رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعادة الروح إلى صناعة السكر باستراتيجية جديدة

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق: حمدى أحمد

فى خطوة جديدة للنهوض بالصناعة المصرية وجهود الدولة الرامية لذلك، طالب الرئيس عبدالفتاح السيسي، وزيرى التموين وقطاع الأعمال بوضع استراتيجية جديدة لتطوير صناعة السكر فى مصر والتى تعد إحدى أهم الصناعات الوطنية التاريخية التى نتميز بها ولا غنى عنها. 

200 عام، هو عمر صناعة السكر فى مصر، حيث أنشئ أول مصنع لإنتاج السكر فى عام 1818، فى عهد محمد على باشا، ثم ازداد الاهتمام بها حتى وصل عدد المصانع إلى 14 مصنعًا فى مختلف محافظات الجمهورية، ولذلك تعتبر إحدى الصناعات القومية التاريخية.

ورغم أن إنشاء أول مصنع لإنتاج السكر كان فى 1818، إلا أن تاريخ دخول السكر مصر يعود إلى الفتح العربي، الذى انتقلت من خلاله زراعة قصب السكر إلى بلاد العرب من الهند وإيران لكونه من المحاصيل الاستوائية.

ولأهمية هذه الصناعة بالنسبة لمصر، أصدر الرئيس «السيسى» توجيهات رئاسية بإعادة النظر فى صناعة السكر وتطويرها، من خلال زراعة البنجر بديلا عن القصب، بهدف زيادة الإنتاج وتوفير المياه، وتحويلها من صناعة يدوية إلى ميكنة زراعية.‏

ونتيجة لذلك، عقد الدكتور على المصيلحي، وزير التموين، وخالد بدوي، وزير قطاع الأعمال، مؤخرا، اجتماعا لتنفيذ تكليفات الرئيس بتطوير الصناعة التى يمثل الفاقد فيها نسبة تزيد على 20%.

وقال المصيلحي، إن الاجتماع ناقش آليات تنفيذ تكليفات الرئيس للنهوض بهذا القطاع الحيوى الذى يمثل إحدى أهم الصناعات المصرية الاستراتيجية التى نسعى من خلالها لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى صناعة السكر وتحقيق فوائض للتصدير، إذ تمتلك مصر تاريخًا طويلًا من الخبرات فى هذه الصناعة التى أهمل ملف تطويرها لسنوات طويلة.

وزير التموين، أوضح أن استراتيجية التطوير ترتكز على عدة محاور رئيسية، تشمل محور تطوير زراعة البنجر، والتوسع فى المساحات المنزرعة بالطرق والتقنيات الحديثة التى تحقق عائدًا اقتصاديًا، وكذلك استخدام بذور «المونو جرم» التى تعطى إنتاجية أعلى من استخدام بذور «المالتى جرم» بحوالى 50%، بالتنسيق مع وزارة الزراعة، والمركز القومى للبحوث الزراعية.

ويرتكز المحور الثانى حول الطاقة المستخدمة لإنتاج طن السكر، وضرورة اعتماد تقنيات حديثة لتوفير الطاقة المستخدمة، وتقليل معدلات تلوث الهواء لتصبح إحدى الصناعات الصديقة للبيئة، كما يتضمن المحور الثالث تطوير المصانع الحالية ورفع كفاءتها لتقليل الفاقد، وتحقيق معدلات تنافسية فى تكلفة الصناعة توازى الأسعار العالمية، وتنعكس على المستهلك بشكل ايجابي، وإنشاء مصانع جديدة لإنتاج السكر من البنجر.

وقال المصيلحي، إنه سيتم إعادة النظر فى زراعة بنجر السكر من النظام اليدوى إلى نظام الميكنة الزراعية وبأسس علمية، بهدف زيادة الإنتاجية للفدان من 18 إلى 35 طنًا.

ووفقا لوزارة الزراعة، يبلغ ما تستورده مصر من السكر مليون طن سنويا، وتنتج 2.2 مليون طن وتستهلك 3.2 مليون طن بزيادة سنوية 80 ألف طن.

وبلغ إجمالى المساحة المنزرعة ببنجر السكر العام الماضى 480 ألف فدان بدلا من 665 ألف فدان كانت تستهدف الدولة زراعتها ببنجر السكر، بمتوسط إنتاجية 18 طنا للفدان، حيث يتم إنتاج طن السكر من 7 أطنان بنجر، مقابل إنتاج نفس طن السكر من 10 أطنان قصب سكر، بحسب رئيس النقابة العامة للفلاحين الزراعيين، عماد أبوحسين.

خبراء زراعيون وصناعيون، قالوا إن تطوير صناعة السكر يجب أن تتمثل فى الارتقاء بمستوى المصانع المحلية لتعادل وتساوى المصانع الخارجية، وإجبار المزارعين على توريد محصول القصب للمصانع بدلا من بيعها لمحلات العصير، فضلا عن زيادة اقتصاديات الإنتاج من نبات البنجر، عن طريق الاعتماد على التقنيات الحديثة بأفضل معاملات زراعية تحقق زيادة الكثافة النباتية، واستخدام أصناف محسنة ترتفع فيها نسبة السكر.

توصيات بإنشاء مصانع للتعبئة وإجبار المزارعين على توريد المحصول

 

عودة السيد، عضو اللجنة النقابية بشركة السكر والصناعات التكاميلية، قال إن تطوير صناعة السكر فى مصر يجب أن يشتمل على عدة نقاط، منها الارتقاء بمستوى المصانع المحلية لتعادل وتساوي المصانع الخارجية، بحيث يشتمل مصنع السكر على مصنع تعبئة وآخر لتصنيع الأكياس الكيلو والـ5 كيلو والـ15 كيلو داخل المكان نفسه.

وأضاف السيد، أن الدولة يجب أن تجبر المزارعين على توريد محصول قصب السكر كله للمصانع، مثلما كان يحدث مع القطن، لأن المزارعين يلجأون فى بعض الأحيان إلى توريد المحصول لجهات أخرى، لافتا إلى ضرورة منع سفر القصب «العوادى» لمحلات العصير فى مختلف المحافظات، لأن ذلك يؤثر سلبا على حجم الإنتاج فى المصانع.

وأشار عضو اللجنة النقابية بشركة السكر والصناعات التكاملية، إلى أن المزارعين يفضلون بيع القصب العوادى لمحلات العصير بدلا من توريده للمصانع بسبب ارتفاع سعره، حيث إن المحلات تشترى الطن بـ30 ألف جنيه، بينما المصانع تشتريه بـ25 ألفا، وبالتالي الفلاح يبحث عن مصلحته الاقتصادية، ولكنه من ناحية أخرى يضر بصناعة وطنية كبيرة وهى صناعة السكر، لأن ذلك إهدار مباشر للمادة الخام.

«كنا بنشتغل 6 أشهر فى السنة، ولكن دلوقتى شهرين بس، بسبب عدم توريد المزارعين القصب للمصانع بالكميات الكافية»، هذا ما أكده عودة السيد، مشيرا إلى أن مصنع كوم أمبو بأسوان مثلا عمره تعدى المائة عام وحتى الآن يستطيع عصر 1.8 مليون طن سكر سنويا، فضلا عن مصانع إدفو وقوص حتى الحوامدية، التى تنتج كميات كبيرة أيضا.

22 ألفا، هو عدد العاملين بشركات السكر فى مصر، بداية من كوم أمبو وحتى الحوامدية، فهى صناعة قومية تاريخية لا غنى عنها فى مصر، والماكينات فى المصانع حديثة وتواكب العصر بسبب التطوير المستمر لها، وفقا لعضو اللجنة النقابية بشركة السكر.

وحول تطوير الصناعة بزيادة المساحات المنزرعة بمحصول بنجر السكر، قال «السيد» إن هذه الخطوة جيدة، لأن البنجر لا يحتاج إلى ظروف بيئية وتربة معينة وإنما من الممكن زراعته فى الأراضي الصحراوية، بعكس القصب، كما أنه لا يمكن استخدامه سوى فى صناعة السكر، وبالتالي كل المحصول يذهب للمصانع وتستفيد منه.

ولفت «السيد» إلى أن صناعة السكر لا تقتصر فقط على إنتاج السكر، وإنما هناك صناعات تكاملية تعتمد عليه، ونحتاجها فى المجتمع، مثل ورق الصحف والكحول وﺍﻟﺨﺸﺏ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﻲ وغيرها.

روشتة للاستفادة القصوى من البنجر

 

وحول تطوير صناعة السكر من خلال تطوير زراعة البنجر، قال الدكتور عبدالعليم متولي، أستاذ المحاصيل الزراعية بجامعة القاهرة، إن التطوير يعنى زيادة اقتصاديات الإنتاج من البنجر، مشيرا إلى أن ثمرات البنجر حاليا أحادية البذور، والحكومة تسعى لتخفيض أعداد هذه البذور، لأن تقاوى البنجر نستوردها من الخارج بالعملة الصعبة التى نحتاجها فى الوقت الحالي، بسبب الظروف الاقتصادية  الصعبة.

وأضاف متولي، أنه يجب التوسع فى المساحات المنزرعة بمحصول البنجر فى الأراضي الجديدة بمختلف المحافظات، عن طريق الاعتماد على التقنيات الحديثة بأفضل معاملات زراعية تحقق زيادة الكثافة النباتية للبنجر، بجانب استخدام نظام الري بالرش وليس الغمر، واستخدام أصناف محسنة ترتفع فيها نسبة السكر بحيث تكون ما بين 15 إلى 20%.

إضافة إلى التسميد الجيد للأراضي الزراعية، واستخدام الميكنة الزراعية وتقليل الاعتماد على العنصر البشري، لأن تكاليف الإنتاج فى الأراضى الجديدة مرتفعة، واستخدام الميكنة أفضل حتى يزيد عائد الإنتاج، لأنه كلما انخفضت التكاليف أو استقرت واستخدمنا أصنافا محسنة جيدة، ارتفع عائد الإنتاج، وهذا ما نطمح إليه من تطوير صناعة السكر.

 

رئيس شعبة السكر السابق: تشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية

 

قال حسن الفندى، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية السابق، إن تطوير صناعة السكر يجب أن يشمل التوسع فى إنشاء مصانع باستثمارات أجنبية أو محلية جديدة تساهم فى زيادة الإنتاج.

وأضاف الفندى، أن إنشاء مصانع جديدة يعنى زراعة الخامة الأساسية لصناعة السكر وهى البنجر، ثم تحويله إلى سكر داخل مصانع محلية بدلا من الاستيراد، أى إعطاء المنتج قيمة مضافة، وتوفير عملة صعبة لمصر نحن فى أشد الحاجة إليها.

وأشار رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية السابق، إلى أن صناعة السكر فى مصر قومية وتاريخية، ولكننا نعانى حاليا من استيراد ما يزيد على مليون طن سنويا من الخارج بسبب عدم كفاية الإنتاج المحلى لاحتياجاتنا الأساسية، ولذلك فإن تطوير الصناعة يجب أن يشمل إضافة

خطوط إنتاج جديدة تساهم فى سد الفجوة الاستيرادية.

ولفت إلى أن الدولة بالفعل بدأت مؤخرا فى العمل على هذا المحور، بتوقيع اتفاقية مع مجموعة الغرير الإماراتية بإنشاء مجمع زراعى صناعى فى المنيا لإنتاج 750 ألف طن سكر سنويا من زراعة 180 ألف فدان بمحصول البنجر، فضلا عن مشروع النوران بالدلتا الذى يساهم أيضا فى زيادة الإنتاج، حيث إننا بهذه المشروعات نقترب من الاكتفاء الذاتى من السكر قريبا، ثم نبدأ بالتفكير فى التصدير لاحقا، متابعا: «احتياجاتنا السنوية تزيد بمقدار 50 ألف طن بسبب زيادة السكان ولذلك لابد من الاستعداد لها جيدا».

«القناة للسكر» يسد 75% من الفجوة الاستيرادية.. وتحقيق الاكتفاء الذاتى قريبا

 

وفى خطوة إيجابية بهذا الاتجاه، نجحت وزارة الاستثمار بعد ماراثون طويل من المفاوضات استمر لمدة 4 سنوات، فى الاتفاق مع وزارة الزراعة لإتمام مشروع شركة «القناة للسكر» فى المنيا، والذى يعتبر أمنًا غذائيًّا لمصر.

حيث أكدت شركة الخليج للسكر «التابعة لمجموعة الغرير الإماراتية»، أكبر مصفاة لإنتاج السكر فى ميناء فى العالم، أنها وقعت اتفاقًا مع الحكومة المصرية لإقامة مجمع زراعى صناعى كبير ينتج سكر البنجر.

وقالت الدكتورة سحر نصر، إن مجموعة الغرير مستثمر رئيسى فى المشروع الذى يتضمن مصنعًا للسكر سيغطى 75% من الفجوة الاستهلاكية لمصر.

وترجع بداية المشروع إلى أغسطس 2014، عندما طلبت هيئة التنمية الزراعية، السماح لها بالتصرف فى مساحة 190 ألف فدان، لصالح «الغرير الإماراتية» بنظام حق الانتفاع لمدة 49 عامًا، لاستغلالها فى إقامة مشروع زراعى  صناعى، ومصنع لإنتاج السكر الأبيض من البنجر.

ويهدف المشروع لإنتاج 6.4 طن سكر من الفدان باستخدام 4000 م3 مياه مقارنة بمتوسط عام الجمهورية وهو 2.7 طن سكر من فدان البنجر و5 أطنان سكر من فدان القصب، الذى يستهلك 10 آلاف متر مكعب سنويًّا، فضلا عن بقائه فى الأرض 12 شهرًا مقارنة بـ 7 أشهر للبنجر.

وستبلغ قيمة المنتجات الصناعية والزراعية التى ينتجها المشروع بكامل طاقته مليار دولار سنويًّا بما فى ذلك صادرات تصل إلى 100 مليون دولار سنويًّا من المنتجات الثانوية، كما سينتج المشروع القمح والذرة والفول وهى محاصيل تقوم مصر باستيرادها بملايين الأطنان سنويا.

المشروع سيساهم فى سد عجز السكر فى مصر بنسبة 75% بإنتاج نحو 750 ألف طن سنويًّا، حيث يبلغ ما تستورده مصر مليون طن سنويا، وتنتج 2.2 مليون طن وتستهلك 3.2 مليون طن بزيادة سنوية 80 ألف طن.

وحول المشروع، قالت شركة القناة للسكر، إنها وقعت اتفاقيتين رئيسيتين مع الحكومة المصرية باستثمارات مليار دولار.

وذكرت الشركة، أن العقد الأول يأتى لإقامة مشروع استثمارى متكامل عبارة عن عقد استئجار 181.1 فدان من الأراضى الصحراوية غرب محافظة المنيا لغرض استصلاح الأراضى والزراعة باستثمارات 550 مليون دولار.

وأضافت الشركة، أن العقد الآخر يأتى لبيع مليون متر مربع لغرض بناء مصنع لإنتاج السكر عالى الجودة من البنجر.

رشدى أبوالوفا، نائب رئيس جمعية منتجى قصب السكر، النقيب العام للفلاحين السابق، قال إن بدء العمل فى مشروع شركة القناة للسكر فى المنيا، خطوة جيدة فى سبيل تحقيق مصر الاكتفاء الذاتى من السكر والتوقف عن الاستيراد.

وأضاف أبوالوفا، أن زراعة الشركة 181 ألف فدان بمحصول بنجر السكر سوف تؤدى إلى إنتاج نحو 750 ألف طن سنويا، لأن البنجر يستغرق وقتا أقل من قصب السكر، حيث إنه يمكث فى الأرض من 6 إلى 7 أشهر بينما القصب يستغرق عاما كاملا.

وأشار نائب رئيس جمعية منتجى قصب السكر، إلى أن إنتاج هذا المشروع يساهم بشكل كبير فى تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي، لأننا نستورد سنويا ما بين مليون و1.25 مليون طن سكر، لافتا إلى أن تكلفة زراعة فدان البنجر تقل النصف تقريبا عن قصب السكر، فلو كان فدان القصب يتكلف حاليا 20 ألف جنيه، فإن البنجر يتكلف 10 آلاف تقريبا، ما قد يساهم فى استقرار الأسعار مستقبلا.

تمصير «السكر» على يد عبود باشا

 

تشير الكتب التاريخية إلى أن صناعة السكر قائمة في مصر منذ الفتح العربي، بعد انتقال زراعة قصب السكر إلى بلاد العرب من الهند وإيران لكونه من المحاصيل الاستوائية‏,‏ حيث شهدت مصر توسعات في زراعته بعهد محمد علي، ثم توطنت زراعته بتوسع في أراضي الصعيد خلال عهد الخديو إسماعيل‏.

ويعود تاريخ إنشاء أول مصنع حديث للسكر فى مصر إلى عام 1818، وقد تقدمت صناعة السكر بعد ذلك حتى أصبح عدد المصانع 14 مصنعا موزعة بين محافظات الوجه القبلي المنتجة لقصب السكر وهي المنيا وأسيوط وقنا وأسوان، وبعض محافظات الوجه البحري مثل الدقهلية وكفر الشيخ والبحيرة.

وبقي الإنتاج مقتصرا على السكر الخام حتى أنشأت شركة التكرير المصرية في  1881 معملا لتكريره في مدينة الحوامدية، وبدأ أول إنتاجه في سنة 1889.

وظلت صناعة السكر فى يد الأجانب حتى اشترى أحمد عبود باشا مصنعي نجع حمادى والحوامدية من الأجانب، منذ ما يزيد علي ثمانين عاما، وبدأت عملية تمصير صناعة السكر,‏ التي تعد من أهم الصناعات فى البلاد، ورفض عبود باشا زيادة سعر أوقية السكر مليما واحدا من أجل تجديد المصانع والماكينات، وطلب من الإداريين تجديدها من الأرباح التي تحققها المصانع‏,‏ وخصص حصة شهرية من السكر للعاملين تصرف لهم شهريا ولا علاقة لها برواتبهم‏.‏