رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إذا الشعب يوما أراد.. الرقص !


دائما كانت تنتاب النخبة السياسية والثقافية شكوكا ومخاوف من عدم خروج الشعب المصرى لمواجهة الفرنسيين أو الإنجليز أو الإسرائيليين أو الإخوان.. وكانوا يتهمونه دائما بالخنوع والخضوع والارتضاء بالذل والهوان.. وفى كل مرة يخذل الشعب هذه النخبة ويخرج ويطرد الفرنسيين والإنجليز والإسرائيليين والإخوان..وللأسف تظل النخبة متشحة بغبائها بعدم الرهان على الشعب، وتلعب من دونه على كل الحبال وترقص على كل السلالم رغم أن حوادث التاريخ أثبتت أن هذا الشعب إذا أراد الرقص سيرقص على الجميع واللعب على الجميع.. فقط يحتاج إلى من يدرك عمق حكمته وفلسفته وفى قدراته الفائقة فى التلاعب بالاحتلال والحكام والسياسيين!!

ويوم أن قال الشعب إنه سيخرج يوم 30 يونية لطرد الإخوان، كانت النخبة السياسية اكثر شكوكا من الإخوان انفسهم فى خروج الشعب.. ولكن خرج هذا الشعب، كأنه يولد من جديد، من كل فج عميق من أرض مصر وقال كلمته عالية ومدوية ليسمعها القاصى والدانى من الإخوانيين وأتباعهم.. سواء الذين كانوا فى قصر الاتحادية أو فى قصر المرشد بالمقطم، وأيضا سمعها من فى أمريكا وتركيا وقطر.. وبالطبع إسرائيل!!
ويوم طلب الفريق عبدالفتاح السيسى، باسم الجيش، تفويضا لمواجهة الإرهاب ومخاطره المحتملة وحماية الدولة من الإرهابيين والمأجورين.. وللمرة الألف انتابت النخبة السياسية شكوكا فى خروج نفس الشعب مرة أخرى بعد 30 يونية بأيام لمنح التفويض.. ولكن هذا الشعب، بحكمته وفلسفته العميقتين يمنح الجيش والشرطة موافقة غير مشروطة لحماية الدولة من كل محاولات النيل منها أو المساس بأمنها.. ويوم الاستفتاء على الدستور تكرر نفس الشىء من النخبة السياسية والمثقفة من مخاوف عدم اقبال الشعب على الاستفتاء على الدستور، وقال المتحذلقون، جريا وراء هراء الإخوان واتباعهم ومن يستغلونهم، إن شعب 14 يناير يختلف عن شعب 30 يونية، وأنه غير راض عن أداء الجيش والشرطة والحكومة والدولة كلها، وأن الاستفتاء على الدستور يعنى موافقة صريحة على الاستبداد وإعادة إنتاج الدكتاتور وعودة الفلول.. ولذلك فإن الإقبال على الاستفتاء لن يكون كبيرا وليس بنفس كثافة أى خروج سابق للشعب.. إلا أن الشعب أقبل إقبالا غير عادي على لجان الاستفتاء، ووقف أمامها طوابير رغم البرد، بل إنه حول اليوم إلى احتفالية شعبية مبهجة.. زغاريد، ورقص، وغناء.. وكأنهم فى فرح بلدى فى وسط الشارع.. وهى حالة غير سياسية ولا مسيسة، ولكنها طبيعة مصرية..طبيعة تحب الحرية والمرح والضحك فى الهواء الطلق.. طبيعة تقلق من الغرف المغلقة وصالات الأفراح المكيفة والأوبن بوفيه.. بينما النخبة السياسية يستهويها الانغلاق والاتفاقيات السرية وتمرير المصالح الانتخابية فى الغرف المغلقة على حساب الشعب ومصالحه.. فعلوا ذلك عندما ثار الشعب على الوالى خورشيد باشا وبدلا

من أن يتولوا امورهم بنفسهم سلموا أنفسهم للضابط الألبانى محمد على، وأيضا فى ثورة 19 كان الشعب يثور على الإنجليز، بينما النخبة كانت تفاوض الإنجليز.. ونفس الشىء مع الأمريكان والإسرائيليين.. وحتى مع جماعة الإخوان. فقد كانت كل النخبة السياسية تتسابق للحصول على البركة الانتخابية بالتحالف مع الإخوان.. وكان ذلك بسبب عدم ثقة هذه النخبة فى نفسها وإيمانهم فى قرارة أنفسهم بأن الشعب غير مقتنع بهم ولا يستأمنهم ولذلك كانوا يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة بعيدا عن الشعب.. ولذلك ستظل النخبة تشك فى الشعب ويستمر الشعب فى إحباط النخبة وكشف عوراتها السياسية على الملأ وفى الشوارع!!
وعلى عكس ما تصورت النخبة خرج الناس للاستفتاء على الدستور.. ليس لأنهم يحبون الفريق السيسى، ولا حتى من أجل أن يقولوا نعم لمواده.. ولكن من أجل الاستقرار، والنهوض بهذا الوطن إلى المكانة التى يستحقها.. فالناس فى مصر غير راضية عن الأوضاع المتردية للأمن والاقتصاد والسياحة.. وغير راضية عن عدم استغلال كل القدرات والإمكانيات المتاحة لهذا البلد، ومقدرته على فعل المستحيل، خاصة أنه تم اختبار قوته على مواجهة أكبر الصعاب عشرات المرات على مدى آلاف السنين.. وأيضا غير راضية على أن تظل مصر أقل الدول المحيطة لها، سواء على المستوى العربى أو الإقليمى، وفى هذا الوضع المهين لها تاريخيا وسياسيا واقتصاديا فى حين لا ينقصها شيء من حيث الجغرافيا والبشر والتاريخ.. ولكن تفتقد لإدارة محترفة وعلمية وخبيرة بمقتضيات العصر وبإمكانات هذا الشعب.. إدارة بعيدة عن أطماع ومصالح النخبة السياسية ورؤيتها القاصرة فى فهم حكمة هذا الشعب وهويته المصرية.. فمتى يأتى حاكم، بعيدا عن هذه النخبة العجوزة العاجزة، ويتعلم معنى وقيمة الوطنية مرة واحدة من هذا الشعب ولا يدعى أنه المعلم؟!

[email protected]