رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

العنف ضد المدمن كارثة أخلاقية

بوابة الوفد الإلكترونية

أشارت الدراسات إلى أن الجو الأسرى للمتعاطين والمدمنين الذين يتكرر انتكاسهم والذين يرفضون العلاج، مليء بالمشاحنات والانفصال والطلاق وأن أسرهم فى كثير من الأحوال مفككة متصدعة لا يوجد بين أفرادها تواصل إنسانى وترعرعوا محرومين من السعادة والحب والعطف ولم يشعروا بالأمن. كما أظهرت النتائج أن المدمنين ممن أسيء إليهم بالطفولة كانوا أكثر ميلًا لإظهار نزعات تدميرية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين، إضافة إلى ذلك وجد ارتباط دال بين التعرض للإساءة الجنسية أو البدنية وبين زيادة معدلات الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار والأفكار ذات النزعة للقتل والحوادث. ويوضح ذلك أن كلا من إدمان المواد المخدرة وإساءة المعاملة بالطفولة لهما أسباب متشابكة، وعلى ذلك فإن البرامج العلاجية لهم يجب أن تراعى ذلك التشابك.

وقد أظهرت بعض الأبحاث الأخرى أن نسبة قسوة الوالد فى تربية الابن دالة لدى مجموعة من مرتادى المصحات العلاجية وضعف الوفاق بين المتورط فى المخدرات وأسرته وقلة الدفء العاطفى بينهم، مما يشير إلى خبرات طفولية غير سعيدة مع أفراد أسرته.

كما أظهرت الأبحاث أن المدمنين ممن أسيء اليهم بالطفولة كانوا أكثر ميلًا لإظهار نزعات تدميرية تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين، كما وجد ارتباط دال بين التعرض للإساءة الجنسية أو البدنية وبين زيادة معدلات العنف وإساءة معاملة الطفل تعرف بأنها أى فعل من جانب أحد الوالدين أو القائمين بالرعاية قد ينتج عنه إصابة أو ضرر خطير للطفل سواء كان هذا الضرر بدنيًّا أو عاطفيًّا أو إساءة جنسية أو الفشل فى حماية الطفل من وقوع هذا الضرر.

ويقول الدكتور أحمد جمال ماضى أبوالعزايم، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان إن الكثير من الأطفال قد يعيشون فى ظروف ضاغطة وهم أطفال ذوو هشاشة عالية وأطفال لديهم مشاكل اجتماعية بيئية (أبناء المناطق العشوائية وأبناء المهاجرين والعاطلين) وأطفال لديهم مشاكل صحية (الطفل المعوق - المولود قبل الميعاد - الطفل المريض) أطفال لديهم مشاكل نفسية اجتماعية (الطفل الذى يتعرض للعنف الجسدى - الجنسى- الطفل الذى يعانى اضطرابات سلوكية وانفعالية) وأطفال لديهم مشاكل أسرية (أبوين مطلقين-عائل واحد - زوج أم وزوجة أب) أطفال لديهم آباء مضطربون (أبناء المدمنين - أبناء المراهقين - وأبناء المضطربين عقليًّا) هؤلاء جميعًا قد يعيشون بلا طفولة ممتعة بل يعيشون طفولة مؤلمة.

وما إن يجرب هذا الضعيف المدلل أو المعتدى عليه والمهمل المخدرات حتى يرتبط بها هذا الضحية حيث يحقق هذا التعاطى علاجًا ذاتيًّا للآلام التى تحيط بالمدمن وفقده لثقته بنفسه وخوفه من الآخرين. فقد وجد أن تعاطى المخدرات يبدأ فى سن مبكرة ولا تكتشف من الأسرة قبل سنوات وهذا دليل إهمال الأسرة متابعة سلوكيات أبنائهم وأحوالهم وصداقاتهم فتكون مسئولية تعاطيه مسئولية الأسرة الجنائية.

ويضيف الدكتور أحمد أبوالعزايم: تمر سنوات طويلة منذ أول تجربة لتعاطى المخدرات وتدريجيًّا تتحول متعة تعاطى المخدرات إلى أزمة فكارثة، ويحدث الزلزال ويندفع المدمن ضد الأسرة والمجتمع رافضًا العلاج ويتحول الضحية إلى مجرم، حيث لم يجد داعمًا يساعده ويتفهم مشاكله ويعمل على حلها قبل أن يتحول المتعاطى إلى مدمن، وقد يتحول الأمر إلى تواطؤ بين الأسرة والمدمن عندما تعجز عن منعه من الاستمرار فى الإدمان فتساعده على التعاطى بإعطائه المال الكافى بدلًا من تحوله للسرقة وسرعة إنقاذه من القضايا إذا ارتكب جرائم حتى لا تفضح الأسرة أمام الآخرين.

إن أى خطة علاج ناجحة وأمينة يجب أن تنظر إلى كل أركان مشكلة الإدمان الطبية وتاريخ التعاطى وأنواعه ومدد تعاطى

كل مخدر وتاريخه السابق (طفولته ومراهقته وشبابه وحياته الزوجية والعلمية والعملية وكل ما يخص الأسرة والمشاكل الجنائية والاضطرابات العقلية والنفسية والعصبية التى قد تكون إصابته وعمق ارتباطه بالدين. كل ذلك يتم قبل أخذ قرار العلاج، حيث من بين الاحتمالات المختلفة إمكانية علاجه بالعيادة الخارجية لعلاج أعراض الانسحاب أو فترة قصيرة بالمستشفى أو برنامج تعاف طويل.

ويمر المدمن بعلاجات طبية نفسية عديدة لمساعدته على التخلص من أعراض الانسحاب ولاستقراره بعيدًا عن العنف، ثم تبدأ مراحل التعافى بتعرف المدمن على مرضه وآثار هذا المرض ومشكلة الإنكار حيث يتم مناقشته فى أهمية الاعتراف وأنه يجب أن يستيقظ من غفوته للخروج من القاع وأن يدرك حجم الجنوح ويجرد أخلاقياته ويناقش فى ميله الخفى للانتحار بتعاطى المخدرات لشعوره بالعجز والاضطراب وتوضيح الفخاخ النفسية المحيطة به وأهمية التسليم لبرنامج العلاج ودعمه روحانيًّا ودينيًّا لعودة المبادئ الروحية وغرس الإيمان والأمل. يستمر البرنامج لمناقشة اضطراب العقل واضطراب الحياة ثم تأتى المرحلة التى يبدأ فيها التهيؤ والاستعداد للتغيير وعودة الإرادة إلى طريقها الصحيح والتعرف على مقومات التعافى.

ويؤكد الدكتور أحمد أبوالعزايم أن ذلك قد يأخذ عدة شهور يكون فيها فى الفترة الأولى بدون خروج من المستشفى ثم يخرج فى رفقة معالج ساعات لزيارة الأسرة ثم يخرج وحده يوما ثم يومين ثم ثلاثة أيام ثالث شهر، ويكون له وزملائه أيام يخرجون سويًّا للترفيه والعشاء معا لدعم تكون مفهوم المجموعة الممتعة بعيدًا عن مجموعة المخدرات وبعد التعافي يكرر زيارته للمستشفى شهرين يومين بليلة مع مروره بعلاج معرفى وسلوكى للتحكم فى الغضب وتنمية مهارات اتخاذ القرار وإدارة الوقت وعلاج أسرى وعلاج بالفن والرسم وجلسات للنقاش قبل الإجازات وجلسات للنقاش بعد الإجازات للتعرف على أحواله والضغوط التى حدثت وكيفية تعامله معها ومناقشة أفضل الأساليب للتعامل معها مستقبلًا ومهارات الاسترخاء وعلاج جمعي وبرامج رياضية لبناء قدرات المنافسة مع الآخرين وبرنامج علاج دينى وغيرة من العلاجات التأملية وبرامج لمنع الانتكاس للعلاج الخارجى.

إن علاج الإدمان يتطلب وجود فريق علاج مدرب متدين مخلص على أعلى مستوى من الاطلاع والثقافة، وعلى الأسرة حسن اختيار المركز الذى يحقق هذه الأهداف تجنبًا لتعرض أبنائهم لعنف غير مبرر أو إهمال والالتزام بتعليمات الفريق العلاجى للوصول بالمدمن إلى تغيير حقيقى.