عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سياسة مصر الخارجية بعد الثورة

ترتبط فترات التحول في حياة الأمم بالتغيير الذي يمتد ليشمل مختلف جوانب الحياة. واذا كانت الثورات تمثل ذروة التحول فإنه يمكن تفهم الآمال التي تسود بأن تعكس ذروة التغيير بما يمثل قطيعة مع ما سبق من أوضاع.

فإلى أي مدى تمثل السياسة الخارجية المصرية فيما بعد الثورة تغييرا عن النهج الذي كانت عليه خلال النظام السابق على الثورة؟ وإلى أي مدى تمثل نوعا من الاستمرارية مع هذا النهج؟ هذه هي القضية التي نحاول الوقوف عليها من خلال هذا الملف.
إن النظرة السريعة على تطور مسارات السياسة الخارجية المصرية تشير إلى صحة الفرضية التي تربط بين التغيير في النظام والتغيير في السياسة الأمر الذي يمكن أن نلمسه من خلال توجهات السياسة المصرية بعد ثورة 52 مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة. ويكاد ينطبق الأمر ذاته على السياسة الخارجية المصرية بعد تولي السادات الحكم بما مثله من تغيير جذري من خلال الوصف الذي قدمه لفترة وجوده في الحكم وهو ثورة التصحيح حيث شهدت السياسة الخارجية المصرية تحولا يكاد يكون كاملا عما كانت عليه خلال نظام عبد الناصر. وقد مثل نظام مبارك امتدادا طبيعيا لنظام الرئيس السادات فلم تشهد السياسة الخارجية المصرية تحولات تذكر وهو الأمر الذي اكده مبارك في تصريحاته الأولى وبدت في تأكيده على معاني الاستمرارية في سياسته. ولعل ذلك، ارتباط التغير بالتحولات الجذرية ، يفسر التوقعات التي تزايدت في مصر بعد ثورة يناير بأن تشمل عملية التغيير كافة سياسات ومواقف النظام السابق بما فيها سياساته الخارجية.
وإذا كانت قضايا السياسة الخارجية التي يمكن التطرق لها في هذا السياق عديدة فإننا نركز على نماذج رئيسية لها تمثل محورها الأساسي وهي العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل والتطبيع مع إيران فضلا عن العلاقة مع دول حوض النيل، وهي الدول التي تمثل قلب الدائرة الأفريقية في علاقات مصر الخارجية، إلى جانب الموقف من الثورات العربية والتي تعكس موقف النظام فيما بعد الثورة من محيطه العربي. وإذا كان من الصحيح أن التناول الدقيق يجب أن يتم من خلال منظور مقارن على نحو يسمح للقارئ بتكوين رؤية سليمة فإن تناولنا سيكون من خلال رصد الإطار العام لموقف النظام السابق مع التفصيل فيما تم اتخاذه من مواقف بعد الثورة لاعتبارات المساحة التي تقصر عن تناول الموضوع بهذه الرؤية.
ورغم أننا نفضل أن نترك للقارئ التوصل من خلال الموضوعات المطروحة إلى النتيجة التي يخلص اليها الملف إلا أننا نشير بسرعة إلى أن تحليل القضايا المحورية في السياسة الخارجية المصرية يكشف عن مفارقة تبدو بالغة الأهمية ألا وهي أن ثورة يناير لم تصل إلى السياسة الخارجية المصرية بالشكل الذي قد يطمح إليه كثيرون، الأمر الذي يعزز المقولة التي يرددها البعض وتبدو مؤشراتها على ساحة القضايا الداخلية وليست الخارجية فقط وهي أن ثورة يناير ثورة ناقصة لم تكتمل حتى الآن.

تغيرات محدودة تجاه إسرائيل وتوهان سياسي بشأن واشنطن

 


 

تمثل عملية قياس حجم التغيير في سياسة مصر تجاه كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بعد ثورة 25 يناير المجيدة قضية في غاية الأهمية، ليس فقط لتحديد مقدار ابتعاد الحكومة الانتقالية الحالية عن سياسات النظام القديم، وإنما لتقدير مدى اتفاقها واختلافها مع التوجهات المجتمعية التي سادت بعد الثورة.

وقد لا تتسع هذه المساحة لدراسة عميقة وشاملة لكافة القضايا المطروحة، في إطار العلاقات الرسمية بين مصر وكلا البلدين، والتي تمتد لما يزيد على ثلاثة عقود- إلا أن هناك عدداً من الملفات الأكثر حضوراً على الساحة في الفترة الأخيرة، والتي يمكن أن نتلمس قدراً من التغيير في سياسة مصر تجاهها، وهي: ملف سياسة مصر تجاه عملية السلام، فضلاً عن ملف العلاقات الثنائية بين مصر وكلا البلدين.

أولا - مبارك ودور الوكالة:

لعل الملف الأبرز والأكثر أهمية من بين هذه الملفات هو ملف سياسة مصر تجاه ما يعرف بـ «عملية السلام بين العرب وإسرائيل»، أو بالأحرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين نظراً لتوقف باقي المسارات بصورة تامة. وبالنسبة لهذا الملف، شهدت السياسة الخارجية المصرية بعد ثورة يناير تغيراً ملموساً؛ حيث كانت منحازة بصورة واضحة لإسرائيل، أو على الأقل كانت تترك الطرف الفلسطيني دون الحماية المفترضة التي كان النظام يعلن دوماً أن دوره في العملية هو توفيرها. فمن ناحية كانت الحكومة المصرية تضغط على المقاومة الفلسطينية لكي تضعف قدرتها على الاختيار بين البدائل وتجبرها على اللجوء لبديل وحيد وهو قبول تسوية لم يكن من المتوقع أن تخرج عن الشروط الإسرائيلية. ومن ناحية أخرى كانت توفر الشروط المثلى لأمن إسرائيل على نحو يوفر لها فرصة تجميد الأوضاع دون تحمل خسائر تذكر، وذلك عن طريق إغلاق معبر رفح وفرض رقابة دقيقة على السلع والبضائع التي تدخل عن طريقه إلى قطاع غزة بعد انفراد حركة حماس بالسيطرة عليه في عام 2006- ليس فقط لكي تمنع وصول أسلحة إلى أيدي الفلسطينيين، وإنما أيضاً لفرض عزلة وحصار قاس عليهم بهدف دفعهم دفعاً إلى التخلي عن حماس. وبجانب ذلك، انحاز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك انحيازاً تاماً لحركة فتح على حساب حركة حماس مستغلاً صراع السلطة الذي نشأ بينهما، والذي ربما كان يعمل على تغذيته باستمرار، وهو ما يدل عليه أن الطرفين تمكنا من التوصل لتسوية بمجرد سقوطه.

وفي هذا الإطار، حدثت تطورات مهمة في سياسة مصر بعد الثورة في العديد من القضايا الفرعية في هذا الملف. وأولها هو إعلان نبيل العربي، أول وزير خارجية بعد الثورة، أن افتتاح معبر رفح يمثل ملفاً مهماً على أجندة أولويات السياسة الخارجية المصرية. وبعد ذلك تم افتتاح المعبر بصورة مطلقة لعدة أيام ثم بصورة جزئية إلى أن عاد إلى سابق عهده تقريباً في فترة ما قبل الثورة، حيث يتم افتتاحه ثماني ساعات فقط يومياً، ولمدة ستة أيام في الأسبوع؛ من أجل السماح بمرور عدد يتراوح ما بين 300 و400 فلسطيني في اليوم.

فإذا أخذنا في الاعتبار أن عدد سكان قطاع غزة هو 1.5 مليون شخص، لأدركنا أن فرصة السفر لن تتاح لكل منهم إلا مرة واحدة كل 15 عاماً تقريباً، وهو معدل غير كاف بالمرة لمواجهة ضغوط الرغبة في السفر. فضلاً عن ذلك يؤكد الكثير من المصادر أن قوائم الممنوعين من السفر التي كانت تعدها الاجهزة الأمنية المصرية مازالت كما هي، ولم تطرأ عليها تعديلات تذكر، حيث مازال قرار المنع من دخول مصر يصدر تجاه أي فلسطيني دون أبداء أسباب.

أما على صعيد العلاقة مع حركة حماس وملف المصالحة، فقد شهدت السياسة المصرية تغيراً واضحاً عندما أنهت مقاطعتها غير المبررة لحركة حماس، ورعت القاهرة اتفاق مصالحة سرياً بينها وبين فتح، حتى تم إعلانه في نهاية أبريل الماضي، بعد استضافة لم تدم طويلاً لوفدي الحركتين في القاهرة.

وهناك قضية أخرى في ملف السياسة المصرية تجاه عملية السلام وهو إعلان مصر أنها تؤيد ذهاب السلطة الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل لطرح التصويت على الاعتراف بها في الاجتماع الدوري. بل وأكثر من ذلك، وجهت الدعوة للولايات المتحدة –على لسان نبيل العربي وزير الخارجية الأول بعد الثورة- للاعتراف بالدولة الفلسطينية وبذل الجهود من أجل ترتيب عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط؛ مشيراً إلى أن اتفاق فتح وحماس أنتج طرفاً فلسطينياً موحداً على استعداد للتفاوض للتوصل لسلام عادل, والمطلوب هو إيجاد نظير إسرائيلى إيجابى، مؤكدا أن اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية يتوافق مع ما سبق وأعلنته الإدارة الأمريكية من تأييدها للسلام على أساس حل الدولتين.

وبنظرة سريعة يتضح أن الدور الذي كانت تلعبه مصر لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل في عملية السلام قد تغير بدرجة كبيرة، لكن هذا التغيير لا يرقى إلى مستوى التغيير الجذري، حيث لا يزيد على كونه تصحيحاً للسياسات السابقة؛ إذ إنه بافتراض أن عملية إصلاح جادة تمت بنجاح في عهد النظام السابق، فإن الخروج من التبعية للولايات المتحدة وإسرائيل سيكون على رأس أولوياتها، وسيتمثل بالتأكيد في إعادة تعريف الدور المصري بالمنطقة. وبنظرة سريعة يتضح أن مدى التغيير في هذا الملف ليس طفيفاً فقط، بل ربما غير موجود من الأساس.

ثانيا - ملف العلاقات الثنائية:

وقع العديد من الأحداث التي تكشف عن قدر من التغير في سياسة مصر تجاه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بعد ثورة 25 يناير، ومن أبرزها: مطالبة مصر بتعديل أسعار تصدير الغاز لإسرائيل، والقبض على جاسوس إسرائيلي في ميدان التحرير، و....

وبالنسبة لتعديل أسعار الغاز، فقد أعلن عبد الله غراب، وزير البترول، في منتصف شهر مارس عن وضع آلية جديدة لمراجعة أسعار تصدير الغاز الطبيعي، تسمح بزيادة السعر في العقود التي أبرمتها الحكومة السابقة مع إسرائيل. وأوضح أن ما يثار عن أسعار تصدير الغاز لإسرائيل هي أرقام التعاقد الأصلي وتم تعديلها فيما بعد، وينبغي أن تخضع للمراجعة الدورية. وهو ما ردت عليه إسرائيل بالرفض، معتبرة أن الاتفاقات الموقعة محمية بموجب القانون الدولي، وأنه لا يجوز مخالفتها، وإلا تعرضت مصر لعقوبات دولية.

وهنا أيضاً، نجد أن التغير في موقف مصر كان محدوداً بل أقل مما ينبغي، حيث كان من الممكن تسريع التحقيقات لكشف حجم الفساد الذي وقع فيه النظام السابق لتوقيع الصفقة، وتقديم الدور الإسرائيلي في إتمامها بصورته الحقيقية وهو السطو على ثروات الغير واستغلالها بطرق غير مشروعة، ومن ثم، يتكون رأي عام محلي ودولي رافض للصفقة، ومؤيد للحقوق المصرية في ضرورة تعديل العقود بحيث يتساوى سعر الغاز مع الأسعار العالمية، مع تحصيل فروق الأسعار عن الفترة الماضية. بل حتى إلغاءها إذا رغبت في ذلك الحكومة المصرية بدون التعرض لعقوبات أو لدفع تعويضات.

على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة فإنه رغم مرور أكثر من ستة شهور على قيام الثورة فإنه من الصعب حتى الآن القول إن النظام المصري ما بعد الثورة قد اختط لنفسه رؤية خاصة به تجاه واشنطن تختلف عن تلك التي اتبعها النظام السابق. ورغم ممارسة الإدارة الأمريكية سياسة حذرة تجاه ما يحدث في مصر انتظارا لما يمكن أن تسفر عنه تطورات الثورة والعمل على توجيهها في الوجهة التي تخدم المصالح الامريكية من خلال الدخول في حوارات وعلاقات مع القوى السياسية المختلفة إلا أن مصر ما بعد الثورة ما زالت في حالة من التيه السياسي بشأن نمط علاقتها مع تلك القوة العالمية التي يرى البعض ان تغلغلها في صياغة الأوضاع في مصر جعلها اللاعب الاساسي غير المرئي في الحياة السياسية الداخلية في مصر بما وفر لها الفرصة للتأثير بعمق على السياسات الحكومية وعلى نمط العلاقات بين الحكومة وجماعات المعارضة المختلفة بما فيها الجماعات الدينية.

وإذا كانت هذه العلاقة موضع رفض شعبي عارم رصدته الكثير من الكتابات جعلت من مصر حسب استطلاعات رأي أمريكية في مقدمة الشعوب التي تتخذ موقفا معاديا للولايات المتحدة، هذه الصورة قد لا تتغير في ضوء ارتباطها بمجموعة من القضايا الهيكلية التي تتعلق ببنية السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية والإسلامية ، غير أنه يبقى على صانع السياسة الخارجية المصرية في مرحلة ما بعد الثورة محاولة انتهاج مجموعة من السياسات التي تتسم بالاستقلالية عن السياسة الأمريكية وتضع المصلحة المصرية أولا على عكس المواقف التي اتخذها نظام مبارك.

 

تحرك خجول مع دول حوض النيل!

أداء الدبلوماسية الشعبية فاق بمراحل نظيرتها الرسمية

 


تمثل قضية مياه النيل واحدة من أخطر ملفات الأمن القومي المصري وقد توافقت الدبلوماسية الرسمية والشعبية فيما بعد ثورة يناير على أهمية المعالجة المصرية الحكيمة لهذا الملف في إطار من التوجه الاستراتيجي نحو أفريقيا تحكمه لغة المصالح المشتركة والتعاون الوثيق بين مصر ودول القارة، حيث ترتبط مصر ودول حوض النيل باتفاقيات ثنائية في مجال النقل الجوي، كما أن هذه الدول أعضاء في اتفاقيات اقتصادية أبرزها اتفاقية «الكوميسا» لدول شرق وجنوب أفريقيا مرورا بمرحلة تحرير التجارة والاعفاء الجمركي المتبادل. وهناك أيضا إعلان «يامسكرو» لتحرير النقل الجوي في أفريقيا الأمر الذي يتطلب إعادة تفعيل هذه الاتفاقيات وهذا الاعلان بين مصر ودول القارة بما ينعكس إيجابياً في تطوير العلاقات المصرية ـ الأفريقية.

وفي القلب من هذه القضايا تأتي قضية مياه النيل التي تمثل مصدر الحياة لمصر وتنتظم قواعدها من خلال اتفاقية حوض النيل التي تضم مصر، والسودان، وأوغندا، وإثيوبيا، والكونغو الديمقراطية، وبوروندي، وتنزانيا، ورواندا، وكينيا، واريتريا. وتطويرا لهذه الشراكة تم في فبراير 1999 توقيع مبادرة حوض النيل بين الدول العشر، بهدف تدعيم التعاون الإقليمي «سوسيو- اجتماعي» بين هذه الدول. والتي تنص علي الوصول إلي تنمية مستدامة في المجال السياسي - الاجتماعي، من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل.

غير أنه إزاء تزايد الحاجة إلى المياه والتي ترجح مصادر مختلفة أن تكون مصدر نزاع رئيسياً في العقود المقبلة كان اتجاه دول الحوض لنفض يدها من اتفاقية 1959 التي تنظم استخدام مياه النيل ومنها ذلك البند الذي يقضي بعدم السماح بإقامة مشروعات على حوض النيل إلا بعد الرجوع إلى دولتي المصب. ورغم تحركات دول الحوض لتجاوز الاتفاقيات وخلق واقع مائي جديد لم يتحرك النظام السابق فى مصر التحرك الصحيح لمواجهة اختراق الاتفاقية من قبل معظم الاعضاء باستثناء مصر والسودان «دولتى المصب». وجاء ذلك في ظل حالة عامة تتمثل في إهمال النظام العلاقات الافريقية بصفة عامة والعلاقات مع دول حوض النيل بصفة خاصة، واقتصرت علاقات مصر مع الدول الأفريقية على حضور مؤتمرات منظمة الوحدة الأفريقية ثم الاتحاد الأفريقى الذى حل مكانها وكان حضورا اعلاميا فقط دون اى مشاركة حقيقية لهموم ومشاكل الإخوة الأفارقة.

ومن هذا المنطلق وقع على حكومة ما بعد الثورة الحالية عبء ثقيل تجاه هذا الملف، فكان عليها معالجة ما أفسده النظام السابق على مدى سنوات طوال، ورغم ما بدا من اهتمام النظام المصري بهذه القضية إلا أنه لا يمكن وصف تحركه في هذا الصدد بأنه تحرك خجول لا يرتقي بحال إلى ما هو مطلوب بل تجاوزه وفاقه بمراحل التحرك الدبلوماسي الشعبي الذي حقق الكثير على صعيد الاهداف التي يمكن ان يطمح اليها المصريون بشأن طبيعة العلاقة التي تربطهم مع دول الحوض.

وقد أدركت الدوائر الرسمية في مصر بعد 25 يناير أن مصر تمادت في إهمال محور الحياة منذ عقود ثم اضطرت أن تصحو بعد قرارات دول المنبع إقامة السدود علي مصادر مياه النيل في إفريقيا الشرقية والوسطي، وانطلاقاً من ذلك توالت البعثات الرسمية والشعبية، إلي السودان شمالا وجنوبا ودول المنبع بعد عقود من الإهمال وبدأ سيناريوهات توثيق العلاقات المصرية مع أثيوبيا وأوغندا، برسالة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لرؤساء الدول الأفريقية والتي تؤكد على رؤية مصر ما بعد الثورة للعلاقات المصرية ـ الأفريقية خاصة تجاه دول حوض النيل ووضع خريطة طريق للتعامل المستقبلي مع ملف النيل ودعم المصالح المشتركة بين دول حوض النيل العشر. وهو الامر الذي تبعه زيارة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء لأثيوبيا تأكيداً على أن السياسة الخارجية المصرية تشهد توجها جديدا وصفحة جديدة تعتمد علي بناء خطط متكاملة للتعاون المصري الأثيوبي يهدف في النهاية إلي بناء مصالح مشتركة بين البلدين في شتي المجالات. وظهرت ملفات متنوعة تؤكد حرص مصر علي التواصل مع إفريقيا. وقد اتضح ذلك في التصريحات التي أدلى بها د. عصام شرف في أديس أبابا، إلى جانب توجيه دعوة لنظيره لميليس زيناوي ولرئيس أوغندا لزيارة مصر. كما شهدت العلاقات المصرية الأوغندية تطوراً مستمراً بعد ثورة 25 يناير.

الدبلوماسية الشعبية والإنقاذ الوطني

نظراً لأن العلاقات مع دول حوض النيل لم ترق للمستوى المطلوب فإن جماعة المثقفين المصريين مثل وفد الدبلوماسية المصرية سعى لإعادة الأمور إلى طريقها الصحيح واصلاح ما احدثه النظام السابق من تراجع في مستوى هذه العلاقات واستعادة الدفء المفقود لها على أساس من التفاهم والاحترام المتبادل وقد كان لهذا التحرك بالغ الأثر في تغيير توجه العلاقات بين القاهرة ومعظم دول حوض النيل.

وكان من أهم نتائج وفد الدبلوماسية الشعبية المصرية إلي إثيوبيا‏‏ قرار رئيس الوزراء الإثيوبي تأجيل التصديق علي الاتفاقية الإطارية‏‏ لحين انتخاب حكومة ورئيس جديد لمصر‏.‏ وبالتالي نجح الوفد الشعبي في تحقيق ما فشل فيه النظام السابق، وتم تشكيل لجنة خبراء مصريين وأثيوبيين وأجانب للتأكد من أن سد الألفية سيكون محطة فقط لتوليد الكهرباء, ورحب الشعب الأثيوبي بسياسة مصر الخارجية خاصة ما يتعلق بملف حوض النيل والعودة الي أفريقيا ودعم جهود التنمية معها.

ولعل ما آل اليه هذا الملف يشير إلى أهمية تطوير ما يسمى بالدبلوماسية الشعبية لتصبح مؤسسة غير رسمية تهدف الى تسويق مواقف السياسة المصرية وتقديم المشورة لصانع القرار لا سيما أن النظام الرسمي المصري في أحوج ما يكون إلى مثل هذا الأمر في هذه الايام التي يمر فيها بعملية تحول يبدو واضحا تعثر مواقفه خلالها وصعوبة انتهاج سياسة تتوافق مع التطور الثوري الذي تشهده مصر.

وفي ضوء حقيقة أن العلاقة بين مصر ودول أفريقيا عموما وبينها وبين دول حوض النيل خصوصا تعتبر علاقات أزلية فإنه لا بد من أن تسلك السياسة المصرية الجديدة في مرحلة ما بعد الثورة نهجا يقوم على اتخاذ خطوات تعزز هذه الرؤية ويحمل على نحو يحقق مردودا ومصلحة دائمة تقوم علي أرضية صلبة مشتركة من التعاون بين الجانبين في مختلف الميادين.


"أمن الخليج" .. عقبة العلاقات المصرية الإيرانية قبل  الثورة وبعدها

 


تصور كثيرون أن زوال حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك سوف يزيل عقبة الخلافات التي أعاقت عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين مصر وإيران والتي قطعتها إيران عام 1979 عقب توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل، ولذلك سرت أنباء متفائلة عن إجراءات متسارعة لإعادة هذه العلاقات لوضعها الطبيعي، وسعي أول وزير خارجية مستقل بعد ثورة 25 يناير (الوزير نبيل العربي) لتأكيد أن من ثوابت السياسة المصرية الجديدة دعم فلسطين وإنهاء حصار غزة وفتح معبر رفح وانه لا عداء مع إيران ومن ثم ضرورة تطبيع العلاقات معها.

بيد أنه سرعان ما عاد الفتور لهذه العلاقات مرة أخري قبل أن تشهد أي من

هذه التوقعات، وتبدد حلم تطبيع العلاقات الكاملة، من الجانب المصري بنفس السرعة التي حدث بها التبشير بقرب رفع العلاقات لمستوي التطبيع الكامل، بل فوجئ الجميع بالاعلان عن قضية تجسس إيرانية علي مصر في نفس يوم إقلاع طائرة مصرية تقل وفدا شعبيا مصريا لإيران لتطبيع العلاقات .. فماذا جري ؟

أمن الخليج أهم

واقع الأمر أن من تفاءلوا بقرب تطبيع العلاقات مع إيران نسوا أن هناك عقبة كبيرة تقف في وجه هذه العلاقات أو إذا شئنا الدقة، فيجب ألا نتحدث عن علاقات مصرية إيرانية طبيعية دون وضع أمن دول الخليج في سياق هذه العلاقات حتي أنني أزعم أن الأزمة الحقيقية ليست بين مصر وإيران، وانما في طبيعة هذه العلاقة الثلاثية بين (مصر وإيران والخليج) !.

فالاستراتيجية السياسية الأمنية المصرية منذ عودة العلاقات لطبيعتها مع دول الخليج في عهد الرئيس الأسبق السادات – بعدما تدهورت في عهد عبد الناصر – وما تلاها من دعم خليجي لمصر في حرب 1973، ووقوف مصر ضد الاحتلال العراقي للكويت، تقوم علي حماية أمن الخليج ومنع إيران من السعي للضغط علي دول الخليج بأي صورة.

وبرغم أن هناك ضغوطاً أمريكية وحوافز قدمت للقاهرة من قبل الأمريكان في عهد النظام السابق لعدم تطبيع العلاقات مع إيران والاستمرار في حالة العداء معها، وزالت الآن تقريبا مع زوال الحكم السابق، فحقيقة أن إيران تلعب دورا يضر الخليج ومن ثم أمن مصر والأمن الإقليمي العربي، دفع القاهرة دوما للتوجس من إيران وبالتالي استمرار حالة الفتور بين البلدين وعدم تطبيع العلاقات.

وقد أزعج القاهرة كثيرا – في سياق التنافس التقليدي بين مصر وإيران وتركيا علي قيادة منطقة الشرق الأوسط – أن تسعي إيران في الآونة الأخيرة للضغط علي بعض دول الخليج ونشر التشيع أو دعم جماعات شيعية خليجية بهدف خلخلة التوازن التقليدي في المنطقة .

وليس سرا ايضا أن هناك حديثاً متصاعداً حاليا – في ظل أزمة إفلاس أمريكا – عن أن قواعد أمريكا في الخليج سوف تغلق إن عاجلا أو آجلا لتخفيض النفقات العسكرية ضمن خطط الانسحاب والتقوقع الأمريكية علي الداخل بسبب الانهيار المالي للقوة العظمي كما يقول روبرت فيسك في صحيفة الجارديان البريطانية، ما يتوقع معه أن تسعي طهران لملء هذا الفراغ وبالتالي مزيد من الضغط علي دول الخليج.

وهنا يأتي دور القاهرة في دعم اشقاء الخليج، ليس فقط لأسباب استراتيجية وإنما لأن هناك آمالاً مصرية في التعويل علي دعم واستثمارات خليجية ايضا في مصر تعوض حالة التدهور الاقتصادي التي أعقبت ثورة 25 يناير.

بجانب هذا فقد أغضب ثوار مصر ما قاله مسئولون إيرانيون من أن ثورة مصر استفادت واستلهمت تجربة ثورة إيران الاسلامية(!)، وقالوا إن ثورة مصر شعبية لا دينية شيعية وأنها لم تستلهم تجارب الآخرين وإنما هذه طبيعة المصريين دائمي الثورة علي الظلم بعدما يستفحل.

جاسوس في المنديل!

من هنا كان من الطبيعي ألا تستمر مسيرة الحديث عن تحسين العلاقات بين مصر وإيران كما أمل كثيرون كي تصل الي مبتغاها بتدشين علاقات دبلوماسية كاملة وتعيين «سفير» بدلا من «القائم بالأعمال» في البلدين حاليا، في ظل هذه الخلافات الهيكلية في علاقات البلدين المتصلة أساسا بالخلاف حول طبيعة التعامل الإيراني مع الملف الخليجي الذي هو أحد أضلاع الأمن القومي المصري .

بل زادت الخلافات بعد ثورة 25 يناير بعدما ظهر توجه إيراني – تم إجهاضه في البحرين – لاستثمار ثورات تونس ومصر، لدعم السعي الإيراني المتعلق بمساندة الأقليات الشيعية في دول الخليج وترويج تحرك هذه الأقليات علي أنه (ثورة شعبية) لا تمرد اقليات أو طوائف دينية.

بدأ هذا التوجه الإيراني في البحرين وكاد ينجح عبر حالة مخططة من التمرد والصدام الصاخبة التي قامت بها الأقلية الشيعية هناك، وجاء الصدام بين المتظاهرين وبين قوات الشرطة والجيش البحريني وانتفاء التظاهر السلمي – سمة ثورتي تونس ومصر – ليبعد معارضين بحرينيين عن هذه «الثورة الشيعية»، فخمدت نسبيا، قبل أن تقرر دول مجلس التعاون الخليجي إرسال قوات درع الجزيرة ويجري إخماد هذا التمرد الشيعي في البحرين نهائيا قبل ان يمتد للسعودية والكويت وباقي الخليج.

الخليج خط أحمر

وهكذا فوجئ الجميع عقب تأكيد نبيل العربي وزير خارجية مصر الأسبق والأمين العام لـجامعة الدول العربية حاليا أن: «إيران ليست «عدواً» لمصر، وأن هناك علاقات دبلوماسية بينهما منذ عام 1994 على مستوى مكتب رعاية المصالح المصرية الإيرانية ما يبشر بتطبيع العلاقات كاملة، بالوزير الذي خلفه في منصبه (الوزير السابق محمد العرابي) يقول إن «أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لمصر»، وأن «أمن الخليج أولوية مصرية ومحل اهتمام مصري بنسبة مائة بالمائة وأن التقارب مع إيران لن يكون أبدا على حساب الخليج».. ما يعني أن العلاقات مع إيران متوقفة علي طريقة تعاملها مع الخليج.

وجاء التطور اللاحق أشبه بتفجير مفاجأة سحرية في توقيت غريب وإن لم يستبعد مراقبون أن تكون مقصودة من جانب القاهرة.. في صورة الإعلان عن ضبط جاسوس إيراني في مصر هو أحد أفراد طاقم البعثة الدبلوماسي، ما قضي تماما علي آمال التطبيع السريع المتوقع للعلاقات وأعادها لوضعها ما قبل ثورة 25 يناير!

ففي أعقاب ثورة 25 يناير توقع (مجتبي إماني) القائم بالأعمال الإيراني في مصر فتح سفارة إيرانية بالقاهرة، وسفارة مصرية في طهران في أقرب وقت ممكن خلال الشهور القادمة.

وقال القائم بالأعمال الإيراني إن «ثورة 25 يناير فتحت صفحة جديدة بين مصر وإيران ونعلم أن لمصر ملاحظات علي السياسة في إيران بينما نحن ليس لدينا علي مصر أي ملاحظات». وأشار إلي أنه قبل ثورة 25 يناير كانت أمريكا لها وصاية علي مبارك وفي هذا الإطار كانت تفرض واشنطن على مصر - على حد قوله- عدم اقتران مصر مع إيران، واستطرد قائلا «أمريكا لا تريد عودة العلاقات المصرية- الإيرانية حتي هذه اللحظة».

ولكن.. في 30 مايو 2011 وقبل أن يغادر وفد شعبي مصري إلي إيران لتحسين العلاقات - كما سبق أن فعل مع دول أعالي النيل - طردت مصر الدبلوماسي الإيراني سيد قاسم الحسيني، المستشار الثالث ببعثة المصالح الإيرانية بالقاهرة واعتبرته «شخصا غير مرغوب فيه» بعد اتهامه بالتجسس.

ومع هذا سافر الوفد الشعبي المصري الذي قاده حزب الوفد بهدف تحسين العلاقات بين الشعبين وإعادتها لسابق عهدها، وكان لافتاً تأكيد أعضاء في الوفد الشعبى أن «دول الخليج تمارس ضغوطا لعدم تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران»، وأن هناك وعودا إيرانية بإرسال 2 مليون سائح واستثمارات كبيرة بمصر، وأن وفدا شعبيا إيرانيا سيزور مصر قريبا جدا لزيارة «مصر الثورة» لتقريب وجهات النظر وتعميق العلاقات المصرية الإيرانية، سواء كانت على مستوى البعثة الدبلوماسية أو جميعس المجالات الأخرى.

ولكن الحقيقة التي بقيت هي أن هذه الزيارة الشعبية الهامة لم تفلح في تغيير الموقف المصري بعد الثورة، ولا قبل الثورة لأن الطرف الثالث (الخليج) هو الذي يتحكم في هذه العلاقة بين مصر وإيران بحكم المصالح المصرية الاستراتيجية التي تعطي أولوية للخليج علي إيران وتقف دونها المصالح الإيرانية المتزايدة في دول الخليج بعدما خلت الساحة لطهران عقب غزو العراق ومع استمرار انهيار القوي العظمي (أمريكا) وقرب إشهار إفلاسها!


"مصر 25 يناير" تخلت عن مساندة الثورات العربية!

اعتبارات عملية وتاريخية حكمت موقف القاهرة تجاه الربيع العربي

 


 

خلق ربيع الثورات العربية الذى انطلق من مصر وتونس مناخاً جديداً مختلفاً تماما، لا مجال فيه ولا بقاء للأنظمة الشمولية، والاستبدادية. ومع انتشار عدوى ثورات التحرير من الاستعمار الداخلي للدول العربية نجد أن الموقف المصرى التزم الصمت حيال ما يحدث من ثورات في كل من اليمن وليبيا وسوريا وكأن النظام السابق لايزال هو القائم فلم تشهد السياسة الخارجية المصرية حيال الثورات العربية أي ردود فعل رغم تغير وزير الخارجية في حكومة تسيير الاعمال.

واذا كان موقف مصر تجاه الأحداث الدامية في ليبيا والذي يعكس حالة من الصمت المثير للتساؤلات يمكن فهمه في ضوء حقيقة وجود ما يقرب من مليون مواطن مصري هناك إلا أن موقف القاهرة تجاه باقي رياح التغيير في المنطقة العربية يبقى من الصعب تفسيره.

وقد اقتصر دور مصر فيما يتعلق بالثورة الجارية في ليبيا على حماية وترحيل ابناء الجالية المصرية. وانصبت كافة التحركات الدبلوماسية الرسمية للحكومة المصرية على سرعة عودة كافة المصريين من ليبيا وتونس، وعلى التعاون مع وزارات وأجهزة الدولة المختلفة لتسيير جسر برى من مدينة بنغازى بليبيا إلى مدينة السلوم بمصر، حيث تم نقل المواطنين الذين يصلون إلى المدينة المصرية بواسطة الحافلات والقطارات إلى كافة محافظات الجمهورية. ولم يصدر عن الخارجية المصرية أو اي مصدر رسمي مصري لا من قريب أو بعيد إدانة لما يحدث في الأرضي الليبية من مجازر دموية، بل كان هناك تصريحات قليلة تتضمن حرص مصـر شعباً وجيشاً وحكومةً على حماية المدنيين الأبرياء ووقف نزيف الدم على الأرض الليبية الشقيقة.

ورغم تغيير القيادة في مصر بعد ثورة يناير الا انه من الواضح أن هناك رغبة واضحة في عدم إحداث تحول جذري في السياسة المصرية في الإطار العربي وهو الامر الذي يمكن أن نلمسه بسهولة بشأن سوريا حيث ظلت العلاقة بين البلدين قوية ومتينة في مواجهة التغيرات التي يمر بها البلدان الأمر الذي بدا واضحا في تصريحات الدكتور نبيل العربى، وزير الخارجية، حيث أكد على الروابط التاريخية والاستراتيجية بين مصر وسوريا، وعلى أن الاستقرار فى سوريا مرتبط بشكل مباشر بالأمن القومى المصرى والعربى.

وقد بدا هذا الموقف الرسمي مخالفا للمواقف الشعبية والتي عبرت عن قدر من الرفض لمواقف الانظمة العربية التي تقمع ثورات شعوبها ونددت بالسياسات التي تتبعها هذه الانظمة. ومن ذلك مثلا البيان التضامنى الذي اصدره أتيليه القاهرة برئاسة الفنان الدكتور محمد عبلة مع كتاب وفنانى سوريا استنكر خلاله ما يجرى من اعتقالات وممارسات قمعية بحق الكتاب والفنانين السوريين واستمرار السلطات السورية فى استخدام هذا النهج التعسفى الذى يدار خارج القوانين والشرائع الدستورية، ويتجاوز المواثيق الدولية القاطعة بالحق فى حرية التعبير بأشكاله كافة وفى ممارسة الحقوق المدنية والسياسية. وأعلن الكتاب والفنانون بالأتيليه عن تأييدهم ومؤازرتهم لمثقفى سوريا فى نضالهم السلمى للتعبير عن آرائهم وأفكارهم ومواقفهم السياسية.

على النهج ذاته طالبت نقابة المرشدين السياحيين بالأقصر اتحاد المرشدين السياحيين العرب وجامعة الدول العربية، بتجميد عضوية سوريا فى الاتحاد كوسيلة ضغط على الحكومة السورية لوقف العنف مع المتظاهرين. كما دعا الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين، الشعوب المسلمة، وعلماءها ومفكريها وقادتها إلى تخصيص يوم جمعة لدعم ومساندة للشعب السورى الثائر ضد الظلم والطغيان، وذلك من خلال الاعتصامات السلمية بعيد صلاة الجمعة، وأداء صلاة الغائب على الشهداء.

وعلى صعيد الشارع المصري، قام أكثر من 3 آلاف من متظاهرى ميدان التحرير، وعلى رأسهم حركة 6 أبريل فى جمعة القصاص للشهداء برفع العلم السورى الذى يبلغ طوله أكثر من 10 أمتار للتضامن مع شهداء الثورة واعتراضا على قمع المتظاهرين فى سوريا. وفي ذات السياق أدانت جماعة الإخوان المسلمين أحداث العنف التى تشهدها سوريا، واعتقال الآلاف واقتحام الدبابات للمدن والقرى، وتشريد الآلاف من أبناء الشعب السورى العظيم، الذى خرج فى مظاهرات سلمية، يطالب بحقه فى الحرية والكرامة والعدالة والتعددية والديمقراطية.

كما نظم المئات من شباب حزب (الوسط) مظاهرة سلمية اليوم، الجمعة، أمام مقر سفارة سوريا بالقاهرة بمنطقة الدقى للتعبير عن رفضهم لقمع السلطات السورية للاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية والديمقراطية.

وحتى عندما صدر تصريح عن وزير الخارجية المصري السابق نبيل العربي وأن بصفته امينا للجامعة العربية فقد ركز في موقفه على عدم حق أحد نزع شرعية النظام القائم في سوريا دون أن يصدر عنه كلمة تأييد أو تضامن مع الشعب الذي يطحن يوميا في المدن والحواضر السورية.

ولعل هذا الرصد للموقف المصري تجاه الثورات العربية في فترة ما بعد 25 يناير يشير الى ان مصر الثورية لم تواكب ما جرى في العواصم العربية الاخرى بنفس الروح التي سرت فيها.. رغم أن عدوى الثورة انطلقت منها باعتبار محورية دور مصر في محيطها العربي دون أن نغمط حق الثورة التونسية ودورها في إشعال شرارة الغضب في العالم العربي.