رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صناعة البلطجية..تبدأ من العشوائيات

قررت «الوفد الأسبوعي» أن تفتح ملفاً اقترب من الانفجار اسمه العشوائيات، تلك التي تصدر البلطجية لكل أنحاء مصر متأثرين بعيشهم حياة لا تليق بآدميين، وحاملين تاريخاً طويلاً من الظلم والتجاهل الحكومي بل والاضطهاد أحياناً.

أهالي هذه المناطق ينفون تماماً صلتهم بالبلطجة، ويتهمون الخارجين علي القانون الذين يلجأون اليها ويختبئون بها باعتبارها بعيدة عن أعين الأمن، وسواء كانت البلطجة متأصلة في هذه المناطق أو وافدة إليها، فهذا لا ينفي أنها باتت أقرب الي معامل تفريخ للبلطجية ومختبرات لتحضير جينات الثورة المضادة.
وإذا رجعنا الي الخلف قليلاً نجد ان السبب في وجود هؤلاء البلطجية وزارة الداخلية والنظام السابق، حيث كان الأمن يستعين بهم في الانتخابات لمضايقة المعارضين وتسويد البطاقات مستغلين احتياجهم للمال بحكم إقامتهم في اماكن عشوائية محرومة من أدني مقومات الحياة.
ففي عزبة الهجانة إحدي أكبر المناطق العشوائية في مصر والتي تقع في طريق مصر السويس تنتشر البطالة والفقر والأمية وغياب المرافق مما أدي الي سهولة السيطرة عليهم من قبل الحكومة لاستخدامهم فيما تريد سواء انتخابات أو أعمال شغب وعنف.
أما منشية ناصر التي تقع غرب حي مدينة نصر الراقي وشرق القلعة وجنوب مقابر الغفير ويبلغ عدد سكانها نحو 55 ألف نسمة تعود اصول أغلبهم الي مدن القناة، حيث انتقلوا إليها أثناء تهجيرهم من محافظاتهم في أعقاب نكسة 1967، واستقروا علي ارض المنشية بطريقة غير رسمية، بعد أن استولوا عليها بوضع اليد.
وتتركز في منشية ناصر، التي تعد واحدة من أكثر المناطق فقراً في مصر، مهن جمع المخلفات والقمامة وإعادة تصنيفها وتصديرها أو تدويرها، وتضم تسع مناطق هي: عزبة بخيت، والإيواء، والغزان، والمحاجر، والرزاز، والزرايب، ومنطقة المعدسة، والجبل، والحرفيين.
وفي جولة «الوفد الأسبوعي» التقينا بعض الأهالي من عزبة الهجانة، وقال محمود سلطان، سائق: إحنا علي باب الله نبلطج إزاي؟ لو واحد مننا مشتغلش يوم من أين يأكل العيال لا احنا بلطجية وعايزين نسرق اقرب مكان مصر الجديدة ايه اللي هيودينا التحرير نسرق بين المتظاهرين في الزحمة؟ وايه اللي هيودينا السفارة الاسرائيلية هنستفيد ايه؟
ويضيف: إحنا غلابة والناس بتخاف تنزل تتظاهر تتحبس وعيالهم ما يلقوش الاكل، وايام الثورة، العزبة كانت أكثر أماناً من اي مكان في مصر، الحكومة دائماً تقول ان الهجانة فيها بلطجية وده يمكن علشان البطالة الموجودة فيها وقلة موارد الرزق.
أما محمد عبد الله فيقول: المواطنون هنا يموتون من قلة العلاج فالمرافق معدومة، ومن 30 سنة وإحنا شايفين الذل والاهانة وكل ما الشرطة تحب تقفل قضية تأتي إلينا وتأخذ بعض الشباب تلفق لهم القضايا وتقول عليهم بلطجية وهذا السبب الرئيسي في اتهام العزبة بالبلطجة.
ويضيف محمد عبد العليم: الهجانة بها مئات الآلاف من البشر وأي مرشح في الدائرة يرغب في النجاح في الانتخابات لابد ان يأتي إلينا، كما ان كل الاماكن في مصر الآن يوجد بها بلطجية، يعني الحكومة هتقول ان البلطجية من مصر الجديدة مثلاً: ستجد الف شخص يقف ويدافع عن مصر الجديدة لكن نحن ليس لنا ظهر وسند يدافع عنا وفي اثناء الثورة جاءت الاخبار في التليفزيون ان بلطجية عزبة الهجانة سرقوا ونهبوا ونحن لا نعرف شيئاً عن الثورة إلا من خلال التليفزيون.
ويقول محمود صبحي: منذ عام 1971 ونعيش في هذه المنطقة ولم اقابل أي مشكلة من البلطجية طوال تلك الفترة والبنات والنساء يخرجن الي الشوارع في اي وقت حتي ولو بعد منتصف الليل ولا يتعرض لهن احد رغم انتشار البلطجة والانفلات الامني في مصر، كما ان معظم سكان المناطق العشوائية لم يخرجوا الي المظاهرات لأنهم لا يعرفون عنها شيئاً، هم يريدون لقمة العيش فقط لأن الناس

راضية بالامر الواقع وعايشين وخلاص.
وتقول أم صابر بائعة الخضار: إحنا كلنا عارفين بعض ومفيش حاجة اسمها بلطجية زي ما بيقولوا، احنا عندنا امان اكثر من اي مكان في مصر حتي الثورة اللي قامت محدش هنا يعرف عنها حاجة.
ومن عزبة الهجانة الي منشية ناصر حيث انتشار الفقر والبطالة وانعدام المرافق، التقينا عدداً من المواطنين الذين يعانون الأمرين للحصول علي مسكن يحميهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء، ويقول فاروق صبري: أنا من سكان المنطقة واعمل في جهاز الأمن الوطني «أمن الدولة سابقاً» إن الحكومة تعودت علي إلصاق التهم بالمنطقة لأنها من المناطق العشوائية التي تجمع مواطنين من اماكن مختلفة، فأي شخص مسجل يلجأ الي مثل هذه المناطق للاختباء بها وهو ما اعطي انطباعاً عن هذه الاماكن بأن سكانها بلطجية، وحتي المساكن التي اقامتها الحكومة في السابق لم نسكن فيها لانهم أتوا بغيرنا من سكان البساتين والسيدة عائشة وظللنا نحن في الشارع وعندما قامت الثورة وجاء بعض البلطجية للاستيلاء علي باقي الوحدات التي لم يتم تسكينها قمنا بإخراجهم منها للحفاظ عليها، وفوجئنا في النهاية أنهم يقولون اننا نحن البلطجية الذين تعدينا علي الوحدات السكنية.
وتدخل في الحديث محمد أبو شامة «استورجي» قائلاً: كلنا هنا بندور علي لقمة العيش احنا ملناش في الثورة دي احنا لو الواحد عايز يروح العتبة مش هيلاقي الخمسة جنيه اللي يروح بيها يبقي هنروح التحرير ونتظاهر كمان؟ الحكومة هي اللي ودتنا في داهية.
أما محمود عبد الرؤوف يقول: أعمل سائقاً ولو كنت بلطجياً كان اسهل لي أن اهجم علي اي شخص واخد اللي انا عايزه، لكن احنا عايشين بالحلال واتعرض علي سيارات ماركات وبأسعار ضعيفة الا انني فضلت ان اظل هكذا علي ان ادخل بيتي مليماً واحداً حراماً.
وفي مرارة تقول أم رضا: كنت اعمل في مستشفي العباسية وفصلني المدير وعندي ستة ابناء نسكن في حجرة واحدة وبلاعة الصرف أمامها مباشرة وليس لنا عائل.. نفسي اشتغل علشان اصرف علي اولادي اللي خرجتهم من المدارس علشان المصاريف.
وأضاف ربيع موسي: كنت اعمل في سوبر ماركت مشهور وتركته لأن الاوضاع بعد الثورة اصبحت صعبة والمنطقة غير آمنة ونعتبر ساكنين في الشارع فمنازلنا آيلة للسقوط.. وشكونا لكل المسئولين ولم يحركوا ساكناً، رغم اني اعرف امين شرطة حصل وحده علي 14 شقة في المنطقة التي كانت من المفترض أنها مخصصة لنا، وبقينا نحن في الشارع!