رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«الحديد والصلب».. تفاصيل «الرصاصة الأخيرة»

كانت الصحف العالمية تبث نبأ عاجلا على مواقعها الإليكترونية يقول إن خامات الحديد تحقق أعلى سعر لها منذ فبراير 2013، وفى ذات الوقت كان أعضاء الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية يقررون تصفية الشركة التى تجاوز عمرها 67 عاما!..

وكان الرقم «67» وحده كفيلا بأن يثير حزنا دفينا فى قلب كل مصرى لأنه يذكره بأسوأ سنوات مصر فى العصر الحديث (عام نكسة يونيو 1967)، وعندما تزامن الرقم «المثير للحزن» مع قرار تصفية أكبر قلاع الصناعة المصرية، أحس ملايين المصريين- عند سماعهم بقرار التصفية- بنفس إحساس من يلقى به فجأة فى أحد أفران الحديد المنصهر..

وكان طبيعيا أن يشعل هذا القرار معركة مجتمعية بين فريقين.. فريق يلطم الخدود على إعدام شركة كانت أعظم قلاع الصناعة، وكانت مصدر فخر المصريين لعدة عقود، وتغنى بها شعراء الخمسينيات فقالوا عن كل مدخنة فيها إنها «مدخنة قايدة قلوب حسّادنا..تحتها صلب كأنه عنادنا.. وقدّامه من أغلى أولادنا.. عامل ومهندس عرقان.. شّبان والشبان فى بلدنا فى الصورة فى أهم مكان».

وفى مقابل هؤلاء يقف فريق آخر يقول إن تصفية الشركة كان أمرا حتميا بعدما تراكمت ديونها وفشلت كل محاولات إنقاذها، فصار الموت عليها هو المكتوب.

وبين الفريقين تطايرت اتهامات متبادلة، فأنصار عدم التصفية اتهموا «المصفين» بهدم الصناعة وتخريب الشركة عن عمد من أجل التربح من بيع أراضيها، وطمس أى إنجاز للرئيس عبدالناصر على أساس أن الشركة تمثل أحد أهم إنجازات الرئيس عبدالناصر فى خمسينيات القرن الماضى..

وفى المقابل قال «المصفون» إن أنصار الإبقاء على الشركة «مش عارفين الحقيقة» وأنهم «بيقولوا أى كلام»، وأن خسائر الشركة لم تعد محتملة، والنهوض بها من بحر الديون مستحيلا، وتطويرها ضربا من خيال، وبالتالى لا مفر من تصفيتها..

ورد أنصار عدم التصفية بأن الذين اصدروا قرار التصفية هم أنفسهم الذين تسببوا فى خسائر الشركة عن عمد، وأنهم لم يحاولوا إنقاذها بشكل حقيقي، بدليل أنه لا توجد شركة حديد وصلب افلست فى العالم كله فلماذا تفلس قلعة صناعة الصلب فى مصر؟

وما بين الفريقين تاهت الحقيقة.. حقيقة الأسباب التى كانت وراء خسائر الشركة، ومن المسئول عنها؟ وهل ستتم محاسبتهم على جريمة قتل قلعة صناعية؟.. وحقيقة أخرى تتعلق بما إذا كانت تصفية الشركة هي الخيار الوحيد أم كانت هناك خيارات أخرى؟.. والسؤال الأهم الذى نسيه الكثيرون هو: ما تداعيات التصفية على الصناعة المصرية؟.. والسؤال الذى يعتبره البعض الملاذ الأخير لإنقاذ الشركة هو: هل يتدخل الرئيس السيسى لإلغاء قرار التصفية؟

.. إجابة هذه الأسئلة وأسئلة أخرى فى الملف التالى:

 

قلعة الـصنـاعة.. بـداية ونـهايـة

علاقة المصريين مع الحديد، حكاية قديمة قدم التاريخ ذاته، فمنذ عهد الفراعنة والمصريون القدماء يقدسون الحديد ويطلقون عليه «معدن السماء» لأنه هبط من السماء مباشرة إلى الأرض ولم يتم تخليقه أرضيا مثل باقى المعادن..

وتقول الروايات التاريخية إن الحضارة الفرعونية اندثرت، وجنود الفراعنة الأشداء انهزموا فى معركتهم الأخيرة، لأنهم أصروا على رفض تصنيع سيوفهم من الحديد، الذى كانوا يقدسونه، واكتفوا بتصنيع السيوف من سبيكة النحاس والذهب، وهى سبيكة أقل صلابة من الحديد الذى صنع الفرس والرومان سيوفهم منه، ولهذا عجزت سيوف جنود الفراعنة عن التصدى لسيوف الأعادى الحديدية، فكان مصيرهم الفناء.

والغريب أن مصر التى عرفت الحديد قبل آلاف السنين، ظلت تتجاهل تصنيع الحديد حتى أربعينيات القرن الماضى، وحينها فقط بدأت شركات خاصة فى تصنيع الحديد وكان السر فى انشائها هو رغبة البعض فى استغلال خردة مخلفات الحرب العالمية الثانية بصهرها بأفران تعمل بالوقود السائل ثم صبها يدويا فى قوالب ودرفلتها إلى حديد تسليح وكانت البداية بـ 3 شركات خاصة هى شركات الدلتا والأهلية والنحاس.

ومع بداية الخمسينيات أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مرسوما جمهوريا فى 14 يونيو 1954 بإنشاء أول مجمع متكامل لإنتاج الحديد والصلب فى العالم العربى برأسمال قدره 1. 2 مليون جنيه، وتم عمل اكتتاب شعبى بقيمة جنيهين للسهم الواحد، يضاف إليها 50 مليما كمصاريف إصدار، ومعنى ذلك أن شركة الحديد والصلب المصرية انشئت أساسا من مساهمات المصريين، وليس من أموال موازنة الدولة.

وفى 23 يوليو 1955 تم وضع حجر الأساس للشركة الوليدة على مساحة 2500 فدان شاملة المصانع ومدينة سكنية للعمال، ومسجد، وقامت شركة ديماج الألمانية الشرقية- آنذاك- بإنشاء المصانع والأفران، وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.. ووقتها وقف الرئيس جمال عبدالناصر متفاخرا وقال « الاستعمار كان يردد أن مصر بلد زراعى وأنها لن تكون بلدًا صناعيًا أبدا، والنهاردة المصريون بينسفوا كلام الاستعمار وبيقولوا للعالم كله إن مصر بلد صناعى كمان».

ورغم العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 استمر العمل بالمشروع الذى شاركت فيه كل أجهزة الدولة، وتم تشغيل ميناء الدخيلة لتوريد الفحم اللازم لتشغيل الأفران، مع مد خط سكة حديد من الميناء إلى المصنع مباشرة لتوصيل الفحم، كما تم مد خط سكة حديد من الواحات للمصنع لتوصيل خام الحديد، وتم افتتاح المشروع عام 1958 بفرنين صناعة ألمانية، تم زيادتها إلى أربعة أفران فيما بعد.

وكان للشركة دور مهم فى انشاء السد العالى حيث كان انتاجها من الحديد هو عصب تشييد السد، كما كان لها دور رئيسى فى بناء حائط صواريخ على امتداد القناة لصد عدوان الطيران الإسرائيلى عقب نكسة 1967، وكذلك بناء الدشم التى حمت طائرات الجيش المصرى من غارات الإسرائيليين.

وكانت الشركة الابن المدلل الذى يستجاب كل مطالبه، ولهذا تم تبديل احد الأفران الألمانية بفرن روسى عام 1973 ثم تم تطوير فرن ثانٍ عام 1979، ولكن من بعدها تغيرت الأحوال ولم تشهد الشركة أى تحديث حتى الآن.. أى على مدى 42 عاما.

فى بداية الثمانينيات أسست شركة الحديد والصلب المصرية شركة أخرى بالدخيلة بالاسكندرية مشاركة مع اليابان، واعتمدت الشركة الجديدة على تكنولوجيا حديثة لإنتاج الصلب.

وبدأت إنتاجها عام 1986 بطاقة تصميمية 800 ألف طن من حديد التسليح، وبعد ذلك تم تطوير الشركة ورفع طاقة إنتاجها حتى بلغت 1.8 مليون طن وإنتاج مسطحات بتقنية البلاطات الرقيقة بطاقة 1.1 مليون طن.

وفى التسعينيات سيطر رجل الاعمال أحمد عز على معظم أسهم شركة الإسكندرية، وقام بتغيير اسمها فى منتصف التسعينيات إلى شركة عز الدخيلة للصلب، ومن وقتها لم تستطع الشركة الأم (الحديد والصلب المصرية) المنافسة، حيث تم إهمال صيانة الأفران مما أدى إلى توقف 3 أفران من 4 أفران لتعمل الشركة بربع طاقتها فقط، وتم وقف التعيينات بها منذ عام 1990 لتمنع عنها الدماء الجديدة، وبالتالى خرج عدد كبير من العمال إلى المعاش، فانخفض عدد العاملين من 30 ألف مهندس وفنى وعامل، إلى ما بها الآن أكثر قليلا من 7 آلاف فقط، منهم 35% مصابون بأمراض مزمنة وفقًا لمسئولى اللجنة النقابية للعاملين بالشركة.

وتواصلت أزمات الشركة مع ثورة 25 يناير، حيث توقفت إمدادات الكوك عنها لتصبح الأفران بلا وقود والعمال بلا عمل، وظلت على هذا الحال لعدة شهور حتى عادت للعمل من جديد وعلى استحياء وبربع طاقتها، ومع ذلك ظلت تعانى من نقص تزويدها بفحم الكوك، الذى هو عماد إنتاجها، فزادت من أوجاعها، وتراكمت عليها الخسائر ومرت بفترات عصيبة بعدما تقادمت مصانعها ولم يتم تطويرها.

تحولت الشركة لتحقيق خسائر لعدة سنوات متتالية وتراكمت مديونياتها وتهالكت أفرانها، وتوالت عليها مجالس الإدارات، كان كل منها يتعهد بتطوير المصانع، والنهوض بالشركة، ولكنها، ظلت فى النهاية «عهود لا تصدق ولا تصان».

وقبل 26 شهرا بالتمام والكمال، وفى نوفمبر 2017 طرحت الشركة مناقصة للتطوير لرفع طاقتها الإنتاجية إلى 1.2 مليون طن سنويا، وإنشاء مصنع حديد تسليح جديد لاستغلال الخردة المتراكمة بها، لكن وزير قطاع الأعمال – وقتها- خالد بدوى ألغى المناقصة فى فبراير 2018 بدعوى إعادة دراستها بدقة!

وكانت المفاجأة بعد 3 شهور من إلغاء المناقصة هو استبعاد الوزير خالد بدوى وتولى الوزير الحالى هشام توفيق وزارة قطاع الأعمال بدلا منه!

ومن جديد حاولت الشركة الخروج من عثرتها بتعظيم استغلال خام الحديد المستخرج من المناجم الأربعة التى تمتلكها فى الواحات البحرية، وتعاقدت مع شركة أوكرانية لتنقية الخام من الشوائب، وتم توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى، وكان مقررا أن تتم هذه العملية كلها خلال 19 شهرا، ولكن هذا الاتفاق تم إلغاؤه ربما لانه سيتكلف 100 مليون دولار.

وقبل عامين بالتمام والكمال دعت الشركة، الشركات العالمية لتقديم عروض لتأهيل وتطوير وإدارة خطوط إنتاجها، مع ضخ استثمارات مناسبة، من خلال اتفاقية مشاركة إيراد تمتد لمدة عشرين عاما، ýلضمان ألا يقل حجم الإنتاج عن 1.2 مليون طن سنويا، وأن تتم الإدارة بالكامل من خلال الشريك، على أن يلتزم بسداد حد أدنى من الإيراد المقبول سنويا.

وتقدمت 9 عروض، انسحب 8 منها وبقي عرض واحد، رفض المساهمة المالية فى تطوير الشركة، فتم رفضه هو الآخر.

وعادت الشركة مرة أخرى لبحث التعاون مع شركة أوكرانية ووقعت فى يوليو 2020 اتفاقا مع شركة فاش ماش الأوكرانية، لدراسة إمكانية رفع تركيز خام الحديد بالواحات وإنشاء مصنعين للمكورات بتكلفة تقارب 35 مليون دولار وبطاقة إنتاجية 1.3 مليون طن سنويا من الخام مرتفع التركيز نسبيا، ولكن الاتفاق لم يتم تفعيله، بل يتم تغيير مجلس إدارة الشركة فى أكتوبر الماضى.

وفجأة انعقدت جمعية عمومية غير عادية لتقرر تصفية شركة الحديد والصلب، مع الإبقاء على شركة للمناجم والمحاجر تخرج من رحم الشركة المصرية.. ورغم القرار لا يزال الأمل معقودا لدى مهندسى وعمال الشركة بالتراجع عن قرار التصفية، ومبعث هذا الأمل هو دعواتهم المتواصلة بزيارة الرئيس السيسى للشركة والاستماع إليهم، وإنقاذ قلعة صناعة الصلب فى الشرق الأوسط من الإعدام بقرار مكتوب على عجل – كما يقولون.

 

الرابحون والخاسرون.. من عملية التصفية

اتفق خبراء الصناعات الاستراتيجية على أن هناك 4 عوامل تسبب إعادة بناء المجتمعات وتغيير كل شيء فيه، وهى المجاعات، والأوبئة، والحروب، والثورات الصناعية والمجتمعية.. ومصر حاليا تشهد إثنين من تلك العوامل وهما ثورة البناء والتعمير ووباء كورونا. وبالتالى فالمرجع أن يزداد الطلب على منتجات الحديد خلال السنوات القادمة، ولا سيما وأن الحكومة أعلنت مؤخرا عن بدء توطين صناعة قطارات السكك الحديدية فى مصر مع التوسع فى صناعة السيارات محليا، فضلا عن التوسع الكبير فى تشييد الكبارى.. وهذا كله معناه أن الطلب المحلى على الحديد سيتصاعد خلال الفترة القادمة..

وعالميا يتوقع الخبراء أن يزداد الطلب على الحديد، بسبب التوترات التى وقعت مؤخرا بين أكبر دولة مصدرة للحديد وهى استراليا (تصدر 880 مليون طن حديد سنويا) وأكبر دولة مستوردة للحديد وهى الصين (تستورد مليار طن سنويا)، وسبب هذا التوتر وذلك بعد نشر المتحدث باسم الخارجية الصينية على حسابه فى تويتر لكاريكاتير يدين وحشية الجنود الاستراليين وقتلهم للأطفال فى أفغانستان، وهو ما جعل أستراليا تطالب الصين رسميا بالاعتذار عنه.

التوتر بين البلدين، الأكثر تصديرا والأكثر استيرادا دفع المضاربين على شراء العقود الآجلة لخامات الحديد فى بورصتى «داليان» و«سنغافورة»، وزادت تلك المضاربات بعد نشر تصريحات منسوبة لأكبر شركات الحديد العالمية (شركة فالى البرازيلية) تقول إنها لن تتمكن من تحقيق أهدافها الإنتاجية خلال 2021، وهو ما تزامن أيضا مع زيادة ضغوط مصنعى الصلب فى الهند على حكومة بلادهم من أجل التوقف عن تصدير خام الحديد.. ومعنى هذا ببساطة هو أن أسعار الحديد فى البورصات العالمية ستتصاعد خلال الفترة القادمة.

وحسب دراسة لـشركة «Oxford Economics» المتخصصة فى التنبؤ الاقتصادى والتحليل الكمى فإن كل دولار يتم إضافته لصناعة الحديد والصلب يساهم فى توليد نحو 2.5 دولار أمريكى قيمة مضافة بالقطاعات الأخرى التى تشكل سلاسل الامداد لصناعة الحديد والصلب مثل (الآلات والمعدات، وسائل النقل، خامات الحديد، الغاز الطبيعى، الفحم..) وفى القطاعات المستهلكة لمنتجات هذه الصناعة مثل (الانشاءات، السيارات والمركبات، والماكينات والآلات والمعدات، وقطاع الكهرباء..).

كما تساهم كل فرصة عمل يتم خلقها فى صناعة الحديد والصلب فى خلق 6.5 فرصة عمل بالقطاعات الأخرى التى تشكل الروابط الامامية والخلفية لصناعة الحديد والصلب.. ومعنى ذلك أن تصفية اى شركة للحديد والصلب يمثل خسارة اقتصادية كبيرة للصناعة عموما وللمجتمع نفسه.

والخسارة فى الحالة المصرية ستكون أكبر لأسباب كثيرة، اولها أن مصر تشهد حاليا نهضة عمرانية غير مسبوقة فى تاريخها الحديث وهذه النهضة تحتاج إلى كميات أكبر من الحديد، الذى يدخل فى كل شيء من بناء المبانى وحتى تشييد الكبارى والمصانع.

والسبب الثانى هو أن مصر بدأت مؤخرا فى توطين إثنين من الصناعات التى يعتبر الحديد دعامتها الأساسية وهما صناعة السكك الحديدية، وصناعة السيارات.

وفى مصر 27 مصنعًا لحديد التسليح، تنتج 8 ملايين طن سنويا، بالاضافة للمصانع العاملة فى القطاعات الخفيفة لحديد التسليح والتى تنتج 300 الف طن , بينما تنفرد شركة الحديد والصلب بالاضافة لانتاج كافة قطاعات حديد التسليح فانها تنفرد بانتاج قطاعات ثقيلة بطاقة تصميمية اجمالية تبلغ 180 الف طن، وكذلك بروفيلات مشكلة على البارد بطاقة 40 الف طن.. ولكنها بالطبع لا تنتج كل تلك الكميات وانما تنتج فقط أقل من 30% من طاقتها الإنتاجية.

وفى مجال صناعة الصلب توجد ثلاثة مصانع لانتاج مسطحات الصلب الساخن ( شرائط وألواح ولفائف) وتضم شركة الحديد والصلب بطاقة 500 ألف طن عز- الدخيلة والسويس بطاقة مليونى طن، وبالتالى فإن غياب شركة الحديد والصلب يعنى أن صناعة مسطحات الصلب فى مصر فقدت ثلث قوتها.

كما توجد شركتان مملوكتان للدولة متخصصتان فى درفلة الحديد احداهما بطاقة 90 الف طن والاخرى بطاقة 30 ألف طن.

فيما يبلغ عدد خطوط درفلة المسطحات على البارد خمسة خطوط بعضها مزود بطاقة جلفنة وطلاء وطاقتها الكلية 720 الف طن.

ويبلغ استهلاك مصر من حديد التسليح حوالى 7.5 مليون طن وهو ما يعنى زيادة الإنتاج المحلى عن الطلب المحلى، ولهذا يتم تصدير حوالى 500 ألف طن حديد سنويا، ومع ذلك يتم استيراد حوالى 100 ألف طن!

وخريطة مصانع الحديد والصلب تلك تكشف حقيقة واحدة وهو أن غياب شركة مصر للحديد والصلب يمثل خسارة كبيرة للاقتصاد وللصناعة المصرية أيضا

وفى مقابل هؤلاء الخاسرين يوجد رابحون من تصفية الشركة - وهم كما حددهم الدكتور محمود فضل- خبير الصناعات الاستراتيجية، مستوردو الحديد وشركات تصنيع الحديد العالمية، والمتربصون بالصناعة الوطنية المصرية».

سألت الدكتور «فضل» ولماذا لم تضع موازنة الدولة ضمن الرابحين من تصفية الشركة على أساس أن نزيف خسائرها بسبب الشركة سيتوقف بعد تصفيتها؟.. فقال «الشركة لديها اصول وموارد تكفى سداد ديونها وأكثر، ثم من قال إن نزيف الخسائر سيتوقف بتصفية الحديد والصلب، بالعكس ستدفع الدولة أموالا طائلة لتطوير شركات الحديد التى لا تزال تتبع القطاع الحكومى وهى عملية قد تنجح أو تفشل فى تعويض غياب شركة الحديد والصلب، كما ستدفع اموالا أكثر فى فاتورة الاستيراد الناعى من الخارج وبالتالى فموازنة الدولة لن تربح أبدا من تصفية الحديد والصلب المصرية».

 

أسباب الانهيار.. من الوزراء حتى عمال الصيانة

3 أسئلة تطرح نفسها بقوة حاليًا.. أولها كيف تسقط فى بحر الخسائر شركة حديد وصلب حجم استثماراتها يتجاوز 650 مليون جنيه، وطاقتها الإنتاجية 1.2 مليون طن، وفوق هذا تمتلك خبرات كبيرة فى صناعة الصلب ممتدة لـ 67 عامًا؟.. ثم كيف تتراكم ديون تلك الشركة لتتجاوز 8 مليارات جنيه دون أن يتحرك مسئول واحد لوقف نزيف الخسائر فى مهده؟.. وكيف تحقق شركات خاصة أصغر بكثير من شركة الحديد والصلب المصرية مليارات الجنيهات أرباحا، بينما تعجز الشركة التى كانت قلعة لصناعة الحديد أن تسدد رواتب موظفيها؟..

بداية الاجابة عن تلك الأسئلة تبدأ بالبحث عن العام الذى بدأت فيه علاقة الشركة بالخسائر.. وحسب الميزانيات الرسمية، كانت الشركة تحقق أرباحا حتى عام 2007، وكان متوسط أرباحها السنوية خلال العقد الممتد بين عامى 1997 و2007 يبلغ 31 مليون جنيه سنويا، ثم بدأت تعرف طريق الخسائر منذ عام 2008، وحققت خلال العقد الممتد من عام 2008 وعام 2017 خسائر سنوية بلغت فى المتوسط 440 مليون جنيه، ثم خسرت 900 مليون جنيه فى العام المالى 2017/2018، وقفزت الخسائر إلى 1,5 مليون جنيه فى العام المالى 2018 /2019.

وبلغ التعثر المالى للشركة مداه فى الشهور الأخيرة، فلم تعد الشركة قادرة على سداد مرتبات العاملين فيها، فاستدانت من الشركة القابضة للصناعات المعدنية مئات الملايين من الجنيهات لسداد مرتبات ومنحة العاملين من نوفمبر 2019 حتى الآن.

نعود للسؤال: لماذا تخسر شركة الحديد والصلب المصرية؟.. المهندس عصام الشناوى- خبير الصناعات المعدنية حدد 4 أسباب رئيسية لخسائر الشركة أولها أسلوب الإدارة الحكومية للشركة.. ويقول: توالى على الشركة مجالس إدارات أغلبها كان همه الأكبر هو الحصول على أعلى رواتب وأكبر البدلات، واسترضاء القيادات الوزارية لضمان البقاء فى المنصب أطول سنوات ممكنة، وأمثال هؤلاء لم يكن يهمهم تطوير الشركة ولا تحديثها، فظلت تتراجع عاما بعد آخر».

ويضيف: «السبب الثانى هو إهمال تطوير الشركة لعقود طويلة مما أدى إلى تهالك معداتها فأصبحت غير قادرة على العمل بكامل طاقتها، وتراجع حجم انتاجها، فضلا عن تدنى جودة الخامات المستخدمة، مما تسبب فى رداءة جانب غير قليل من منتجات الشركة تكدست فى المخازن وفشلت محاولات تسويقها ضعيفة، ولهذا اضطرت الشركة إلى بيع كثير من منتجاتها بأقل من سعر انتاجها، فمثلا تكلفة انتاج الطن فى القطاعات الثقيلة للحديد يبلغ 34.8 ألف جنيه بينما يباع بأسعار تتراوح بين 9 آلاف و11 ألف جنيه، أى أن الخسائر تصل إلى 24 ألف جنيه فى كل طن تنتجه الشركة من القطاعات الثقيلة، أيضا تكلفة الطن من الصاج البارد 34.7 يبلغ ألف جنيه فى حين بلغ متوسط سعر البيع 11 ألف جنيه.. وتتكرر خسائر مماثلة مع كل منتجات الشركة، والسبب الثالث- يواصل المهندس الشناوي- يتعلق بارتفاع تكلفة إنتاج الحديد فى مصر عموما مما جعل شركات الحديد المصرية غير قادرة على تصدير منتجاتها والمنافسة فى

الأسواق العالمية، فأسعار بيع الكهرباء لمصانع الحديد والصلب فى مصر هى الأعلى مقارنة بأغلب الدول المنتجة للصلب، حيث يبلغ سعر الكيلو وات ساعة لمصانع الحديد فى مصر نحو 6 سنت، بينما يباع بـما يعادل 2.4 سنت بالاتحاد الأوروبى، كما يتم محاسبة الشركات المنتجة للحديد والصلب عن استهلاك الكهرباء داخل فترة الذروة (أربع ساعات مساءً) بتسعيرة تعادل 1.5 مرة أكثر من تسعيرة خارج الذروة.

وفوق هذا يتم تحصيل مبالغ أخرى من مصانع الصلب تحت مسمى«مقابل القدرة» وهى تكلفة تحصلها شركات الكهرباء بسبب شح الطاقة الكهربائية المتاحة والغريب أن يتم تحصيل تلك المبالغ حاليا رغم الوفرة الكبيرة فى الطاقة الكهربائية المتاحة حاليا للاستخدام.

ولم تتوقف الأزمة عند تسعيرة الكهرباء العالية، فالأمر يتكرر فى الغاز الطبيعى، فيتم محاسبة صناعة الحديد والصلب فى مصر بسعر 4.5 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية وهو ما يمثل أكثر من ضعف سعر توريده للصناعة فى كل من أوروبا والولايات المتحدة الامريكية والبالغ 1.4 و1.8 دولار أمريكى للمليون وحدة حرارية على التوالى، وهكذا تم تحميل مصانع الصلب الوطنية بتكاليف إضافية قدرت بنحو 3.2 مليار دولار خلال عام 2019.

كما أن الانخفاض الشديد أو غياب أى حماية جمركية وقلة الرسوم الجمركية على واردات الحديد فتح السوق المصرى أمام تدفقات واردات الحديد من كل دول العام.

أسباب أخرى لخسائر شركة الحديد والصلب يطرحها عدد من العاملين بالشركة، مؤكدين أن الشركة تعرضت لعمليات نهب رهيبة طوال الخمس سنوات التى أعقبت ثورة يناير.وقالوا «لسنوات طويلة تعرضت قطارات الفحم والخام للسرقة من بلطجية، ووصل الأمر لقيام البلطجية بسرقة قضبان وفلنكات مسافة 5 كيلو مترات من خط السكة الحديد الخاص بتوصيل خام الحديد وفحم الكوك إلى مصانع الشركة بـ«التبين».

وقال العمال إن البلطجية كانوا يقتحمون عنابر المصنع، ويستولون على ما تصل إليه أيديهم من خردة وغيرها، ويحملونها باللوادر، واستمرت هذه السرقات من عام 2011 حتى 2014.

أما أكثر الحكايات إيلاما عن الشركة فجاءت على لسان «عز الدين محمود» أحد الذين تعاملوا مع الشركة، والذى بدأها بالقسم إنها صادقة وإنه عاشها بنفسه وقال «تعاملت مع شركة الحديد والصلب المصرية حوالى سنتين من عام 19٩٤ إلى 19٩٦ ورأيت بعينى أن العامل البشرى هو السبب الوحيد لخساراتها، ورأيت بعينى مسئول المشتريات يطلب رشوة من موردى الشركة، وكانت الرشوة فلوس أحيانا وزجاجات خمر أحيانا أخرى».

وواصل: «رأيت بعينى رئيس قطاعات بيضرب رئيس قطاع للصيانة بالشلوت وبيتهمه بانه «بيريل» على القرش والثانى بيضحك. لانه كان فعلا حرامى. شوفت بتوع الاحتياجات بيتخانقوا وبيتشابكوا مع بعضهم البعض بالأيدى علشان مين فيهم ياخد المناقصة الملغمة دى.. وشوفتهم بعد ما خلصت المناقصة بيظبطوا الأسعار وبيعلوا على شركتهم الأسعار مقابل رشاوى فورية، ووصل بهم الحال أنهم زودوا فى مناقصة واحدة ١٥٠ ألف جنيه..فقط زودوا ان الأسعار غير شاملة ضريبة المبيعات وكانت وقتها نسبتها ١٠% نظير عشرة آلاف جنيه أخذوها كاش».

وتابع: «شوفت بتوع الصيانة اللى كانوا بيخردوا المعدات الهيدروليكية السليمة علشان الشركات اللى بتروقهم تورد جديد. وكانوا وهم المنوط بهم الصيانة بيخرجوا المعدات ورش خارجية تتصلح خارج الشركة رغم انهم مشتريين قطع غيار مسبقا لكن بيطلعوها بحجة احتياجها لخبرات مش موجودة لديهم. وكانوا هم نفسهم بيروحوا للشركات اللى رسى عليها صيانتها ويصينوها بانفسهم نظير فلوس (مع انهم بياخدوا مرتبات وحوافز علشان يشتغلوا جوه شركتهم) واللطيف انهم كانوا أحيانًا بيرفضوا بعض القطع المصانة بمعرفتهم ويرجعوها لمندوب الشركة على اعتبار انها مش عاجباهم وكانوا بيدولوا كلمتين ان اللى صلحها مابيفهمش وبعدها بيومين يستلموها تانى (ويقولوا له اهو كدة.. الله ينور كان فى واحد اسمه استاذ شرف (سبحان الله) فى المشتريات كان بيوزع على الشركات المناقصات بالدور كل شركة يجى عليها الدور يرسى عليها المناقصة والباقى يغطوها بمعرفته وطبعا بيقبض من الكل وعلشان محدش يزعل منه ويقلب عليه. أقسم بالله شرف ده بالذات كنت تسأل عليه تلاقيه إما بيصلى أو إجازة بيعمل عمرة».

 

الخسائر.. «كرة نار» يتقاذفها كل الأطراف

المبرر الوحيد لقرار تصفية الحديد والصلب هو حجم مديونيتها الضخم الذى تجاوز 8 مليارات جنيه، والذى فشلت فى تخفيضه كل محاولات تطوير الشركة، ولكن من يبحث بعمق فى الملف المالى للشركة سيخرج بنتيجة واحدة هو أن تلك المديونية أشبه بقميص عثمان الذى خلف فتنة كبيرة فى نهاية عصر الخلفاء الراشدين.

 ومن يطالع الموازنة التقديرية للعام المالى 2020-2021 سيتوقف أمام الكثير من الأرقام الخاصة بمديونية الشركة ومصروفاتها.. أولها أن الشركة قدرت متوسط بيع سعر طن الحديد فى مصر بمبلغ 10 آلاف و25 جنيها، بينما تبيع الطن المصدر للخارج بمبلغ 6 آلاف و499 جنيهًا.

 وقالت الموازنة إن الشركة ستواصل عملها التزاما بقرار الجمعية العمومية غير العادية المنعقدة فى 11-11-2019، ولهذا ستضخ 50 مليون جنيه لعمليات الإحلال والتجديد، مع إعادة هيكلة العمالة واجراء عمليات تنقلات طبقا لاحتياجات القطاعات.. وقالت الموازنة: روعى سداد هذه الاستثمارات من ايرادات الشركة». وأضافت بالحرف الواحد «هناك رؤية لمجلس ادارة الشركة لتحسين ادائها والمحافظة على استمراريتها وتطويرها وتحسين موقفها المالى وبالتالى سيؤدى إلى تحسين جودة الإنتاج وزيادته وتخفيض التكاليف».

 وقالت الموازنة إن الشركة وفرت الفحم اللازم للعملية الإنتاجية بالكامل.. وقالت «شركة الكوك ستورد 162 ألف طن فحم كوك خشن / و31 ألف طن فحم انثراثيت خلال عام الموازنة الموازنة كشفت أيضا أن الشركة تنتح أقل من 33% مما تقدره فى موازنتها التقديرية، ففى موازنة 2019-2019 توقعت انتاج 350 ألف طن ولكنها لم تنتج سوى 110 الف طن فقط، بعدما كانت قد انتجت 112 الف طن عام 2018-2019، والغريب انها قدرت قيمة الإنتاج المتوقع فى موازنة 2020—2021 بـ 175 ألف طن!

والمؤشرات المالية المعدلة لشركة الحديد والصلب المصرية، أظهرت تحقيق خسائر بلغت 982.83 مليون جنيه خلال الفترة من يوليو 2019 وحتى يونيو 2020، مقابل خسائر بلغت 1.52 مليار جنيه بالعام المالى السابق له.

وحققت الشركة خلال العام المالى الماضى، مبيعات بلغت 1.08 مليار جنيه، مقابل مبيعات بلغت 1.24 مليار جنيه بالعام المالى السابق له.

فانخفضت طاقتها الإنتاجية من مليون و200 ألف طن إلى 300 ألف طن فقط، لذلك زادت تكلفة الإنتاج بسبب استمرار معدلات التشغيل على ما هى عليه، وبالتالى زادت الخسائر.

 ولكن رغم الخسائر والديون إلا أن الشركة تمتلك أصولا ضخمة غير مستغلة، تشمل 790 فدانا بحوزة الشركة بمنطقة التبين، و654 فدانا بالواحات البحرية، و54 فدانا مشتراة من الشركة القومية للأسمنت منذ عام 1979 و45 ألف متر مربع بأسوان. وهى عن تسوية لنزاعها مع شركة الصناعات الكيماوية «كيما».

 كما تمتلك الشركة كميات هائلة من الخردة تزيد عن 600 ألف طن، تشمل جرارات سكة حديد خردة، وسيارات وهياكل سيارات خردة ولوادر وقلابات وكلاركات وأوناش، إضافة إلى المنتجات الراكدة فى المخازن وعلى رأسها مبارد مختلفة المقاسات.

كما يحتوى جبل التراب التابع للشركة الذى يحتوى على خردة تقدر بـ700 ألف طن، وكانت الشركة قد بدأت بالفعل تسوية جانب من مديونياتها مقابل التنازل عن بعض أراضيها مديونياتها ووافقت على التنازل عن قطع الأراضى المملوكة للشركة ومساحتها 595 فدانا، من أراضيها فى التبين مقابل 1.23 مليار جنيه من ديونها.

كما انتهت شركة الحديد والصلب من كافة النزاعات مع بنك مصر. وذلك بعد توقيع عقد بيع ابتدائى لنقل ملكية قطعة أرض مملوكة للشركة إلى الشركة القابضة للصناعات المعدنية. وكان ذلك فى مقابل الأسهم التى تنازلت عنها الأخيرة لبنك مصر، والبالغة قيمتها 375 مليون جنيه.

أسفر ذلك عن رد المخصص الخاص بقضية بنك مصر بمبلغ 325 مليون جنيه. وقالت الشركة فى يونيو 2020، إنه تم الانتهاء من تسوية 50% من البروتوكول الخاص بنقل 73.3 مليون سهم إلى البنك. ذلك بما يعادل 375 مليون جنيه. وستقوم بنقل أصول عقارية إلى بنك مصر لسداد باقى ديونه والمعنى باختصار هو أن ديون الشركة أزمة لها ألف حل.

 

شهادة «جهاز المحاسبات» على الشركة المنكوبة

لا شيء أصدق من تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات.. وآخر تقرير أصدره الجهاز كشف كثيرًا من الحقائق عن الوضع المالى للشركة..

التقرير – الذى حصلت الوفد على صورة منه – تضمن مراجعة للموازنة التقديرية للشركة عن العام المالى 20 20- 2021، وهى الموازنة التى لم تشر من قريب أو بعيد إلى تصفية الشركة.

وتضمنت الموازنة المصروفات والمبيعات والأنشطة التى ستمارسها الشركة حتى 30 يونيو 2021، وهذا الأمر لا يعنى إلا أمرًا واحدًا وهو أن قرار التصفية لم يكن مدرجًا أساسًا أمام قيادات الشركة التى وضعت وبالتالى فهو قرار مفاجىء.

وفى مطلع تقريره يقول جهاز المحاسبات إن تقديرات الشركة للموازنة التقديرية لعلم 2020-2021 لم تتأثر بتداعيات كورونا التى لها آثار كبيرة على الأسعار العالمية لخامات الإنتاج وإمكانيات التصدير والاستيراد، مما يعنى عدم واقعية التقديرات التى اعتمدت عليها الشركة فى أعداد موازنتها التقديرية.. وهكذا بدأت الصدمات مبكرًا فى تقرير جهاز المحاسبات.

ورصد تقرير الجهاز حجم الخسائر التى تعانى منها الشركة فقال بالحرف الواحد «تعانى الشركة من خلل فى الهيكل التمويلى وضعف السيولة النقدية، ولم تفصح الموازنة عما اتخذ من إجراءات لإصلاح ذلك الخلل، وما تم بشأن دراسات تطوير الشركة، بل واستهدفت الشركة ضخ استثمارات بنحو 50 مليون جنيه لعمليات احلال وتجديد، وتوفير النقدية اللازمة لتمويل شراء 193 ألف طن فحم كوك بنحو 855 مليون جنيه على الرغم من عدم قدرة الشركة على سداد الإلتزامات والمتطلبات المالية، وهو ما يظهر جليا فى تراكم المديونيات للموردين الرئيسيين للشركة، وتزايدها بشكل مطرد حيث بلغت فى 31-12-2019 نحو 5.8 مليار جنيه، فى حين بلغت 5.6 مليار جنيه فى 30/9/2019، ونحو 5.3 مليار جنيه فى 30/6/2019».

وأضاف التقرير « واستمرارا لحالة التعثر المالى، ونظرا للعجز الشديد فى السيولة النقدية قامت الشركة بالحصول على مبلغ 171 مليون جنيه من الشركة القابضة للصناعات المعدنية خلال الفترة من 1/7/2019 وحتى 31/1/2020 لتدبير مرتبات شهر نوفمبر وديسمبر ويناير ومنحة للعاملين».

وحسب تقرير جهاز المحاسبات فإن الشركة استهدفت تحقيق خسائر لعام الموازنة 2020-2021 نحو 276 مليون جنيه، فى حين بلغت خسائر العام المالى 2018-2019 نحو مليار و465 جنيهًا وخسائر الستة أشهر المنتهية قى 31/12/2019 نحو 478 مليون جنيه.

ويفول التقرير إن الشركة استهدفت خسائر مرحلة فى نهاية موازنة 30/6/2021 بنحو 8 مليارات و238 مليون جنيه بنسبة 421% من رأس المال المصدر والمدفوع والبالغ نحو مليار و954 مليار جنيه.

لم يتوقف ما كشفه جهاز المحاسبات عن موازنة الشركة عند هذا الحد بل رصد أن الموازنة لم تستهدف تحصيل الأرصدة المدينة للعملاء بنحو 248 مليون جنيه، كما لم تتضمن تسوية أو تحصيل الرصيد المدين طرف بعض العملاء والبالغ نحو 8 ملايين جنيه، ودون توضيح ما اتخذته الشركة من إجراءات لحفظ حقوقها عند الغير أو استردادها، كما لم تفصح الموازنة عن الإجراءات المستهدفة للاستفادة من الطاقات العاطلة وغير المستغلة خلال عام الموازنة، ولم تفصح أيضًا عن الإجراءات المستهدفة للاستفادة للتصرف الاقتصادى فى أرصدة المخزون الراكد البالغ 388 مليون جنيه.

أما المفاجأة الأكبر التى كشفها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات فهو الكشف عن وجود بروتوكول موقع بين وزارة البترول والثروة المعدنية ووزارة قطاع الأعمال بشأن سداد المديونية المستحقة على الشركة.. ويقول تقرير الجهاز «تم الاتفاق على مبادلة قطعتى أرض لتسوية مديونية الغاز الطبيعى لدى شركة بتروتريد، وكذلك تسوية مديونية بنك مصر طبقا للبروتوكول الموقع مع بنك مصر فى 27/ 11/2018 والذى بموجبه تلتزم الشركة بدفع 750 مليون جنيه تتمثل فى جزء من أسهم الشركة المملوكة للشركة القابضة مقابل تنازل الشركة عن قطعة أرض للشركة القابضة بمبلغ 375 مليونا والتنازل عن قطعة أرض أخرى ملك الشركة لصالح بنك مصر بمبلغ 375 مليون جنيه وهو ما لم ينعكس على الأرقام الظاهرة بالموازنة التقديرية لعام 2020-2021.