دولة السيرك !
السيرك.. هو أن يتبادل الإنسان والحيوان الأدوار، وأن يقوم الانسان بتقليد الحيوانات، وتقوم الحيوانات بتقليد الإنسان. هذا هو المدهش في السيرك، والمضحك فيه حتى البكاء، أن ترى الإنسان يقفز ببراعة على الترابزين، ويقلد حركات القرود على أغصان الشجر، أو تراه بهلوانا ومهرجا يقلد أصوات الكلاب والقطط، أو ترى الأسد يقف على قدميه ويصفق، والكلب يرتدى بدلة، والقطة تقود دراجة مثل الإنسان !!
وللسيرك قانون، بأن ما يتم في السيرك يظل داخله، وإذا طبقناه خارجه يتحول الشارع إلى سيرك.. وإلى فوضى، وتهريج. فلا يصلح أن تخرج الحيوانات من السيرك إلى الشارع، ويتحول إلى غابة بلا قانون، حيث يمكن أن تهاجم الحيوانات الناس، وتقتلهم، ولا يحاسبهم أحد، ولا يعاقبون. وفى المقابل لا ينفع أن يتعامل البهلوان مع الناس مثلما يفعل داخل السيرك، ويسوق الهبل على الشيطنة، ويمارس عليهم شغل الاستهبال والاستعباط في الشارع !!
ولكن ..كان من المفروض أن تكون ثورة 25 يناير حداً فاصلاً بين حياتنا التي تحولت إلي سيرك وفوضى وتهريج بلا قانون، والسيرك الذي تحول هو حياتنا، حيث لا فرق بين الحيوان والانسان، في السلوكيات والأفعال والأقوال.. ناس تموت بلا سبب، وناس تقتل بلا عقاب، ناس تسرق، وتنهب، وتستبد، وتغتصب حقوق الآخرين بلا حساب، وناس تموت من الجوع، وبلا عمل، أو سكن، أو حتى أمل في الحياة، ورغم ذلك تحاسب وتعاقب لأنها تشكي وتبكي على حالها وعلى حياتها التي تشبه حياة الحيوانات!!
ورموز النظام السابق، وعلى رأسهم المخلوع مبارك.. جميعهم حولوا، على مدى ثلاثين عاما، الدولة إلي سيرك كبير، وعملوا شغل على الشعب أكثر من شغل البهلوانات، والمهرجين في السيرك.. من نهب وتعذيب وتشريد وقتل، والقفز على الكراسي، وعلى المناصب، وسرقة أموال الشعب وأراضي الدولة، وتخريب وتجريف أجيال، ولم يخلفوا وراءهم سوى جماعة الإخوان، وإرهابهم الأسود، الذي يحصد في الأرواح ويدمر في البلد.. فمن غيرهم كان يتعامل مع جماعة الإخوان في أمن الدولة، ويقسم معهم الدوائر الانتخابات البرلمانية، ومن غيرهم كان يستخدم الإخوان فزاعة للشعب حتى يسكت خوفا من إرهابهم، وتسلطهم، وديكتاتوريتهم، ومن غير هؤلاء باعوا الغاز لإسرائيل بأبخس الأثمان، ومن غير هؤلاء باعوا القطاع العام مصنعاً مصنعاً، وشردوا العمال، ومن غير هؤلاء
من الشارع:
يبدو أن الجميع أصبح خائبا، وفى الهايفة يتصدر.. فلم ير أحد شيئا مفيدا في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخير، سوى الأخطاء الإخراجية والفنية للحديث.. رغم انه كان ذات أهمية كبيرة على مستويات كثيرة، وإن كنت أرى أن أفضل ما تضمنه هو الأمل في أن هذه الدولة لن تعود إلى الوراء، رغم كل محاولات الإرهابيين، وعفاريت الدولة العميقة، وأقزام النظام السابق، وعملاء الدول المتربصة بهذا البلد.. ولهذا أقول للرئيس السيسي إن الشعب لا يثق في أحد غيرك، ويراهن على مستقبل أفضل باسمك، وأمنيتهم ان تنجو مصر من كل المؤامرات الداخلية والخارجية، وانت معهم، فلا تحمل أحدا المسئولية ليس على مستواها.. لأن هذا الشعب لن يحمل أحدا المسئولية، إذا لم تتحقق كل أحلامهم وأمنياتهم في المستقبل.. سواك!!