رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ماذا يريدون..!!

فى أعقاب اللقاء الذى دعا إليه فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب لكل القوي والفاعليات السياسية لإقرار وثيقة الأزهر، صرح د. عصام دربالة رئيس مجلس شوري الجماعة الإسلامية عن تقديره لوثيقة الأزهر واقتراحه إضافة جملة مصر دولة إسلامية وليست علمانية.. وأن أحكام الشريعة الإسلامية هي المصدر الأول للتشريع..

أما الدعوة السلفية فقد أصدرت بياناً أكدت فيه أن تلك الوثيقة ليست مبادئ حاكمة للدستور لأن الآلية التي وافق الشعب عليها تحدد الخطوات اللازم اتخاذها. وأضاف البيان أن لفظة مدينة الدولة تعني اللا دينية، والدعوة السلفية ترفض أن ينص بالدستور علي لفظة المدنية التي يتناقض مع مرجعية الشريعة الإسلامية..!! ورحب حزب الوسط بالوثيقة ولكنه أكد رفض اعتبارها مبادئ فوق دستورية.. وقد رحب د. سعد الكتاتني أمين حزب الحرية والعدالة بمبادرة الأزهر وقال إنها لا تختلف عن مبادرة التحالف الوطني والتي وصفها بأنها تشمل مبادئ استرشادية غير ملزمة للشعب!. وهكذا في ضربة واحدة قرر العديد من ممثلي تيار الدين السياسي التأكيد للجميع بوضوح رفض أن يكون هناك مجرد إشارة بطريقة أو بأخري إلي أية وثائق ملزمة تجاه الدستور الذي سوف يتم وضعه في أعقاب الانتخابات النيابية القادمة خلال شهرين أو ثلاثة من تاريخه.. في تصريحات تحمل دلالات واسعة.

وجدير بالذكر أنه قد جاء في تصدير مبادرة التحالف الوطني أنه قد وافق المجتمعون علي طرح مبادرة التحالف الوطني لتضم كل الأحزاب القائمة والتي تحت التأسيس والقوي السياسية والحركات الشبابية وصولاً لمنظمات المجتمع المدني المؤمنين بالديمقراطية باعتبارها الركيزة المحورية لتحقيق أهداف الثورة ثم استمر البيان موضحاً أنه سوف يهتدي التحالف بالمبادئ التالية... إلخ وبالطبع فإنه من أبرز أهداف الثورة وضع دستور جديد يحدد طبيعة الدولة والعلاقة بين الحاكم والمحكومين وتحديد الحقوق والواجبات والفصل بين السلطات.. وعلي هذا فما معني تصريحات الأمين العام لحزب الحرية والعدالة بأنها استرشادية غير ملزمة للشعب.. فهل كانت «المواطنة أساس المجتمع والالتزام بعدم التفرقة أو التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس والتمسك بثوابت الأمة المتوافق عليها وهويتها القيم الدينية والروحية وفقاً لكل الأديان السماوية... إلخ. مما ورد بمبادرة التحالف الوطني من الحق في تداول السلطة وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات واحترام الحقوق والحريات السياسية والدينية والاجتماعية والثقافية للمواطنين.. كل هذا غير ملزم للشعب.. وبالطبع فإن الشعب هنا يعني اللجنة المشكلة لوضع الدستور من قبل مجلس الشعب القادم.. وفي هذا خروج واضح علي ما وقعت عليه الأحزاب والقوي المشاركة بمبادرة التحالف الوطني وإخلال بمفردات الثقة المتبادلة بين الموقعين علي المبادرة وإطلالة غير مريحة علي مستقبل غامض لطبيعة أفكار وتوجهات حزب الحرية والعدالة..!!

أما الجديد فيما أثاره بيان جماعة السلفيين هو موضوع لفظة المدنية وهذه خطوة أخري جديدة للقضاء علي جميع مفردات التداول والتسامح واكتساب أرض جديدة لصالح الإقصاء والاحتكار.. فقد تم إقصاء كلمة علمانية من قاموس التداول السلمي لناطقي اللغة العربية حيث تم وصم كلمة علمانية صواباً أو خطأً بالمعني المباشر للإلحاد والكفر والخروج علي الملة.. فجاء بيان الجماعة السلفية ليضيف مفردة أخري لنفس القاموس وهي كلمة مدنية.. ونود أن نذكر الجميع أن القوي السياسية والشعبية والأحزاب وبالطبع كان من ضمنها التيار الإسلامي حينما توافقت عام 59 من أجل إصدار وثيقة «ميثاق الوفاق الوطني» قد جاء فيها تحت بند النظام السياسي.

يقوم النظام السياسي علي الأسس الديمقراطية بما في ذلك التعددية الفكرية والحزبية وتداول السلطة واحترام حقوق الإنسان وحرياته. التمسك بالصفة المدنية والديمقراطية للدولة واعتبار أية محاولة لإلغاء هذه الصفة أو تعطيلها باطلة.

وبالطبع كانت كلمة مدنية هنا في مواجهة عسكرية وكذا فإننا نذكر بالواقعة الشهيرة التي حدثت في عام 2871 في أعقاب حرب الاستقلال عن بريطانيا فكر عدد من الضباط بالقيام بعصيان عسكري ضد الحكومة المدنية وتجمعوا في نيويورك للاستماع إلي آراء القائد الأعلي جورج واشنطن آملين إعلانه تأييده لهم.. ولكن واشنطن رفض رفضاً باتاً تأييد أي تمرد عسكري وطالب بتسريح وحدات الجيش والاستمرار في الولاء للحكومة المدنية ومنذ ذلك الحين والقيادة العسكرية في أمريكا تقبل سيطرة الحكم المدني علي مقدراتها.. بالطبع واضح المعني لمفردة مدنية ومقابلها..!!

وهكذا فمثل هذا التحريف المتعمد للإيحاء بمعان مخالفة لحقيقة معني الكلمة هو استخدام كثير من الإرهاب الفكري والإقصاء غير المقبول وهو متناقض ومناف لقيم التسامح والتعايش التي كانت أبرز معالم ثورتنا الشعبية السلمية في 52 يناير.

أما ما طلبه د. دربالة من إضافة إسلامية وليست علمانية فهو تزيد علي مشاعر البسطاء وتجريف لعقلانية وجدية الحوار ودفع لمزيد من الاستقطاب والتعصب حول قضايا غير حقيقية وليست محل خلاف، فإسلامية الوطن مقررة منذ دستور 32، فلا معني لإهالة المزيد من الزيت علي قضايا ومسائل هي في الأصل مستقرة وكل اتفاق.

والحقيقة أن المشترك في كل هذه التصريحات هو الإصرار علي الخوض في قضية خاسرة وهي الدفاع عن الإرادة الشعبية رغم فساد أدلتهم في هذا، فضلاً عن أن استمرار الحديث فيها هو محاولة لخلق صورة ذهنية لدي الشعب المصري عن صراع دائر بين مؤمنين يدافعون عن إسلامية الدولة وثوابتها وآخرين مشكك في إيمانهم يريدون تغيير هوية الوطن وفي هذا استنساخ وتكرار جديد لاستفتاء 91 مارس وما حدث فيه من استقطاب وإثارة لأمور لم تكن واردة بالنصوص المستفتي عليها.. واليوم المعركة ليست الاستفتاء فحسب، بل المجلس النيابي ومقاعده وما يستتبعه هذا من آثار وخصومات ومعارك لا تحمد عقباها واشتباكات بين العصبيات والعائلات في ظروف وأجواء لا يحتملها الوطن.. لعل تلك المظاهر في التعامل حول القضايا الأصلية هي التي تكشف بوضوح عن أن القضية ليست الدين ولكنها الدنيا وليست الإيمان والهداية ولكنها السياسة والشبق الكامن من أجل التقافز علي مقاعد السلطة. ولعل هذه التصريحات هي استمرار لمسلسل الاستنفارات والاستقطابات مثل جمعة 92/7 وكلها في النهاية لا تصب في مصلحة الوطن ولا صالح الثورة والشعب الذي يأمل وينظر للمستقبل الديمقراطي العادل للدولة المدنية التي يتطلع إليها.

عضو الهيئة العليا