رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الغزال .. من نجع حمادي!

آخر علاقة لي مع كرة القدم ..عندما كان اللاعبون في الملاعب فنانين.. محمود الخطيب، زيزو، فاروق جعفر، حسن شحاته، إكرامي، عرابي، حسن الشاذلي، بوبو، اسامه خليل.. وغيرهم. فمن بعد هؤلاء، لا أتذكر أنني شاهدت مباراة كرة قدم، سوى بعض أجزاء من المباريات المهمة للمنتخب في النهائيات!!

والأسباب كثيرة .. أهمها تدهور مستوى الفرق، وكأنها فرق حواري، وكرة شراب، بعد ان كان كل فريق يضم 11 نجما وليس لاعبا. واللاعبون ايضا تدهور مستواهم الفني والأخلاقي في الملاعب، وكذلك مسئولو النوادي، بالإضافة الى الجمهور، وهؤلاء العيال انصاف المتعلمين وانصاف الجهلاء المعروفين بالألتراس.. الذين جعلوا مشاهدة كرة القدم قلة أدب ومثيرة للقرف وليس للمتعة.. وقد استمر هذا التدهور حتى وصلنا لهذا الوضع المذرى الذي وصلنا إليه باننا لا نستطيع ان نقيم مباراة واحدة بالجمهور، وصارت كل مباريات الدوري تقام في مدرجات فارغة.. وأقترح، لحفظ ماء الوجه، إضافة أصوات جماهير للمباريات أثناء نقلها تليفزيونيا مثل المسرحيات التي تعرض بلا جمهور في الاستوديو!
وفوجئت، منذ فترة بلاعب يلقبونه بالغزال، وهو اللاعب عمرو جمال، وعنصر المفاجأة إنه من مدينتي نجع حمادي، وكان يلعب مع فريق الالمونيوم. قبل ان ينتقل للنادي الأهلي، وللأسف لم انتبه إليه لعدم اهتمامي بالكرة عموما، والانشغال بالأحداث السياسية والشأن العام بصفة عامة، باعتبارها أشياء مهمة، وفي الحقيقة لا مهمة ولا حاجة ..بينما كان المهم ما تداوله أصدقاء مدينتي على الفيسبوك، من اخبار وصور وأهداف، اللاعب عمرو جمال، ونشروا معها شعورهم بالفخر لأنه ابن مدينتهم، وخاصة عندما أصيب قبل فترة وذهب للعلاج في اسبانيا ثم زواجه مؤخرا.
ومن خلال موقع اليوتيوب، أعظم اختراع يحفظ ويسجل حياة البشر اليومية، شدني الفضول لمشاهدة لقطات من مباريات اللاعب عمرو جمال، وبما تبقى لدى من إحساس كروي كمتفرج من أيام زمان، عرفت بالفعل ان هذا اللاعب موهوب وفنان، ولما سألت أصدقائي عنه اشادوا بأخلاقه واسرته.. وانه كان أبرز لاعبي فريق مجمع الألمونيوم في نجع حمادي.
وهذا.. ما كتبته عشرات المرات عن أهمية التأثيرات الحضارية لمجمع الالمونيوم في هذه المدينة، ومن قبله بالطبع مصنع سكر نجع حمادي.. فمثلا، كان لمصنع السكر سينما اتاحت لي ولأصدقائي مشاهدة روائع الأفلام العالمية منذ أكثر من 30 عاما. حيث لا يقتصر الهدف من إقامة أي مصنع توفير فرص عمل وزيادة الدخل القومي ..ولكن خلق مدنا جديدة متطورة متقدمة، وواحات إنسانية، تتيح للمواهب ان تعبر عن نفسها، واكتشافها ..وتكون إضافة حقيقية وملموسة للدولة، فاللاعب عمرو جمال الذي أصبح من أبرز لاعبي النادي الأهلي، وكذلك المنتخب، يمكن ان يساهم في بروز المنتخب

مرة أخرى.. واتوقع له مستقبلا كبيرا في الاحتراف بأوروبا، ويكون سفيرا للمصريين، مثلما يحدث مع اللاعب محمد صلاح الآن.. وكان يمكن ان تضيع موهبة عمرو جمال ما لم يكن مجمع الالمونيوم موجودا، مثلما ضاعت من قبله مئات المواهب ، وكان يمكن أيضا أن يكون هذا المجمع مصدرا للاعبين آخرين في فرق أخرى جماعية وفردية للمنتخب، ولكن للأسف واجه المجمع، في زمن الخصخصة والمصمصة والبيع العلني لكل المصانع، أزمة تمويل بسبب امتناع الحكومات المتعاقبة، عن قصد وبصورة متعمدة، ضخ استثمارات لتطويره مما كان لذلك أثر سيئ على المجمع، وعلى انشطته الاجتماعية وعلى فرقه الرياضية. وأتذكر ان ابن شقيقي كان في فريق كرة السلة بالمجمع، وهو يتمتع بقامة طويلة وجسم رياضي، ولكن فوجئت بانه توقف عن اللعب.. والسبب ان المجمع اضطر لوقف الكثير من الفرق لعدم قدرته على الانفاق عليها في ظل ضعف امكانياته المادية، وانه ينفق بالكاد على فريق كرة القدم الذى تمكن من الوصول إلى الدوري العام.. كما ان المدينة ليس بها قطاع خاص كبير أو رجال أعمال كبار يمكن ان يشاركوا في رعاية هذه الفرق الرياضية، وبالطبع الحكومات ليست بالذكاء لدرجة رؤية أهمية مساندة ودعم الأنشطة الثقافية أو الرياضية في الصعيد.. علي أساس ان ذلك جزء من حربها ضد التطرف والإرهاب!!
ولهذا.. فإن محاولة الحكومة، استرضاء الصعيد، بموضوع «مشروعك» لن يكون كافيا لتطوير محافظاته وناسه، ولا لاكتشاف مواهبه، لأنه لن يؤثر أو يغير في البنية الحضارية والثقافية للمجتمع الصعيدي.. وسيكون أشبه بتوزيع أكشاك لبيع السجائر والحلويات على الشباب العاطل.. ووقتها سنكون قد ضيعنا عشرات المواهب في الفن والرياضة.. مثلما كاد ان يضيع الغزال عمرو جمال لولا وجود مجمع الالمنيوم !!

[email protected]