رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذا لن يحدث في بلادنا!!

 

إذا تشاجر أحد في مصر في المدن أو في الريف لأي سبب سواء خلاف حول فتح شباك أو إلقاء قمامة من الجار أمام منزل جاره أو معاكسة فتي غر لبنت الجيران.. في مثل هذه المشاجرات المتكررة هل من المعتاد أن يشتبك الطرفان وتتحول المشاحنة من تبادل ألفاظ وكلمات إلي إطلاق سخائم المفردات والتهديدات ثم تتحور المشاحنة إلي تشابك بالأيدي إلي استخدام الأسلحة البيضاء ثم إطلاق المقذوفات النارية ثم ينتقل الأمر إلي الحرب الجماعية فيستدعي كل طرف قوات الدعم الخاصة به ليتم الاعتداء علي الممتلكات الخاصة بأي طرف.. ليس هذا بالطبع هو تدرج الأحداث في مصر ولم يكن ولن يكون.. ففي مثل هذا النوع من المشاحنات يحدث تشابك لفظي يفضه الحاضرون في الشارع أو المنطقة وإن تتطور لتشابك بدني استمر لبرهة وسرعان ما انتهت بفض الخلاف والوصول إلي نقطة اتفاق أو تسامح، وإذا استمر الخلاف وجد امتداده في ساحات القضاء، ولكن لم يحدث أبداً أن يستدعي طرف أقاربه وأعوانه ليعتدي علي الطرف الآخر وينتهك منازله ويستمر مستطرداً في عداوة همجية فتلك ليست أخلاقيات المصريين.. وبالطبع أنا لا أتناول هناك خلافات الثأروفيها أيضاً لا يتم التعرض لممتلكات الأطراف المتشاحنة.. ولكن المؤسف والمؤلم أن قرأت في جريدة الجمهورية بتاريخ 4/11 شهدت منطقة بولاق الدكرور مشاجرة بالأعيرة النارية وزجاجات المولوتوف بين عائلتين إحداهما قبطية والأخري مسلمة بسبب معاكسة إحدي الفتيات وهي لعائلة مسيحية وهذا خلاف تجدد بعد ستة أشهر من انتهائه أو فضه عندما قام شقيق الفتاة بالتعدي علي من عاكسها وأسفرت المشاجرة عن حرق منزل الأسرة المسيحية وإصابة 20 من الطرفين بجروح وتدخل مدير أمن الجيزة ومدير المباحث للمحافظة ورئيس مباحث القسم وفرضت القوات المسلحة كردوناً أمنياً، ولما حدث الشجار المذكور من شقيق الفتاة وأصدقائه استعان الطرف الآخر بأصدقائه الذين حضروا لمناصرته وقذفوا أسرة الفتاة المسيحية بالحجارة وأشعلوا النيران بمنزل الأسرة.. تمكنت قوات الشرطة والجيش من القبض علي عدد من الشباب بحوزتهم أسلحة نارية وبيضاء وأحيل المتهمون للنيابة.. هذا ما حدث.. وقصة حرق المنزل أو الاعتداء علي الأسرة قصة تتكرر في كل المشاجرات التي حدثت سلفاً ما بين طرف مسلم وطرف مسيحي وآخرها كان في أطفيح عندما اعتدي علي منازل مسيحيين وما شابه.. أفهم أن يتشاجر الطرفان ويشتبكا بالأيدي وبالأسلحة ثم ينتهي الخلاف بواسطة البوليس أو الأهالي ويذهب إلي التحقيق، لكن لماذا يحدث هذا الاستقواء بصورة مخجلة فيتم حرق منزل الأسرة المسيحية.. ما شأن حرق المنزل.. ما شأن إخلاء المنزل.. هذا التصرف يتكرر لأكثر من حادثة فاستشعر خجلاً وخزياً بالغاً جراء، هذا الأمر الشائن المخالف لكل قيمنا الحضارية والدينية والاجتماعية.

ولا أدري كيف يحدث هذا في أعقاب ثورة مصر البيضاء التي أطاحت بطاغية حكم مصر ثلاثين عاماً بالحديد والنار، ورغم ذلك استطاع الشعب المصري أن يقدم نموذجاً متحضراً للتفاعل الجماعي بين جميع فئاته وأطيافه وأن يزيح حاكمه باستخدام جميع الوسائل من التظاهر والعصيان والممانعة السلمية الراقية الديمقراطية.. وعلي هذا فمن غير المتصور أن تقبل مثل هذه التصرفات الهمجية من حرق منزل أسرة مسيحية.. ما هذا وماذا يعني؟!.. فليكن الخلاف في حدود كونه خلافاً عادياً بين أفراد يتم حله طبقاً للقواعد المجتمعية والقانونية العادية.. أما أن تتكرر مثل هذه التصرفات والأعمال التي من شأنها حرق الوطن بأكمله فهذا لن يكون مسموحاً أن يمر ولن يكون مقبولاً أن تحل مثل

هذه التصرفات عرفياً بل إن القانون هو المرجعية الوحيدة التي يتم الرجوع إليها طبقاً لنصوصه وأن تكون العدالة ناجزة في ذلك فمصر الدولة الوحيدة في المنطقة التي يتعايش أهلها أصحاب الديانة القديمة والديانة الجديدة معاً وهذا ممتد لأكثر من أربعة عشر قرناً فلم تختف الديانة المسيحية ولم يتسلط المسلمون علي أصحاب الديانة الأقل عدداً بل عاش المصريون معاً يمارسون عباداتهم وطقوسهم الدينية بسماحة ومحبة مشتركة، فكانت مصر في ذلك نموذجاً للعالمين.. عاش المصريون معاً فواجهوا مظالم المماليك والعثمانيين ودخلوا معاً وتشاركوا في صناعة الدولة المدنية الحديثة في عهد محمد علي وأول حزب شكله المصريون فيما عرف باسم الحزب الأهلي أو حزب الفلاحين الذي ضم عرابي وشريف باشا وإسماعيل راغب وأديب اسحق يقول في برنامجه »إنه حزب سياسي مؤلف من رجال مختلفي الاعتقاد والمذهب وجميع النصاري ومن يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم لهذا الحزب فإنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات ويعلم أن الجميع إخوان وحقوقهم في السياسة والشرائع متساوية«.. هذا حدث في 1879، وبالطبع واجه المصريون المؤتمر القبطي الأول في 1911 وعالجوه بالمؤتمر المصري في نفس السنة وكانت ثورة 19 تعبيراً عن نغمة الشعب الواحدة في مواجهة الإنجليزي والسراي والاستغلال.. وكان أمراً عادياً أن يكون ويصا واصف رئيساً لمجلس النواب وأن يكون واصف غالي وزيراً لخارجية مصر الذي أعلن في عصبة الأمم عن قلق حكومة مصر الوفدية من تواجد وطن قومي لليهود علي حدود مصر وأن التسامح العربي لن يدفع ثمن التعصب الأوروبي.. وكان طبيعياً أن يكون مكرم عبيد سكرتير عام أكبر حزب في مصر.. كل هذا صنعه المصريون معاً أما بعد انقلاب 52 فالمصريون جميعاً عانوا ما عانوا من الانقضاض علي الحريات العامة وعانوا جميعاً التهميش والعزل وأصبح الحكم في يد فئة بعينها وإن تغير اسمها من الاتحاد القومي للاتحاد الاشتراكي لحزب مصر للحزب الوطني.. فالمصريون جميعاً عاشوا معاً وواجهوا المظالم معاً وحققوا الصعود القومي والدولة الديمقراطية في 1919 معاً واليوم نحن نصنع معاً أسس الدولة المدنية الديمقراطية التي لن تسمح بعودة الطغاة ولن توافق علي أي ممارسات طائفية استعلائية تشق وحدة صف هذا الشعب صاحب الحضارة وصانع الثورة والتغيير عاشت مصر حرة واحدة شعبها واحد حر متسامح.

*سكرتير مساعد الوفد