عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معصرة الزيوت الطبيعية بالأقصر.. 200 عام من الإنتاج

الحاج محمد يعمل بمعصرته
الحاج محمد يعمل بمعصرته

 

يمتد عمرها إلى قرنين ماضيين، ولا يزال صاحب معصرة إسنا لإنتاج الزيوت الطبيعية- الذي تجاوز عمره تسعة العقود- يُديرها بنفسه ويأبى تركها مؤمنًا أنها أثر تاريخي ورثه عن أجداده ولا بد أن يورثه للخلف من بعده.
مسيرة طويلة جالتها أقدام الإبل والبقر في دوران داخل غرفة صغيرة من أجل عصر الزيتون والسمسم والخس وحبوب أخرى من الطبيعة تسهم المعصرة في إنتاج زيوتها التي كانت تُستخدم لأغراض علاجية ومنها ما كان يُباع لاستخدامه في أغراض الطعام، لكن بعد تراجع الإقبال والطلب على منتجاتها أضحى محمد عبد الراضي الرجل التسعيني يديرها بمساعدة آخرين بدلًا عن الإبل.
"الوفد" شدت الرحال إلى المدينة الجنوبية لتوثيق معصرة الزيوت بإسنا، فهناك تحديدًا في شارع كنيسة العذراء بمدينة إسنا جنوبي محافظة الأقصر، في القرن الثامن عشر الميلادي، أنشأ أحمد بكور تلك المعصرة، حتى ارتبط اسمها باسمه فيما بعد وأصبح يُطلق عليها معصرة بكور.
المبنى لايزال محتفظًا بذات تفاصيل الديكور، فمبنى مكون من طابق واحد يضم حجرتين، من هنا يُستخرج أنقى أنواع الزيوت وأجودها.
المشهد يبدو عجيبًا إلى حد ما، فالرجل التسعيني الذي انحنى ظهره وتكشف تقاسيم وجهه عن دلالات عدة ربما لم تستطع تفسيرها للوهلة الأولى، لكن حتمًا ستفهم بعد التحدث معه، يُمسك بعمود خشبي ويطوف به في حركة دائرية مرات عديدة لعجن الحبوب.

 

 
 
 

المعصرة وصفها محمد محيي، مسئول إدارة الوعي الأثري بالأقصر، في كتابه "إسنا.. حضارة وتاريخ" ذاكرًا: " هذه المعصرة عبارة عن قاعتين في دور أرضي لهما واجهة شمالية ولها مدخل واحد يفتح علي القاعة الأولى وتسمي بالدورة لوجود مدار دائري للإبل والأبقار التي تُشغل المعصرة ويتوسط المعصرة حجر مستدير من الجرانيت يسمى الوالف ومن فوقه يوضع قائم حجرًا آخر من نفس النوع يحركه قائم خشبي متين يسمى العروسة، طرفها العلوي مثبت في قطعة خشبية تسمى القطة مثبتة بدورها في الجيزة وهي فلق نخيل مستعرض ومثبت منتصف ارتفاع جداري القاعة الشرقي والغربي، ويتكئ حجر الجرانيت على الوالف عن طريق القوس والكرب الذي يجره الجمل أو الثور".
أما القاعة الثانية، نصل إليها عن طريق فتحة باب على محور الباب الرئيسي للمعصرة وتسمى هذه القاعة بيت الزيت، وفيها يتم استخلاص الزيت عن طريق ما
يسمى العدة وهي آلة يدوية تتكون من قوائم وعوارض من الخشب المتين تسمى القائمتين بفردتي الاخت والدبكش وهو مستعرض ثم الوصيف وهو مقلوظ ثم الفلت للربط والضغط به على عمود الأبراش ثم القرصة وهي من الجرانيت ثم الجب وهي بئر صغيرة أيضًا من الجرانيت يتلقى الزيت المصفى.
يقول محمد محيي لـ"الوفد" إن القاعة الأولى مسئولة عن عجن الحبوب، أما الثانية يُستخرج منها الزيت نقيًا خالصًا ثم يتم وضعه بأوانٍ خاصة للبيع.
 
 
 

يدخل التسعيني إلى القاعة الثانية ويرفع إناء ممتلئًا بالزيت، يملأ ويسكب عدة مرات وهو يقول لمحررة الوفد: "الزيت ده نقي جدًا.. شايفة نضيف إزاي.. ده شغل المعصرة".
يضيف صاحب المعصرة وهو يتحدث بثقة عن جودة الزيوت التي تنتجها الآلات الأثرية لديه، إلى جانب رؤيته بأن تلك الزيوت أفضل من العقاقير الطبية التي يصفها الأطباء: "زيت الخس تنتجه المعصرة هو مفيد جدًا في علاج القولون والضغط والسكر، أما زيت حبة البركة يعالج الكحة وتجلط الدم".
 
 
 

لم تقتصر المعصرة على دورها في إنتاج الزيوت الطبيعية فحسب، بل تعتبر مزارًا سياحيًا يتردد عليه السياح القادمون إلى المدينة لينتهوا من زيارة المعبد الشهير "معبد إسنا" المجاور للمعصرة، ثم يتوجهون لزيارتها والتقاط الصور التذكارية هناك.
إنتاج الزيوت من المعصرة التقليدية، ربما هي مهنة أوشكت على الاندثار، خاصة في ظل تطور الطرق الحديثة لاستخلاص الزيوت، لكن الاهتمام بأهمية المعصرة وقيمتها في الاستفادة منها من الناحية السياحية والأثرية، حتمًا سيضيف قيمة جديدة إلى محافظة الأقصر.