رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أقدم لبناني بالبرازيل لم يسمع عن دولة الجزائر

بوابة الوفد الإلكترونية

أديب داود هو الأقدم، وربما الأكبر عمرا، بين 6 ملايين لبناني مغترب ومتحدر يقيمون في البرازيل التي هاجر اليها في 1929 حين كان عمره 15 سنة، وفي 20 يونيو الحالي يتم 100 عام تماما على ولادته في قرية "جبرايل" البعيدة في قضاء عكار بالشمال اللبناني 120 كيلومترا عن بيروت.

طوال 85 عامًا أمضاها في البرازيل لم يقم داود بزيارة قريته التي غادرها مع أبويه و6 اخوة على متن سفينة أبحرت بهم 40 يوما لتنقلهم مهاجرين الى بلاد الأمازون، وأول ما فاجأني به حين اتصلت به مساء الأحد هو سؤاله: من وين عمتحكي.. من جبرايل ؟
لحظة بعد لحظة شعرت بأنه يكاد يبكي وأنا أحدثه عبر الهاتف بالبرتغالية، ولاحظت اصراره على التحدث بالعربية، برغم أن لسانه لم يعد مطواعا بها ولا يلبيه كما يرغب، لذلك أتعبني بعض الشيء ليعرف أني مثله من لبنان وأقمت 20 سنة في البرازيل، وأتحدث اليه من لندن، فلم يعرف ما هي لندن ولا بريطانيا أو انجلترا، الا حين أخبرته بأنها قريبة من فرنسا، عندها قال: "الآن عرفتها.. بلاد الانجليز".
وهو أيضا لم يسمع ببلد اسمه الجزائر، وبأنها الدولة العربية الوحيدة الحاضرة بمنتخبها في المونديال، فسألته: "طيب، ألا تشجعها لو رأيت منتخبها في التلفزيون يلعب مع منتخب آخر" ؟ فأجاب: "أنا لا أعرف الا جبرايل والبرازيل. لا أعرف الجزائر ولم أسمع باسمها، ولكني أعدك بأن أشجعها.. طبعا سأشجعها. نحن عرب والدم يحن على الدم. سأسأل أولادي عن منتخبهم.. سأشجع الجزائر، الا اذا لعبت مع البرازيل، والا قتلونا البرازيليين" وتلاها بضحكة.
وكنت عرفت بأمر أديب داود من خبر نشرته عنه أمس الأحد صحيفة Correio de Uberlândia المحلية في مدينة "أوبرلانديا" بولاية "ميناس جبرايس" المجاورة لنظيرتها ريو دي جنيرو في شرق البرازيل، من أنه أقدم المهاجرين فيها والأكبر عمرا بين سكانها البالغين 700 ألف نسمة، ومن الصحيفة التي نشرت صورته التي تعيد "العربية.نت" نشرها عنها، حصلت على رقم بيته، فاتصلت به وشعرت من صوته بحماس دب فيه وبالشوق والحنين الى قرية صرف فيها أولى 15 سنة من حياته.
روى أنه ترك "جبرايل" مع عائلته لسبب لا يتذكره تماما، ولا يتذكر حتى المدينة التي رست في مينائها الباخرة بالبرازيل، علما أن مرفأ ريو دي جانيرو، أو

نظيره في مدينة "سانتوس" بسان باولو، هما اللذين كانا يستقبلان السفن المحملة ذلك الوقت بمهاجرين كانوا يصلون في بداية القرن الماضي بوثائق سفر عثمانية، لذلك كانوا يسمونهم "توركو" في البرازيل.
وصل واتجه مع عائلته الى أقارب لهم في مدينة "أوبرلانديا" وفيها ذاق عذاب الحصول على لقمة العيش، لأنها كانت صغيرة وبلا فرص، لذلك عمل بائعا في الشوارع كاخوته، ثم سائق شاحنة، وبعدها تزوج من قريبته ورزق منها 3 أبناء ذكور: روميو وروبرتو وكلوفيس "وجميعهم تعلموا بالمدارس والجامعات وتزوجوا، لكن نسلهم ضعيف.. ولد لهم 3 أبناء فقط" ومن أبنائهم جاءه 3 أحفاد فقط أيضا، الا أن الأحفاد كانوا أكثر "نشاطا" فمنهم جاءه 6 أبناء أحفاد، وحفيد ابن حفيد.
وذكر داود، الذي يعترف بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب وما زال يحتفظ بسيارة "فولكسفاغن" توقف عن قيادتها منذ عامين فقط، أن زوجته توفيت منذ 4 سنوات، وقبلها توفي أبواه في البرازيل واخوته الستة، وانه يقيم وحده في بيت خصصه له أولاده، وتخدمه فيه امرأة تزوره، وفيه يمضي الوقت نائما أو أمام شاشة التلفزيون.
وأكثر ما ينتظره داود من التلفزيون أن يحين موعد مباراة الفريق الذي لم ولا يشجع سواه، وهو الذي يطلقون عليه لقب Verdão في البرازيل، أي "الأخضر" الذي يعنون به فريق "بالميراس" الشهير، لذلك دب الحماس أكثر بداود حين أخبرته أن "الأخضر" هو أيضا لقب منتخب الجزائر، فقال: "كان قلبي حاسسني.. الله يخلي الجزائر يا رب. ما في أحلى من الأخضر، ولبنان كمان أخضر".