رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هوامش علي دفتر الثورة (1)

أرجوكم استمتعوا باللحظة، فإنها جاءت من بعيد.. بعيد جداً، فهذه هي المرة الأولي منذ 206 أعوام الذي يسقط فيها حاكم ظالم لمصر بثورة شعبية.

في 2 مايو عام 1805 ثار الشعب ضد الوالي العثماني خورشيد باشا الذي كثرت مظالمه، وعمت الثورة أنحاء القاهرة واجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن القاء الدروس، وأقفلت دكاكين المدينة وأسواقها، واحتشدت الجماهير في الشوارع والميادين يضجون ويصخبون، وبدأت المفاوضات مع  الوالي للرجوع عن تصرفاته الظالمة فيما يخص الضرائب ومعاملة الأهالي، ولكن هذه المفاوضات فشلت، فطالبت الجماهير بخلع الوالي، وقام السيد عمر مكرم وعدد من زعماء الشعب برفع الأمر الي المحكمة الكبري وسلم الزعماء صورة من مطالبهم إلي المحكمة وهي الا تفرض ضريبة علي المدينة الا إذا اقرها العلماء والأعيان وأن يجلو الجند عن القاهرة وألا يسمح بدخول أي جندي الي المدينة حاملاً سلاحه، وفي يوم 13 مايو قرر الزعماء في دار الحكمة عزل خورشيد باشا وتعيين محمد علي بدلاً منه بعد أن أخذوا عليه شرطاً: "بأن يسير بالعدل ويقيم الأحكام والشرائع، ويقلع عن المظالم والا يفعل أمراً الا بمشورة العلماء وأنه متي خالف الشروط عزلوه، وفي يوم 16 مايو 1805 صدرت فتاوي شرعية من المحكمة علي صورة سؤال وجوابه بشرعية عزل الوالي خورشيد باشا، وانتهي الأمر بعزل الوالي خورشيد باشا، ونجاح الثورة الشعبية.

وفي 25 يناير 2011 بدأت الثورة الشعبية لاسقاط نظام الرئيس مبارك، وبين التاريخين قرابة المائتين وستة من الأعوام، حكم مصر خلالها خمسة عشر حاكما، محمد علي وعشرة من خلفائه، ثم أربعة رؤساء، طغي منه من طغي، وبغي من بغي، واصلح منهم البعض، حتي وصلنا اليوم الي ثورتنا المباركة هذه، التي علينا ان نحافظ عليها ونعض عليها بالنواجذ، فربما لو قدر لثورة 1805 أن تجد من يحافظ عليها ويفرض علي محمد علي الشروط التي التزم بها، أو أن يثور عليه كما ثار علي من قبله، لربما تغير تاريخ مصر والعالم العربي تماما.

ما أحلي كتابة الهوامش علي دفتر الثورة، قبلها كانت كتاباتنا علي هوامش دفاتر سوداء، اما دفاتر الهزيمة أو دفاتر النكسة أو دفاتر

عهود الضعف والوهن، حتي صارت كتاباتنا احتساباً وصرخات في البرية، كانت الكلمات مرة وشموعنا تحترق وأضواؤها تخفت يوماً بعد يوم، وإذا بالفجر يلوح يطارد الظلام، كانت جرائدنا إما تقطر بالنفاق أو النحيب، والآن اصبحت كما تغني بها محمد قنديل (والجرانين بترد الروح.. وتداوي القلب المجروح)، ما أحلي كتابة الهوامش الآن، قال نزار قباني في قصيدته هوامش علي دفتر النكسة يتحدث عن الطاغية:

لو أحد يمنحني الأمان

لو كنت أستطيع أن أقابل السلطان

قلت له:

ياسيدي السلطان

كلابك المفترسات مزقت ردائي

عيونهم ورائي.. أنوفهم ورائي.. أقدامهم ورائي..

يستجوبون زوجتي.. ويكتبون عندهم أسماء أصدقائي..

يا حضرة السلطان

لأنني اقتربت من أسوارك الصماء..

لأنني حاولت أن أكشف عن حزني وعن بلائي

ضربت بالحذاء..

أرغمني جندك أن آكل من حذائي

يا سيدي.. يا سيدي السلطان

لقد خسرت الحرب مرتين

لأن نصف شعبنا ليس له لسان

ما قيمة الشعب الذي ليس له لسان؟!

لأن نصف شعبنا محاصر كالنمل والجرذان

في داخل الجدران..

لو أحد يمنحني الأمان

من عسكر السلطان

قلت له: يا حضرة السلطان

لقدخسرت الحرب مرتين

لأنك انفصلت عن قضية الإنسان

ثم يكمل نزار متحدثاً الي الشباب:

نريد جيلاً قادماً مختلف الملامح

لا يغفر الأخطاء.. لا يسامح

لا ينحني.. لا يعرف النفاق..

يا أيها الأطفال:

يا مطر الربيع.. يا سنابل الأمان

أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمة

وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمة..

لقد جاء عيدنا يا نزار وليتك كنت هنا، في التحرير وفي السويس وفي الاسكندرية لتشاهد بعينيك جيل 25 يناير.

هاهم بذور الخصب في حياتنا العقيمة

ها هو الجيل الذي هزم الهزيمة

yehia [email protected]