عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخرافة

بوابة الوفد الإلكترونية

كتبت ـ نهلة النمر:

رائع هو المخرج كمال الشيخ حتى أنه مع أول فيلم من إخراجه زرع بداخلنا فكرة مازالت تسيطر علينا جميعاً، ويبدو أنه ليس لدى أى منا نية للتخلص منها.

 فكلما ذكرت أمامنا كلمة « التنويم المغناطيسى» لا يسعف ذاكرتنا سوى شخصية «شريف» وهو يحمل مسدساً ويطلق منه الرصاص على شخص ليس له به أى صلة، سوى أن هذا المقتول هو غريم الطبيب النفسى الذى يعالج مرضاه، ويستغلهم إيحائياً فى ارتكاب جرائم قتل تحت تأثير التنويم المغناطيسى، تلك الشخصية التى أداها الفنان عماد حمدى فى فيلم «المنزل رقم 13» الذى أنتج عام 1952، كما كان مادة خصبة للأفلام الكوميدية بإفيهات من نوعية «نام.. شد اللحاف».

فى الواقع روجت أفلام الإثارة القديمة ومنها هذا الفيلم لترسيخ فكرة مغلوطة عن التنويم المغناطيسى والمعروف علمياً بالتنويم الإيحائى، هذه الفكرة التى كرست لإمكانية السيطرة على عقل الضحية عبر شخص آخر، لكن الضالعين فى هذا المجال والذى أصبح حقلاً علمياً مهماً فى الآونة الأخيرة يؤكدون أن ذلك علمياً غير ممكن، فالتنويم الإيحائى فى حقيقته يعتمد على استرجاع ذكريات حقيقية أو ذكريات متوهمة من صنع العقل الباطن للشخص نفسه، ويستخدمها عادة أخصائى علم النفس فى معالجة هذا الشخص وقت احتياجه، لذلك وقد أثبتت البحوث العلمية فى المختبرات والجامعات فعالية التنويم الإيحائى في رفع القدرات والتخلص من العادات السلبية ومعالجة المشاكل النفسية.

حيث يرى الباحثون فى المجال ذاته أن ظاهرة التنويم الإيحائي تعد من ظواهر القدرات الخارقة للإنسان «الباراسيكولوجي»، وأنها فسرت على مر العصور وإلى يومنا هذا تفسيرات لم ترتق الى التفسير العلمي الشامل المستند الى العلوم الطبيعية ذات الصلة كالكيمياء والأحياء.

فيرى الباحث الفلسفى، رائف أمير إسماعيل، والذى يسعى دائماً من خلال أبحاثه إلى الربط ما بين علوم الفيزياء والأحياء وعلم الجينات وعلوم الدماغ بشكل تفصيلي وما بين الفلسفة، يرى من خلال أبحاثه على ظاهرة التنويم الإيحائى سنوات طويلة والتى قدمها في كتاب بعنوان «آلية انتاج الفكر في دماغ الانسان– نظرية الشبكة العنكبوتية» الصادر عام 2013، أن التنويم الإيحائي حالة ذهنية هادئة ومسترخية، يكون فيها الذهن قابلاً بشكل كبير للاقتراحات والإيحاءات، أو هو حالة من الاسترخاء العميق تقع بين حالتي اليقظة والنوم لا يغيب فيها الوعي. ويذهب الباحث رائف اسماعيل فى تفسيره إلى أن بعض الدراسات عممت حالة التنويم الإيحائي ورأت فيها حالة طبيعية قد يمر بها كل شخص فى وقت ما، فالاستغراق في قراءة كتاب معين أو التركيز فى مشاهدة مشهد فى فيلم ما تعد حالات طبيعية من التنويم الإيحائي، ويذكر أنه حسب «منظمة الصحة العالمية» أن 90% من البشر قابلون للتنويم الإيحائي، بل هناك من يعممها لتتعدى الانسان، فيعتبر أن الحيوان المفترس إذا أبصر فريسته فإنما يبعث الرعب في قلبها بواسطة النظر إليها.

وتعد الشابة سحر عبدالمنعم، الباحثة فى علوم تنمية الوعى وتطوير الذات، من الدارسات القادمات بقوة فى مجال «التنويم الإيحائى»، فهى ممارس تنويم بالإيحاء معتمدة من مؤسسة «المايند كير» البريطانية والمؤسسة الأمريكية H.I.A، وتعمل حالياً على إعداد كتاب عن المجال نفسه يتضمن تجارب واقعية وأطراً نظرية.

وقالت «عبدالمنعم» فى تصريحات خاصة لـ«الوفد» عن أسباب اختيارها للتخصص فى هذا المجال تحديداً: «إن التنويم بالإيحاء هو ذلك العلم الذي طالما تعرض للظلم، وطاله العديد من الاتهامات، وكون عنه الكثيرون مفاهيم مغلوطة وأفكارًا خاطئة وصمته على مدار الأزمنة بأنه عبارة عن سيطرة القائم بالتنويم على ضحيته، واستغلالها في تحقيق أغراضه الخبيثة كالسرقة والنصب والاحتيال، في حين أن التنويم بالإيحاء هو بمنزلة مفتاح بوابة الأمان للعبور إلى العقل الباطن والوصول إليه وزرع المقترحات والتوكيدات الإيجابية

والتي من شأنها أن تفيد في تغيير حياة الفرد إلى الأفضل.

واستطردت «عبدالمنعم»: «إن العقل الباطن للإنسان بمثابة صندوق ملئ بالكنوز، حيث يحتفظ بكل ما يمر به الفرد من معلومات خلال رحلة حياته من الأب والأم ووسائل الإعلام وخلال المراحل الدراسية له والأصدقاء فتكّون له معتقداته وأفكاره التي يتصرف بها مع نفسه ومع الآخرين ومع كافة المواقف التي يمر بها، وقد يكون داخل العقل الباطن معتقد ما يعيق الشخص في تحقيق أهدافه نتيجة خبراته السابقة التي تخزنت دون درايته بذلك ويتم اكتشاف هذا خلال رحلة التنويم والتي يتم فيها استبدال تلك المعوقات بأخرى إيجابية من خلال جملة النص التطويري التي يتم تلقينها للعقل الباطن أثناء الجلسة، فيعمل العقل الباطن بناء على ما تكون لديه من معتقدات إيجابية جديدة على تمهيد طرق تخدم الشخص وتقدم له فرصاً تجعله يتحرك بشكل إيجابي تجاه تحقيق هدفه.

وتضيف «عبدالمنعم»: «يقتصر دور ممارس التنويم على مساعدة المستفيد على الوصول إلى نوع من الاسترخاء الذهني دون غياب الوعي أو الدخول في سبات عميق لأن هذا الأمر من شأنه أن يفسد حالة التنويم ويصبح على الممارس وقتها إعادة الجلسة للمستفيد ليكون في حالة استرخاء ووعي دون فرض أية عبارات أو كلمات عليه ومن كل ما سبق يتم صياغة ما يسمى النص التطويري والذي يتم إلقاؤه على المستفيد وهو في حالة الاسترخاء لتصل إلي العقل الباطن ومن خلاله يتم استبدال تلك المعتقدات المعيقة الموجودة بالعقل الباطن بأخرى إيجابية لخدمة الهدف الذي قرره المستفيد.

لكن هل يمكن لكل منا الدخول فى هذه الحالة والاستفادة منها، هنا تقول «عبدالمنعم»: «هناك شروط ينبغي توافرها في المستفيد من التنويم الإيحائى فينبغي أن يكون الفرد على درجة عالية من الوعي ولديه الرغبة والاستعداد للدخول في حالة التنويم واليقين بالنجاح وتحقيق الأهداف المرجوة من الجلسة والاطمئنان للممارس والثقة فيه، كذلك ألا يكون المستفيد مريضاً نفسياً، فممارس التنويم ليس طبيباً نفسياً، كما يفترض ألا يكون الشخص سبق له تناول عقاقير نفسية، وإذا صادف الممارس إحدى هذه الحالات فعليه أن يخبر الطبيب النفسي المتابع للفرد ليتأكد من إمكانية عمل جلسة تنويم له كنوع من المساعدة في العلاج من عدمه، كما أنه لا يشترط سن معين للمستفيد طالما توفر فيه الشرطان السابقان فيمكن اجراء التنويم للاطفال والمراهقين ولكن بشرط وجود ولي الأمر طالما لم يتجاوز المستفيد سن الثامنة عشرة.