رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المنوفية تطلب «فرصة أخري»!

«م: مالوش صاحب، ن: ناكر الجميل، و: واكل حق غيره، ف: فاكر اللي ليه وناسي اللي عليه، ي: يا ويله اللي يقع تحت إيده» هكذا

يترجم المصريون حروف كلمة «منوفي» التي باتت سيئة السمعة بسبب أفعال ارتكبها بعض أبناء المحافظة فساءت إلي الجميع.
لكن هل من الإنصاف أن نعمم هذه الصفات علي جميع المنايفة، فإذا كانت المنوفية قد أنجبت حسني مبارك وولديه «جمال وعلاء» وأحمد عز وكمال الشاذلي وغيرهم، فهي أيضا التي أنجبت عبدالعزيز باشا فهمي، وأحمد رشدي، وغيرهما من الشرفاء.
طرحنا هذه الفكرة علي الكاتب الصحفي الكبير «صلاح عيسي» وسألناه: هل يمكن تصديق هذا التعريف للمنايفة؟ انفعل الرجل مُتسائلاً: «هل يمكن هذا؟ هل يمكن أن نصف محافظة بكاملها بعدم الوفاء ونكران الجميل والفساد؟ هذا ظلم بين وعنصرية واضحة، كل من يفكر بهذه الطريقة هو عنصري متعصب!».
ولكن هل غضب المصريين علي رؤساء المنوفية وساستها هو الذي دفع البعض ليطلق علي المنايفة هذا الكم الهائل من النكات والأمثال الشعبية متهمين إياهم بالبخل والغدر ونكران الجميل؟
فمن أمثلة النكات هذه واحدة تقول «خمسة منايفة راحوا محل عصير قصب، طلبوا كوب عصير وخمس شفاطات»! وأخري تقول «واحد منوفي اشتري آلة حاسبة شال الصفر منها عشان ولاده ما يتكلموش دولي».
ولا يخفي علي الكثيرين ذلك المثل الذي يقول «المنوفي لا يلوفي ولو أكلته لحم الكتوفي» أو ذلك الذي يقول «تأخذ من الكلب صوف، وما تاخدش من المنوفي معروف».
هل وصل الحد إلي الاعتقاد بأن المنوفي لا يمكن أن يألفك وتألفه حتي لو أطعمته أطيب لحم في الذبيحة؟ أو أنه بإمكانك أن تأخذ من أحد الحيوانات صوفاً رغم أن جسمه لا يغطيه الصوف أصلاً، في الوقت الذي لا يمكن للمنوفي أن يسدي لك معروفاً، كما يقول المثل السابق. بل وصل الحد أن يقول أحدهم لامرأته وهو ينصحها بكل إخلاص «إن قابلك ثعبان عدّيه.. ولو قابلك منوفي سمّيه!».
الدكتور أحمد شوقي العقباوي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر قال: «لا أعتقد أن هناك مدلولاً نفسياً لذلك الكره لكل ما هو منوفي فالمسألة كلها لا تتعدي أن تكون تراثاً شعبياً فالشراقوة مشهود لهم بالكرم، والدمايطة مشهورون بالبخل وكذا المنايفة، أما أن ألقي النكات علي المنايفة لمجرد أن حسني مبارك من المنوفية فهذا ليس منطقياً».
أما الدكتورة هند فؤاد، المدرس المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعي والجنائية، فتختلف مع «العقباوي» في الرأي قائلة: «وارد جداً أن ينفث المصريون غضبهم تجاه المنايفة بالنكات والأمثال الشعبية، لكن الحقيقة أن معظم هذه النكات والأمثال ليست صحيحة، فبحكم التخصص وأيضا العشرة أري أن المنايفة كرماء ولكنهم حريصون واعون يعرفون من أين تؤكل الكتف يعني: «بيعرفوا يحطوا القرش فين» وهذا ليس بالشيء السيئ، إنما هو وعي و«نصاحة».
وأضاف: «لا يمكن لشعب مصر أن يكره المنايفة بأي حال من الأحوال، فإذا كانت المنوفية قد أنجبت حسني مبارك، فإنها أيضا قد جاءت بـ (محمد أنور السادات) بطل الحرب والسلام».
وعموماً ليس المنايفة وحدهم من تطلق ضدهم النكات، فالصعايدة والبورسعيدية كذلك يطلقون عليهم النكات، وفي الحقيقة أري أن المصريين جميعا كانوا قبل الثورة يتهكمون علي بعضهم، وأعتبر هذا نوعاً من الفراغ، فالنظام كان يشغلهم عنه بكل طريقة، فكانوا يلجأون إلي السخرية من بعضهم البعض لأنهم كانوا «فاضيين» والآن زال النظام وتغير الحال ونتمني أيضاً أن تتغير رؤية المصريين لبعضهم بعد الثورة».
وإذا ما عدنا إلي النكات التي تشير إلي بُخل المنايفة، نجد واحدة تقول أن منوفياً نذر لله أنه سيصوم عشرة أيام إذا رزقه بولد فلما رزقه الله صامها، ثم

مات الولد فخصم الأيام العشرة من شهر رمضان!
لكن السؤال الذي مازال لم يجد إجابة: هل المنوفي بخيل فعلاً؟ محمود عبدالعاطي (مدرس لغة إنجليزية) منوفي يقول «المنوفي ليس بخيلاً، ولكن المنايفة أغلبهم فلاحون طيبون يحرصون دائما في معاملاتهم مع الآخرين وهو ما قد يطلق عليه الآخرون «خبث فلاحي»، ولكن المنوفي إذا دخلت بيته أطعمك من طعامه، فإن امتلك لحماً قدمه لك، وإن كان لديه «جبنة ومش» قدمه لك.
ويؤكد محمد زيدان، طبيب بيطري منوفي، أنه مثلما أنجبت المنوفية الفساد متمثلاً في حسني مبارك وأحمد عز وغيرهما، فقد أنجبت أشخاصاً في وزن كمال الجنزوري وأحمد رشدي وغيرهما، فالمنوفية ليست حكراً للفاسدين بل هي مثلها مثل كل محافظات مصر بها الصالح والطالح».
والحقيقة أن كمال الجنزوري وأحمد رشدي ليسا الوحيدين من رجالات المنوفية المستحقين للاحترام، فهناك أيضا في كل فروع المعرفة من يفتخر المصريون عامة والمنوفية خاصة بهم، مثل عبدالرحمن الشرقاوي أحد كبار الكتاب المجددين في العصر الحديث، وكذلك بحتري العصر الحديث الشاعر «محمود غنيم».
ومن أعلام الطب نجد الدكتور محمد علي البقلي باشا أول رئيس لمستشفي قصر العيني، والدكتور ياسين عبدالغفار رائد طب الكبد ومؤسس معهد الكبد في شبين الكوم وكذلك الدكتور محمد كامل حسين رائد طب وجراحة العظام والروائي المعروف وغيرهم الكثير.
بلد الرئيس المخلوع (كفر المصيلحة) كانت أكثر القري تضرراً منه، والحقيقة أن المنوفية كلها تضررت من وجوده رئيساً، فهي أكبر المحافظات في مصر طرداً للسكان حيث يعمل أغلب أبنائها بالقاهرة، وعن حب المنايفة في السلطة خاصة أن قطاعاً كبيراً من أهالي المنوفية يتطوعون بالقوات المسلحة، قال: نعم المنايفة يحبون السلطة فأنا منهم وأعرفهم جيداً، لكن هذا الحب نابع من عدم وجود فرص عمل بالمنوفية لأنها محافظة زراعية في المقام لذلك يلجأ المنايفة إلي الهجرة إلي خارج المحافظة التطوع بالقوات المسلحة أو الالتحاق بالشرطة والجيش أو بالجهاز الإداري للدولة.
وأضاف فتوح: «مركز الشهداء والباجور من أفقر المناطق في مصر، حيث مازالت البيوت بالطوب اللبن. والأطفال أغلبهم بلا تعليم ولم ينفعهم مبارك بشيء، بل إن 43٪ من سكان المنوفية تحت خط الفقر أو بالقرب منه وذلك وفقاً لتقرير لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) في إبريل 2010، وإذا كان المخلوع قد أوصل مسقط رأسه إلي هذه الدرجة فليس من المستغرب أن يصل بمصر كلها إلي ما وصلت إليه!