عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل دخل المجلس العسكري مسرح اللعبة السياسية؟


حرص المجلس العسكري بصفته السلطة السياسية التي تولت إدارة البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك علي الاحتفاظ بمسافة معقولة مع مختلف القوي السياسية الفاعلة في الشارع المصري.. وقد ساعدته تلك المسافة علي منح الجميع شعوراً بحيادية موقفه وأكدت ان المجلس ليس نصيراً لفصيل سياسي ضد فصيل آخر.. ورسم المجلس لنفسه هدفاً عظيماً هو حماية الثورة.. ومن خلال تلك المسافة التي جسدتها بياناته المتعددة علي الانترنت أو عبر لقاءاته مع مختلف النخب السياسية اكد المجلس أنه غير راغب في الحكم وانه يريد تسليم السلطة الي حكومة ورئيس منتخبين بأقصي سرعة ممكنة لرغبته في العودة بسرعة الي ثكناته.

كان من المنتظر بعد ان علم المجلس الأعلي برد الفعل السلبي علي البيان الذي ألقاه الفنجري ان يعيد حساباته ويقيم ما جري.. لكن شيئاً من هذا لم يحدث بل شيء ما جري أدي الي دفع المجلس الأعلي الي أن يلغي... مرة واحدة ـ بتلك المساحة التي احتفظ بها خلال المرحلة الانتقالية مع القوي السياسية وذلك عندما أصدر البيان رقم «69» علي صفحته علي الفيس بوك والتي حملت صفة التخوين والاتهام بالعمالة لإحدي الحركات السياسية الكبري هي حركة «6 أبريل» عندما اتهمها صراحة بتلقي أموال من الخارج وسعيها للوقيعة بين الشعب والجيش مما ينفي الوطنية عن أعضاء تلك الحركة.

هنا كان يجب علي المجلس التوقف كثيراً لتأمل التداعيات السلبية لما جري بعد بيانه السابق والتي جاءت علي النحو التالي:

1ـ دخل المجلس العسكري بهذا البيان بقدميه الي مسرح اللعبة السياسية بكامل طاقاته وقوته وساوي بينه وبين كافة القوي السياسية.. وتحرك منتقلاً بإرادته من خانة السلطة التي تدبر المرحلة الانتقالية ـ مرغماً وراغباً في العودة الي ثكناته.. الي قوة رئاسية سياسية تحكم وتتولي عملية تخوين هذا الفصيل السياسي لصالح فصيل آخر.

2ـ ألغي المجلس المسافة التي حرص علي استمرار بقائها بينه وبين مختلف القوي السياسية.. تلك المسافة التي كانت تمنحه صفة الحيادية بين كل القوي السياسية.. تلك الحيادية التي يمكن القول انها سقطت عن المجلس بعد بيان التخوين.

3ـ عندما يدخل المجلس الأعلي ـ بتلك القوة ـ الحلبة السياسية فإنه سوف يرد «بضم الياء» عليه.. والخوف ان تختلط الأوراق بين مجلس يدير البلاد كسلطة سياسية مؤقتة وبين مجلس يحمل في نفس الوقت صفة عسكرية فهو المجلس الأعلي والقيادة العامة للقوات المسلحة.. مما نخشي معه من حدوث تطاول سياسي يسحب من وضعية المجلس ومكانته بين القوي السياسية.. وما كان أغنانا عن ذلك تماماً ولم يكن لتنقصنا تلك الأزمة.

4ـ إذا كان المجلس الأعلي يحمل أدلة اتهام تجاه أي فصيل سياسي.. فما كان عليه سوي حمل تلك الأدلة والاتهامات بالأسانيد وتقديمها الي جهات التحقيق لحسمها والتصرف حيالها قانوناً وساعتها لم يكن أحد ليلوم المجلس.. لأنه هنا يحمي كيان الدولة المصرية.. أما اطلاق الاحكام علي عواهنها وتوزيع الاتهامات علي الملأ فإنه جد خطير يسحب من صورة المجلس ولا يضيف إليه.

سؤال: لماذا تخلي المجلس عن هدوئه ولجأ إلي التهديد؟

حتي الآن يثور تساؤل لا يجد اجابة هو: ما الذي دفع المجلس الأعلي وقياداته الي التخلي عن اهم الصفات التي حرص علي التحلي بها أثناء توليه ادارة المرحلة الانتقالية وهي صفات أكسبته درجة كبيرة من الاحترام لأنها تميزت بالهدوء والحلم والصبر وسعة الصدر.. وهي صفات حافظت علي الصورة الايجابية للمجلس رغم حدة الاختلافات واعتراض عدد ليس بالقليل من القوي السياسية علي قرارات المجلس وتباطئه.. حيث رأي عقلاء الأمة في تقويض المجلس الأعلي فتحاً لباب الفتنة والفوضي علي مصراعيهما مما يعني هدم كيان الدولة المصرية وهو ما لا يقبله وطني مخلص.

لكن الأمانة والموضوعية تقضيان بالمقابل ان نطالب المجلس العسكري وندعوه بإلحاح بالتوقف قليلاً لإجراء عملية تقييم ومراجعة للفترة الماضية من ادارته للمرحلة الانتقالية لمعرفة حجم السلبيات والعمل علي حلها مع تدعيم الايجابيات.. وهنا يمكننا القول ان المجلس العسكري مطالب بقراءة ودراسة مايلي:

1ـ تعديل صيغ خطابات المجلس وبياناته الي الشعب والثوار والابتعاد عن لغة التهديد.. فالمجلس العسكري هو وكيل عن الشعب في إدارة ثورته وحمايتها وبالتالي فإن دوره هو الاستجابة الي مطالب الثوار والعمل علي تنفيذها دون ابطاء أو تأجيل او التفاف.. وهي للأمانة مطالب عاملة ومشروعة وطبيعية ولا يوجد بها شطط مثل مطلب نقل الرئيس المخلوع الي سجن مزرعة طرة واقالة النائب العام ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وتفعيل قانون العزل السياسي لنواب الوطني وكذلك الاستجابة لمطالب الاحزاب والقوي السياسية لتعديل قانون مجلسي الشعب والشوري.

3ـ العودة الي الدور الأصيل للمجلس وعدم الانزلاق الي ان يكون احد اطراف القوي السياسية فيخون هذا ويقصي ذاك بل يجب الحفاظ علي حياديته.

3ـ تقديم خريطة طريق للشهور الباقية للمجلس في الحكم وتشمل خطوات محددة مصحوبة بتوقيتات زمنية معروفة ومحسوبة حتي يمكن ايضاح الرؤية للناس وحتي يعرف الجميع محل الرأس من القدم بدلاً من حالة اللخبطة التي تمر بها البلاد حالياً والتي تؤدي الي

ما جري ويجري في ميدان التحرير.

4ـ أن يقوم المجلس العسكري بتعديل مهم في رؤيته الاستراتيجية التي يدير بها الفترة الانتقالية حيث انه يتعامل مع تلك الفترة ككتلة واحدة وهذا في تقديري يحمل خطأ يستوجب سرعة تصحيحه.. فالمرحلة الانتقالية ليست كتلة واحدة يتم التعامل معها بقرارات ذات طبيعة واحدة.. ويمكننا للتبسيط هنا أن نشبه المرحلة الانتقالية بمباراة في كرة القدم يديرها المدير الفني للفريق فإنه يدخل المباراة ومعه «11» لاعباً مع فترة زمنية هي عمر المباراة مقدارها «90» دقيقة ويبدأ المدير الفني في إدارته المباراة محدداً الخطة الرئيسية التي سيدير بها المباراة لكن المؤكد ان تلك الخطة يجري تغييرها واجراء عملية توافيق وتباديل اثناء سير المباراة.. لأن حال الفريق لا يسير علي وتيرة واحدة فمرة يكون مهاجماً وأخري مدافعاً مما يستلزم تقديم الخطة التي تناسب طبيعة اللعب.

شيء قريب من هذا يحدث في الفترة الانتقالية والتي تشبه المباراة..ومطلوب من المجلس العسكري وهو يمارس دور المدير الفني للفريق ان يعد أكثر من خطة وطريقة لإدارة مباراة الفترة الانتقالية.. وان يسعي لتعديل أساليبه فلا يجوز ان تظل لغة البيانات حادة وجافة وكثيرة بلغت «70» بياناً خلال خمسة شهور هي عمر تولي المجلس العسكري ادارة البلاد بمعدل بيان كل يومين مما افقد تلك البيانات فعالياتها كما ان الناطقين بتلك الخطابات يجب ان يبتسموا في وجوه المواطنين لإشاعة الطمأنينة.

الأهم مما سبق هو ضرورة ان يخرج المشير طنطاوي بصفته رئيس السلطة التي تدير البلاد بخطاب مفتوح الي المصريين يحكي لهم ويتحدث معهم ويشرح لنا حجم ونوعية المخاطر والظروف التي تمر بها البلاد..وعندما يجلس المصريون امام التليفزيون ليسمعوا كلمة المشير بمناسبة ذكري ثورة يوليو فإنهم كانوا يمنون انفسهم بخطاب تفصيلي للمشير يشرح لهم فيه كل شيء عن ثورة يناير وليس يوليو وان يطمئنهم علي حاضرهم ومستقبلهم.. وان يمسح عنهم ما لاقوه من لغة تهديد في بيان اللواء الفنجري.

مطلوب إعادة تكليف الحكومة بمهام محددة للفترة المتبقية

علي الناحية المقابلة يجب ألا ينشغل المجلس في ادارة اللعبة السياسية فقط فهناك جانب مهم وخطير ذلك المتعلق بالسلطة التنفيذية الممثلة في حكومة الدكتور عصام شرف الذي يجب اعادة تحديد لطبيعة مهمة تلك الحكومة والتي نراها متمثلة فيما يلي:

1ـ استعادة الأمن في الشارع مرة أخري وحل اشكالية العلاقة بين المواطن ورجل الشرطة التي لم يتم العمل علي إيجاد حلول لها.

2ـ المهمة الثانية هي دوران عجلة الإنتاج ودفع خطوات داخل شرايين الاقتصاد القومي.

3ـ في تلك الاثناء يجب تكليف الحكومة باتخاذ خطوات حاسمة وفعالة في قضية الأجور.. والعمل علي اعداد خطة واضحة المعالم لإعادة هيكلة الأجور للعاملين بالدولة وربطها بالانتاج.

4ـ تكليف الحكومة بالعمل بقوة علي ضبط مؤشر أسعار السلع التي تتقافز بشكل يحيل حياة المواطن الي جحيم.. ونظرة بسيطة الي مؤشرات أسعار السلع خلال الأسابيع القليلة الماضية نجد ارتفاعها بنسب تتراوح بين «20» و«25» بالمائة مما يجعل قضية الأسعار هي القضية الأولي التي يجب ان تشغل ذهن الحكومة في المرحلة الحالية ويخضعها لمراقبة ومحاسبة من المجلس الأعلي.

ظني ان المجلس الأعلي يحتاج الي فترة زمنية قليلة يلتقط فيها هدوءه ليقيم ما جري من قرارات ويحدد مع القوي السياسية خارطة الطريق للفترة القادمة ونرجوه ان يفعل لصالح هذا الوطن وثورته.