يا .. كرم الله..

من الأراضي المقدسة.. جاءني صوتها عبر الهاتف «يهلل» من الفرحة..

الحمد لله.. ربنا كتبها لها.. بعد 15 سنة حجت أمنا.. رمت الجمرات وسعت وطافت والله رأيتها أمام عيني يكسو وجهها نور، ملابس الإحرام كأنها نهر من ضياء يسبح فيه جسدها الطاهر.. شفا الله أمي من المرض.. برأت منه تماماً.. رأيتها في أحسن حال كأنها «عروس يوم زفافها».
.. حين نويت ان أحقق أمنيتها أعطاني الله من رزقه الوفير ومن نعمة الصحة ما مكنني من أداء الفريضة لنفس كشرط أساس قبل أن أحج عنها..  من وقتها وقلبي يرفرف أدعو الله صباحاً ومساء في اليقظة والمنام.. أدعوه ان يطيل عمري وينعم علي بتحقيق أمنية ست الحبايب.. كانت رحمها الله عاشقة هائمة في حب خالقها.. كانت تبكي في كل موسم حج وعندما تسمع أغنية «يا رايحين للنبي الغالي» تردد «هنيالكم وعقبالي.. عقبالي يارب ظروف أعاقتي منعتها كما ان ظروفنا المادية كانت صعبة حتي عندما أتيحت لها الفرصة مرة ضحت بها لانني كنت بحاجة شديدة إليها ولا أحد يرعاني.. كانت تحملني علي ظهرها قبل ان تضعني في كرسي متحرك.. تحملت الكثير من أجلي.. في أيام مرضها الأخيرة.. كانت تبكي بحرقة وتقول «أنا راضية بقضاء الله وقدره.. لكني كان نفسي أحج وأصلي في مسجد الرسول.. روحي متعلقة به يا زينب.. نفسي ألمس الكعبة يا بنتي وأشرب من زمزم.
وكانت تدعو لنفسها قائلة: «يا رب نوِّلهالي» نفسي أطوف وأزور

حبيبك النبي ما فيش حاجة كتيرة عليك .. ماتت أمي.. قبل ان تنال مرادها.. ومناها..
يوم ودعتها ظلت كلماتها ترن في أذني.. نفسي أحج يا بنتي.. إن شاء الله تطلعيني أحج.. أنا حاسة يا زينب ان ربنا هيكتبها لي «ربنا كرمني تزوجت رجلاً ميسور الحال ترك لي بعد وفاته مالاً كثيراً.. وشاء الله ألا أنجب.. فتفرغت لعبادته ومساعدة كل محتاج.. ورغم ظروفي الصحية تحاملت علي نفسي وحجيت بيت الله منذ ثلاثة أعوام تحملت المشقة وعيني علي الزيارة التي ينعم بها عليّ لأحقق أمنية أمي بعد وفاتها بخمسة عشر عاماً.. عندما وصلنا للأراضي المقدسة.. رأيت الكعبة المشرفة كأنما أراها لأول مرة رأيتها بعين أمي فرحت كأني أنا هي.. وكأنها أمامي رأيتها تنظر وعيناها تفيض بدموع الفرحة والخشوع.. وهي تردد لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والشكر لا شريك لك.
وأنا أردد.. يا كرم الله .. يا كرم الله.