رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"أبو ضحكة جنان".. تألق في رسم البسمة ثم مات مفلسًا

إسماعيل ياسين وابنه
إسماعيل ياسين وابنه

"أبو ضحكة جنان" هو أشهر الألقاب التى وصفته داخل قلوب معجبيه.. فأسنانه المرصوصة التى اعتلت ضحكته الواسعة سجلت أعلى حالة كوميدية شهدتها السينما المصرية، لتصنع نجم الشباك الأول في فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.

ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 م، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس بمدينة السويس، وعقب إفلاس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء إنفاقه ثم دخول والده السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة، ثم عمل مناديا للسيارات بأحد المواقف في السويس.

جاء إلى القاهرة، في بدايات الثلاثينيات لكي يبحث عن مشواره الفني كمطرب، إلا أن شكله وخفة ظله حجبا عنه النجاح في الغناء، ليتحول إلى نجم من نجوم الاستعراض حيث إنه مطرب ومونولوجست وممثل، وظل أحد رواد هذا الفن على امتداد عشر سنوات .

 وفي منتتصف الثلاثينات اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الإبياري والذي كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهى بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقي المونولوجات في ملهى بديعة مصابني .

                                                   نجم الشباك

في عام 1944 جذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه، ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم "الناصح" ، وقد استطاع ياسين أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، وكانت أعوام 52 و 53 و54 عصره الذهبي، حيث قدم 16 فيلما في العام الواحد، وهو رقم لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر .

وعلى الرغم من أن إسماعيل ياسين لم يكن يتمتع بالوسامة والجمال، وهي الصفات المعتادة في نجوم الشباك في ذلك الوقت، إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير عندما كان يسخر من شكله وكبر فمـه في معظم أعماله،  وهكذا استطاع أن يقفز للصفوف الأولى وأن يحجز مكانا بارزا، ما دفع المنتجين إلى التعاقد معه على أفلام جديدة ليصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة.

                                               فرقة إسماعيل ياسين

ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري في عام 1954، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدي 12 عاما حتى 1966 قدم خلالها ما يزيد علي 50 مسرحية بشكل شبه يومي وكانت جميعها من تأليف أبو السعود الإبياري .

                                             ثلاثي السينما المصرية

بداية من عام 1955 كون هو وتوأمه الفني أبو السعود الإبياري مع المخرج فطين عبد الوهاب ثلاثياً من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية وتاريخ إسماعيل ياسين وأبو السعود الإبياري أيضاً فقد عملوا معاً في أفلام عديدة .

و يذكر أن 30% من الأفلام التي قدمها نجم الكوميديا كان وراءها المخرج فطين عبد الوهاب، وكانت تحمل أغلبها اسم إسماعيل ياسين، حيث انتجت له الأفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام إسماعيل ياسين في متحف الشمع - إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين في البوليس – إسماعيل ياسين في الطيران – إسماعيل ياسين في البحرية – إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين – إسماعيل ياسين طرزان - إسماعيل ياسين للبيع، والتي كان معظمها من تأليف أبو السعود الإبياري .

ولازمه في هذه الأفلام الممثل رياض القصبجى الشهير بـ"الشاويش عطية"، حيث كانت مشاهدهما، محطة مهمة في تاريخ الكوميديا التي يستمتع بها الجمهور حتى الآن بسبب المفارقات العجيبة والمواقف الطبيعية والمقالب التي يدبراها لبعضهما البعض كما شاركهما التمثيل في بعض هذه الأفلام عبد السلام النابلسي.

                                      إسماعيل وعبدالناصر

وتخطَّت كوميديا اسماعيل ياسين البحار والمحيطات حتى انه كان أكثر شهرة من الرئيس جمال عبد الناصر كما يروى التراث ، ففي يناير 1961 كان عبد الناصر في زيارة للمغرب لحضور مؤتمر رؤساء أفريقيا، وكان موكب الرئيس عبد الناصر والملك محمد الخامس بالسيارة المكشوفة يجوب شوارع مدينة الرباط وسط حشود جماهيرية هائلة.

وفي وسط هذا الحشد الضخم ظهر رجل مغربي بسيط تبدو على وجهه ملامح الطيبة وظل يصارع الجموع ويخترق الزحام حتى استطاع الوصول

إلى السيارة التي تقل الزعيمين وصرخ بأعلى صوته: يا سيادة الرئيس يا سيادة الرئيس.

ووصل صراخه إلى عبد الناصر طلب الرئيس من السائق إيقاف السيارة وأشار للرجل بأن يقترب، فاقترب الرجل من السيارة وصافح الرئيس وسط ابتسامة ودهشة الملك محمد الخامس ثم شب الرجل على أصابع قدميه حتى وصل إلى أذن عبد الناصر الذي انحنى يصغي إليه ، وقال الرجل لعبد الناصر: سيادة الرئيس متى ستعود إلى القاهرة؟ .. فدهش عبد الناصر وأجابه: ربما بعد غد إن شاء الله.

وهنا قال الرجل لعبد الناصر: يا سيادة الرئيس بعد أن تعود إلى القاهرة إذا استطعت مشاهدة اسماعيل ياسين سلم لي عليه. ليهز عبد الناصر رأسه موافقاً ثم سرعان ما انفجر هو والملك بالضحك.

                                       حل الفرقة

وبالرغم من النجاح الفنى الذي سجله الفنان الراحل إسماعيل ياسين، طوال تاريخه الفني إلا أنه سجل اكثر النهايات المحزنة ، بعد انحسار الضوء  في السنوات الأخيرة من حياته، ليموت فقيرًا معدومًا، عقب الحجز على ممتلكاته من الضرائب.

وفي الأيام الأخيرة ، عانى اسماعيل ياسين من امراض الرئة وابتعد عن الساحة الفنية، حتى إنه في آخر حواراته لمجلة الكواكب قال "كان شيئًا خطيرًا جدًا أن أكون مسئولًا عن إسعاد الناس ثم أتخلى عنهم في لحظات.. ولكن ليس هذا ذنبي لقد مرضت بسبب الإرهاق في العمل وقال الأطباء أن مرضى عبارة عن ماء على الرئة ولكن الحقيقة غير ذلك، إذ كنت معرضًا للسل في الرئة وأخذ الله بيدي وشفيت" .

                                   إسماعيل مفلساً

وخرج إسماعيل ياسين، من المستشفى ليجد فرقته متوقفة ، بسبب نقص الاموال ، ولم يفاجأ إسماعيل ياسين، بهذا فقط وإنما وجد مصلحة الضرائب تطالبه بمبلغ 21 ألف جنيه قيمة ضرائب من عام 1950م ، والمفاجأة أن مصلحة الضرائب طالبته بضرائب أفلام لم يقم بتمثيلها مثل فيلم "إسماعيل ياسين في الجيش"، فقد كان اسمه الأول "إسماعيل ياسين دفعة" فاعتبرته الضرائب فيلمين، وتم الحجز على بيته وسيارته.

 وخرج "أبوضحكة جنان" من رحلة كفاحه الطويلة خاليًا فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة منها "فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء" وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدأ ثم عاد إلى مصر محطما وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدرة أحد، وبدون مقدمات.

                                    الرحيل

وبينما كان الرئيس السادات يفكر في تكريم هذه القيمة الفنية غير المسبوقه في تاريخ الفن المصري، توفي "إمبراطور الكوميديا في 24 مايو 1972 إثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير في فيلم بطولة نور الشريف ولذلك كان يسمى "بالمضحك الحزين" فرغم أن أكثر افلامه كوميديه ومضحكه إلا أنه كان يعيش حزينا وخاصة آخر ايام عمره.