عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ألف ليلة وليلة

كأنها لوحة ممتدة بطول السنوات.. تجرى بى وتلفنى وتنادينى وتنسانى ثم تحن لى وتحيا فى خلاياى.. تلك الأيام المنفرطة من عقد العمر لا أعرف كيف مرت ولا كيف تبلورت فى أشكال وألوان وبعضها لايزال يبحث عن معنى أو يقين.. تعود بى الذاكرة إلى سنوات الصبا، حيث الطفل المبهور بمظاهر الاحتفاليات الرمضانية.

تجرى قبيل موعد الإفطار ليشاهد مدفع الإفطار على نيل ميت غمر ثم يعود مسرعاً للحاق بألف ليلة وليلة تلك التى غيرت مجرى تفكيره، كنت أستمع إلى الحلقات الإذاعية بشغف عجيب يكاد يشكل كل كيانى ويشعل خيالى حتى أنى أصبحت أستمع إلى ألف ليلة فى الظلام، حيث تتكاتف الخيالات حولى وأجسد الشخصيات بمزاجى الخاص. وأسبح فى هذا الفن العلوى الراقى حتى يفاجأ صوت زوزو نبيل «وهنا أدركت شهر زاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح».. وعرفت فيما بعد أن كاتبها شاعر عملاق تأثرت بصوفيته كثيراً طاهر أبوفاشا، خاصة حين كتب أغانى فيلم «رابعة العدوية» التى غنتها أم كلثوم من ألحان محمد الموجى، وهل أحد يمكن أن ينسى «أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك»، خيالات تتزاوج من الحقائق وحقائق تبحث عن أوهام.. هكذا كان يجسد هذه المفردات المخرج الكبير محمد محمود شعبان أحد أعمدة وعمد الإذاعة المصرية.. وحين انتقلنا إلى القاهرة كنت فى مدرسة شبرا الإعدادية وكان شهر رمضان وكنت فى الصف الثالث وقال مدرس اللغة العربية الأستاذ عبدالحميد دراز فى حصة التعبير الوحيد فيكم الذى كتب ثلاث آيات قرآنية

سليمة تماماً فى موضوع الإنشاء هو نادر المسيحى، وكانت هذه الكلمات هى حديث المدرسة والمدارس القريبة فى الحى الطيب، وقال مرة أخرى: ستكون شاعراً يا ابنى.. واختارونى رئيساً للصحافة المدرسية.. وفى أول مجلة حائط كتبت موضوعاً بعنوان «رمضان بصوت النقشبندى».. وفى العدد اللاحق كتبت عن أعمال يوسف عزالدين عيسى الإذاعية باعتباره رائد الدراما الإذاعية، كانت أعماله «العسل المر» و«لا تلوموا الخريف» وغيرها، أعمال لا تُنسى وصارت رائدة لهذه النوعية الرائدة.
ذكريات تحوم وتلف حولى وتدعونى أن أعيد حساباتى وأرتب أوراقى ولا أستطيع أبداً فى كل الأحوال أن أقارن بين هذه السنوات البعيدة بكل ما فيها من إبداع حقيقى وحب صادق وبين هذه الأيام، حيث تحاصرنا عشرات المسلسلات عجيبة المستوى غريبة عن مجتمعنا وعشرات الانفعالات التى تشكل تقاليد جيل مظلوم، هى فنون الأيام التى نعيشها والتى لا تعدو سوى شظايا رماد، وهى مجرد شتات من هنا وهناك.. وكأنها بقايا أيام نستوردها من مصانع الدرجة الثالثة بالعين!! ولكنها أيام وخلاص!

[email protected]