رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«هوكينج».. معجزة علمية لم يدمرها الشلل

بوابة الوفد الإلكترونية

كان طفلا ضعيف البنيان، يدرك كل من يراه أن به علة ما صحية، يمكن أن تقوده فى المستقبل إلى كارثة، وبالفعل عندما بلغ أعتاب الشباب وصار عمره 21 عاماً، ظهر عليه بوضوح ما كان مخفياً، مرض التصلب الجانبى الضمورى، والذى نتج عنه شلل شبه تام بجسده أفقده القدرة على الحركة وعلى الكلام إلا من خلال أجهزة إلكترونية، رغم ذلك لم يثنه مرضه وهو لا يزال شاباً عن طموحه العلمى، ولم يستمع إلى تنبؤات الأطباء بأنه سيتوفى خلال أشهر أو حتى عام على الأكثر، وتحدى تكهناتهم.

وانطلق يلتهم من الدراسة والعلم، انطلق بعقله وفكره إلى العالم الكونى.. الفضاء، والذى نجح فى كشف الكثير من خباياه الغامضة، وإلى التوصل إلى كشف أسرار الثقوب السوداء فى الكون، وهى الثقوب التى كشف حدوثها نتيجة «موت» نجم كبير ونفاد وقوده النووى الحرارى وتحوله إلى كتلة ضخمة على هيئة ثقب أسود يمكن أن يجذب بداخله أى شىء أو أى كائنات فضائية، واعتبره البريطانيون وكل العالم قُدوةً فى التحدى والصبر ومقاومة المرض، وإنجاز ما عجز عنه الأصحاء، إلى جانب ذلك تميز بالعمل والنشاط فى الأعمال الاجتماعية والدعوة للسلام العالمى، ومساعد الطفولة، كما شارك فى مظاهرات ضد الحرب على العراق، وأعلن عن رفضه المشاركة فى مؤتمر يقام فى إسرائيل مساندة منه للحق الفلسطينى فى الأرض، إنه العالم البريطانى وأشهر عالم فيزياء فى العصر الحديث ستيفن هوكينج.

ولد هوكينج فى أكسفورد ببريطانيا عام 1942، والده فرانك، وأمه أيزوبيل، إسكتلندية، وبالرغم من الضائقة المادية التى كانت تعانى منها الأسرة، إلا أن الأبوين أدخلا ابنهما جامعة أوكسفورد، وكانت عائلته ذكية للغاية وغريبة الأطوار بعض الشىء، حيث كان أفراد الأسرة مثقفين وعلى درجة عالية من الفكر، وكان أفرادها يقرأون الكتب فى صمت أثناء وجبات الأكل.

وهكذا درس هوكينج فى جامعة أوكسفورد وحصل على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، أصبح واحداً من أبرز علماء الفيزياء النظرية فى العالم، وتحدث عن أكثر الأمور غرابة فى الفضاء ومنها الثقوب السوداء، كما تناولت أبحاثه النظرية العلوم الكونية والعلاقة بين الثقوب السوداء والديناميكا الحرارية والتسلل الزمنى.

وعند أصيب عام 1963 بمرض التصلب الجانبى الضمورى، الذى نتج عنه شلل جعله غير قادر على الكلام إلا بأجهزة إلكترونية، توقع له الأطباء الموت خلال أشهر وبحد أقصى 3 أعوام، لكنه لم يهتم بتكهناتهم، وانطلق إلى مزيد من العلم وإطلاق النظريات العلمية والأبحاث، ويبدو أن الأمل والتحدى يغير الأقدار، فقد ظل على قيد الحياة حتى عمر 76 عاماً.

 تزوج هوكينج من «جين وايلد» عام 1965، وكانت صديقة لشقيقته، وساندته زوجته فى كل حياته الخاصة والعملية والعلمية، وتحملت أغلب وكانت أعباء الحياة بسبب مرضه، وهو المرض الذى لم تحدثه عنه أبداً، ومن وقفاتها بجانبه، قيامها بحملة معه من أجل تحسين طرق وصول

ذوى الإعاقة إلى جامعة كامبريدج، وجاءت الحملة إثر خلاف بينه وبين الجامعة، حول من سيدفع تكلفة المنحدر اللازم للكرسى المتحرك الذى كان يستخدمه فى تنقلاته وفى دخول الجامعة لإلقاء محاضراته العلمية.

ورزق هوكينج وجين بثلاثة أولاد، هم روبرت، ولوسى وتيموثى، ولحسن الحظ ولدوا أصحاء دون التأثر بمرض والدهم، ومن فوق الكرسى المتحرك الذى يربطه بحركة العالم، أصدر «هوكينج» عام 1971 نظرية تقول إن الثقوب السوداء الناتجة عن موت نجوم فى السماء، تعد حدثاً كونياً له نقطة بداية، وساعده فى تلك النظرية عالم الرياضيات روجر بنروز، وبعدها بثلاث سنوات، أثبت نظرياً أن الثقوب السوداء تصدر إشعاعاً، واستعان فى ذلك بميكانيكا الكم، وقوانين الديناميكا، حتى أصبح من أشهر علماء الفيزياء النظرية وعلم الكون على مستوى العالم.

ومن أبحاثه ودراساته، توقعاته باختفاء البشرية بحلول عام 2060، ووفقاً له، فإن عدد سكان الأرض سيستمر بالنمو، وسيزداد استهلاك الطاقة وستتحول الأرض إلى «كرة نارية مشتعلة»، وحذر فى كتبه مراراً من تعرض الحياة على كوكب الأرض للخطر، المتمثل باندلاع حرب نووية مفاجئة، أو انتشار فيروس مدمر تمت هندسته وراثياً، كما حذر من ظاهرة الاحتباس الحرارى وغيرها من الأخطار الطبيعية التى تهدد الكون، ويرى أن إرسال الرحلات الفضائية واستعمار البشر للفضاء ضرورةً، من أجل تأمين مستقبل البشرية، وعدم السماح لمخلوقات أخرى بالسيطرة على الأرض، إذ يرجح وجود كائنات فضائية.

وتوفى «هوكينج» أشهر عالم فيزياء حديث فى 14 مارس الماضى، بعد أن قضى 55 عاما على كرسى متحرك، أنجز على هذا الكرسى أحدث النظريات الفيزيائية والكونية، ونعته أسرته بجملة: «نشعر بحزن عميق لأن والدنا الحبيب توفى، لقد كان عالما عظيما ورجلا استثنائيا، سيعيش إرثه العلمى لسنوات طويلة، وسيخلده التاريخ مثالًا لتحدى الإعاقة وللصبر فى صراعه الطويل مع المرض الذى انتصر على جسده ولم يهزم أبدا عقله وفكره بسبب إرادته المتحدية».