رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"ملالا" ..طفلة سمراء أفزعت الإرهابيين وأيقظت ضمير العالم

بوابة الوفد الإلكترونية

من قاع الفقر فى دولة تعانى الفقر والإرهاب، خرجت الطفلة السمراء الضئيلة، لتعانى ككل بنات جنسها فى تلك البقعة من العالم من القهر والاضطهاد والحرمان من كل الحقوق الإنسانية وأهمها حق التعليم، وذلك بسبب النفوذ والسطوة التى تفرضها حركة طالبان المتطرفة التى تسيطر على مناطق هائلة بوطنها، لكنها كانت تشعر انها مختلفة عن الفتيات الخائفات من بشاعة طالبان وإرهابهم، وساعدها فى هذا والدها الذى كان يدير مدرسة يستقبل فيها الفتيات غير عابئ بتهديدات طالبات ومحاولاتهم المستمرة لغلق المدرسة، فدافعت الصغيرة ببساطة عن حقها فى التعليم، وكتبت فتاة مدونة مجهولة عن وضع الحياة تحت سلطة منظمة طالبان الإرهابية فى شمال غرب باكستان، وسرعان ما اكتشفت هوية الفتاة، ولتمر بما لم تمر به فتاة فى عمرها، فعندما كانت تستقل الحافلة لتنتقل بها إلى مدرستها، أطلقت عليها عناصر طالبان الرصاص لقتلها، وجعلها مثلاً يخيف باقى الحالمات بالتعليم والحرية الإنسانية المشروعة، لكنها لم تمت.. ولم يمت حلمها أيضًا، بل أصيبت إصابة خطيرة فى رأسها، وجعلتها الإصابة محط أنظار العالم واهتمامهم بما يجرى للفتيات على يد حركة طالبان.

إنها الباكستانية ملالا يوسف زيد، التى تحوّلت إلى ملهمة لملايين من البنات والصبايا فى كل أرجاء الأرض، ولدت ملالا عام 1997 فى منطقة مينغورا شمال غرب باكستان، ويعتبر والدها الملهم الأساسى لأفكارها فكان يحض ابنته على التعلم، والتكلم بحرية ونصحها باكتساب كل ما تستطيع من المعرفة، وكانت فى عمر الثانية عشرة كتبت مدونة لموقع «بى بى سى» التابع للمحطة الشهيرة، حول وضع الحياة فى ظل تهديد طالبان المستمر لمنطقتها.

وكان المنعطف المفصلى فى حياتها بمحاولة اغتيالها، وأطلق عليها مقاتل من طالبان الرصاص لقتلها فى أكتوبر 2012، وأصيبت فى رأسها لتكسب تعاطفاً عالمياً، وارتفعت الدعوات لإيقاف الظلم الذى تتعرض له فتيات باكستان تحت تنظيم طالبان، فيما نقلت ملالا إلى بريطانيا، لتمر بمرحلة علاجية طويلة وصعبة، لتخرج منها بسلام وتستمر فى دفاعها عن حقوق الإنسان والفتيات خصوصاً فى التعليم والحرية والمساواة.

وأجريت معها لقاءات عديدة وصور الصحفى فى مجلة «نيويورك تايمز» آدم إيليك وثائقيا عن حياتها فى تلك الظروف الصعبة، مما دفع بالعديد للتعاطف مع قضيتها وتم ترشيحها لجائزة الأطفال للسلام العالمى عام 2014 وعمرها لا يزل سبعة عشر عاما، وفى عام 2013 أصدرت ملالا كتابها الأول باسم «أنا ملالا» ولعل أجمل ما قالته فى كتابها الجملة التى تقول «لم ندرك أهمية أصواتنا إلا عندما أجبرنا على الصمت» وأكدت أن السلاح قد يستطيع إجبار الإرهاب على التراجع لكن العلم والتعليم هو الوحيد القادر على إنهائه بشكل تام، وتقول: «التعليم هو أقوى الأسلحة فى العالم»، وصنفتها مجلة تايم كواحدة من أكثر 100 شخص تأثيراً فى العالم لثلاثة أعوام على التوالى، كما فازت بجائزة

سيمون دو بوفوار لحقوق المرأة، وهى اليوم سفيرة للنوايا الحسنة، وافتتحت منظمتها الخاصة لرعاية شئون الإنسان والمرأة، كما أعلنت ملالا دعمها لمنظمة «هى فور شى» التى أسستها الممثلة البريطانية إيما واتسون والتى تعنى بحماية حقوق المرأة وتوعيتها حول دورها فى المجتمع.

وعقب الإعلان عن فوزها بجائزة نوبل لسلام الأطفال بساعات، تلقت تهديدات بالقتل من فصيل منشق عن حركة طالبان. وقال إحسان الله إحسان، المتحدث الرسمى باسم الحركة التى هددت ملالا، فى تغريدة على تويتر: إن دعاية الكفار لا ترهبنا، لقد أعددنا السكاكين الحادة واللامعة لمحاربة أعداء الإسلام. ألا تعلم ملالا التى تتحدث أنها ضد النزاعات المسلحة، أن مؤسس جائزة نوبل ألفريد نوبل كان مخترع متفجرات؟

فيما استضافت عائلة أوباما الطفلة الباكستانية ملالا فى البيت الأبيض، عقب شفائها من الهجوم النارى الذى تعرضت له، وصدَر حينها بيان عن البيت الأبيض ذكر أن أوباما أبدى شكره لملالا، «على عملها الملهم والحماسى من أجل تعليم الفتيات فى باكستان»، بينما قالت ميشيل أوباما إن الاستثمار فى تعليم الفتيات يعد أفضل ما يمكن أن نقوم به، ليس فقط لبناتنا وحفيداتنا، بل أيضًا لأسرهن ومجتمعاتهن ودولهن!

مسيرة طويلة ما زالت أمام ملالا يوسف لمنح حق التعليم لصديقاتها فى باكستان، واللاتى يعانين من القمع والاضطهاد، لكن الأمر يبدو غير مستحيل بالنسبة لفتاة فى مثل عمرها تحدت الموت والإرهاب، ووقفت على منصة أهم جائزة فى العالم لتقول للجميع: «أنا ملالا ومن حقى أن أتعلم» وروت ملالا سيرة حياتها فى كتاب بعنوان «سمّانى ملالا»، وتعيش ملالا الآن مع والديها فى مدينة برمنجهام البريطانية، ويراها المشاهد وهى تلعب مع شقيقيها، وتحل واجباتها المدرسية، وتتحدث فى صدق كأى فتاة فى عمرها عن تجربتها القاسية، وبعيداً عن السياسة والدراسة والتعليم، عبرت عن إعجابها بلاعب الكريكت الباكستانى شهيد أفرادى الذى يجذب انتباهها.