؤال واحد: فين بابا؟! الآن صار من الضرورى أن ينكشف المستور.. أنا لم ألِدك.. لكننى أمك.
كيف؟
الأم هى التى تربى.. والمسألة ليست بالحمل والولادة.
مسحت البنت دموعها وحركت عجلات الكرسى نحو باب الغرفة: أخبرنى بالحقيقة الآن وإلا ألقيت بنفسى فى الشارع. الأم المسكينة: وهل أهون عليك.. أنت كل حياتى.. أمى وبنتى وأختى.. أنت توأم روحى.. ونور عينى.. ما الذى يهمك إذن؟ البنت: أريد أن أخرج من سجن السؤال أين أبى.. وأين أمى.. هل أنا لقيطة؟!.. الأم: لا.. يا بنتى.. لك أب وأم لكن قدرتهما لم تتحمل طفلاً ذا احتياجات خاصة، بصراحة لا أعلم هل أجبرا على ذلك أم فعلاه بإرادتيهما.. على كل حال سامحى كما علّمتك، لقد أرسلك الله لى لتضيئى ظلام حياتى، أنا التى لم أتزوج لكننى أصبحت أماً لأجمل بنت.
صرخت الفتاة.. انهارت تماماً.. ألقت بكل ما طالته يداها فى الأرض.. صارت تتخبط بكرسيها المتحرك فى أرجاء الشقة الضيقة.. ظلت تصرخ وتصرخ.. عاوزة أمشى.. نفسى أتحرك.. نفسى أموت.
الأم تبكى.. وتفشل محاولاتها فى تهدئة الفتاة.. التى وجهت ثورتها لها: أنت شريكة فى هذه الجريمة.
أنت أيضاً استغللتى إعاقتى.. آه لو كنت أتحرك.. إنى أكرههما أياً كانا.. وأكرهك.. لن أسامح أحداً.. لن أسامح!!
أصابها التعب والإرهاق فاستسلمت لنوبة

بكاء وآهات حرقت قلب أمها. من المفترض.. أن أتقبل الوضع.. وهذا الاسم الوهمى لأب «ماعندوش ضمير» لم أحمل هذا الاسم.. لم أتفوه باسمى وهذه التى حملت فى وولدتنى كيف طاوعها قلبها؟
راحت الفتاة تهذى وتبكى إلى أن أعياها الحديث بلا هدف.. الأم أيضاً كاد قلبها يقف حزناً على الصغيرة.. لا تملك من الأمر شيئاً.. جلست فى ركن بالغرفة خبأت رأسها بكفيها.. فيما ينتفض قلبها لوعة وأسى ويأساً.. هنا امتدت يد دافئة تمسح على شعرها وتحتضن وجهها فى صدرها سامحينى.. أرجو أن تقدرى ما أنا فيه.. كنت أحلم بأب يغطينى فى ليلة شتاء باردة ويضع قبلة على جبينى مثل كل بنت.. كان عندى أمل يعود إذا كان مسافراً أو يحن قلبه إذا كان قاسياً.. الآن.. انقطع الأمل وتبخر الحلم.. لكن.. أتعلمين شيئاً.
من حسن حظى أنهما تخلصا منى، أحدهما أو كلاهما لا يستحقانى ربما، القيانى فى الشارع حتى قبل أن يعلما بإعاقتى.
لن أسأل نفسى بعد الآن.. أنا بنت مين؟ لقد حطمت سجن الحيرة والغموض اليوم.. على أعتاب قلبك يا أمى.. بل يا ملاكى.