رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

القتل والسحر الأسود يطارد "أعداء الشمس" فى أفريقيا

بوابة الوفد الإلكترونية

من الكوارث الإنسانية عبر التاريخ البشرى أن يكون «لون البشرة» أو الجلد سبباً فى الكراهية والعنصرية التى تحاصر صاحبها، وقد عانت الشعوب الأفريقية قديماً من المستعمر الأبيض وسياسة الفصل العنصرى، غير أن الموازين انقلبت بعد أن تحرر الأفارقة من سياسة الاستعباد الاستعمارى

وأصبح الأفارقة الآن يتعاملون بالعنصرية والكراهية مع فئات خاصة من أصحاب البشرة البيضاء المشربة بالحمرة، هؤلاء الذين يولدون داخل العائلات الأفريقية نفسها وهم يعانون من المهق أو ما يطلق عليه أفريقياً «الألبينو»، ويعرف فى لغتنا بـ «عدو الشمس»، إذ يواجه هؤلاء حياة صعبة، خصوصاً في تنزانيا حيث يتعرضون للاضطهاد والتعذيب والقتل والخطف، بسبب معتقدات خرافية تقول إن أعضاء هؤلاء الأشخاص لها قوة سحرية يمكن استخدامها لتجلب الثروة والصحة والسعادة، وتعالج الأمراض القاتلة كمرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز».
ويعرف المهق بأنه حالة وراثية ناتجة عن غياب جين الصبغة في الأعين والجلد والشعر، ولا يتمكن جسم الأمهق من صنع الكميات الطبيعية من صبغة تدعى «ميلانين»، التي تساعد على حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية، لذا لا يمكن للأمهق أن يتعرض للشمس أو الضوء كثيراً لأن ذلك يتسبب فى إصابته بأضرار  الحساسية في البصر والجلد، ووفقاً لأحدث تقارير الأمم المتحدة يتعرض سنوياً أكثر من 72 طفلاً أمهق للقتل في تنزانيا، ويغادر «المهق» في تنزانيا يومياً قراهم خوفاً من الاضطهاد، وينتقلون للعيش في المناطق الحضرية التي يعتقدون أنها أكثر أمناً، وتشير البيانات الأخيرة أن إلي تنزانيا تضم قرابة 170 ألف شخص من الألبينو وهي نسبة كبيرة، وتزداد تدريجياً بسبب العنصرية الذي يتعرض له هؤلاء الأشخاص، مما يدفعهم من الزواج من بعضهم البعض لإنجاب المزيد من أطفال مهق.
ووفقاً لتقرير نشرته «الإمارات اليوم» تسود معتقدات كثيرة عبر التاريخ في أفريقيا، أبرزها أن المهق يتمتعون بقدرات سحرية.. وبحسب هذه الخرافات والمعتقدات البدائية يأتي الإقبال على أعضاء هؤلاء الاطفال لاستخدامها كخلطات سحرية لجلب الحظ والمال وعلاج الأمراض المستعصية وتقوية القدرات الجنسية، والأغرب من ذلك يقوم بعض عمال المناجم غير القانونيين بشراء أعضاء الأطفال المهق من العصابات بآلاف الدولارات، لمساعدتهم في تنقيبهم عن الذهب والأحجار الكريمة، فيما يعتقد الصيادون أن ربط أطراف جسم الأطفال المهق في شباكهم يمكنهم من الحصول على صيد وفير، كما تتعرض الفتيات للاغتصاب نظراً للاعتقاد بأن ممارسة الجنس مع الفتيات العذراوات يطهر جسم المصاب من الإيدز، بالإضافة إلى هذا الاضطهاد الذي يتعرض إليه المهق في تنزانيا تطاردهم النظرة السلبية لدى الأهل والأصدقاء، حيث يُنسب إليهم أسباب فقر وبؤس أهاليهم وقبائلهم يتشاءمون منهم، ويؤكد السحرة الذين يقومون بدور الأطباء في أفريقيا أن «المهق لعنة، وبأن المصاب به شيطان وليس بشراً».
وتنشط عصابات ومافيات منظمة بين تنزانيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية للمتاجرة بأعضاء المهق، وتوظيف قتلة مأجورين يقومون باختطاف وقتل الأطفال المهق وتقطيع

أطرافهم وسلخ جلودهم لبيعها في السوق السوداء المحلية نظير عشرات الآلاف من الدولارات، ووفقاً لتقديرات الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر، فإن أسعار جثث الذين يعانون من هذا المرض تصل أحياناً إلى 75 ألف دولار، وهو رقم مغرٍ يشجع الكثيرين على ارتكاب جريمة قتلهم لدرجة أن بعض الآباء يقدمون على قتل أبنائهم المصابين بهذا المرض طمعاً في الحصول على مبالغ طائلة من وراء بيع جثثهم لمن يعتقدون في مثل هذه الخرافات.
تقول إحدى «المهق»: إنها لا تشعر بالأمان إلا مع زوجها وأطفالها، ففي أي مكان آخر يبدأ الناس بالتحديق بها ويتحدثون عنها قائلين إن ساقيها ويديها قادرتان على استخراج كنوز تنزانيا ومثل هذه الكلمات تصيبها بالرعب، ويكشف ألفريد كابول عضو الجمعية التنزانية لحماية المهق إن الطرق لكسب المال في هذه المناطق محدودة جداً.. فهي محصورة إما بصيد الأسماك أو البحث عن الماس أو حتى إحضار أعضاء من أجسام المهق إلى أحد السحرة، ويضيف أن العديد من رجال الأعمال يذهبون لرؤية هؤلاء السحرة، ويطلبون منهم عضواً من أعضاء المهق لتحضير حساء سحري يعطيهم القوة.. هنا يتم توظيف قتلة مأجورين يقومون بإحضار يد أو رجل أو الأعضاء التناسلية أو حتى شعر المهق مقابل عدة آلاف من الدولارات.
ألفريد كابول يعاني من مرض المهق هو الآخر. يبلغ من العمر سبعة وأربعين عاماً يقول إنه يعيش حالة خوف مستمرة. فهو يعرف تماماً أنه مرصود من قبل القتلة، وأصبح يقظاً بشكل مستمر.. وما إن يسمع بمقتل أمهق يذهب مباشرة لرؤيته ويشعر بأنه سوف يكون التالي، وتحاول الحكومة التنزانية دعم منظمات غير حكومية، لتوعية الناس كما تقوم السلطات بتوقيف ومعاقبة المجرمين الذين يتم القبض عليهم وبحوزتهم جزء من أجسام أحد الأطفال.. ولكن المشكلة تبدو أكبر من ذلك.. فقد تحولت هذه الظاهرة إلى جريمة منظمة باتت تشكل خطراً قومياً حقيقياً.