عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السكر‮.. ‬شاهد علي‮ ‬الاحتكار‮!

أزمات واختناقات وارتفاعات في‮ ‬أسعار كافة السلع الأساسية‮.. ‬وحتي‮ ‬غير الأساسة‮.. ‬أزمات متتالية ومتعمدة تشهدها البلاد منذ شهور مضت بدءاً‮ ‬من اللحوم والأرز والسكر والزيوت،‮ ‬وحتي‮ ‬الحديد والأسمنت والأسمدة‮..‬

وعندما وصل الأمر إلي‮ ‬درجة الخطورة تدخلت الحكومة وقللت من إجراءات حمايتها للاحتكار والمحتكرين،‮ ‬وهو ما‮ ‬يؤكده واقع تلك السلع وأسعارها بعد هذا التدخل‮. ‬حين وفرت اللحوم بالاستيراد وانخفض سعر الكيلو من‮ ‬75‮ ‬و100‮ ‬إلي‮ ‬50‮ ‬و55‮ ‬جنيها بعد العيد‮.. ‬والأرز من‮ ‬4‮ ‬جنيهات إلي‮ ‬2‭.‬5‮ ‬جنيه بعد قرار إغلاق باب التصدير‮.. ‬والسكر من بين‮ ‬4‭.‬25‮ ‬و5‮ ‬جنيهات بعدما ارتفعت أسعاره مؤخراً‮ ‬إلي‮ ‬8‮ ‬جنيهات‮.. ‬إلخ‮.‬

ومن قبل ذلك انخفاض سعر طن الحديد إلي‮ ‬3‮ ‬آلاف جنيه،‮ ‬بعدما تعدي‮ ‬سعره‮ - ‬منذ عامين‮ - ‬8‮ ‬آلاف جنيه ثم الأسمنت‮.‬

وهكذا أزمات مفتعلة سوف تستمر،‮ ‬يختار فيها المحتكرون كل فترة سلعة مهمة ويعطشون السوق منها،‮ ‬ومن ثم‮ ‬يتزايد عليها الطلب وترتفع أسعارها‮.‬

ورغم إصدار الحكومة لقانون لم‮ ‬يتم فعليا تطبيقه حتي‮ ‬الآن،‮ ‬يسمي‮ ‬بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية،‮ ‬نجد الاحتكار‮ ‬يتوحش،‮ ‬والبركة في‮ ‬التعديلات التي‮ ‬أدخلت علي‮ ‬قانون‮ ‬يفترض فيه حماية السوق والمواطنين،‮ ‬حتي‮ ‬قال متخصصون إن التعديلات لصالح المحتكرين‮.‬

كان لتأخر صدور قانون منع الاحتكار آثار عديدة وخطيرة علي‮ ‬السوق المصري‮ ‬أدت إلي‮ ‬ظهور العديد من الأزمات والأوضاع الاحتكارية والتي‮ ‬تفاقمت‮ - ‬ومن وجهة نظر الخبراء‮ - ‬في‮ ‬السنوات العشر الماضية مثلما حدث من اقتسام للسوق بين شركتين رئيسيتين لسوق التليفون المحمول،‮ ‬ما بين موبينيل بنسبة الـ‮ ‬57٪‮ ‬وفودافون بنسبة‮ ‬43٪‮ ‬من الحصة السوقية‮. ‬

كذلك ظهور احتكار لبعض أهم السلع الاستراتيجية مثل الحديد،‮ ‬واستحواذ شركات عز علي‮ ‬نسبة‮ ‬67٪‮ ‬من الإنتاج المحلي‮.. ‬وأيضاً‮ ‬الأسمنت بنسبة‮ ‬30‭.‬1٪‮ ‬لشركة السويس وطرة،‮ ‬و12‭.‬4٪‮ ‬لشركة حلوان‮.. ‬والأهلية بنسبة‮ ‬11‭.‬2٪،‮ ‬والأميرية بنسبة‮ ‬10‭.‬7٪،‮ ‬والمصرية للأسمنت بنسبة‮ ‬11‭.‬9٪‮. ‬وهي‮ ‬عبارة عن تحالف بين مجموعة‮ »‬أوراسكوم‮« ‬بنسبة‮ ‬35‭.‬7٪‮ ‬من رأس المال و»هو لدرنيك‮« ‬التي‮ ‬تمتلك النسبة الباقية،‮ ‬وأسيوط بنسبة‮ ‬14‭.‬1٪،‮ ‬مما‮ ‬يعني‮ ‬سيطرة‮ ‬6‮ ‬شركات فقط،‮ ‬علي‮ ‬نحو‮ ‬90٪‮ ‬من جملة سوق الأسمنت‮.‬

كما ظهرت أيضاً‮ ‬صور مختلفة لاحتكار أهم السلع الغذائية والمشروبات،‮ ‬مثل تحكم بعض التجار في‮ ‬منتجات الخضر والفاكهة،‮ ‬والتي‮ ‬شهدت مؤخراً‮ ‬ارتفاعات جنونية في‮ ‬الأسعار وكذلك اللحوم البلدية وتجارة الدواجن،‮ ‬والتي‮ ‬تتعدي‮ ‬قيمتها السوقية أكثر من‮ ‬3‮ ‬مليارات جنيه سنوياً،‮ ‬وكذلك تعامل نحو‮ ‬4٪‮ ‬فقط من تجار الجلود في‮ ‬حوالي‮ ‬43٪‮ ‬من القيمة الكلية للجلود في‮ ‬السوق المصرية،‮ ‬مقابل تعامل محدود جداً‮ ‬من المنشآت الأخري‮ ‬في‮ ‬حوالي‮ ‬45٪‮ ‬من القيمة الكلية للجلود المدبوغة‮.‬

كذلك ما شهدته الأسواق مؤخراً‮ ‬من ارتفاع جنوني‮ ‬لأسعار السكر،‮ ‬حتي‮ ‬وصل إلي‮ ‬8‮ ‬جنيهات للكيلو الواحد،‮ ‬والذي‮ ‬أرجعته بعض المصادر في‮ ‬شركات التعبئة والتغليف إلي‮ ‬سيطرة‮ ‬4‮ ‬شركات علي‮ ‬تجارة السكر في‮ ‬مصر وهي‮ ‬شركة كارجل والبيان والنوران وكالكس وذلك من خلال قيامها بشراء كميات ضخمة من السكر من الشركات الحكومية وخاصة شركة الدلتا بأسعار لا تتجاوز الـ‮ ‬3‮ ‬آلاف و700‮ ‬جنيه أو‮ ‬4‮ ‬آلاف جنيه للطن،‮ ‬وتقوم بتخزينه،‮ ‬ثم إعادة طرحه في‮ ‬الأسواق للتجار بأسعار تتراوح بين‮ ‬5600‮ ‬و5700‮ ‬جنيه للطن مستغلين في‮ ‬ذلك ارتفاع أسعار السكر عالمياً‮.‬

وأكدت نفس المصادر تحقيق الشركات الأربع أرباحاً‮ ‬طائلة خلال الفترة الماضية بعد أن وصل ربح الطن الواحد،‮ ‬لأكثر من‮ ‬1500‮ ‬جنيه‮.‬

احتكارية التسعير

مع شيوع حالة المنافسة الاحتكارية ظهر العديد من التجار الذين‮ ‬يقومون بتمييز منتجاتهم عن طريق العلامات التجارية والدعاية والإعلان،‮ ‬مما أدي‮ ‬إلي‮ ‬خلق مزايا احتكارية في‮ ‬مجال التسعير،‮ ‬جعل نفس السلع تباع بأكثر من سعر‮.‬

نفس الأوضاع الاحتكارية للتسعير والتي‮ ‬ظهرت قبل خروج قانون منع الاحتكار للنور،‮ ‬وتجسدت واستمرت بعد تطبيقه النظري‮. ‬ونجد ذلك في‮ ‬قطاعات حيوية تقوم خدمة السلع العامة للمواطنين،‮ ‬ولكن بغض النظر عن مستويات دخولهم،‮ ‬والتي‮ ‬لا تتناسب مع القدرة الشرائية لهذه السلع بالأسعار المتحركة،‮ ‬يستوي‮ ‬في‮ ‬ذلك أفراد الطبقة المتوسطة والفئات الأدني‮ ‬والشعبية،‮ ‬هؤلاء لا‮ ‬يستفيدون من تلك الخدمات بالجودة المناسبة وكذلك بالسعر المناسب،‮ ‬في‮ ‬ظل تلك الأوضاع الاحتكارية للتسعير،‮ ‬بالضبط كما حدث في‮ ‬قطاع المستشفيات وقطاع توزيع الكهرباء والاتصالات والمواصلات‮.‬

العشرة الكبار

بعيداً‮ ‬عن احتكار السلع الغذائية والخدمية وغيرها‮.. ‬فهناك أيضاً‮.. ‬ولايزال العشرة الكبار في‮ ‬عالم المال والأعمال مثل النساجون الشرقيون ومجموعة منصور والمغربي‮ ‬ومجموعة آل ساويرس وحديد عز وإبراهيم كامل وأحمد بهجت وأبوالعينين وغبور وطلعت مصطفي‮ ‬وأوليمبيك‮.‬

وإذا كانت تلك الأوضاع الاحتكارية،‮ ‬قد أرجعها البعض لعدم وجود قانون منع الاحتكار والتي‮ ‬كانت وراء ضعف درجة التنافسية في‮ ‬الصناعات والخدمات،‮ ‬ذات الوضع الاحتكاري،‮ ‬وكما أن تمتع المنتج أو مقدم الخدمة بوضع احتكاري‮ ‬داخل السوق المحلي،‮ ‬يقلل لديه الحافز علي‮ ‬التصدير وعلي‮ ‬تطوير الخدمة أو المنتج،‮ ‬ولأن التقدم والتطور رهن بالمنافسة السليمة،‮ ‬فإن الواقع الأليم لأحوال السوق المصرية والارتفاع المستمر لأسعار كافة السلع والخدمات،‮ ‬يؤكد أن استمرار تلك الأوضاع الاحتكارية،‮ ‬وبالذات التسعيرة منها‮ - ‬حتي‮ ‬بعد صدور القانون،‮ ‬وإنشاء جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وأنه لا‮ ‬يطبق فعلياً‮ ‬ولايزال حبراً‮ ‬علي‮ ‬ورق وأنه ولد أعمي‮.‬

جهاز‮.. ‬صوري

بعد بدء العمل بقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في‮ ‬15‮ ‬فبراير‮ ‬2005،‮ ‬فقد كشف التطبيق العملي،‮ ‬من وجهة نظر بعض المتخصصين،‮ ‬وواقع الأسواق من جهة أخري،‮ ‬عن ضرورة مراجعة بعض أحكامه لتفعيل دور حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في‮ ‬ممارسة اختصاصاته ولتحقيق الهدف المنشود من إصداره علي‮ ‬نحو‮ ‬يدفع آليات السوق،‮ ‬كي‮ ‬تعمل بكفاءة بما‮ ‬يحقق مصالح المستهلك والتجار والصناع علي‮ ‬حد سواء‮.‬

وبصرف النظر عما قدم من مشاريع للقانون وقت أن كان الدكتور أحمد جويلي‮ ‬وزيراً‮ ‬للتجارة والتموين في‮ ‬التسعينيات ونهاية بكل من التعديلات التي‮ ‬أجريت عليه من قبل مجلسي‮ ‬الشوري‮ ‬والشعب والحكومة،‮ ‬وخاصة ما‮ ‬يتعلق بالآثار المترتبة علي‮ ‬التعديل،‮ ‬في‮ ‬المادتين ورقمي‮ ‬22‮ ‬و26‮ ‬والتي‮ ‬تفاوتت الآراء ما بين التأكيد علي‮ ‬الممارسات الاحتكارية ونفيها من الأساس،‮ ‬وجعل القيمة المادية هي‮ ‬الفيصل الأساسي‮ ‬لإثبات الاحتكار من عدمه،‮ ‬رغم وجود جهاز للمنافسة ومنع الاحتكار‮.‬

وقد كان من المفترض أن تكون مسئوليته في‮ ‬الأساس،‮ ‬إثبات تلك الممارسات الاحتكارية وليس فقط مجرد التحقيق فيما‮ ‬يصله من بلاغات والنتيجة أنه ومنذ عام‮ ‬2005‮ ‬وإلي‮ ‬الآن،‮ ‬لم تثبت أي‮ ‬ممارسات احتكارية،‮ ‬باستثناء الغرامات التي‮ ‬وقعت علي‮ ‬بعض شركات الأسمنت ولم تكن كافية علي‮ ‬ردعها،‮ ‬والسوق خير شاهد علي‮ ‬ذلك،‮ ‬فقد تخطي‮ ‬سعر طن الأسمنت حاجز الـ‮ ‬500‮ ‬جنيه‮.‬

ضد المواطن

الدكتورة ليلي‮ ‬الخواجة‮ - ‬عضو مجلس الشوري‮ ‬وأستاذ العلوم الاقتصادية والسياسية،‮ ‬قالت إن تصويت نواب مجلس الشعب لصالح التعديلات الأخيرة،‮ ‬التي‮ ‬خرج عليها قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية‮.. ‬كان ضد مصلحة المواطن،‮ ‬وقد أكدت خلال دراسة ناقشتها في‮ ‬مجلس الشوري،‮ ‬علي‮ ‬أن تفعيل المواد الملغاة،‮ ‬كان سيحمي‮ ‬المواطن ويخفض الأسعار،‮ ‬ولذلك فالتصويت علي‮ ‬إلغاء بعض مواد القانون ستضر بمصالح الأفراد وبالصالح العام،‮ ‬يستلزم إعادة النظر في‮ ‬هذا التشريع بصورته المطبقة حالياً،‮ ‬كما أن جهاز حماية المنافسة‮ ‬يحتاج إلي‮ ‬مزيد من الدعم،‮ ‬فإمكانياته لاتزال ضعيفة‮.‬

فعلي‮ ‬سبيل المثال فإن إلغاء العقوبة،‮ ‬والتي‮ ‬تتمثل في‮ ‬نسبة من مبيعات المنتج المخالف سواء كانت الـ‮ ‬10٪‮ ‬أو‮ ‬15٪‮ ‬يمثل نوعاً‮ ‬من التساهل مع

الممارسات الاحتكارية حتي‮ ‬مع رفع الحد الأقصي‮ ‬للعقوبة المالية الي‮ ‬300‮ ‬مليون جنيه،‮ ‬وذلك لعدة أسباب،‮ ‬منها أن استعراض من قيمة المبيعات السنوية للشركات القائدة للسوق المصري‮ ‬وبافتراض قيام إحدي‮ ‬هذه الشركات بممارسة احتكارية فإن العقوبة المالية نسبة الـ‮ ‬10٪‮ ‬لا تمثل شيئاً‮ ‬من إجمالي‮ ‬مبيعاتها خلال العام،‮ ‬نفس الشيء بالنسبة لتعديلات المادة رقم‮ ‬26‮ ‬فكان الأجدي‮ ‬الاستمرار علي‮ ‬الإعفاء النهائي‮ ‬للمُبلغ‮ ‬من المخالفة أو العقوبة،‮ ‬تشجيعاً‮ ‬للإبلاغ‮ ‬وإثبات الممارسات الاحتكارية وهو ما‮ ‬يطبق في‮ ‬الدول‮ ‬غير المفعل فيها الأجهزة الرقابية ومن ثم كان الإعفاء الكامل هو الأجدي‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬للمُبلغ‮ ‬عن أي‮ ‬ممارسات احتكارية‮.‬

وأكدت أن مسألة ضبط الأسعار في‮ ‬اقتصاد السوق،‮ ‬لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتم بتحديد السعر لأن الوصول إلي‮ ‬السعر العادل في‮ ‬مثل هذا النظام لا‮ ‬يحدث إلا بتقوية نظام المنافسة،‮ ‬وهناك حالياً‮ ‬أسواق مغلفة سواء بسبب الفن التكنولوجي‮ ‬أو لحجم الاستثمار الكبير،‮ ‬وقد تكون نتيجة ممارسات معينة،‮ ‬وهو بالضبط ما تقوم به شركة حديد عز،‮ ‬لأنها تمتلك العملية الانتاجية المتكاملة،‮ ‬وأكثر من ذلك،‮ ‬أنها قد تخفض السعر بعض الشيء لكنها تبقي‮ ‬محافظة علي‮ ‬أرباحها مع ترك مساحة حركة ضيئلة لشركات أخري‮.‬

تغليظ العقوبة

الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد‮ - ‬عميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية‮ - ‬قال إن هناك استمراراً‮ ‬في‮ ‬معاناة السوق المصرية والمواطنين من أشكال مختلفة للممارسات الاحتكارية لجميع السلع بدءا من التجارة الداخلية وحتي‮ ‬التجارة الخارجية من قبل المستوردين‮.‬

وبالنسبة لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار،‮ ‬فلايزال في‮ ‬حاجة لتغليظ العقوبة والوصول بها لحد السجن وأن تصل الغرامة لمليارات الجنيهات،‮ ‬حتي‮ ‬يفكر المحتكر مليون مرة قبل خضوع السلع المحتكرة للمصادرة،‮ ‬خاصة أن الاحتكار في‮ ‬كل السلع الأساسية،‮ ‬مثل السكر والفراخ واللحوم والحديد والعقارات والاتصالات،‮ ‬حتي‮ ‬الخدمات والمرافق‮.‬

مسئولية الرقابة

الدكتور حمدي‮ ‬عبدالعظيم‮ - ‬أستاذ الاقتصاد والإدارة‮ - ‬قال إن الممارسة الاحتكارية هي‮ ‬المشكلة وليس الاحتكار في‮ ‬حد ذاته،‮ ‬فعملية التواطؤ وهو ما‮ ‬يعنيه الاحتكار،‮ ‬ما بين المحتكرين ضد المستهلكين،‮ ‬يؤدي‮ ‬لتحقيق أرباح دون وجه حق وبالتالي‮ ‬تقع المسئولية هنا علي‮ ‬جهات الرقابة لإثبات هذه الممارسات الضارة،‮ ‬وهي‮ ‬بالفعل في‮ ‬مصر لا تقوم بدورها المنوط بها وفي‮ ‬أحيان كثيرة تعمل لصالح بعض هؤلاء المحتكرين‮.‬

وفيما‮ ‬يتعلق بالتعديلات التي‮ ‬تمت علي‮ ‬قانون الاحتكار ومنها عدم وصول العقوبة من الغرامة المالية إلي‮ ‬حد العقوبة الجنائية وكذلك إعفاء المُبلغ‮ ‬من الممارسة الاحتكارية من نصف العقوبة أو المخالفة فقط،‮ ‬بعدما كان الإعفاء كاملاً‮ ‬فإن هذا قلل من حرص الآخرين علي‮ ‬الإبلاغ،‮ ‬كذلك هناك المادة رقم‮ ‬26،‮ ‬والتي‮ ‬تضمنت ممارسات تؤكد علي‮ ‬التواطؤ ضد مصالح المواطنين،‮ ‬حيث‮ ‬يتم تعويض تلك الممارسات من فروق الأسعار،‮ ‬وبالتالي‮ ‬فالقانون بوضعه الحالي‮ ‬غير رادع وفي‮ ‬حاجة لتطبيق عقوبة الحبس،‮ ‬وبالحد الأقصي‮ ‬له خاصة للمحتكرين بتراخيص رسمية من الحكومة،‮ ‬كما هي‮ ‬حجة صاحب‮ »‬حديد عز‮«‬،‮ ‬خاصة أن صور الاحتكار تتوحش‮ ‬يوماً‮ ‬بعد الآخر وبمباركة ومساعدة كبار رجال الدولة‮.‬

احتكار محدودة

رغم وضوح بعض الممارسات الاحتكارية،‮ ‬فهناك البعض‮ ‬ينفي‮ ‬وجود أي‮ ‬ممارسات احتكارية،‮ ‬معلقين ما تشهده الأسواق من ارتفاعات‮ ‬غير مبررة ومتتالية للأسعار علي‮ ‬شماعة السوق الحر،‮ ‬وعلي‮ ‬شماعة الأسعار العالمية،‮ ‬متناسين ما‮ ‬يحدث من ارتفاع أسعار للسلع رغم ثبات أسعارها العالمية،‮ ‬وأحياناً‮ ‬انخفاضها‮.‬

الدكتورة عالية المهدي‮ - ‬أستاذ الاقتصاد ترفض التعميم في‮ ‬اتهامات الاحتكار للسلع في‮ ‬السوق المصرية وقالت إن تلك الممارسات الاحتكارية في‮ ‬نسبة قليلة جداً‮ ‬لبعض الخدمات والسلع لا‮ ‬يتعدي‮ ‬عددها‮ ‬4‮ ‬مجالات،‮ ‬وأن الارتفاع المستمر للأسعار دائماً‮ ‬مرجعه ارتفاع أسعار السلع عالميا وأن المشكلة في‮ ‬مصر،‮ ‬ليست مشكلة احتكار بقدر ما هي‮ »‬الفجوة‮« ‬ما بين حجم الإنتاج والاستهلاك،‮ ‬فالإنتاج لا‮ ‬يرقي‮ ‬للمستوي‮ ‬المناسب الذي‮ ‬يتيح فرصة للتوازن بين العرض والطلب،‮ ‬فدائماً‮ ‬المعروض أقل بكثير من المطلوب،‮ ‬وإثبات الاحتكار‮ ‬يتطلب الإبلاغ‮ ‬الرسمي‮ ‬المعتمد علي‮ ‬الإثبات،‮ ‬والتأكيدات،‮ ‬وليس بوجهات النظر والتفسيرات المغرضة‮.‬

شماعة‮.. ‬العالمية

الدكتور أحمد الوكيل‮ - ‬رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية‮ - ‬لا‮ ‬يري‮ ‬أي‮ ‬ممارسات احتكارية في‮ ‬السوق المصرية،‮ ‬تكون وراء تعطيش السوق في‮ ‬بعض السلع،‮ ‬ومن ثم ارتفاع الأسعار‮. ‬

وأكد أنه مهما حدث من ارتفاعات في‮ ‬أسعار السلع والخدمات فذلك لا‮ ‬يقارن بارتفاع الأسعار في‮ ‬دول الجوار وغيرها،‮ ‬وأن ارتفاع الأسعار في‮ ‬مصر دائماً‮ ‬مرجعه طبيعة السوق المفتوح وحرية التجارة والبيع والشراء وعلي‮ ‬المستهلك البحث عن السلع التي‮ ‬تباع بأسعار تناسبه عندئذ فإن أسعار السلع سيحدث لها نوع من التوازي‮ ‬والتوازن‮.‬

وأضاف أنني‮ ‬أرفض اتهام المنتجين والمصنعين والتجار والمستوردين بالمحتكرين،‮ ‬لمجرد الشك فالاحتكار‮ ‬يثبت بالقرائن والدلائل وهو ما لا‮ ‬يوجد في‮ ‬مصر مطلقاً،‮ ‬وإنما المشكلة الأساسية تكمن في‮ ‬ضعف الإنتاج وضعف الدخول والرواتب ومن ثم انخفاض القوي‮ ‬الشرائية فأسعار السكر والأرز مثلاً،‮ ‬لا تقارن في‮ ‬مصر بأسعارها في‮ ‬السودان،‮ ‬رغم ما‮ ‬يثار‮.‬