رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مرتجعات الأدوية.. تشعل الأزمة بين الصيدليات والشركات

تحذير خطير،‮ ‬أطلقته النقابة العامة للصيادلة،‮ ‬منذ أيام يتعلق بقيام مافيا من بعض شركات صناعة الدواء في مصر،‮ ‬بإعادة‮ "‬تدوير الادوية منتهية الصلاحية‮" ‬من خلال طرحها في السوق بتواريخ انتاج وصلاحية جديدة‮.. ‬ويساعد في ارتكاب جريمة الغش هذه رفض الشركات استلام مرتجعات الادوية‮ "‬منتهية الصلاحية‮" ‬من الصيدليات،‮ ‬مما جعل النقابة تهدد بمقاطعة هذه الشركات‮.‬

وخطورة مرتجعات الادوية تكمن في إعادة استخدام هذه الادوية‮ ‬غير الصالحة لعلاج المرضي،‮ ‬وقد تصيبهم بأمراض ومضاعفات خطيرة قد تنتهي بوفاتهم‮.‬

المشكلة قديمة ومستمرة،‮ ‬بين الشركات الرفاضة لاستعادة هذه الادوية،‮ ‬وبين الصيادلة الذين يتحملون مسئولياتهم فيما تغيب عن الازمة ادارة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة،‮ ‬التي لم تتمكن من التصدي للادوية المغشوشة التي تمثل‮ ‬10٪‮ - ‬50٪‮ ‬من حجم الأدوية في السوق المصري‮.‬

في مؤتمر‮ "‬فوضي الأدوية‮" ‬الذي نظمه مركز النيل للاعلام بالتنسيق مع كلية الصيدلة بجامعة الاسكندرية وجمعية فلسفة الحياة،‮ ‬أكد المشاركون علي ما يشهده السوق من حالة فوضي،‮ ‬أدت الي انتشار مصانع دواء‮ "‬بير السلم‮" ‬وكذلك انتشار العديد من المصانع المخالفة وغير المرخصة مما أدي لظهور أنواع جديدة من الادوية والتي يعاد تدويرها وتعبئتها رغم انتهاء مدة صلاحيتها وهو ما يؤثر بالسلب علي صحة المرضي،‮ ‬وقد تؤدي الي وفاة بعضهم متأثرين بالآثار الجانبية الضارة لهذه الادوية الفاسدة‮.‬

وحمل المؤتمر شركات ومصانع الادوية الكبري المسئولية في ذلك لبيعها الاجهزة الطبية القديمة الي اي مشترين دون رقابة،‮ ‬وأوصي المؤتمر بضرورة إلزام شركات الادوية باسترداد منتجاتها منتهية الصلاحية من الصيدليات وإعدامها بمعرفتها،‮ ‬حيث تعد المصدر الرئيسي لغش الادوية واعادة طرحها بالاسواق بتواريخ انتاج وصلاحية جديدة بالاضافة لضرورة تفعيل كتاب النائب العام بخصوص جرائم‮ ‬غش الدواء،‮ ‬لسنة‮ ‬2009،‮ ‬وسرعة البت في جرائم الدواء‮.‬

فوضي الدواء

ووفقا لبيانات وزارة الصحة وتصريحات بعض مسئوليها فإن كمية الادوية المتداولة في مصر أكبر بكثير من المتداولة في امريكا او بريطانيا ومعظمها تصرف بدون روشتة طبية،‮ ‬وان حجم التعامل في الادوية بالسوق المصري يقدر بنحو ملياري جنيه،‮ ‬منها مليار جنيه لتجارة الادوية المضروبة‮.‬

وفي احصاءات اخري يقدر حجم التعامل في الادوية بـ‮ ‬15‮ ‬مليار جنيه،‮ ‬وتمثل المرتجعات‮ ‬3٪‮ ‬بما يعني خسارة للصيدليات تقدر بـ‮ ‬450‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬وتلك الادوية المضروبة والتي تشمل الدواء المغشوش سواء المصنع في مصانع بير السلم،‮ ‬او المقلد،‮ ‬او المضروب،‮ ‬والذي‮ ‬غالباً‮ ‬ما يباع بنسب خصم عالية من سعره،‮ ‬ومن مصادر‮ ‬غير معلومة‮.‬

وكذلك الدواء المهرب عبر القنوات‮ ‬غير الشرعية والادوية‮ ‬غير مسجلة والمنتهية الصلاحية والتي يتم إعادة تدويرها وبيعها في بعض الصيدليات والشوارع والاسواق مثل اسواق الجمعة والثلاثاء والموسكي،‮ ‬وهي اسواق شعبية في كل من القاهرة والجيزة‮.‬

وهكذا نجد أن نسبة الادوية منتهية الصلاحية علي سبيل المثال تتراوح مابين‮ ‬2٪‮ ‬و3٪‮ ‬من اجمالي حجم الادوية المتداولة في السوق،‮ ‬مما يشكل خسارة تزيد علي‮ ‬650‮ ‬مليون جنيه لأصحاب الصيدليات،‮ ‬ورغم هذه الخسارة ترفض شركات الادوية استلام مرتجعات الادوية المنتهية الصلاحية من الصيدليات رغم إلزام القانون لتلك الشركات باسترجاع تلك الأدوية لضمان عدم طرحها في الاسواق مرة اخري،‮ ‬بالتحايل علي تاريخي الانتاج والصلاحية‮.‬

الدواء الفاسد

الدواء منتهي الصلاحية‮ - ‬كما أكد صيادلة واطباء‮ - ‬يعني أن‮ ‬90٪‮ ‬من مادته فعالة و10٪‮ ‬غير فعالة اي انها اصبحت إما خاملة ليس منها ضرر ولا علاج او تحولت الي مادة سامة،‮ ‬عندئذ يظهر اهمية قيام الشركات بدورها في تجميع الدواء،‮ ‬المنتهي الصلاحية وإعدامه بمحضر رسمي،‮ ‬تحت اشراف وزارة الصحة‮.. ‬ولكن مثل هذه الشركات والتي اصبح هدفها الاساسي الربح،‮ ‬ولو علي حساب المرضي والمواطنين،‮ ‬ترفض المرتجع من الادوية او تساوم الصيادلة لارجاع جزء منها فقط،‮ ‬وهو ما يمثل كارثة تخضع لضمير الصيدلي والذي اصبح يواجه مافيا تقوم بتجميع الادوية منتهية الصلاحية من الصيدليات بنسبة‮ ‬55٪‮ ‬من سعر الدواء وطبعاً‮ ‬السبب معلوم والربح مضمون من اعادة تدوير تلك الادوية‮.‬

ومن هنا تفتح الأبواب الخلفية علي مصراعيها لمحاولات حل ازمة الصيادلة مع مرتجعات الادوية،‮ ‬إما بالبيع بسعر اقل للشركات الموردة وبنسب لا تزيد علي‮ ‬25٪‮ ‬من السعر الحقيقي للدواد‮ - ‬والكلام لصيادلة‮ - ‬وهو ما يمثل خسارة فادحة بالنسبة لهم او استبدالها بأسعار أعلي تقلل من خسارة الصيدلي،‮ ‬مقابل أصناف مهربة مجهولة المنشأ عبر وسطاء مهربين حتي وصل الامر للبعض باستبدال الأدوية منتهية الصلاحية،‮ ‬برحلات سياحية داخل وخارج مصر،‮ ‬ومن ثم تعود هذه الأدوية مرة اخري يشتريها المرضي من صيدليات تبيعها بنسبة خصم تعدت الـ‮ ‬30٪‮ ‬رغم أن نسب خصمها الحقيقي لا تزيد علي‮ ‬10٪‮ ‬مما‮ ‬يعني أنها مهربة او فاسدة تم تدويرها في السوق وبالأخص ادوية منع الحمل ومخفضات الحرارة للأطفال‮.‬

كل ذلك يجري والشركات الموردة تتخاذل في استرجاع تلك المرتجعات،‮ ‬رغم ما تحققه من مكاسب‮.‬

مخاطر‮.. ‬وخسائر

أصحاب الصيدليات أكدوا أن ازمة مرتجعات الادوية مستمرة وبلا حلول ومثل هذه الادوية تحمل من المخاطر والاضرار الجسيمة للمرضي ما قد يؤدي الي الوفاة،‮ ‬بخلاف تفاقم خسائر الصيادلة الذين سارعوا لمساندة قرار نقابة الصيادلة الذي يهدد بمقاطعة شركات الادوية التي ترفض قبول المرتجعات من الادوية الأمر الذي يسهل بيع ادوية منتهية الصلاحية للمرضي‮ - ‬كما قال الدكتور سامي محمد الدحن‮ - ‬صاحب صيدلية‮ - ‬والذي اكد قيام بعض الصيادلة بشراء ادوية‮ "‬محروقة‮" ‬بنسبة‮ ‬40٪‮ ‬و50٪‮ ‬من سعرها الاصلي وطبعاً‮ ‬لأنها مجهولة المصدر ولا يمكن ارجاعها لشركات ادوية ومثل هذه الادوية المحروقة قد تمثل‮ ‬20٪‮ ‬من حجم الدواء،‮ ‬ويضطر صيادلة لذلك نتيجة عدم وجود حوافز للبيع‮.‬

وأضاف‮: ‬ان للصيدلي الحق في‮ ‬ان يطالب شركات الادوية بسحب المرتجعات من الصيدليات لأن مجرد وجودها‮ - ‬بخلاف مخاطرها‮ - ‬تسدد عنها ضرائب‮ ‬يتحملها الصيادلة،‮ ‬في حين أن الشركات لن تخسر في حالة سحبها للمرتجعات،‮ ‬فعلبة الدواء التي تكلف الشركة جنيها واحداً،‮ ‬تباع للصيدلية بثلاثة أضعافها‮ - ‬أي‮ ‬3‮ ‬جنيهات‮ - ‬وبدورنا نبيعها للمريض بـ‮ ‬4‮ ‬جنيهات،‮ ‬فنسب المكسب في الادوية بالنسبة للشركات المنتجة تفوق نسبة المكاسب في تجارة السلاح،‮ ‬ومع ذلك تصر الشركات الموردة علي ابتزازنا بالموافقة علي استرجاع الادوية بأسعار تقل عن الاسعار الحقيقية،‮ ‬والصيدليات التي تبيع الادوية بخصومات تتعدي نسبة‮ ‬15٪‮ ‬و20٪‮ ‬دائما ما تكون ادويتها إما محروقة أو مهربة أو منتهية الصلاحية او حتي مجهولة المنشأ‮.‬

نقص في الادوية

الدكتورة ايمان عبد التواب‮ - ‬صيدلية‮ - ‬اكدت ان الصيادلة يعانون من رفض الشركات لمرتجعات الادوية،‮ ‬مما يضطر بعضهم لتخفيض الطلبيات الموردة لهم،‮ ‬وبالتالي حدوث نقص في بعض أنواع الدواء،‮ ‬وهذا ما يضر بصحة المرضي خاصة بالنسبة للادوية المستوردة والتي لا تأخذها مرة أخري‮ ‬غالبية الشركات الموردة ولا حتي بالسعر المخفض‮.‬

والدكتورة رشا محمد‮ - ‬صيدلية‮ - ‬قالت‮:

‬ان المشكلة صعبة بالنسبة لأدوية الثلاجة،‮ ‬اي التي يجب حفظها تحت درجات تبريد خاصة حيث لا تقبل الشركات الموردة استرجاعها نهائيا،‮ ‬مما يزيد من نسب الهالك والتالف فيها في الصيدليات كذلك بالنسبة لمنتجات شركات الاكسسوار،‮ ‬ولذلك نطالب بأن تكون نسبة الخسارة متساوية عند الطرفين،‮ ‬الشركات والصيدليات،‮ ‬بدلاً‮ ‬من تحمل الصيدليات وحدها كل الخسارة‮.‬

مقاطعة

الدكتور محمد عبد الرازق‮ - ‬صيدلي‮ - ‬أكد تضامنه مع تهديد نقابة الصيادلة بمقاطعة الشركات الموردة للادوية التي ترفض استلام المرتجعات من الصيدليات خاصة أن التلويح بالمقاطعة كان قد اثبت جدواه في الثمانينيات عندما رفضت بعض الشركات الاجنبية التي تصنع ادوية في مصر رفع هامش الربح الي‮ ‬20٪‮ ‬وقامت‮ - ‬وقتها‮ - ‬النقابة بنشر اسماء الادوية البديلة لمنتجات هذه الشركات ولم تستطع تلك الشركات الصمود امام مواقف النقابة والصيدليات،‮ ‬ثم رضخت في النهاية لمطالبهم‮.‬

وأضاف‮: ‬ان نسبة ما قد تقبله الشركات كمرتجع لا تتعدي قيمتها‮ ‬2‭.‬5‮ ‬بالنسبة للسعر،‮ ‬بمعني اذا كانت الطلبية بـ‮ ‬1000‮ ‬جنيه تسترجع الشركة ما يعادل الـ‮ ‬25‮ ‬جنيها فقط مما يكبدنا من الخسائر التي قد تغلق معها ابواب رزقنا،‮ ‬خاصة مع الانواع التي نستلمها بكميات كبيرة وفقا لزيادة حجم الطلب عليها من قبل المرضي،‮ ‬وطبيعة المكان الذي يؤدي مناخه وظروفه البيئية لتفاقم امراض بعينها دون‮ ‬غيرها ثم ان بعض الشركات تفاضل بين ادوية معينة عند الارتجاع،‮ ‬مما يثير العديد من التساؤلات والشبهات حول طريقة التخلص من تلك الادوية المنتهية الصلاحية‮.‬

تفتيش روتيني

علي الجانب الآخر،‮ ‬نجد شركات الادوية تبرر عدم استرجاعها للادوية منتهية الصلاحية بأنه ليس ذنبها حصول الصيدليات علي كميات كبيرة،‮ ‬تفوق حجم تصريفها خاصة مع ظروف التخزين‮ ‬غير المطابقة للمواصفات‮.‬

الدكتور جل الغراب‮ - ‬مدرس الصيدلة ووكيل لجنة الصناعة الدوائية بمجلس الشوري ونقيب صيادلة الجيزة السابق‮ - ‬قال‮: ‬ان ازمة مرتجعات الادوية ترجع للسحب الزائد من قبل بعض الصيدليات لكميات هائلة من الادوية خاصة محلية الصنع ولكونها لا تلتزم بنظام الحصص في التوزيع علي عكس الادوية المستوردة،‮ ‬وهو ما يحمل ميزانيات الشركات أعباء اضافية لهذه المرتجعات قد تجعلها تتعسف في استرجاع الادوية منتهية الصلاحية‮.‬

وأكد أن دور التفتيش علي الصيدليات من قبل وزارة الصحة هو مجرد تفتيش روتيني،‮ ‬ولا يبالي بكيفية التصرف في هذه الادوية خاصة أن الدواء خارج اختصاص جهاز حماية المستهلك لأنه سلعة مسعرة جبرياً،‮ ‬ويصعب التلاعب فيها ومن ثم فإن مدي فاعلية الدواء وجودته أو‮ ‬غشه من عدمه لا يخضع للرقابة وبالتالي لا توجد جهة تشرف علي التخلص منه وهذا يتيح الفرصة كاملة لإعادة تدويره،‮ ‬لذلك يجب تفعيل القرار رقم‮ ‬380‮ ‬لسنة‮ ‬2009‮ ‬والخاص بالتفتيش علي الصيدليات وإلزام الصيدلي بوضع الأدوية المنتهية الصلاحية في مكان واضح ومنفصل بالصيدلية ووضع لافتة توضح انتهاء صلاحية تلك الادوية مع ان القرار لم يحدد للصيدلي كيفية التصرف في هذه الادوية أو يلزم الشركات باسترجاعها بنفس السعر أو بنفس الكمية مقابل أدوية جديدة‮.‬

خطأ الصيادلة

الدكتور احمد الحكيم المسئول بإحدي شركات الادوية قال‮: ‬إن الكلام كثير ومتشعب في ازمة مرتجعات الادوية وبصرف النظر عن الخلاف الدائر بين شركات الادوية ونقابة الصيادلة والتهديد بمقاطعة الشركات فإن هناك خطورة من تداول الادوية منتهية الصلاحية التي تتفاوت حسب نوع الدواء وفترات التعاطي منه وهناك إجماع علي أنه دواء لا يجدي ولا يفيد في العلاج والشفاء خاصة أن هناك أدوية بمرور الوقت تغير صفاتها الكيميائية والتركيبية وهنا تكمن الخطورة لذلك من المهم وجود سياسة ودية لكيفية جمع المرتجعات من الادوية والتخلص الآمن منها دون الاضرار بمصالح الصيدلي وكذلك الشركات المنتجة‮.‬

وأضاف أن اتهام شركات الادوية بتسهيل اعمال مافيا إعادة تدوير الأدوية اتهام‮ ‬غير صحيح ومرفوض فالدواء المنتهي الصلاحية يتم إعدامه بتجميع كل صنف علي حدة،‮ ‬وكل شركة تقوم بتجميعها لضمان عدم تسرب أي كميات منها للسوق أو إعادة تدويرها‮.. ‬ومن ثم من الضروري وجود علاقة تحكمها مصلحة الصيدلية في عدم الخسارة وحرص الشركة علي سمعتها من مخاطر تداول أصناف من إنتاجها منتهية الصلاحية‮.. ‬وتوجد شركات تطرح كميات كبيرة من أصناف الادوية في السوق ولا تتابع حركة بيعها أو تخزينها لحين انتهاء الصلاحية إلي جانب قيام معظم الصيادلة بشراء أكثر من احتياجاتهم من الدواء منتهي صلاحيتها،‮ ‬ولذلك فهناك ضرورة لتعظيم العلاقة بين الصيدليات والشركات ووضع حسابات استهلاك السوق في الاعتبار ومتابعة الشركات لمنتجاتها،‮ ‬وأن تقوم الصيدليات بجرد أدويتها أولاً‮ ‬بأول‮.‬