رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العنتيل.. والسياسة!

كل يوم.. والثاني يستشهد ضابط أو جندي في سيناء، ويستشهد أمين شرطة أو مساعد شرطة في محافظات أخرى، ومشاهد الجنازات العسكرية، وبكاء وعويل الأمهات والزوجات والأولاد.. أصبح أمراً مكرراً، ويكاد يكون من الفقرات اليومية في الفضائيات.. وشيئاً فشيئاً فقدنا الإحساس بهول ما يجرى، وبدماء الضحايا، وبخطر الإرهاب وبمخاطر التهديد الداخلي والخارجي الذى يحاصر الدولة المصرية وكيانها وهويتها.. ورغم ذلك كلنا مشغولون بأفلام العناتيل الجنسية التي انتشرت بصورة مريبة، وبقصص زنا المحارم، وبقضايا الدعارة.. فهل هذا طبيعي؟!

هي أشياء تدعو للريبة، والتوجس، وتثير الشكوك حول أسباب ظهورها كلها مرة واحدة وفى وقت واحد وفي قرى ومدن نائية وليست في القاهرة أو الإسكندرية.. مما يجعلها غير منطقية أو مقصودة أو نتيجة مؤامرة لتحقيق مصالح محددة.. فمن يكون وراء كل هذه القصص الرذيلة والمنحطة والوضيعة في وقت يموت لنا ضباط وجنود من القوات المسلحة والشرطة يومياً، والإرهاب يهدد بتدمير الدولة، بينما كان المفترض أن تكون خطط واستراتيجيات الصناعة والتعليم والزراعة والاقتصاد هي شاغلنا الشاغل.. فمن يريد إلهاءنا عن كل ذلك؟!
الموضوع مصطنع.. بتعدد الحالات وكثرتها وتتابعها بهذه الطريقة، فمنذ سنوات أثيرت قضية الذئاب البشرية الذين قاموا بخطف امرأة واغتصابها.. وقام وقتها المجتمع ولم يقعد إلا بعد إعدام المغتصبين، وكانت حادثة واحدة، ورغم ذلك انشغل الرأي العام والصحافة، حتى السينما أنتجت أفلاماً عليها.. وهى حادثة واحدة.. بينما الآن تظهر أكثر من قضية في وقت واحد، وكل واحدة أسوأ وأقذر من الأخرى، ومع ذلك تعاملنا معها ببرود، وبدون الشعور بالهول والمصيبة بل حولناها إلى أفلام وقصص تروى للتسلية والضحك والمتعة، حتى أن وصف مرتكبي هذه الجرائم بالعنتيل هو وصف ساخر وفكاهي كما لو أنه نكتة!
في حاجة غلط.. ولابد من البحث عنها، لأن الموضوع أشبه بالمخدرات التي تنتشر بهدف إصابة الفرد بالبلادة، وعدم المبالاة وفقدان الاهتمام بأي شيء يحدث معه أو من حوله، إلى درجة أن المصائب أصبحت لا تثير فينا الفزع أو الجزع، وهى التي يجب أن تكون وسيلة لليقظة والانتباه للخطر الذى يهددنا جميعاً.. والخطر في ذلك هو تراجع اهتمامنا، وهمنا، وهمومنا، عن القضايا الكبرى أو المصائب الكبرى.. فكل يوم يستشهد جندي، كما لو أننا في حرب استنزاف مستمرة ولا تنتهى.. والدولة من المفروض أنها تستعد أو تضع خطط مشاريع كبرى، وهناك آمال جديدة للمستقبل، ومع ذلك نحن منشغلون بالعناتيل أكثر من حزننا على الشهداء، ومنغمسون في قصص مقرفة عن زنا المحارم أكثر من اهتمامنا بالبناء، وقضايا مخجلة عن الدعارة أكثر من المستقبل.. ما الذي يجرى، ومن وراء كل هذا.. وهل لا يستحق كل ذلك اهتمام مراكز

البحوث الاجتماعية والجنائية أم أن الدارسين والباحثين والعلماء أصيبوا أيضاً بالبلاهة والبلادة وعدم المبالاة؟
حتى.. موضوع مظاهرات 28 نوفمبر أنا أشك فيها بكل صراحة، ولا معنى لها وليس لها قيمة سياسية بالنسبة للجماعات الإرهابية المتطرفة، ويعرفون أنها لن تؤدى إلى شيء ولن يكسبوا من ورائها شيئاً.. فمن أوعز لهم أن ينظموا هذه المظاهرات أو التهديد بها وهم يعلمون مسبقاً عدم جدواها.. فمن دفعهم ودفع لهم ليشغلونا بها على مدى شهر تقريباً مثلها مثل قصص العناتلة.. والمشكلة أننا صدقناها وعملنا لها ألف حساب!
< من="">
لا أعتقد أن السيد محافظ الجيزة يغار من محافظ القاهرة، ويبدو أنه من الشخصيات التي لا تستطيع أن تفعل شيئين في وقت واحد.. فمن المفترض أن السياحة بدأت تنشط من جديد، ولا أعتقد أنه يخفى عليه أهميتها بالنسبة إلى زيادة الدخل من الدولارات من ناحية، وطمأنة العالم والمستثمرين أن هذه الدولة آمنة من ناحية أخرى.. ورغم ذلك لم يفكر أو يجتهد في جعل الطريق، المؤدى إلى أقدم جبانة في التاريخ، وإلى أعظم أثر عرفته البشرية، وهو الأهرامات وأبوالهول طريقاً آمناً لقوافل أتوبيسات السياح المتوقعة، بداية من ميدان الجيزة حتى الهضبة، بل تحول هذا الطريق إلى مضيعة للوقت بسبب اختناقاته المرورية، فماذا لو كنا طالبناه بتحويل هذا الطريق إلى تحفة جمالية بأشياء بسيطة مثل طلاء كل العمارات والبيوت التي على الشارع بلون واحد أو اختيار مواقع على جانبي الطريق لتماثيل فرعونية مقلدة، ويتفق مع وزارة وشركات السياحة أن تكون الأتوبيسات التي تنقل السياح على شكل مراكب الشمس.. أشياء تهيئ السائح نفسياً ووجدانياً أنه لا يدخل شارع الهرم بل التاريخ.. هل هذه أشياء صعبة.. ولكن من يريد أن يفكر ويعمل بجدية في هذا البلد؟!


[email protected]