رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علا فوزي وأحمد عادل.. ثنائي يعزف سيمفونية الحب على أوتار الرسم والموسيقى

علا فوزي وأحمد عادل
علا فوزي وأحمد عادل

من منفذ خلفي يطل على دهليز نَاءِ يأخذ حيزًا ضئيلًا من قلب "وسط البلد" العتيقة يتعالى أزيز أكواب الشاي وصرير المقاعد التي تؤدي معزوفة مألوفة للمارة تقودها كركرة الشيشة الممتزجة بعبق أريج القهوة ورائحة الطلاء النفاذة التي تنبعث من أوعية متناثرة على الأرض تضفي حميمية على المكان، بأحد الزوايا تقبع فتاة في أوائل العشرينات إلي الأرض أمام علب الألوان وفرش الرسم تنهمك في مزج الطلاء معًا لإعداد وصفتها السحرية من الجمال، وفيما يعبث هواء نوفمبر الصحو بملابسها التي تشكل علبة ألوان منسجمة تشيح هي ببصرها لترمق شاب يجثو بجوارها بنظرة حانية قبل أن تعيد النظر إلى مايشعل يدها المطلخة بالألوان.

بحركات إنسيابية من أصابعها تقود "علا فوزي" خريجة الفنون التطبيقية، أوركسترا من ثنائيات الألوان الدافئة على جدران مطعم منزوي لازال في طور البناء، تبسط بفرش الرسم ستار من الجمال على أحد أروقة الحي القاهري البَالٍ فتبدد معالم الكآبة التي كدسها الزمن على مبانيه المتهالكة وتحيل غربة الصدوع الزاحفة علي حوائطه إلى سيمفونية من الإبداع في بقعة منعزلة صبغتها، مهندسة الجرافيك الشابة، بأصالة الريف المصري وحميمية "الدّوار" بإشراقة درجات الأرض الزراعية، يصاحبها "دندنة" تصدح عن إحدى الأركان القريبة.

على دوي نقر أعواد فرش الرسم الخشبية على غطاء إحدى علب الطلاء محكمة الغلق، يستعيد "أحمد عادل" ذكريات دفء أول لقاء جمعه بخطيبته في مؤسسة "ألوان"، للتوعية ونشر الفنون، مصادفة حاكها القدر لتلتقي "علا" بأحمد خريج قسم الزخرفة وعاشق الموسيقى الذي شغله العزف على "الكاخون" وتصميم أغرب الآلات الموسيقية المعاد تدويرها من النحاسية الصدأة وبقايا الأكواب الخزفية المحطمة، عن شغفه بالرسم وقاده هوى الموسيقى الصاخبة إلى تأسيس مبادرة "شارع واعي" لنثر إيقاع الفنون الغير تقليدية بين أحياء المحروسة الشعبية وضواحيها المنسية، ينتبه إلى الدبلة التي تلف وثاقها على خنصر يده اليمنى، فيسدد نظره صوب صاحبتها ذات الملامح الطفولية التي هدته بعفويتها على درب الرسم بعد أن كادت الأعوام تتطمس معالمه، يمدها أحمد ملاحظاته ويصقل زوايا رؤيتها بإرشاداته قبل أن يتبادلًا حوارًا ضاحكًا في خضم سجال يتفقدا خلاله قائمة مدعوي حفل زفافهما المرتقب على هاتفه، ويضعان عليها لمساتهما الأخيرة.

جمعهما عشق الفن وتشاركا دفء الحب الذي نسج بخيوطه شباك المودة بينهما قبل

عامين، يتقاسما أحلام المستقبل الغض مع أكواب الشاي بالنعناع على شجن جارة القمر "فيروز"، ويقفا على حافة الاختلاف على أصداء حنجرة "الست" فترجح "علا" كفة "أم كلثوم" على مزاج "أحمد" الغنائي الصاخب بسطوتها الأنثوية، سيطرة ناعمة تطل عن خطوط الرسم والألوان الهادئة، تشي بأسرارها الجدران من حولهما، طريق طويل من الاخفاقات والنجاحات نثر الرسم والموسيقى عليه عبير الوئام، فعبراه سويًا حتى رسى قارب الأحلام إلى شاطئ "جاليري زفير" بذرة حلم "علا" اليانعة، كان خلالها "أحمد" ظلها الوفي الذي لايفارقها خلال ساعات العمل الطويلة، ووكيلها الأمين خلال الاتفاق مع الزبائن ورفيق زيارات المواقع النائية الذي يبعث حضوره نفحات الاطمئنان بقلبها.

بجديلة ذهبية طويلة تنزلق على كتفيها، ترتفع جدارية ضخمة من وحي الحسن الفلاحي على أحد الحوائط حتى تكاد تلامس مداه، بينما تقف "علا" متطلعة إلى ما خطته أناملها الذكية، يتسرب إليها حنين الذكرى لمنزل عائلتها الرحب بالقناطر، ويثير أشجانها نحو تفاصيل أول "بورتريه" اجتازت معه رهبة البدايات إلى الطاولات والمقاعد المهملة التي حولتها بدفقات من سحر فرشاتها إلى تحف إستثنائية، تطلق العنان لخيالها لرسم تفاصيل عش صغير سيجمعها بوليفها، تعكس أروقته مزاجهما الفريد تصدر عنه أنغام على مقام "الراست" تتداخل مع وقع موسيقى "الروك"، الصادرة عن غرفة "التفكير" التي تشمل مستلزمات الرسم الخاصة بـ "علا" وآلات "أحمد" الموسيقية الصارخة، تنتبه على رنين جرس الهاتف تضوي شاشته برقم متعهد حفلات الزفاف، قبل أن يهم كلامها بمغادرة المكان متشابكي اليدين.

شاهد: