رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مرشح عمال للإيجار!

مرشح العمال أو الفلاحين هو العملة الذهبية فى الانتخابات المصرية.. هذا تراث تم خلقه على مدى نصف قرن من الانتخابات المزورة.. فى أعقاب 52 أسس عبدالناصر نظاماً سياسياً جديداً حذف منه كل المشاركين فى الحياة السياسية منذ عام 39 حتى 52،

وقرر تشكيل مجلس نيابى قوامه أبناء ثورته وليؤكد انتماءه للطبقات الكادحة فقرر أن يكون نصف المجالس المنتخبة من العمال والفلاحين، وذلك فى مجلس الشعب والمجالس المحلية وتساءل بعض الخبثاء لماذا لم يجعل مجلس الوزراء أيضاً 50٪ عمال وفلاحين، ولكنها فكرة شكلية تتناسب مع النظام القائم على المظاهر والصور العكسية.. فهو يعلن الحرب على إسرائيل ولم يطلق فى فترة حكمه رصاصة واحدة على إسرائيل، بل فقدت مصر على يديه سيناء مرتين وفقدت فلسطين غزة والضفة الغربية.. وكذا نقل عبدالناصر فكرة 50٪ عمال من الاتحاد السوفيتى ويوغسلافيا ووجد فيها تعبيراً عن الانتماء المظهرى للعمال والفلاحين.
وتم وضع توصيف للعامل فهو من يكتسب من عمله اليدوى أو الذهنى وحصل على شهادة عليا أثناء عمله ويكون مقيداً بنقابة عمالية.. أما الفلاح فهو من يملك أو يستأجر ويزرع هو وأسرته لا يزيد عن عشرة أفدنة.. ولما كانت الدفاتر دفاترنا.. والورق ورقنا.. ففتحت الأبواب للمحاسيب والحبايب ليسجلوا أنفسهم فى نقابات عمالية مختلفة سواء كانوا حاصلين على دكتوراه أو ماجستير أو كانوا بلا شهادات وعواطلية ولكن يعرفون السبيل للنجاح على طريقة أنظمة المشهلاتية وحملة المباخر والعبيد.
ظلت فرضية 50٪ عمال أساساً للحياة النيابية المصرية.. بتوالى الرؤساء ولا يجرؤ أحد على حذف هذا الشرط التاريخى.. تتوالى الهبات من 68 إلى 72 إلى 77 إلى بدايات القرن الجديد وشرط 50٪ باق راسخ.. تهب الثورات الشعبية.. فها هى ثورة 25 يناير أتت ولكن المجلس العسكرى ولجنة تعديل الدستور برئاسة البشرى تبقى على هذا الشرط الغريب.. الذى لا وجود له فى العالم بأكمله.
طارق البشرى لم ير ضرورة لوضع دستور جديد يتوافق عليه الجميع وإنما رأى وشعر بأن الثمرة سوف تسقط فى يد الإخوان فدعا للانتخابات أولاً قبل وضع الدستور.. وليتم وضع الدستور بواسطة أغلبية سياسية فى فضيحة القرن الجديد فى واقعة نادرة لسرقة ثورة شعب بأكمله ولأن البشرى عينه على المقاعد كما هى عين حلفائه من تيار الدين السياسى.. نسى وتغافل عن كارثة 50٪ عمال بل ربما رأوا جميعاً أنها مفيدة من أجل تسييد أفكار المهلبية واستخدام جميع وسائل الاستهتار بعقل الشعب.. الذى صنع ثورته!!
كان وجود 50٪ عمال فلاحين هدفاً سياسياً فاقعاً واضحاً لدى واضعيه (نظام ناصر) ليأتى مجلس نيابى مشكل بطريقة عشوائية وغير قادر على التشريع والمحاسبة بالصورة الطبيعية اللازمة لأى دولة عصرية، وجاء النظام الساداتى فوجدها ملائمة لاستمرار الزيطة وحتى عندما رغب فى إقامة حياة حزبية وجدها ذات فوائد لإرغام الأحزاب على الدخول فى حيص بيص بحثاً عن المرشحين العمال بغض النظر عن أنهم عمال أم لا.. وبغض النظر أيضاً عن أنهم ينتمون للحزب أم لا؟
وجاء المخلوع وياعينى على المخلوع ونظامه.. فجاء بالقوائم الحزبية ولازم بالطبع تكون نصفها فئات ونصفها عمال وهناك احتياطى أيضاً.. وهكذا تبحث الأحزاب عن مرشحيها العمال لتستكمل قوائمها.. ويجلس المرشح العمالى على المقهى ويتمدد ويشرب سحلب وليمون ومسئولو الحزب يناجونه ويستنجدون ويئنون.. وهو يزداد رسوخاً وشروطاً وتأديباً.. ثم يوافق وبعد تقديم القوائم يعود ليتنازل إما لأنه رأى عرضاً أكثر إغراء.. وإما أنه قد جاءته توجيهات الأمن.. كل هذه المتاهة.. نجح نظام مبارك القمعى فى خلقها وصناعتها.. وليخرج بعد ذلك كبار المحللين ليتحدثوا عن هشاشة الأحزاب.. كبار الأفاقين والانتهازيين وجدوا فى صفة العمال أو الفلاح وسيلة للمتاجرة فمنهم من «دس» اسمه فى نقابة عمالية وعلى رأسها نقابة النشر والطباعة ومنهم من «دس» نفسه فى نقابة عمال النقل أو نقابة عمال البناء والأخشاب.. والاتحاد العام للعمال له أبوابه..

وكذا وجدوا أنه يمكن عمل حيازة زراعية بفدانين أو خمسة.. ويتحول الدكتور الكبير إلى عامل ويصبح اللواء العظيم فلاحاً أما رئيس شركة مصر للتأمين فكان عاملاً.. والعديد من اللواءات كانوا فلاحين.. وهكذا استخدمت الشروط أسوأ استخدام.. فنجد صحفيين كباراً فى الأهرام والجمهورية قريبين من النظام جعلوا أنفسهم عمالاً.. ونجد رؤساء شركات واتحادات رياضية ومجتمعية زجوا بأنفسهم فى نقابات مختلفة ليصبحوا عمالاً على قلب الشعب المصرى.. وأذكركم ببعض الأسماء الذين كانوا عمالاً فائزين فى برلمان 2010 فرضا وهدان، رئيس شركة النقل العربى، عامل وكذا محمد سوستة، التاجر المعروف ومحمد رشاد عثمان واللواء عاطف مسعود.. كلهم عمال.
وقامت الثورة. وسرقت الثورة.. وتم وضع قانون انتخابى يحمل كل مساوئ نظام القائمة ونظام الفردى.. وأصبحت الأحزاب مطالبة بتقديم القوائم نصفها عمال وفلاحين على الأقل.. وبدأت السوق الرائجة لتجارة العمال والفلاحين خلال تشكيل القوائم عانت الأحزاب من تدبير عمال حائزى الصفة لا محل للطعن عليهم. وبالطبع كان هناك من حاملى الصفة كاملى الأوراق وحاملى الحيازة من الفلاحين أصحاب أوراق كاملة يشترطون على الأحزاب الحديثة العهد بهم كيف ينضمون لقوائمهم وشروط قبولهم للانضمام.. وفى مجمعات المحاكم، حيث تم تقديم القوائم كان هناك العديد من المرشحين العمال يقفون على الأبواب أو مندسون فى القاعات ليعرضوا خدماتهم الغالية جداً ولاسيما فى اللحظات الأخيرة حال سقوط أوراق أحد المرشحين.. فيتقدم هو بالطبع فارضاً ما يشاء من الشروط.. ولقد تراوحت المبالغ المدفوعة لتقديم الأوراق لاستكمال القوائم.. خمسة إلى عشرة آلاف جنيه وهذا كان يتم جهاراً نهاراً.. مشهد هزلى وسخيف يلقى بظلال كثيفة من الشك حول جدية ما فعلناه نحن المصريين فى ثورتنا المجيدة.
لم يزل هناك من يزعم بأنه عامل وليس عاملاً بالطبع ليسرق مقعداً.. ويختلس حلم الوطن.. ولم يزل هناك فاسد يزعم بأنه فلاح ليخطف كرسياً ويستمر فى الاستهزاء بعقل مصر.. فهل كان هؤلاء النواب العمال عمالاً عندما خصخصت مصر وبيعت مصانع وشركات القطاع العام بيعاً فاسداً لصالح نخبة استولت على الوطن.. وهل كان هؤلاء النواب نواباً عن مصر حينما تم بيع غاز مصر لصالح العدو الصهيونى.. تم تزييف العمال والفلاحين ولم يكونوا عمالاً وفلاحين وتم تزييف المجلس النيابى بأكمله.. وأصبحت الصفات لا معنى لها.
وأصبحت النيابة مغنماً لا دفاعاً عن الناس والوطن.. وأصبحت كل الأشياء فى مصر لا تشى إلا بالزيف والكذب.. وقامت الثورة وسوف تستمر رغم محاولات السرقة والقفز والاختطاف وسوف يمحى الشعب المصرى تلك الشروط المتعسفة التى تفتح أبواباً خلفية لسرقة أحلام الناس وسرقة الوطن.