رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المناظرة الأولي..

(1)
التحقت بالجامعة  في خريف الغضب عندما تم اغتيال الرئيس السادات.. وكنا نتندر مع أصدقائنا الذين التحقوا بكليات الحربية والفنية العسكرية حول احتمال كونهم أن يصبحوا رؤساء للجمهورية بنسبة تصل إلي 1/250 ألف وبالطبع تقل النسبة كثيراً عن ذلك لأبناء الفنية العسكرية

أما نحن أبناء الكليات المدنية فالنسبة بالطبع معدومة.. فلم يكن يجول بخاطرنا في ذلك الحين أن يأتي يوم لنري مواطناً عاديا غير عسكري قادراً علي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.. وأنفقنا ثلاثين عاماً تخرجت فيها أجيال وولدت أجيال عاشت وتخرجت أيضا من الجامعة وذلك الأمل بعيد أن يداعب خيالها.. وجاءت ثورة 25 يناير لتجعل ذلك الخيال وتلك المداعبة حقيقة وواقعاً قابلاً للتحقيق.. بدماء شهداء الوطن وعيون وأطراف جرحاه ومصابيه وروح وشجاعة وإصرار شعب مصر في ثورته الخالدة أصبح ممكناً أن نري مواطناً عادياً ليس عسكرياً رئيسا لبلادنا.. عاشت ثورة يناير وتحية لكل الشهداء والمصابين الذين أعطونا حياة وأملاً وعهداً جديداً مفعماً بالكرامة والإنسانية.. وبالأمس عندما شاهدت ساركوزي في مواجهة أولاند لم يمر بخاطري هل يأتي يوم لأشاهد مثل هذا في بلادي.. لانني كنت أعلم انه بعد أيام سوف أري تلك المناظرة علي شاشات التليفزيون عندنا.. شاهدت المناظرة الأولي في تاريخنا الحديث لمتنافسين علي منصب رئاسة الجمهورية، كما شاهدها الشعب مساء الخميس الماضي فكانت بالطبع حدثاً تاريخياً في حياتنا استدعت كل تلك المشاهد.. وليدخل المتنافسان عمرو موسي وعبدالمنعم أبوالفتوح وكذا مقدما ومديرا المناظرة مني الشاذلي ويسري فودة التاريخ عبر كونها السابقة الأولي لذلك النوع من الحوار والتناظر في تاريخنا المصري والعربي..
(2)
في كلمته الافتتاحية أكد أبوالفتوح علي انتمائه لتيار الثورة وأكد أول ما أكد علي تطبيق الشريعة وألحق بها أهدافاً وصفات «مقاصدية ووسطية» وذكر أول ما ذكر الشهيد الشيخ عماد عفت ثم استدرك انه يجب أن يذكر الشهداء الأوائل في 28/1 فلم يتسن له أن يذكر إلا طالب الطب بعين شمس شهد مجلس الوزراء أيضا علاء عبدالهادي ثم عاد واستدرك اسم الشهيد دانيال من شهداء ماسبيرو.. هذا ولعل هذه العصبية وإصراره علي تذكرتنا بأنه ثوري والجميع لا يماري في حال كونه معارضاً للنظام البائد.. ولكن هاجساً ما يدفعه دفعاً للتأكيد علي ذلك معتقداً أنه يسجل بهذا خطوات واسعة علي غريمه مما جعله متوتراً غير قادر علي ترتيب أفكاره فجاء تغافله عن الشهداء الأوائل رغم إلحاحة المتكرر علي تعاظم انتمائه للثورة التي صنعها الشهداء..!!
ثم تحدث كل عن وجهة نظره فيما جري بالعباسية مؤخراً وأكد أبوالفتوح مجدداً علي ثوريته وتأييده لحق التظاهر وحماية المتظاهرين واستنكاره لمهاجمة وزارة الدفاع.. ثم كان السؤال عن المظاهرات الفئوية فأكد أبوالفتوح علي انتمائه الثوري ثالثا في غمز لاعتبار منافسه ضمن النظام البائد وقد جاء تأكيده لثوريته بطريقة متكررة عصبية لا تخلو من فجاجة..
وقد فاجأ موسي خصمه عن تبدل مواقفه من تظاهرات العباسية من التأييد للتراجع فإرتبك أبوالفتوح وعاد ليؤكد عدم دقة ما يقوله موسي وأن زيارته كانت تضامنية مع كل المصابين والمجروحين وكانت تلك بداية للحديث عن ازدواجية لغة الخطاب لأبوالفتوح.
وعاد أبوالفتوح لمهاجمة موسي حال كونه أقدم علي الترشح وهو رمز من رموز النظام الذي أسقطه الشعب فرد موسي أنه خرج منذ الحكومة من عشرة أعوام وبالتالي لم يكن جزءاً من هذا النظام الذي سقط وبادره موسي بأنه كان يدافع عن مصالح الإخوان المسلمين وليس صالح الشعب المصري وانه عارض عندما كان وزيراً لخارجية مصر وفي أعقاب ثورة تونس في الجامعة العربية فقد قال إن ثورة تونس ليست ببعيدة عن مصر.. وحول مبايعة للمرشد العام للإخوان أوضح أبوالفتوح انه قد استقال من الجماعة لكنه تجاهل فكرة المبايعة وحول تأييده لترشيح مبارك أوضح موسي أنه كان في اختيار بين حالتين مبارك أم جمال مبارك مؤكداً بهذا رفضه لفكرة التوريث.. وحول وضع الجيش جاءت إجابة موسي واضحة وقاطعة فيما لم يعط أبوالفتوح إجابة محددة بل تحدث عن هتاف الثورة الجيش والشعب إيد واحدة..!!.. وسأل موسي أبوالفتوح عما يقصده.. من تعبير شريف وغير شريف في أن من يتقدم لمنصب رئيس الجمهورية عليه أن يعطي مصطلحات محددة حول من يتم الاستعانة بهم لإدارة شئون الدولة.. وانتهي الجزء الأول من المناظرة بتقدم واضح لعمرو موسي في مواجهة أبوالفتوح في نقل صورة مسئولة وهادئة ومرتبة علي عكس الصورة المنتقلة لمنافسه.
(3)
وفي الجزء الثاني تصاعدت حدة الكلمات والتراشقات بين المتنافسين وركز

د. أبوالفتوح هجومه علي السياسة الخارجية المصرية في الحقبة البائدة وأنها كانت السبب في تدهور علاقات مصر وأفريقيا وتوقيع اتفاقيات دول حوض النيل ضد مصر فضلاً عن مسئولية منافسه عن تخاذل رد فعل مصر تجاه غزو العراق أو الحرب علي غزة.. ورغم عدم دقة الهجوم في المعلومات والتواريخ إلا أنه قد نجح في وضع موسي في خانة الدفاع وأوضح عدم مسئوليته عما ذكره أبوالفتوح حال كونه لم يكن وزيراً للخارجية في تلك الحقبة التي تمت فيها تلك الأعمال التي وقعت في السنين الأخيرة ولم يكن مسئولاً ورغم هذا فقد بادله موسي هجوماً بهجوم حول موقفه من جماعة الإخوان ووضعها القانوني ولغته المزدوجة تجاه كل اتجاه سواء السلفي أو الليبرالي أو الإخوان ووجه له اتهاماً باعتناقه استخدام العنف طبقا لمذكراته المنشورة وعدم اعتذاره عن عشرة آلاف مواطن قتلوا وأصيبوا ضحايا لعمليات إرهابية للجماعة الإسلامية ورد أبوالفتوح بعدم مسئوليته عن هذا وانه لا يؤمن بالعنف وانه قد انفق ما انفق في المعتقلات.. فغمزه موسي لحال كونه يقضي فترة اعتقاله في القصر العيني بمعني الواسطة أو كوسة طبقاً لتعبيره!! وفي النهاية طلب من الاثنين توجيه كلمة للشعب المصري فشن كل منهما هجوماً علي الآخر في كلمته محذراً من انتخاب الآخر ولم يتحدثا عن آفاق المستقبل لشعب مصر..!!
وبلغة كرة القدم انتهت المناظرة في تقديري بفوز عمرو موسي علي أبوالفتوح بهدفين لهدف واحد فضلاً عن عدة فرص ضائعة كان بإمكانه تحويلها لأهداف بسبب رعونة دفاع أبوالفتوح وتقدمه للأمام وتركه لمراكزه وكذا بسبب عدم التركيز والإصرار علي المراوغة من جانب هجوم عمرو موسي.
(4)
ولعل من المدهش أن فوت عمرو موسي فرصاً كاملة للهجوم عبر التركيز علي موقف أبوالفتوح من مبايعة المرشد ومن الأحزاب الدينية وكذا من المواطنة والتسامح فضلاً عن علامات استفهام كبيرة حول حجم الانفاق الهائل علي حملته الانتخابية.. ولعله نجح بشكل أو بآخر في التركيز المستمر علي لغة الخطاب المزدوجة لدي منافسه لكنه لم يعط التركيز الكافي عن جرعة الأمل في المستقبل وبناء مصر الجديدة.
أما أبوالفتوح فلقد غرق في قضية التركيز علي حال كونه معارضاً للنظام البائد وأن الطرف الآخر كان عضواً في هذا النظام ولم يستطع أن يفتح آفاقاً للمستقبل ولم يقدم نفسه علي فكرة إمكانية صناعة المستقبل بأيد جديدة وأظهر عصبية وتوتراً مما أضفي خفة علي حديثه وفقداناً للدقة ووجها أقل في التسامح.
استطاعت مني الشاذلي أن تمر بسلام في فقرتها واستخدم يسري فودة مفردات أجاد في البحث عنها فصاحة وترتيباً وحداثة ولكنه اضفي جواً من التوتر بتكراره المستمر «لك دقيقة».. «لك دقيقتان» .. تحية للجهات الراعية لحدث هو الأول من نوعه في تاريخنا بغض النظر عن حجم الإعلانات التي أرهقتنا .. وهذا كل ما جري في المناظرة الأولي بين متنافسين علي منصب رئيس الجمهورية.. طاب صباحكم.. ونرجو من الله العلي القدير دعاءً خالصاً ألا تكون الأخيرة...!!