رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قنابل الدخان

هل كان طنطاوى وعنان هما التعبير عن وجود المؤسسة وتماسكها وقدرتها على الفعل؟!!.. بالطبع المؤسسة موجودة وكائنة فى تفاصيلها وأجهزتها وهيئاتها وجيوشها المختلفة وكذا فى قدرتها على التحرك والاتصال والانسجام فى القيام بدورها الوطنى الأصيل وفى التعبير عن مصالحها ووجودها الذى عبرت عنه منذ قيامها فى عهد محمد على.

> وما حدث ببساطة انقلاب داخلى برعاية إخوانية واضحة ساعد على نجاحه استمرار المشير لعقدين ويزيد على قمة المؤسسة وتوقف نمو الأجيال والطاقات الراغبة فى الوجود والتعبير عن نفسها.. فضلاً عن انعدام الودية بين رأس المؤسسة والأجيال الأصغر فلم يجدا من يبدى غضاضة لنزعهما.
> لا شك أن حادث رفح يشكل حجر الأساس فى تفسير إقدام الرئيس على إحالة طنطاوى وعنان للتقاعد بغض النظر عن الروايات المصاحبة للحادثة عن الجهات الراعية للواقعة أو الجهات التى حققت استفادة منها ولا شك أن إقالة رؤساء الأفرع الرئيسية يوجد فترة من عدم الاتزان والتماسك.. والتجانس بين الأفرع المختلفة وقادتها قد يحتاج لبعض الوقت حتى تكون المؤسسة فى كامل لياقتها لمواجهة مختلف الأمور والواجبات المنوطة بها.. والحديث عن الرعاية الأمريكية للتغييرات الكبيرة بالمؤسسة العسكرية صرحت بها المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية وقالت إنها محل نقاش وتشاور منذ زيارة السيدة كلينتون للقاهرة.. ويأتى هذا فى ظل المظلة الأمريكية الراعية للشرق الأوسط الجديد.
> ولكن تتبقى قنابل الدخان التى تطلقها جماعة الإخوان فكان الحديث مشوقاً عن القضاء على العسكر وهو غير صحيح لأن المؤسسة تكتسب مصداقيتها بمواقفها وتجاربها، وحدوث انقلاب عسكرى يحتاج إلى طريقة تفكير وآلية صناعة قرار وتلك المسائل هى فى الحقيقة اليوم على المحك.. وذلك فى مواجهة أول تجربة ديمقراطية فى مصر بعد انقلاب 52 وقيام ثورة يناير الشعبية، وعلى هذا فإن الحديث عن إسقاط حكم العسكر هو نوع من الدخان الكثيف للتغطية على إلغاء الإعلان الدستورى المكمل والاعتداء على الإعلان الدستورى المستفتى على بعض مواده فى 19/3 والذى حلف الرئيس اليمين الدستورية على أساسه وقيامه بإعطاء نفسه صلاحيات على نفس طريقة الإعلان المكمل الذى اعترض الديمقراطيون عليه واستغله الإخوان فى إطلاق قنابل الدخان على العسكر الذين يفتئتون على صلاحيات الرئيس. وها هو الرئيس نفسه يعطى لنفسه صلاحيات لم يتمكن أى رئيس مصرى سابق من حيازتها فى واقعة كاشفة لقيام ديكتاتورية جديدة على يد تيار الدين السياسى الذى نجح مع المجلس العسكرى فى سرقة الثورة وإجهاضها.. وها هى مصر اليوم بلا دستور حقيقى وبلا لجنة تأسيسية توافقية تضع هذا الدستور وتعبر عن أطياف المجتمع كله.. وها هو الرئيس المنتخب يصطنع لنفسه كل الصلاحيات فى دولة بلا برلمان ولا دستور ولا صلاحيات محددة لكل سلطة.
> لعله من المدهش أنه حتى لو نجحت القوى غير المتفقة مع اللجنة التأسيسية وطريقة تشكيلها فى إسقاطها قضائياً أو فى إسقاط مشروع اللجنة وصياغتهم للدستور شعبياً فإنها سوف تواجه مصيراً غريباً وهو أن اللجنة التأسيسية الجديدة سوف تكون فى قبضة الرئيس.. وما أدراك ما الرئيس.. وهو الذى أنفق جل وقته منذ توليه الرئاسة فى تنفيذ أهداف الجماعة فى التمكين والتغلب.. من إعادة البرلمان المنحل إلى دعم شرعية اللجنة التأسيسية المطعون عليها قضائياً إلى الإفراج عن المتهمين فى قضايا جنائية لها

ما لها من أولياء الدم.
> وبالتأكيد فإن الإقدام على خطوة إقالة طنطاوى وعنان قد جاء فى وقت متزامن مع الاستيلاء على الصحف القومية ووزارة الإعلام وهيئة الاستثمار ولقد جاءت التعيينات الجديدة للصحف القومية لتبدأ مرحلة جديدة من التعقيم الفعلى لتلك الصحف بعد الثورة وكذا جهاز الإذاعة والتليفزيون فضلاً عن قيام وزير الاستثمار أولى مهامه بتهديد الفضائيات بالالتزام تحسباً لجلب الاستثمارات فى مصر!! وبالفعل قامت هيئة الاستثمار بوقف الفراعين فى رسالة واضحة للآخرين.. وقد كان من المتصور أن يطرح للنقاش المجتمعى والحوار العام طبيعة تلك الصحف القومية والجهاز الإعلامى وملكيتها وإدارتها والاقتداء بالأنماط الديمقراطية المستقلة فى تلك الأحوال كما فى الإذاعة البريطانية، ولكن قنابل الدخان أطلقت حول فساد تلك المؤسسات وتراجعها المالى للتغطية على استخدام نفس أساليب الحزب المنحل فى السيطرة على تلك الصحف والجهاز الإعلامى وسيرهم وفق مقتضيات المرحلة ومتطلبات الحزب الحاكم وكأنه لم تكن هناك ثورة ولا شهداء ولا يحزنون..!! وبالفعل جاءت تلك التغييرات فى المؤسسة العسكرية فى أعقاب عملية تعقيم الصحافة والإعلام وتكميم الفضائيات وإرهاب وتخويف الصحف المستقلة «حالة جريدة الدستور» وهذا بالطبع ركن ركين فى خطة التمكين من مفاصل الدولة وإدارتها.
> ومن الممتع أيضاً تتبع تلك الحالة من الإرهاب الفكرى وقنابل الدخان الموجهة لقمع كل محاولة لنقد وتفسير سلوك الرئيس وقراراته وكان من ألطف الوسائل المستخدمة اتهام منتقدى قرارات الرئيس بأنهم يكرهون الإخوان أكثر من حبهم لمصر، وفى تلك العبارة كمية هائلة من الخلط والتضليل واستعادة لأساليب أتقنها رؤساء مصر فى زمن العسكر والدولة البوليسية حينما اعتبروا كل نقد للرئيس هو هجوم على مصر واعتداء عليها.. ولكن تلك اللهجة الأخيرة فيها من الالتفاف والقدرة على النفاذ ما هو أكثر فهو يتهم معارضى الرئيس بكراهية الإخوان أكثر من حبهم لوطنهم وهكذا لم يصبح الرئيس فحسب هو مصر بل أضاف إليه الإخوان وتاريخهم وسيرتهم وسياستهم فأصبح الرئيس والجماعة وبرامجهم وتاريخهم ممثلين لمصر والوطن وأصبح الناقدون لهم منقلبين على الوطن وناقمين عليه.. حمى الله مصر ووقاها كل شر مستطير وغداً سوف تنجح ثورتنا المستمرة ويملك الوطن مصائره وثرواته بيد أبنائه.