رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من دخل القفص.. مبارك أم الشعب؟!

لم تحظ إعادة محاكمة مبارك ونجليه وحبيب العادلي وقيادات الشرطة السابقين بالاهتمام الشعبي مثلما حظيت به المرة الأولى، ربما لأنهم يحاكمون على جريمة ارتكبوها اثناء الثورة حفاظا على النظام الحاكم، بينما من ارتكبوا نفس الجريمة بعد الثورة وحفاظا أيضا على النظام الحاكم

، سواء المجلس العسكري، أو حكم الإخوان المسلمين.. لم يحاكموا!!.. ولهذا لا يبدو الناس متلهفين أو سعداء برؤية مبارك داخل القفص مثلما كانت سعيدة وفخورة في أول مرة، فقد كان هذا المنظر تطبيقا عمليا لانتصارهم في ثورة 25 يناير، وكان بمثابة العزاء في الشهداء والمصابين. ورغم أنه أخذ على المشير طنطاوي، والمجلس العسكري، اضطرابه وتردده في القرارات التي أصدرها، منذ تسلم سلطة إدارة البلاد بعد تخلى مبارك عن السلطة وحتى تسليم سلطة الحكم للإخوان، إلا أنه كان موفقا في الحصول على التأييد الشعبي، بمحاكمة مبارك ونجليه وحبيب العادلي وقيادات الشرطة ووضعهم في القفص، فحتى اللحظة الأخيرة كانت الناس غير مصدقة أن ذلك سيحدث، ولهذا كانت رؤيتهم لمبارك داخل القفص بمثابة إعلان نصر ثورة 25 يناير، وسقوط نظام الحكم رسميا.
ولأن طنطاوي تحديدا، دون كل أعضاء المجلس، بصفته كان صديقا لمبارك وذراعه اليمني في حماية نظامه، فليس من المعقول ان يظل مع مبارك 20 عاما كوزير دفاعه ولا يكون صديقه؟!.. كان الوحيد الذى شعر بمرارة خيانة الصديق، لأنه اضطر إلى سجن مبارك ووضعه في القفص، حتى ولو بدا ذلك عملا وطنيا ومؤيدا للثورة، ولكن الإحساس بالخيانة كان يؤلمه وكان يريد التخلص منه بأي ثمن. فقد كان مازال مصريا نوبيا، وأبناء النوبة، لمن لا يعرف، يتميزون بقوة الروابط الاجتماعية وعلاقات الصداقة فيما بينهم وبين الآخرين، فالنوبي سماره شفاف وبسهولة ترى ما بداخله من إيمان وصدق وانتماء، ولهذا لم يكن طنطاوي مستريحا لرؤية مبارك في القفص ولا لرؤية الثوار في الشارع أيضا، لهذا لم ير مبررا ، بعد منظر القفص ، لخروج المظاهرات أو الاحتجاجات، ولهذا كان رد المجلس العسكري عنيفا في التصدي للمظاهرات في محمد محمود وماسبيرو وكل حوادث القتل والاعتقال والسحل التي جرت خلال الفترة الانتقالية وعرفت باسم الفترة الانتقامية.. حيث قاموا بنفس الممارسات التي مارسها مبارك ونظامه بدعوى الدفاع عن الشرعية والنظام والقانون أيضا.. والحقيقة أن مظاهرات الشباب كانت تذكر طنطاوي دائما بما فعله بمبارك

بدم بارد، ولهذا كان حائرا ومترددا ومتألما.. وأراد التخلص من هذا العبء بأي طريقة حتى لو كان الثمن تسليم مصر للإخوان المسلمين!!
على أي حال، أعتقد ان طنطاوي والمجلس وما فعلوه بالثورة والمصريين خلال الفترة الانتقالية، ثم فشل الاخوان في إدارة السلطة، لأن أهدافهم ببساطة هي تمكين الجماعة أكثر من استقرار الدولة، وافتتاح مقرات الإخوان المغلقة، بدلا من إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، وتولية مناصب الدولة للأعضاء، وللمؤيدين والمتأخونين، بدلا من الأكفاء والخبراء، واهتزاز هيبة رئيس الجمهورية ومؤسسة الرئاسة في مقابل قداسة مكانة المرشد ومقر المقطم، واستمرار سحل وقتل وحبس الثوار، والعداء لمؤسسة القضاء لأنها تحكم بالقانون، وليس بما يرضيهم ويخدمهم، وكراهية الإعلام لأنه يقول الحقيقة ويكذبهم، والفشل في تعيين وزير داخلية أفضل من العادلي في تحقيق الأمن.. كل ذلك نجح في غسيل سمعة نظام الحكم السابق، وتطهيره من كل الآثام، بأكثر مما كان يتصوره أو يتمناه مبارك نفسه.. وأعتقد أن كراهية الشعب المصري لمبارك وعائلته ورجال أعماله التي وصلت إلى أعلى مستوياتها أثناء الثورة وعندما كان داخل القفص تراجعت كثيرا بل تحولت الى التعاطف معه والشفقة عليه من هذا الوضع المهين الذى لا يستحقه، كما أن الكثيرين، في ظل تردى الأوضاع الاقتصادية والأمنية الحالية يتمنون يوما من أيام مبارك، وان رؤيتهم لمبارك في القفص مرة أخرى أصبحت تثير الحزن والانكسار في النفوس أكثر مما أثاره نفس المنظر في المحاكمة الأولى من زهو وانتصار .. لأن الشعب يشعر أنه هو المحبوس داخل قفص الإخوان.. وليس مبارك!!

[email protected]