رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رحل الكاتب الزاهد سمير ندا

رحل الكاتب الزاهد سمير ندا، عن عمر 75 عاماً، بعد أن ترك تراثاً أدبياً مسرحياً لم يأخذ من خلاله حقه لا الأدبي ولا المادي، برغم اعتراف نجيب محفوظ له بأن أعماله الأدبية ترتقي إلي العالمية. سمير ندا بدأ مسيرته الأدبية عام 1962 بعد أن حصل علي جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلي للثقافة

وأصدر سلسلة كتاب الطليعة عام 1986 التي أحدثت دوياً في ذلك الوقت.. إلا أن الغربة أخذت منه كثيراً فقد عاش سنوات في السعودية وليبيا والعراق، وإن كان هذا الاغتراب قد ترك في أدبه الكثير من الشجن والصدق الفني، ففي مسرحية «لن نموت مرتين» يعترف ندا بأن فلسفة الحياة لابد أن تخرج من خير الإنسان نفسه ولا يمكن أن تتجاوز طموحاته، فهناك أشياء ثابتة تحرك قراراته وأشياء جامدة هي التي تبقي شاهدة علي حياة كل منا ونرصد أحلامه، وهذه المسرحية إحدي أعماله الإبداعية التي سجل فيها بصماته خاصة تحمل من شخصيته الكثير حول الحيرة في لغز الحياة والموت، وفي روايته «الشفق» ظلال من هذه الرؤية التي لابد أنها كانت تؤرقه، أما رواية «استشهاد إسماعيل النوحي» ففيها روح المكان تسيطر علي علامات الطريق وترسم خريطة للنهايات من خلال السقوط والتردي في زمن لا يحتمل الطموح ولا يبقي أمام احتمالات الصراع الحضاري العالمي.. ولديه مجموعتان قصصيتان هما: «الشروق من الغرب» و«والله زمان» وفيها إيحاءات روحية صالح من خلالها الحياة وارتضاها بما فيها من كبوات وسقطات وارتقب الغيب بما قد يحمله من مفاجآت، يحاول فيها أن يعلن مجد هذه الحياة ويدعو إلي التصافي معها.. لقد رضي سمير ندا بشروطه التاريخية سواء في اغترابه عن وطنه أو في اغترابه داخل وطنه.. بعد أن همشه الآخرون وبعد

أن حاول وأحبطوه. هو يعترف بأنه جزء من هذا الواقع المثقل بالأخطاء والتزييف وعليه أن يصحح ما يراه ومن خلال رحلة هذا التصحيح يكشف أنه يغوص في رمال الوهم والغيبوبة ولا يجد سوي السراب ملجأ له ولتحولاته، بل أحد لا يذكر سمير ندا المخرج السينمائي للأعمال التسجيلية، أخرج ستة أفلام ليجد فيها شيئاً مما يحاول أن يبحث عنه.. وفي أحد أفلامه بعنوان «هروب صاحب الخريطة» إنما كان يتكلم عن نفسه والخريطة هي وطنه الذي ظل يبحث عنه سنوات ولم يجده وحينما بدأ يدخل في عالم الترجمة أحس أن هذا المجال هو الذي ينقذه أو يهرب به من الواقع الظالم إلي عالم أرقي.. فترجم مسرحية «لعبة النهاية» لصموئيل بيكيت، وقدم لها الناقد الكبير الدكتور محمد غنيمي هلال.. وترجم للمكتبة العربية كتاباً مهماً هو «مذكرات جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل»، وترجم مجموعة مسرحيات قصيرة تنتمي لمسرح العبث واللامعقول.. وفي كل أعماله كان صادقاً، وكان طموحاً إلي درجة المثالية، اليوم ونحن نودعه نعرف أن القارئ العربي سوف يبدأ رحلة البحث عنه، فهو من هؤلاء الأدباء الزاهدين الذين لا يعرفهم القراء إلا بعد رحيلهم.
[email protected]