عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أموال مصر المنهوبة.. في مهب الريح!

بين التفاوض الودي والأحكام القضائية وتعدد اللجان المنوطة باستردادها، زاد الجدل الدائر حول أموال مصر التي نهبها النظام السابق ورموزه ووضعوها بأسماء

وهويات مزورة، وشركات وهمية، ونسجوا حولها خيوطاً وحلقات وشبكات عنكبوتية يصعب فك أسرارها وحل ألغازها.
ومع غياب الشفافية وتضارب التصريحات من هنا وهناك أصبح المواطن في حيرة من أمره، حول حقيقة استعادة هذه الأموال وهل هناك اتفاقية لذلك، أم أنها مجرد أحلام وأوهام نسجها الإعلام وعاشها المواطن.
منذ شهر مارس الماضي وبعد تنحي الرئيس السابق عن الحكم بدء جهاز الكسب غير المشروع في إجراء التحقيقات مع مبارك ونجليه وزوجته ورموز نظامه وبدأنا نسمع عن أرقام فلكية لأموال النظام السابق وزمرته التي تم تهريبها وإيداعها في بنوك دول أوروبية وأن الجهاز قد وضع يده علي مستندات تقدر أرصدة الرئيس السابق وأسرته وعدد من رموز النظام دون أن يعلن عن حجم الأموال بالتحديد وأين توجد، كما سمعنا عن سفريات لأعضاء اللجنة القضائية المشكلة لاسترداد هذه الأموال وعن الكثير مما قامت به اللجنة وعدد من اللجان التي تم تشكيلها لهذا الغرض سواء شعبية أو رسمية.
المفاجأة أن كثيراً من الدول التي يدور الحديث عن وجود أموال بها أعلنت من خلال سفارتها في القاهرة عن عدم علمها عن الإجراءات التي تقوم بها مصر، يحدث هذا في الوقت الذي أعلنت فيه الدول الغربية عن الإفراج عن أرصدة القذافي والأموال الليبية في الخارج دون انتظار لمحاكمات أو إجراءات.
وأصبح السؤال: لماذا الإفراج عن الأرصدة الليبية وأرصدة القذافي وعائلته للمجلس الانتقالي؟.. ولماذا اتباع الإجراءات القانونية مع مصر؟.. وهل هناك أمل في استعادة الأموال؟.. وكم يستغرق ذلك من وقت؟
أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها من خلال التحقيق التالي:

تحركات متأخرة
أعلن المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع في بداية سبتمبر الجاري أن اللجنة القضائية المكلفة باسترداد الأموال من الخارج ستعقد اجتماعاً مع الجانب البريطاني وأن المستشار أحمد سعد عضو اللجنة القضائية المعنية باسترداد الأموال قد سافر إلي بريطانيا، وقدم طلباً إلي نظيره البريطاني بشأن استرداد الأموال التي تم تهريبها من قبل النظام السابق.. وأعلن عن استعداد الجانب البريطاني بالموافقة علي الطلب المصري وفق القوانين البريطانية.
من ناحيته طالب الجانب البريطاني من اللجنة عقد اجتماع مشترك لامدادهم بالمعلومات الخاصة بحجم الأموال التي تم تهريبها والاثباتات الدالة علي حقيقة هذه الأموال.
السفارة السويسرية بالقاهرة أعلنت أنها لا تعلم شيئاً عن لجنة استرداد الأموال التي شكلها مجلس الوزراء المصري برئاسة الدكتور عصام شرف ومنحها صلاحيات موسعة للتفاوض مع الحكومة السويسرية، وأكدت في بيان أصدرته أنه لا يمكن التفاوض علي أمور تخضع لإشراف القضاء السويسري، وأوضح البيان أن إجراءات استرداد الأموال تبدأ بإصدار أحكام نهائية ضد المودعين وهو ما لم يتم حتي الآن.
وأشار البيان إلي أنه فيما يخص القانون السويسري والخاص برد الأموال غير الشرعية الذي دخل حيز التنفيذ في فبراير الماضي فإنه يعد بمثابة قانون بديل لقانون التعاون القضائي في الشئون الجنائية ولا يتم تطبيقه سوي في حالات الدول التي تعاني من أوضاع تمنعها من القيام بالملاحقة القضائية للمدنيين من مواطنيها أو الوفاء بإجراءات التعاون القضائي مع سويسرا.
وأشارت السفارة في بيانها إلي أنه لا يجوز تطبيق القانون ورد الأموال إلا بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حق المتهمين.
الحكومة المصرية تستند في تفاوضها مع الجانب السويسري علي هذا القانون الذي أقره البرلمان السويسري في فبراير الماضي، الذي يسمح للحكومة السويسرية بالتفاوض مع الدول حول آلية إعادة الأموال غير المشروعة الموجودة لدي البنوك السويسرية، دون الانتظار لصدور أحكام قضائية ضد الأشخاص المجمدة حساباتهم.
تعد سويسرا ملاذاً آمناً للأموال المهربة نتيجة حروب أو رجال المافيا والمخدرات والأموال المنهوبة من ثروات الشعوب وعمليات غسل الأموال والهاربين من الضرائب، بالإضافة إلي أموال الديكتاتوريات الساقطة.
وتأتي بريطانيا بعد سويسرا ليس فقط كملاذ آمن للأموال المهربة بل ملاذ آمن للأشخاص أنفسهم الهاربين من الملاحقات الأمنية والقضائية، فهي مأوي للعديد من رجال الأعمال وملتقي لمطاريد الحكومات، فقوانينها تسمح بحماية هؤلاء من أي ملاحقات قضائية أو أمنية.
فضلاً عن أمريكا والعديد من الدول التي تؤوي رؤوس الأموال وتتم فيها عمليات غسل الأموال للمافيات العالمية وتجار السلاح والمخدرات والهاربين بأموال شعوبهم.
وتضع هذه الدول العراقيل أمام عودة هذه الأموال إلي الشعوب، فهي بالنسبة لها مكتب وأموال قد تؤول لها بكاملها في حالة موت من أودعوها، أو رفضه الافصاح عنها في التحقيقات، وعلي أحسن الأحوال فإنها تستولي علي نسبة كبيرة منها حال الوصول إلي اتفاق لردها إلي الشعوب والحكومات الشرعية.
ومن العراقيل التي تضعها هذه الدول للحيلولة دون رد هذه الأموال هي ضرورة صدور أحكام نهائية صادرة ضد الأشخاص المتهمين بالحصول علي هذه الأموال بطرق غير مشروعة، وضرورة وجود حكومات شرعية، وهذا ما أعلنت عنه رئيس الجالية المصرية في سويسرا مؤخراً من أن سويسرا لن تعيد أي أموال لمصر، إلا بعد صدور أحكام قضائية نهائية، والحصول علي تصديق لهذه الأحكام من الجهات القضائية السويسرية وأن تكون هناك حكومة شرعية للبلاد.
رئيس اللجنة القانونية: الأسبان رفضوا مقابلتنا .. وزيارات قريبة لدول الاتحاد الأوروبي
الدكتور حسام عيسي رئيس اللجنة القضائية لاستعادة أموال مصر أعلن عن اتخاذ إجراءات عقابية ضد الأسبان بسبب ما وصفه بالتعالي من قبل السفارة في التعامل مع اللحنة الشعبية، وقال: الأسبان رفضوا مقابلتنا وسنرد عليهم بحملة في العديد من المحافل والتجمعات العلمية ومقاطعتهم ردا علي إهانة الوفد الذي توجه الي السفارة لمقابلة السفير وعرض طلباتهم بشأن استعادة الأموال المهربة الي أسبانيا.
وعن حجم الأموال المنهوبة قال: في تقديرنا إن هذه الأموال تتراوح ما بين 10 الي 15 مليار دولار وأشار الي حجم الأموال التي تم تهريبها بعد الثورة علي الطائرات التي غادرت حينئذ كان كبيرا ويصعب حصره.
وأضاف أن كثيرا من الأموال قبل الثورة كانت تخرج بطرق شرعية وتلاعب من أصحاب النفوذ، كما أشار الي العمولات التي حصل عليها المتهمون وهذه الأموال لا تدخل مصر بالإضافة الي أموال رئاسة الجمهورية وقطاع البترول وقناة السويس التي كانت تتم بأساليب ملتوية وتم تهريبها الي الخارج. وطالب بوجود إرادة سياسية مع ضغوط شعبية لاستعادة هذه الأموال وأعلن عن سفر اللجنة قريبا لعدد من دول الاتحاد الأوروبي لتوصيل صوت الشعب المصري لشعوب هذه الدول للمساعدة في استعادة أموال الشعب الي الشعب.
انتقد عدم وجود تنسيق بين اللجان والمبادرات خاصة اللجان الرسمية من أجل تنسيق الجهود وتوزيع الأدوار لنجاح المعركة، وعن الإفراج عن أرصدة العقيد القذافي وأسرته والأموال الليبية في الخارج أوضح أن مجلس الأمن هو الذي أصدر قرارا بتجميد هذه الأموال ثم قرارا آخر بالإفراج عنها لصالح المجلس الانتقالي، وأشار رئيس اللجنة القانونية الي أن بترول ليبيا يشفع لها عند الدول الغربية وتحاول هذه الدول إرضاء الليبيين للحصول علي نصيبهم من البترول وتسديد فاتورة الحرب التي شاركت فيها هذه الدول.
وأشار الخبراء القانونيون الي أن هناك طريقين لاسترداد الأموال المنهوبة وهما إما قضائي أو رضائي، والطريقة الأولي هناك أكثر من آلية لهذه الطريقة أولاها هي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي صدقت مصر عليها عام 2008 وصدق عليها أكثر من 180 دولة علي مستوي العالم وهي ملزمة لكل دولة وقعت عليها.
أما الآلية الثانية فتتمثل في قيام أبناء مصر بالخارج خاصة في الدولة الأوروبية بتقديم بلاغات للنائب العام في هذه الدول كما هو الحال في تونس علي أساس أن هذه الأموال جاءت نتيجة الاعتداء علي حقوق الإنسان وهذا الحق قد منحته دول الاتحاد الأوروبي لمحاكمها لمحاسبة كل من ارتكب جريمة ضد حقوق الإنسان.
وهناك آلية أخري وهي مبادرة «ستار» التي أطلقتها الأمم المتحدة وصندوق النقد عام 2008 وتنص علي قيام الدول بإعادة الأموال المنهوبة

لديها طواعية الي الدول صاحبة الحق لاستخدامها في مشروعات التنمية ومكافحة الفقر.
وأشار الخبراء الي رد الأموال بالطرق الدبلوماسية عن طريق التفاوض بين الدول التي بها أموال مهربة ويعيب علي هذه الطريقة حصول هذه الدول علي نسبة من الأموال تصل أحيانا الي 70٪ منها.
وتأتي الطريقة الثانية وهي الوصول الي اتفاق مع المتهمين علي رد هذه الأموال مقابل الإفراج عنهم.

رئيس المبادرة الشعبية:
لسنا بديلاً عن الدور الحكومي.. ونتحرك في أكثر من اتجاه

«لسنا بديلاً عن الدور الحكومي ولكن ندعم هذا الدور لتسليم المتهمين الهاربين واسترداد الأموال المنهوبة».. هذا ما قاله الإعلامي معتز صلاح الدين رئيس المبادرة الشعبية لاسترداد أموال مصر.


أضاف: إن تحركهم يتم علي أربعة محاور، ففي لندن تم إرسال مذكرة بآراء خبراء مكافحة الفساد، بالإضافة إلي نصوص اتفاقية مكافحة الفساد وتم تقديمها عن طريق منسق الحملة في لندن «مصطفي رجب» وتم تقديمها إلي «راند سولتر» عضو البرلمان البريطاني ووزير العدل في حكومة الظل البريطانية لمواصلة الاتصال مع البرلمان البريطاني وزيادة الضغط الشعبي لاسترداد هذه الأموال.
وفي إسبانيا تم تقديم طلب لتنظيم مظاهرة ثانية أمام وزارة الخارجية.
وأشار إلي تعاون الحكومة الإسبانية في هذا الشأن وإلي إعلان الحكومة بعدم ممانعتها تسليم أبناء حسين سالم والمتهمين بتهم غسيل أموال في إسبانيا منذ عام 2007 إلي 2011 التي قدرت بـ 2 مليار يورو، واستجابت إلي طلب النائب العام المصري بضبطهم علي ذمة قضايا تربح، وأن القاضي الإسباني بدأ في إجراءات تسليم المتهمين.
وعن سويسرا أوضح «صلاح الدين» أنه تم تعيين «ميرفت ضيف» الناشطة السياسية ومحامية مصرية تقيم في سويسرا منسقاً عاماً للحملة هناك.
أضاف رئيس المبادرة الشعبية أن المحور الرابع يتمثل في النشاط الإعلامي في فيينا نظراً لوجود مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هناك.
وطالب «صلاح الدين» الدول التي لديها أموال مهربة بالتعاون في رد هذه الأموال بدلاً من الحديث عن قروض، وأن تكون الشعارات التي تعلقها هذه الدول مطابقة للواقع بالتعاون الجدي لاستعادة هذه الأموال وردها إلي الشعب المصري.

لجان عديدة .. وتنسيق مفقود!
اللجنة القضائية التي يترأسها المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع وهي اللجنة الرسمية التي تم تشكيلها لاسترداد أموال مصر والمكونة من عدد من المستشارين بوزارة العدل.
اللجنة القانونية التي يترأسها الدكتور حسام عيسي أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس والمشكلة من عدد من الشخصيات القانونية وأساتذة الجامعات والخبراء مثل: الدكتور نبيل العربي والدكتور سليم العوا والدكتور سليم الشرقاوي وعصام سلطان المحامي وكثير من أصحاب الخبرات، وهذه اللجنة تم تشكيلها في فبراير الماضي وهي أول لجنة شعبية يتم تشكيلها لاسترداد الأموال المنهوبة.
المبادرة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة برئاسة الإعلامي معتز صلاح الدين التي انطلقت في شهر يونيو الماضي بهدف استرداد هذه الأموال المنهوبة من خلال العديد من الأساليب والأفكار المبتكرة والمشكلة من خبراء دوليين وعرب ومصريين في القانون ومكافحة الفساد وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
المجموعة المصرية لاستعادة ثروة مصر والذي أعلن أمينها العام الدكتور محمد محسوب أن حجم الأموال المهربة بين 650 الي 700 مليار دولار وأشار الي أن ما أعلنه السيناتور چون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من نشطاء الثورة شكلت تجمعا لاستعادة أموال مصر تحت مسمي «استعادة أموال مصر المنهوبة» وهذا التجمع أسسه مجموعة من نشطاء الثورة من واقع البلاغات المقدمة للنائب العام وتقارير الأجهزة الرقابية.
وفي تطور جديد في نهاية شهر أغسطس الماضي أعلن المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل مشروعا لإصدار مرسوم بقانون يقضي بتشكيل لجنة قضائية جديدة بصلاحيات شاملة للكشف عن الأصول والأموال المهربة والعمل علي استردادها، ويتضمن مشروع القانون في مادته الأولي أن تقوم اللجنة بالتفاوض علي استرداد جميع الأموال المهربة في الخارج بما في ذلك النقود بالعملات الوطنية والأجنبية والأوراق التجارية والمالية والعقارية والأراضي أو أي منقول مادي وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها وكذلك الصكوك والمحررات المثبتة لهذه الأصول.
كما تشمل صلاحيات اللجنة اتخاذ ما يلزم من إجراءات أو تدابير تتعلق بأعمال البحث والتحري والملاحقة والرصد والكشف عن كل الأصول التي يشتبه في حصول الموظف العام أو ما في حكمه أو شركائه عليها بطريق مباشر أو غير مباشر نتيجة نشاط غير مشروع بسبب ارتكابه لأي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القوانين العقابية السارية أوارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصدق عليها من مصر،.
الغريب أن كل هذه اللجان سواء اللجنة الرسمية الأولي التي تم تشكيلها برئاسة المستشار الجوهري أو الأخيرة المزمع تشكيلها بموجب المرسوم بالقانون الذي أعده وزير العدل وينتظر تصديق المجلس العسكري ولجنة الشئون القانونية والمبادرة الشعبية أو التجمع الذي شكله عدد من نشطاء الثورة كل هذه اللجان والمبادرات تعمل في جزر منعزلة وسط عدم وجود تنسيق بينهم الأمر الذي يعد مآخذ علي هذه اللجان خاصة الرسمية منها.
ويحتاج الأمر الي ضرورة التنسيق بين هذه اللجان والمبادرات من أجل توحيد الجهود وتوزيع الأدوار لكون احتياج المعركة الي تكاتف الجهود الرسمية والشعبية فالإرادة السياسية والضغط الشعبي هما الكفيلان بنجاح المعركة واسترداد أموال مصر المنهوبة.