رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مشوار طويل

توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الفجر حاضراً ودعا الله في خشوع أن يزيل همه ويفرج كربه.. ثم أسلم رأسه المزدحم بالأفكار اليائسة إلى وسادة كانت أمه قد

صنعتها له بيديها.. رغم أنه «كفيف» إلا أنه يعتقد في قرارة نفسه أن بصره يرتد له حين يغمض عينيه وينام ليري في الأحلام كل شيء لم يره في يقظته، لذا فزع وصدر عنه أنين أشبه باستغاثة فأسرعت زوجته تتبين الأمر فوجدته يستعيذ بالله من الشيطان، مستحيل تكون رؤيا.. «ده كابوس» رفض الزوج الشاب أن يحكي تفاصيل ما رأى للزوجة فيكفيها عناء يوم كامل معه ومع طفليه.. لكنه اضطر أن يخبرني بما رأى عندما وجدني شديدة الحماسة والتفاؤل وأنا أحدثه عن حقوق المعاقين في العهد الجديد وأنقل له مشهداً مفرحاً حقاً والرئيس يفتتح مشروع قناة السويس الجديدة ويظهر معه في المشهد أمين عام المجلس القومي لشئون الإعاقة.. فقال في ابتسامة لم تخف عنه يأسه وحزنه: نعم الرئيس يريد الخير لمصر ويسير علي الطريق الصحيح ويحاول بكل جهد وصدق أن ينقل البلد من عثرته ولكنى.. ماذا سيفعل في ميراث الفساد والروتين الضارب بجذوره في أعماق مؤسسات الدولة.. هناك دولة أخري يديرها «صغار الموظفين وضعاف النفوس» تجعل الحياة في بلدنا حفرة من العذاب.. تخيلي أنني تشبعت بالإحباط لدرجة أنني رأيت في منامي بعض المسئولين يصطحبوننى مع زملائى من المعاقين لنتسلم وحدات سكنية فإذا بنا نفاجأ بأننا أمام قبور وشواهد وكأنهم

سيدفنوننا أحياء.
قلت: يا أخى.. ما كل هذا التشاؤم؟ دعك من كوابيسك.. المستقبل مشرق إن شاء الله. أصر الشاب علي يأسه وبدا غارقاً في أحزانه وهو يقول: لقد كنت عائداً بالأمس من الامتحان بالجامعة ولأن الرصيف عال جداً وقعت.. لم يساعدني أحد. ركبت الأتوبيس وأطلعت المحصل على بطاقة المعاقين التي تعفيني من ثمن التذكرة فأحرجني أمام الركاب وقال «ماينفعش طلع الفلوس».
ذهبت لأستخرج شهادة تأهيل من أحد المكاتب وجدت «الأسانسير معطل والموظف في الدور الرابع.. ثم إنه تقاضى منى ضعف التكلفة كرشوة حتي ينجزها لي في أقل من شهر.. لقد تصورت أن ثورتين كفيلتان بتغيير واقع أمة.. لكن للأسف المشوار مازال طويلاً.. أمام الجميع وأمامنا نحن ذوي الاحتياجات الخاصة علي وجه التحديد.. صحيح أن الدستور الجديد يضمن حقوقنا بل أضاف إليها حق التمثيل البرلمانى.. لكنني مازلت مُصراً علي أن الأحلام ستظل أحلاماً حتي نقضى علي دولة الروتين وتستأصل جذور الفساد والأهم أن نغير ما بأنفسنا.