رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

شركات تتبرع بـ700 مليون ثم تقترض


أثير الكثير من علامات الاستفهام  في الأشهر الأخيرة حول دور الجهاز المركزي للمحاسبات في مكافحة الفساد خلال سنوات حكم مبارك، حيث اتهم البعض الجهاز بالتستر على الكثير من ملفات الفساد، المتورط فيها رموز النظام السابق، رغم ما شاع عن رئيس الجهاز الحالي من تصديه للفساد وخوضه معارك طاحنة تحت قبلة البرلمان مع الثنائي أحمد عز ويوسف بطرس غالي.

المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ود.محمود محيى الدين وزير الاستثمار السابق ود.صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب "زوج ابنة الملط", بالإضافة إلي عدد من شركات القطاع العام هم أبطال مسلسل الفساد الجديد التى تكشف خيوطه "بوابة الوفد الإلكترونية".

تبدأ الأحداث منذ يناير 2009 حينما ظهرت علي السطح "مؤسسة المصري لخدمة المجتمع" كمؤسسة أهلية مصرية غير هادفة للربح، برعاية وزارة الاستثمار وبدعم من شركات قطاع الأعمال العام ومنظمات المجتمع المدني، مسجلة بوزارة التضامن تهدف إلي تحسين مستوي الحياة وبناء رأس المال المجتمعي بالمجتمعات الفقيرة والعشوائية في مصر بما يحقق العدالة والسلام الاجتماعي.

وأعلنت الجمعية عن مؤسسيها والمتمثلين في الشركة القابضة للأدوية والمستلزمات الطبية, الشركة القابضة للصناعات المعدنية, الشركة القابضة للصناعات الكيماوية, الشركة القابضة للتأمين, ويضم مجلس أمنائها رئيسا و12 عضوا منهم ممثلون للشركات المؤسسة هم محمود عبد الله رئيس الشركة القابضة للتأمين، ود. محمد عمران نائب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين, وم.عادل الموزي رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية, ود.مجدي حسن رئيس الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية, وم.زكي بسيوني رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية.

بالإضافة إلي أعضاء من الحكومة السابقة هم د. محمود محيي الدين مدير البنك الدولي ووزير الاستثمار السابق, ود.صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومى للشباب، ود.زياد بهاء الدين رئيس هيئة الرقابة المالية الموحدة, ود.محمد صابر عرب رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية, ود.أشرف جمال الدين المدير التنفيذي لمركز المديرين المصري والمركز المصرى لمسئولية الشركات, وحازم حسن الخبير المحاسبي, و د.حسام كامل رئيس جامعة القاهرة.

وبعد إشهار الجمعية وممارسة أعمالها علي مدار عامى 2009 و2010 قامت الشركات الأربع بالتبرع بنسبة 5% من أرباحها وقامت بضخ حوالي مليار جنيه خلال العامين كتبرعات, بالمخالفة لقانون الجمعيات الأهلية الذي يحرم التبرع لأي حزب سياسي, وينص على أن يكون التبرع من متوسط أرباح 5 سنوات سابقة لسنة التبرع.

ورغم مرور عامين علي إشهار موسسة المصري، وحتى قيام ثورة 25 يناير لم يكن للجهاز المركزى للمحاسبات أي دور في مراقبتها، إلا أنه بعد الثورة التى حركت ثورة أخرى ضد الملط بدأ يفيق من غفوته التى استمرت طويلا في الجهاز بإجراء استخفافي من منطلق "ارمى الجريمة علي الغير", بعد أن فاجأت حركة "رقابيون ضد الفساد" رئيس الجهاز بالمطالبة بإخراج تقارير زوج ابنته د.صفى الدين خربوش.

حاول الملط تبرير عدم خضوع هذه المؤسسة لرقابة الجهاز فأصدر تعليماته لمخاطبة لجنة الفتوى بمجلس الدولة في نهاية مارس الماضي, وبالفعل تمت مخاطبة المجلس للإفادة بالرأي القانونى حول مدى قانونية تبرع شركات قطاع العام لمؤسسة المصري ومدى خضوع المؤسسة نفسها للرقابة الجهاز.

جاء رد مجلس الدولة قاسيا حيث حملت المذكرة المرسلة إلي الملط كالآتى "إن التساؤل ليس له محل وإن خضوع شركات القطاع العام للفحص من قبل الجهاز أمر لا يخفي علي فطنة الشخص العادى لامتلاك الدولة كل أصول تلك الشركات".

الغريب أن الملط الذي ترأس الجهاز المركزى للمحاسبات لمدة تزيد على 12 عاما مكث قبلها رئيسا لمجلس الدولة يعلم تماما الرد القادم من مجلس الدولة إلا إنها كانت محاولة للتنصل من المسئولية من

باب عدم علمه بخضوع تلك المؤسسة لرقابة الجهاز.

وطلب مجلس الدولة من الملط موافاته بالنظام الأساسى لمؤسسة المصرى, وبيان بأسماء رئيس وأعضاء مجلس إدارة المؤسسة, وتقرير من الجهاز المركزى بفحص أعمال هذه المؤسسة, وبيان صرف هذه المبالغ وأسماء رئيس وأعضاء مجلس إدارة شركات قطاع الأعمال الأربع المشار إليهم, وبيان تفصيلى حول المبالغ التى تبرعت بها هذه الشركات إلى هذه المؤسسة وتاريخها والإجراء الذى اتخذه الجهاز حيال هذه التبرعات فى حينه, وميزانية هذه الشركات خلال أعوام تبرعها، وأوصت أن يصل الرد فى غضون 15 يوما.

وحصلت "بوابة الوفد" علي مذكرة أعدتها الإدارة المركزية الأولى للرقابة المالية على القطاع العام كشفت عن جملة المبالغ التى تم تبرعت بها الشركات القابضة للمؤسسة بلغت نحو 250 مليون جنيه، فيما كشفت الإدارة المركزية الثانية أن حجم التبرعات التى منحت لمؤسسة المصرى لخدمة المجتمع بلغت "697 مليون و192 ألف جنيه".

المفاجأة التى فجرتها المذكرة هي أن الشركات الأربع بعد أن تبرعت بمبلغ يقارب المليار جنيه اضطرت إلى الاقتراض من البنوك وتحملت الدين مع الفوائد وما تبع ذلك من تأثير سلبي علي صافي الأرباح القابلة للتوزيع ومن ثم علي صافي أرباح الشركات القابضة التى تؤول إلي الدولة مما أثر علي سيولتها واضطرها إلي الاقتراض من البنوك.

وكشفت المذكرة عن تحديد القانون للتبرع في إطار التبرع للحالات الاجتماعية الخاصة للعاملين بالشركة, أو التبرع لجهة حكومية أو هيئة عامة وأن يكون التبرع الذي يزيد على ألف جنيه بتصريح من الجمعية العمومية.

والأكثر غرابة أن المذكرة التى أعدها الملط لعرضها علي مجلس الدولة أوضحت أن مؤسسة المصري باعتبارها من الجمعيات الخاضعة لقانون المجتمع الأهلي فإنها تكون خاضعة لرقابة الجهاز وجاء بالمادة 23 من لائحتها أنه يجب مناقشة ملاحظات الجهاز المركزى للمحاسبات والجهات الإدارية المختصة والمادة 27 من اللائحة تنص علي ضرورة بحث ملاحظات الجهاز المركزى والجهات الإدارية المختصة بالنواحى المالية.

ولم يكترث الملط ولم يتخذ أى إجراءات حيال تلك الطلبات منذ شهرين من تاريخ الخطاب, ولم يكلف الإدارة المختصة بفحص أعمال ومصروفات تلك المؤسسة بالمخالفة للقانون الخاص بالجهاز.

المدهش هو ما كشف عنه أحد المصادر أن جمعية المصري استخدمت هى الأخرى في تمويل جمعية جيل المستقبل التابعة لجمال مبارك نجل الرئيس المخلوع في الإنفاق علي المشروعات والخدمات التى قامت بها الجمعية خلال السنتين الأخيرتين.