عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معامل التحاليل.. اختلافهم كارثة!

عدم الالتزام بمعايير
عدم الالتزام بمعايير الجودة وراء أخطاء المعامل

٢٠٠٠ جنيه فقط غرامة مخالفة تراخيص المعامل

تفاوت أسعار التحاليل من مكان لآخر وثغرات تتيح لغير المتخصصين العمل به

د. محمد حسن خليل: نحتاج لنظام مؤسسى متكامل لمراقبة الجودة وتفعيل العقوبات

 

قد يقع الطبيب فى حيرة من أمره عندم يأتى إليه المريض يشكو من آلام فى جسده, وتأتى نتائج التحاليل بعيدة تمامًا عن شكواه رغم أنه من المفترض أن تكون وسيلة مساعدة للطبيب فى تشخيص الحالة بدقة, فيطلب بعض الأطباء إعادته مرة أخرى, وقد يضطر البعض الآخر لعلاج المريض بناء على ما جاء فى نتائج التحاليل, أو إجراء عملية جراحية دون أن يكون المريض فى حاجة إليها، لتكون النهاية كارثية, فما يحدث الآن من فوضى فى معامل التحاليل لم يعد يقتصر على المعامل العشوائية فقط, بل امتد الأمر لبعض المعامل المشهورة أيضًا, تلك الحالة الفوضوية جاءت نتيجة لمعايير الجودة، فضلًا عن قيام غير المتخصصين بالعمل بها, مع تفاوت فى الأسعار من مكان لآخر فى ظل غياب الرقابة من قبل الجهات المسئولة فأصبح المريض بمثابة حقل تجارب لدى القائمين على تلك المعامل.

هذ وتشير الأرقام إلى أن عدد معامل التحاليل المرخصة يصل إلى 12 ألف معمل مرخص، بينما قدر الخبراء عدد المعامل غير المرخصة بحوالى 70 ألف معمل فى مصر.

ووفقًا للقانون رقم 367 الصادر عام 1954 فإنه يحق لكل من خريجى كليات العلوم والطب، الصيدلة والطب البيطرى، والزراعة الحصول على ترخيص مزاولة مهنة التحاليل، كم يحظر القانون القيام بأى أبحاث أو تحاليل أو اختبارات أو إبداء آراء تتعلق بهذه المهن وبوجه عام مزاولته بأى صفة عامة كانت أو خاصة إلا لمن كان اسمه مقيدًا بالسجل الخاص بذلك فى وزارة الصحة، كم اشترط القانون فيمن يقيد بهذ السجل عدة شروط منه أن يكون حاصلًا على أحد المؤهلات العلمية بكالوريوس فى الطب أو الجراحة أو فى الصيدلة أو فى العلوم، إلى جانب الحصول على درجة أو شهادة تخصص فى الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية، وفى الباثولوجى وتصل قيمة مخالفة الترخيص طبق للقانون ٢٠٠ جنيه، تلك الثغرات أتاحت الفرصة لغير المتخصصين بمزاولة المهنة وفتح معمل على حساب صحة المرضى.

وفى ظل حالة الفوضى التى تعانى منه نتائج التحاليل الطبية تقدمت النائبة إيناس عبدالحليم عضو لجنة الصحة مؤخرًا بمشروع قانون لتنظيم عمل معامل التحاليل والرقابه عليها، وتناول مشروع القانون عدة نقاط أهمه القواعد المنظمة للحصول على ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية وأعضاء فريق العمل داخل المعامل التشخيصية، والمؤهلات العلمية التى تؤهلهم للعمل والمسمى الوظيفى لكل منهم.

وعرف مشروع القانون مهنة التحاليل الطبية بأنه إجراء التحاليل الطبية بهدف تشخيص الأمراض للمواطنين وتشمل عدة تخصصات منها: علم الباثولوجى الإكلينيكي وعلم الميكروبيولوجى وعلم الكيمياء الاكلينيكية والكيمياء الحيوية وتخصصاتها الفرعية.

كم نص مشروع القانون على أن الجهة المسئولة عن تحديد التخصصات الفرعية والتحاليل التى تندرج تحت كل تخصص هى وزارة الصحة من خلال الإدارة المركزية للمعامل بالوزارة، وحدد القانون الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية.

وبالنسبة للطبيب البشرى يشترط حصوله على مؤهل دراسات عليا, أو على شهادة الزمالة المصرية فى أحد التخصصات الأربعة المذكورة، على أن يمارس كل طبيب التحاليل الطبية التى تندرج تحت تخصصه فقط، ويتم بيان التحاليل الخاصة بكل تخصص فى قرارات وزارية يصدره وزير الصحة.

وأوضح مشروع القانون الفئات الأخرى التى تعمل تحت الإشراف الفعلى لطبيب بشرى وتشمل الحاصل على بكالوريوس العلوم الطبية التطبيقية أو ما يعادله مثل تخصص تكنولوجى المختبرات الطبية، ويكون المسمى الوظيفى له تكنولوجى معمل، والحاصل على بكالوريوس العلوم شعبة كيمياء أو ميكروبيولوجى فقط بشرط حصوله على مؤهل دراسات فى الكيمياء الحيوية، أو الميكروبيولوجى ويكون المسمى الوظيفى له كيميائى أو ميكروبيولوجى، والحاصل على دبلوم فنى فوق المتوسط من المعهد الفنى الصحى شعبة معمل ويكون المسمى الوظيفى له فنى معمل.

كم نص مشروع القانون على أن الجهة الوحيدة التى تمنح ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية هى وزارة الصحة المصرية، ويتم ذلك بواسطة لجنة يصدر وزير الصحة قرار بتشكيله فى بداية كل عام وتتكون من وكيل وزارة الصحة لشئون التراخيص الطبية، ومدير الإدارة المركزية للمعامل واثنين من أساتذة كلية الطب بالجامعات المصرية فى فروع التحاليل الطبية.

ويجب أن تجتمع هذه اللجنة مرة كل شهر على الأقل للنظر فى الطلبات المقدمة للحصول على ترخيص مزاولة المهنة ويجب على هذه اللجنة عند منحه الترخيص لأى شخص أن توضح فيه بدقة تخصصه وجميع مؤهلاته الدراسية، وعند منح الترخيص لغير الأطباء البشريين يجب إضافة عبارة «يعمل تحت إشراف طبيب بشرى حاصل على ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية».

كما عاقب مشروع القانون بغرامة مالية قدرها 10 آلاف جنيه أى شخص لديه ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية ومارس المهنة على نحو يخالف تخصصه أو على نحو يخالف ضوابط مزاولته للمهنة المنصوص عليه فى الترخيص، كم يعاقب أى معمل يتم فتحه وإدارته بدون الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الصحة بالغلق الفورى بواسطة مفتشى وزارة الصحة, كذلك يعاقب كل شخص حاصل على ترخيص مزاولة مهنة التحاليل الطبية ومارس هذه المهنة فى منشأة غير مرخص له بذلك بغرامة قدرها 1000 جنيه.

فيما يعاقب مدير المعمل بغرامة 1000 جنيه أيضًا عند مخالفة المعمل لقواعد مكافحة العدوى ومراقبة الجودة المقررة فى هذ القانون والتى تقررها وزارة الصحة، وفى حالة العودة يعاقب بغرامة قدرها 5 آلاف جنيه مع إغلاق المعمل مؤقت لمدة شهر.

وفى الآونة الأخيرة انتشرت العديد من السلبيات فى معامل التحاليل، حيث استغل الكثيرون غياب الرقابة وقاموا بفتح معامل دون مراعاة لأى اشتراطات، كم ظهر بيزنس معامل التحاليل حيث يقوم بعض الأطباء بالتعاقد مع أحد المعامل على أن يتم إرسال المرضى للمعمل المتعاقد معه مقابل حصول الطبيب المتعاقد على نسبة من الأموال، وفى تلك الحالة يصر الطبيب على ذهاب المريض للمعمل المتعاقد معه بحجة أنه من المعامل الموثوق فيها.

أخطاء عديدة يقع فيه الأطباء والمواطنون بسب المعامل التحاليل المنتشرة فى كل مكان، ومع الأسف تخرج تلك الأخطاء من معامل مشهورة وأخرى تحت بير السلم وقد تؤدى لوفاة المريض أو تأخر علاجه، ويروى إبراهيم عادل ما حدث له منذ شهرين قائلًا: عندما شعرت بآلام توجهت للطبيب الذى طلب إجراء تحليل بول فقمت بإجرائه فى أحد المعامل المشهورة، وخرجت النتيجة تؤكد عدم وجود أى مشاكل رغم وجود نفس التعب، وعندما توجهت بالتحليل للطبيب شكك فى نتائج التحليل لكون الأعراض التى أشكو منه لتتطابق مع النتيجة، فقام بإعطائى بعض الأدوية والمسكنات لكن بمرور الوقت ازدادت الأعراض وأصبحت غير قادر على الحركة والذهاب لعملى فتوجهت للطبيب مرة أخرى فطلب إجراء نفس التحليل فى معمل آخر، وكانت النتيجة إننى أعانى من صديد شديد بالبول وزيادة نسبة الأملاح، واضطر

الطبيب لعمل أشعة تليفزيونية كشفت عن إصابتى بحصوات فى الكلى، وقد تسبب تأخر علاجى نتيجة لأخطاء معمل التحاليل لتورم قدمى وإصابتى بنوبة من الغثيان المتواصل والتهاب وتورم الكلى بعد أن تسببت الحصوات فى منع تدفق البول.

نفس الأمر تكرر مع والدة أحمد محمد عندما توجهت لإجراء تحليل سكر فى أحد المعامل وكانت النتيجة تؤكد أنه بحالة جيدة رغم مرضه وشعوره بالأعياء، وعندما شكك الطبيب فى النتيجة قامت بإعادته بعد عدة أيام فى نفس المعمل، وظهرت النتيجة بدون تغيير، فطلب منه الطبيب أن تقوم بإجراء التحليل فى معمل آخر بعد أن ساءت حالتها, واكتشفت أن السكر لديه منخفض مما سبب له أزمات صحية، ويتساءل أحمد: إلى متى تستمر الفوضى فى معامل التحاليل فتلك الأخطاء قد تكون سببًا فى إعطاء المريض أدوية خاطئة وتصيبه بمضاعفات خطيرة، وقد تتدهور الحالة المرضية للبعض بسبب غلطة.

أم ابتسام راضى فتقول: فقد وقعت فى أزمة كبيرة عندما ذهبت لإجراء تحليل للأملاح فى أحد المعامل المجاورة لمنزلها، وعندما خرجت النتيجة أخبرها المختص بأنها حامل رغم أنها غير متزوجة، فأصيبت بصدمة وعندما طلبت منه التأكد أخبرها بأنه أخطأ فى قراءة النتيجة وأنها تعانى من زيادة فى الأملاح.

ومن جانبه يقول الدكتور محمد حسن خليل رئيس لجنة الحق فى الدفاع عن الصحة: معامل التحاليل مهمتها إخراج نتائج دقيقة للمريض بخصوص حالته الصحية، لكن هناك احتمالات واردة بحدوث أخطاء، وهذ يرجع لغياب الرقابة على المعامل، وهناك قاعدة علمية بأن يتم تقييم كل أنواع التحاليل فى سياق الحالة الإكلينيكية للمريض، كم أنه من المفترض أن تكون هناك معايير محددة يجب أن تتوافر بكل معمل، وأن يعمل به أفراد متخصصون، وأن تتم مقارنة التحاليل بأى معامل معيارية كمعامل وزارة الصحة، وهذا لن يحدث فى مصر مما ينتج عنه حالة من الفوضى، ومع الأسف لم تتم متابعة المعمل بعد منحه الترخيص، خاصة أن هناك الكثير منه يعمل به فنيون وليسوا أطباء متخصصين، وأحيان تأتى نتائج التحاليل ليس له علاقة بحالة المريض, مما يؤدى لتأخر علاجه, ويرى أنه لابد من وجود تنظيم مؤسسى متكامل ونظام لمتابعة الجودة وتفعيل العقوبات على المخالفين ومراجعة أدوات أصحاب المعامل حتى يطمئن المواطن على نفسه لكن المشكلة مؤسسية فى المقام الأول لأن وزارة الصحة تعتبر القطاع الخاص هو الأفضل وأن القطاع العام ملازم لكل فساد والحقيقة تنفى ذلك لأن العاملين فى معامل المستشفيات ليس لديهم دافع للتزوير بينما القطاع الخاص يهتم بحافز الربح، ولا توجد متابعة أو عقوبة للمخالفين، والأزمة تكمن فى عدم التأهيل الكافى لممارسة المهنة فهناك خريجى كلية العلوم قسم بكتيرى أو طب وحاصل على دبلومة بكتيريا، يحق لهم فى الحالتين فتح معمل لتحاليل البكتيرى فقط مثل المزرعة واكتشاف الميكروبات فقط ولا يسمح لهم بإجراء التحاليل الكيميائية، أما تحاليل الكيمياء والدم فيكونون من خريجى كلية العلوم قسم كيمياء حيوية أو كلية الطب، ويستكمل قائلًا: على الطبيب أن يكون محايدًا ولا يطلب من المريض إجراء التحاليل فى معامل بعينها، إلا إذا شكك فى نتيجة التحاليل، فقد انتشر مؤخرًا قيام بعض الأطباء بتحديد معمل للمريض وإلزامه بإجراء الفحوصات فيه وهذا الأمر يكون مقابل عمولة 25% يحصل عليها الطبيب من المبلغ الذى يدفعه المريض فى المعمل، وهنا يكون دافع الربح على حساب مصلحة المريض، ويطالب الدكتور حسن خليل بأن يكون هناك تنظيم مؤسسى متكامل ونظام للرقابة الجادة ومتابعه الجودة بشكل منتظم، حتى يحصل المريض على خدمه جيدة.

أم الدكتور أحمد عارف استشارى أمراض النساء والتوليد بقصر العينى فيقول: من المفروض أن تشخيص المريض يمر بعدة مراحل تبدأ بالتاريخ المرضى للحالة التى جاء به المريض، ويسأل الطبيب عن الأمراض المصاحبة للمشكلة وباقى أجهزة الجسم، ثم نسأل المريض عن التاريخ العائلى ربما يكون هناك عامل وراثى يخص الحالة، ومعرفة مدى تقدم الحالة التى جاء بها المريض، وهل حدثت من قبل أم لا، وما العلاجات التى أخذها المريض وما إذا كانت هناك عمليات جراحية أجراها أم لا، وبعد أن يتم الفحص الإكلينيكى للمريض يضع الطبيب تشخيصًا مبدئيًا للحالة، فهناك 95% من الحالات نصل فيه للتشخيص قبل طلب الفحوصات، ثم يأتى دور التحاليل التى تؤكد أو تنفى ما وضعناه أمامنا من تشخيص ويرى أنه فى حالة ظهور النتائج عكس التشخيص لابد أن يشكك الطبيب فيه ويطلب من المريض إعادته فى مكان آخر، ويرى أن الحل هو التعليم الجيد للأطباء وتحسين المستوى المعيشى للأطباء، وإعادة ثقة الناس فيهم.