رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شعب يبحث عن رئيس.. ورئيس يبحث عن شعب!

الشعب المصري، عادة، لا يعطى شيكاً على بياض لأى رئيس، حتى ولو كان فرعوناً عظيماً وفى عز مجده أو حاكماً ظالماً في عز جبروته.. وكل رئيس، أو

حاكم، يعرف جيداً أن هذا الشعب لا يقبل الظلم ولكن يصبر عليه، ولا يقبل الجوع ولكن يحتمله، ولديه قدرة على تَحَمل ما تنوء عن حمله الجبال ولكن إلى حين.. هو وحده الذى يعرفه ويحدده، وأن كل رئيس حكم هذا الشعب كانت كل مشكلته معه (مع الشعب) أنه لا يعرف إذا كان (الشعب) يحبه بصدق أم يكرهه بصدق!
والمتأمل لكلمة المشير عبدالفتاح السيسي، في حفل انتهاء فترة الإعداد العسكري والتدريب الأساسي لطلبة الكليات والمعاهد العسكرية من المصريين والعرب، الثلاثاء الماضي، يدرك أن الرجل يقدر المسئولية ويحترم القيم العامة والمبادئ الأساسية لدور رجل الدولة المسئول، وأنه لا يزال، كعسكري، يحافظ على مساحة تباعد بينه وبين العمل السياسي.. ولكن الإشكالية أن الشعب، ونظراً لضغط الحاجة عليه كفرد، وأيضاً من جراء الخوف على بلده مما يجرى بجواره شرقاً في سوريا وغرباً في ليبيا، وقبلهما طبعاً العراق، يريد السيسي في العملين.. العسكري والسياسي، والآن وفى التو اللحظة لأن هناك متطلبات، فردية ووطنية لا تحتمل التأجيل ولا يرى سبباً وجيهاً للتأخير، وفى المقابل يعرف المشير السيسي أن تلك هي متطلبات الشعب في الرئيس القادم.. ولكن هو أيضاً (السيسي) يريد أن يضع متطلباته أو شروطه أو ما يمكن أن نسميه بالعقد بينه وبين الشعب حتى يكون هناك وضوح لمتطلبات كل واحد من الآخر في المرحلة القادمة!
وهى مسألة تبدو غير طبيعية في عالم السياسة، بينما تبدو عادية جداً وبديهية في العسكرية.. بمعنى أن من يلتحق بهذه المؤسسة، عامل أو مجند، يعرف مسبقاً المطلوب منه كفرد عسكري سواء كان قائداً أو جندياً، أن مهمته الأساسية هي حماية الوطن من الأعداء، ويتم تدريبه وتأهيله معرفياً وجسدياً لهذه المهمة، وبالتالي أي تقصير في هذه المهمة أو هذا الاتفاق يعتبر جريمة، قد تصل إلى حد الخيانة للوطن.. بينما في عالم السياسة، خاصة في الدول غير الديمقراطية، الحاكم في بداية حكمه يتودد للشعب ولا يطلب منه أي شيء، ولا يريد منه أن يفعل أي شيء، ويفهمه أنه سيفعل هو كل شيء بدلاً عنه.. سيعمل ويكدح ويفكر وينظﱠر بدلاً عنه، وليس عليه كشعب سوى أن يأكل ويشرب ويسكن بالمجان أو بقروش قليلة مقابل ألا يتدخل في السياسة ولا في مشاكلها لأنه لا يعرف مثلما يعرف الرئيس، ولا يطلع على معلومات خطيرة ومهمة مثلما يطلع الرئيس، وبالتالي يؤمن أن ما للرئيس للرئيس وأن ما للشعب للشعب وبصريح العبارة ألا يتدخل في أمور

الحكم إلا بالقدر الذى يريده الحاكم.. ولذلك بعد نكسة 67 أراد الرئيس عبدالناصر التنحي وترك المسئولية ولكن الشعب قال له، بما معناه، أنت كنت سبباً للنكسة وليس نحن، وبالتالي أنت الذى تخلصنا منها ونحن على استعداد أن نحارب معك، ولهذا انطلقت الجماهير بعفوية تقول كلمة واحدة: «هنحارب هنحارب».
والمشير السيسي، في كلمته الثلاثاء الماضي، التي أكد فيها ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو عمل سياسي.. تعامل مع الشعب، على مستويين.. المستوى الأول باعتبارها مؤسسة عسكرية، مهمتها الأساسية حماية الدولة من الأعداء، والمستوى الثاني باعتباره فرداً عسكرياً، يعرف مسبقاً مهمته الأساسية وهى حماية الدولة من الأعداء، وبالتالي لا فرق في العسكرية بين مهمة المؤسسة والأفراد.. بينما في الحياة السياسية، وفى الدول غير الديمقراطية، هناك فرق بين مؤسسة الحكم والشعب، حيث إن الحاكم لا يريد للشعب أن يتدخل في شئون الحكم، ولا يريد من الشعب أي مهام ولا يريد أن يطلب منه كحاكم أي مهام.. ولذلك من الطبيعي، عسكرياً، وأيضاً ديمقراطياً، رغم ما يبدو بينهما من تناقض أو عدم الالتقاء، حيث دائماً هناك مخاوف من ديكتاتورية الشخصية العسكرية، إن يقول القائد خطته، أو الحاكم برنامجه، وأن يحددا المطلوب من الجنود أو الشعب لتنفيذ هذه الخطة ولتحقيق هذا البرنامج.. وهذا ما قاله المشير السيسي في هذه الكلمة، التي أعتقد أنها من ثاني أهم خطبة العامة بعد خطابه الأول يوم 3 يوليو 2013 الذى أعلن فيه عزل جماعة الإخوان عن الحكم واستبعاد مندوبها عن رئاسة الجمهورية، حيث أوضح في كلمته الأخيرة أن لديه خطة ولكن المسئولية مشتركة بين الحاكم والشعب لمواجهة التحديات الراهنة.. وأن لم يحدث ذلك لن يخرج الشعب ويقول له مع السلامة فقط ولكن سيكون هناك خطر حقيقي على الدولة المصرية!


[email protected]