رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المصالحة لا تعني الإفلات من المحاسبة أو قبول الخلط بين السياسة والعنف

بوابة الوفد الإلكترونية

تحتفل مصر وشعبها بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير وقد عادت وجوه ورموز النظام القديم تطل بوجهها سواء على الصعيد السياسى أو الاقتصادى، الامر الذى جدد المخاوف وأثار العديد من التكهنات ،

وهو ما دفع الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والإنتاج الحربى، الى التصريح خلال اجتماع مجلس الوزراء بأنه يرفض تماما عودة الوجوه القديمة، ومؤكدا ان مصر لن تعود الى ما كانت عليه قبل ثورة 25 يناير.
تصريحات الفريق السيسي التى تضمنت ايضا ترتيبات للقاء شباب ثورة 25 يناير بثت الطمأنينة فى نفوس الكثيرين، خاصة بعد نجاح مصر فى عبور بوابة الاستفتاء على الدستور، وانطلاقها الى اعادة تأسيس مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية عبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
ومع ذلك تبدو مصر وبعد مرور ثلاث سنوات على انطلاق ثورتها بعيدة عن تحقيق انجازها الكبير المطلوب فى تحقيق العدالة الانتقالية، الامر الذى دفع المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، فى كلمته التى القيت بمؤتمر نادى القضاة حول العدالة الانتقالية الى التأكيد على ان أهالي الشهداء والثوار لم يلمسوا أي إنجازات تحققت في ملف العدالة الانتقالية، مما أدى إلى وجود نوع من الشك وعدم اليقين فيما يتعلق بمفهومها مما تطلب تدخل نادي القضاة.

مفوضية للعدالة
ولأول مرة فى تاريخ الحكومات المصرية تضمن تشكيل حكومة الببلاوى حقيبة وزارية للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، والتى يتولاها المستشار محمد أمين المهدى، ولكن حتى هذه اللحظة الراهنة لم تقدم الوزارة خطوات عملية على أرض الواقع باستثناء تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول جميع الأحداث التي وقعت عقب ثورة 30 يونيو الماضي.
بالإضافة الى دعوة المستشار المهدي، لإنشاء مفوضية دستورية  لمعالجة قضية العدالة الانتقالية، مشيرًا إلى أن المقترح بإنشاء هذه المفوضية سوف يحقق العدالة بشكل يضمن كل الحقوق لكل الفئات الاجتماعية والسياسية، ومؤكدا أنه لا يمكن أن يتصالح المجتمع إلا بسد العديد من الثقوب، وأبرزها انتشار العشوائيات، ومشيرا الى ان ثورتى 25 يناير و30 يونية تعنيان أن هناك تمزقا في النسيج الوطني، وعلينا أن نعالج هذا الأمر.
وقد حسم دستور مصر الجديد الأمر حول هذه القضية حيث نصت المادة «241» منه على ان «يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة، واقتراح اطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية».
ولا جدال فى ان قضية العدالة الانتقالية باتت ملفا شائكا وصعبا للغاية فى ظل الواقع المصرى الحالى وتعقيداته المختلفة منذ ثورة 25 يناير وحتى اللحظة الراهنة، لذلك يقترح البعض ان يسير ملف العدالة الانتقالية ليغطى خمس مراحل منفصلة.

اعتذار رسمي
المرحلة الاولى تغطى الفترة من ازمة مارس 54 وحتى اعتقالات سبتمبر واغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وتكتفى فيها الدولة بتقديم اعتذار رسمى للأحزاب والأفراد الذين اضيروا قانونيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا خلال هذه الفترة، وتكريم البعض بما يستحق مثل الزعيم مصطفى النحاس والزعيم فؤاد سراج الدين، وهيكل ومصطفى امين وأحمد ابو الفتح وغيرهم.
المرحلة الثانية تغطى الفترة الخاصة بحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك منذ توليه السلطة وحتى عزله في 11 فبراير 2011، وتقوم فيها الدولة بتعويض المتضررين الذين أضيروا قانونيا او سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا خلال هذه الفترة ماديا ومعنويا، وتقديم مرتكبى الانتهاكات الى المحاكمة.
المرحلة الثالثة تغطى الفترة الخاصة بإدارة المجلس العسكرى منذ توليه السلطة وحتى 30 يونيو 2012، وتقوم فيها الدولة بتعويض المتضررين الذين أضيروا قانونيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا خلال هذه الفترة ماديا ومعنويا، وتقديم مرتكبى الانتهاكات الى المحاكمة.

تعويض المتضررين
المرحلة الرابعة تغطى الفترة الخاصة بحكم الرئيس المخلوع محمد مرسي، منذ توليه السلطة وحتى خلعه في 3 يوليو 2013، وتقوم فيها الدولة بتعويض المتضررين الذين أضيروا قانونيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا خلال هذه الفترة ماديا ومعنويا، وتقديم مرتكبى الانتهاكات الى المحاكمة.
المرحلة الخامسة تغطى الفترة الخاصة بحكم الرئيس المؤقت عدلي منصور وحتى صدور القانون، وتقوم فيها الدولة بتعويض المتضررين الذين أضيروا قانونيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا خلال هذه الفترة ماديا ومعنويا، وتقديم مرتكبى الانتهاكات الى المحاكمة.
وذلك دون أن يكون هناك فرق فى تحقيق العدالة، بين عبد القادر عودة وشهدى عطية واغتيال السادات، أو بين خالد سعيد ومينا دانيال والشيخ عماد عفت وجيكا والحسينى ابو ضيف، او بين ضحايا موقعة الجمل ومحمد محمود واستاد بورسعيد اعتصام رابعة ومذبحة قسم كرداسة، وضحايا الارهاب الأسود فالعدالة ينبغى ان تكون عمياء لا تعرف سوى الحقيقة والعدل فقط.

الاستفادة من التجارب
ويشير الخبراء والعديد من المهتمين بقضية العدالة الانتقالية الى ضرورة الاستفادة من تجارب قريبة من مصر مثل تجربتى المغرب وجنوب افريقيا، ولكنهم يشددون فى الوقت ذاته على ان تحقيق ذلك يقتضى تنازلات - ربما تكون مؤلمة - من كافة الأطراف، والتحلى بقدر كبير من الشجاعة والتسامح والاعتراف بالخطأ، دون اقصاء أو تهميش لطرف.
وان يكون هناك ادراك لدى الكافة خاصة فى ظل معركة مصر الان فى مواجهة الارهاب، من أن السعى لتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية لا يعنى بأي حال افلات مرتكبى الاحداث من العقاب، ولا يهدر الالتزام بسيادة القانون ومبدأ المحاسبة، أو القبول بالخلط بين ممارسة السياسة وأعمال العنف.
ولذلك وكما يرى الخبراء فى مجال العدالة الانتقالية من أن الوضع فى مصر يقتضى ضرورة تهيئة المناخ المناسب فكريا وسياسيا واجتماعيا، وأن هناك التزاماً مسبقاً من كافة الاطراف بسلمية العمل العام، وألا يكون هناك اقصاء لأحد، ووقف خطابات الكراهية والتحريض والإرهاب الفكرى المتبادلة عبر مختلف وسائل الاعلام.